اعلان

الحرب الصاروخية بين حماس وإسرائيل تكشف عن نوايا الجانبين.. المقاومة تهرب من أزمتها الداخلية.. ونتنياهو يدعم معركته الانتخابية الشرسة

غزة

تبادلت إسرائيل وحماس الضربات أمس الاثنين بعد أن أصاب صاروخ أُطلق من غزة منزلاً في وسط إسرائيل، ما أسفر عن إصابة 7أشخاص.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه قطع زيارته للولايات المتحدة، حيث شكل الهجوم الصاروخي تحديًا جديدًا لمحاولة إعادة انتخابه قبل أسبوعين فقط من ذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع، لكن كان واضحًا عدم تحمس كلا الجانبين للدخول في صراع شامل، فبعد ساعات من بدء القتال، أعلنت حماس أنه تم التوصل لوقف إطلاق النار بوساطة مصرية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن حماس أطلقت صاروخًا بعيد المدى عند الفجر ضرب قرية مشميريت الريفية، على بعد حوالي 20 ميلًا شمال تل أبيب، فيما لم تؤكد حماس كما لم تنف تنفيذها الهجوم، وبعد مرور 12 ساعة، وعند غروب الشمس، بدأت الطائرات الحربية الإسرائيلية تقصف أهدافاً لحماس في جميع أنحاء قطاع غزة، موضحا نتنياهو، وهو في البيت الأبيض مع الرئيس ترامب قبل عودته إلى إسرائيل، بقوله، :"بينما نتكلم، ترد إسرائيل بقوة على هذا العدوان الوحشي".

يبدو أن نتنياهو كان يقوم بالحملة الجوية من مقر إقامته في بلير هاوس، حيث قال مساعدون إنه كان يصدق على ضرب الأهداف ويشرف على الهجمات بعد تأخير مغادرته واشنطن، بينما عززت إسرائيل ردها، عازمة على ردع حماس بعد موجات إطلاق صواريخ في الآونة الأخيرة، وبدأت بهجمات على العديد من المباني التي قال الإسرائيليون إن حماس استخدمتها لأغراض عسكرية في المناطق المأهولة بالسكان في مدينة غزة، كما قصفت الطائرات الإسرائيلية، أراضي زراعية وسط وجنوب قطاع غزة، في مدن دير البلح وخان يونس ورفح.

من جابنها، أعلنت في غزة، أن 7 فلسطينيين أصيبوا في الغارات الجوية الإسرائيلية، لكن لم يصب أي منهم بجروح خطيرة، ورد مقاتلي غزة مطلقين وابل من الصواريخ على جنوب اسرائيل. 

على صعيد آخر، قال الجيش الإسرائيلي، إنه حدد حوالي 30 عملية إطلاق صواريخ من غزة من غروب الشمس وحتى الساعة 10 مساءً، عندما تم إعلان وقف إطلاق النار، ويبدو أن إطلاق الصواريخ والغارات الجوية قد تلاشت بعد ذلك.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد أمرت بفتح ملاجئ مقاومة للقنابل في مدن تقع أقصى شمال نتانيا على ساحل البحر المتوسط، فيما تم اعتراض معظم الصواريخ أو قذائف الهاون، بينما سقط بعضها في أرض فضاء.

وفي وقت سابق من يوم أمس، قال الجيش الإسرائيلي إنه كان ينشر لواء مشاة إضافي ولواءًا مدرعًا لتعزيز القوات حول الأراضي الساحلية الفلسطينية، وكان يستدعي عددًا محدودًا من جنود الاحتياط من الوحدات المتخصصة، وأن هذا التصعيد يمثل اختبارًا لنتنياهو، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الدفاع الإسرائيلي ويجعل مسألة الأمن القومي حجر الزاوية في حملته لإعادة انتخابه.

وكانت كلاً من حماس وإسرائيل تحاولا تجنب صراعًا شاملاً آخر منذ انتهاء قتالاً استمر 50 يومًا في صيف عام 2014، لكن خصوم نتنياهو السياسيين يدينون ما يسمونه افتقاره إلى العمل الحاسم أو السياسة الواضحة المتعلقة بغزة، على الرغم من العديد من موجات العنف الأخيرة.

من جانب آخر، أوضحت تقارير أمريكية، أن الرد القوي يمكن أن يحمي نتنياهو سياسيا ويساعد في استعادة سمعته كصقر للأمن القومي، لكن الصراع الذي طال أمده والذي يمكن أن يعرض الإسرائيليين لنيران صاروخية ثقيلة ويسبب خسائر إسرائيلية قد يضر بحملته السياسية، وربما إلى تحقيق التوازن.

وقصف الجيش مبانٍ ذات أهمية بالغة في غزة بدا أن حماس كانت قد أخلتها قبل الهجمات، ومن بينها مكاتب الأمن الداخلي التابعة لحماس، ومنها مبنى من 5 طوابق في حي الرمال، والذي تستجوب فيه الحركة فلسطينيين ينتمون إلى جماعات متطرفة أو يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل. كما دمرت القاذفات الإسرائيلية مكتب زعيم حماس، إسماعيل هنية.

فمن المعروف أن نتنياهو، يجه بالفعل لائحة اتهام بالرشوة وغيرها من تهم الفساد، والذي وصف نفسه منذ فترة طويلة بقيصر الأمن في إسرائيل في سباق انتخابي صارم مع منافسه الرئيسي، بيني جانتز، رئيس أركان الجيش المتقاعد، الذي كان يزور واشنطن أيضًا، والذي انتقد نتنياهو لسماحه بتفاقم الوضع في غزة، ملوحا بذلك على تويتر، "الواقع الذي حولت فيه حماس إسرائيل إلى رهينة لم يسبق له مثيل ولا يمكن فهمه، فعلى نتنياهو أن يحزم أمتعته الآن ويعود إلى إسرائيل للتعامل مع هذا التصعيد الخطير".

وقالت اللواء ميكا ليفشيتز، المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، وفقاً ل "نيو يورك تايمز"، إن الصاروخ من صنع حماس، وكان مداه حوالي 75 ميلاً، وأُطلق من رفح في الطرف الجنوبي لقطاع غزة، مما يعني أنه ربما وصل إلى أقصى مدى له، وعلى الرغم من أن صفارات الإنذار الصاروخية قد سمعت في مشمريت، لم تكن هناك محاولة اعتراض من قبل نظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية" الإسرائيلي.

وجاء الهجوم الصاروخي بعد أقل من أسبوعين من عمل إسرائيل وحماس على تخفيف حدة التوتر بعد إطلاق صاروخين من غزة على تل أبيب، ضرب أحدهم أرضًا فضاء بالقرب من ضاحية حولون، بينما انفجر الأخر في الجو أو سقط في البحر.

وفي ذلك الهجوم، نأت حماس والجهاد الإسلامي وهي جماعة أكثر نشاطًا في غزة تمتلك صواريخ بعيدة المدى_بنفسها عن إطلاق الصواريخ، وقبل الجيش الإسرائيلي تفسيراً بأن الصاروخين قد أطلقا "عن طريق الخطأ"، وربما بسبب خطأ فني.

من جهته، قال عيران ليرمان، نائب المدير السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ونائب رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إن الهجوم الصاروخي الأخير لم يعد شيئًا يمكن تفسيره على أنه خطأ أو فشل فني، مضيفاً أن الجماعات المسلحة في غزة ربما تكون قد توصلت إلى استنتاج خطير للغاية وهو أن أيدي إسرائيل قد تكون مقيدة بسبب الانتخابات الوشيكة في 9 أبريل وأن رئيس الوزراء وحكومته سيكونون حذرين للغاية بشأن اتخاذ إجراء قريب جدًا من الانتخابات التي يمكن أن تؤدي إلى مواجهة واسعة النطاق، محذرا من أن حماس "تلعب بالنار".

وتعرض نتنياهو لهجوم فوري من خصومه السياسيين من اليمين واليسار والوسط، حيث قال حزب اليمين الجديد، الذي يقوده الوزيران نفتالي بينيت وأيليت شاكيد، في بيان إن "الردع الإسرائيلي قد انهار ويجب أن يقال بكل أمانة أن نتنياهو فشل ضد حماس".

وذهب زعيم حزب العمل الإسرائيلي، آفي جباي، ورقمه الثاني، تل روسو، الجنرال المتقاعد، إلى مشميريت، حيث اتهم جباي نتنياهو باعتباره "رئيس وزراء ووزير دفاع فاشل"ورجل" كلام وليس أفعال".

أما حركة حماس فهي تحاول أن تهرب من أزمتها الداخلية والغضب الشعبي بعد رفع الضرائب في القطاع بافتعال معركة مع إسرائيل، حيث يعتقد الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم، أن نتنياهو وحماس سيكونان أبرز المستفيدين من التصعيد الحالي، في حال تمكن الطرفان من السيطرة على الأحداث بحكم المصالح الخاصة لكل من حماس ونتانياهو. 

ومن الواضح في التصعيد الأخير أن حركة حماس، من خلال إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه تل أبيب، تحاول أن تستعيد "شرعية المقاومة" المزعومة، التي فقدتها إثر قمعها العنيف والشرس للاحتجاجات الشعبية التي أطلقتها حركة "بدنا نعيش"، ويبدو أن هذه المحاولة تمثل سعيا من جانب حماس إلى القضاء كليا على أي تحرك شعبي ضدها في القطاع، حيث ستواجه التحركات الشعبية بتهمة "الخيانة" ومحاولة "طعن ظهر المقاومة ضد العدو" كما تزعم دائما، أي أن حركة حماس تحاول من تصعيدها ضرب عصفورين بحجر، وذلك من خلال استعادة شرعية المقاومة المزعومة وقمع أي تحرك شعبي حالي أو مستقبلي.

وأفاد سويلم، أن يبدو أنه يواجه معركة انتخابية شرسة تقلل من حظوظه الانتخابية، وبالتالي بات بحاجة إلى مزيد من الدعم السياسي لتحقيق التفوق في الانتخابات المقبلة، وكان نتانياهو حظي بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي اعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، وسبق له أن حقق الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على القدس، وقد يكون هذا الدعم لنتنياهو غير كاف، بعد أن سارعت الأحزاب الإسرائيلية المعارضة إلى الكشف عن هذا الدعم من ترامب لنتانياهو.

ومن المؤكد أن تصعيدا إسرائيليا بقيادة نتنياهو في قطاع غزة سيكون له أثره في الانتخابات المقررة في شهر أبريل المقبل، حيث أنه سيظهر في مواجهة باقي المرشحين بوصفه الشخص الذي وضع حدا لحركة حماس ومنع الصواريخ من السقوط داخل إسرائيل.

وأوضح سويلم أن الشعب الفلسطيني في القطاع هو الخاسر الأكبر في حال اندلعت الحرب، إذ إنه يعاني من ويلات حكم حماس لغزة منذ أكثر من عقد، كما يعاني من الفقر والبطالة بسبب سياسات حماس، بالإضافة إلى القمع والبطش والتنكيل على أيدي حماس، خصوصا بعد أن ضاق الشعب ذرعا من سياساتها، مضيفاً أن الحرب على القطاع ستكمل الدائرة على الشعب الفلسطيني في غزة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً