اعلان
اعلان

من أجهزة التشويش إلى المداهمات العنيفة.. الفلسطينيون يواجهون معركة جديدة في السجون الإسرائيلية

لقوات الإسرائيلية

بعد وضع سلطات السجون الإسرائيلية أجهزة تشويش جديدة على الإشارات الخلوية في السجن لمنع السجناء من استخدام الهواتف المحمولة، وقمع المحتجزين بكل العنف في الأسابيع الأخيرة، تعيش عائلة الأسير الفلسطيني إسلام الوشاحي في حالة ضائقة دائمة، فخلال الأيام القليلة الماضية، كانوا يتلقون معلومات متضاربة حول صحة ابنهم البالغ من العمر 36 عامًا، وذكرت بعض التقارير أنه توفي، بينما قالت أخرى إنه لا يزال حياً لكنه أصيب بجروح خطيرة.

وذكر تقرير نُشر على موقع "ميدل إيست آي" أن الوشاحي كان وراء القضبان منذ عام 2002، ويقضي عقوبة بالسجن لمدة 19 عامًا بتهمة الانتماء إلى الجناح المسلح لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام.

وتابع التقرير: "كان حراس السجن الإسرائيليون قد أطلقوا رصاصة نحوه من مسافة قريبة في القسم الرابع من سجن كتزيوت في منطقة النقب، المعروف باللغة العبرية باسم النيجيف، يوم الأحد الماضي، حيث اتهمت مصلحة السجون الإسرائيلية الوشاحي وسجين فلسطيني آخر، وهو عدي سالم، بطعن اثنين من حراس السجن باستخدام أدوات بدائية حادة، وأصيب أحد الحراس بجروح طفيفة والآخر في حالة متوسطة".

وفي الأسبوع الماضي، شنت القوات الإسرائيلية حملة قمع واسعة النطاق ضد القسم الرابع، حيث أطلقت العشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع وضربت السجناء بشدة، ووفقًا لمنظمات حقوق الإنسان، فقد أصيب حوالي 20 سجينًا، من بينهم سبعة تم نقلهم إلى المستشفى وثلاثة وصفت إصاباتهم بالخطيرة، ودعت مجموعات حقوقية محلية لجنة الصليب الأحمر الدولية إلى التدخل وضمان حماية حقوق السجناء، بما في ذلك الحق في الحياة والصحة.

وتأتي التطورات في سياق التوتر المتزايد في سجن النقب خلال الشهر الماضي، فوفقا لمصادر حقوق السجناء الفلسطينيين، تم تغريم حوالي 22 فلسطينيا محتجز في السجن من قبل مصلحة السجون اليوم الأربعاء وتم منعهم من الزيارات العائلية في أعقاب الغارة الأخيرة.

وخرج الفلسطينيون أمس الثلاثاء، إلى شوارع الضفة الغربية المحتلة وإسرائيل للتنديد بظروف الحبس، بينما يخطط السجناء لإضراب عن الطعام يبدأ في 7 أبريل، ما دفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن قضية الأسرى الفلسطينيين الذين تحتجزهم السلطات الإسرائيلية قد تأتي مرة أخرى إلى المقدمة.

الغاز المسيل للدموع والرصاص والكلاب "عصا الشرطة"

وفي فبراير الماضي، وضعت السلطات الإسرائيلية أجهزة التشويش على الإشارات الخلوية في السجن لمنع السجناء من استخدام الهواتف المهربة والتي غالبًا ما تكون هي الوسيلة الوحيدة لهم للبقاء على اتصال مع عائلاتهم.

ويضم سجن النقب 1300 سجين فلسطيني، وفقا لجمعية نادي الأسير الفلسطيني، ويعاني السجناء، الذين يقسمون إلى معسكرات وكرفانات وغرف متنقلة، من الاكتظاظ الشديد، لا سيما خلال الظروف الجوية الصعبة في الصيف والشتاء، علما بأن سجن النقب منذ افتتاحه عام 1988 كان مسرحاً لمواجهات عنيفة مع القوات الإسرائيلية، وتم إطلاق النار على السجناء "أسعد الشوا وبسام سومودي على أيدي الحراس"، وفي عام 2007، قُتل أيضاً الأسير محمد الأشقر، البالغ من العمر 29 عاماً.

من جانبه، قال غسان وشاح، شقيق إسلام، إن العائلة لم تكن على اتصال بأحبائهم على مدار الأربعين يومًا الماضية، منذ أن تم تثبيت أجهزة التشويش، وزاد قلقهم عندما انتشرت أخبار إصابته وبناء على روايات بعض الأسرى، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على إسلام من مسافة قريبة جداً قبل ضربه بقوة".

وأضاف، أن العائلة ليس لديها أي أخبار موثوق بها، حيث تواصل سلطات السجن منع أي محامين من زيارة إسلام أو السجناء الجرحى الآخرين، مستطرداً "قيل لنا إنه نُقل إلى مركز سوروكا الطبي الإسرائيلي في بئر السبع، قبل نقله إلى عيادة سجن الرمل" في وسط إسرائيل.

وفي السياق ذاته، أفاد حسن عبد ربه، المتحدث الرسمي باسم اللجنة الفلسطينية للأسرى وشؤون السجناء السابقين، بأنه من المتوقع أن يُسمح للمحامين بزيارة السجناء اليوم الأربعاء.

وقال عبد ربه إنه يتوقع أن تتدهور الأمور أكثر في سجن النقب، مشيراً إلى أجواء متوترة وخطط للسجناء لتصعيد رفضهم للعدوان الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، حيث أعلن السجناء يوم الإثنين الماضي أنهم سيحتجون على الإجراءات الإسرائيلية القمعية من خلال العصيان المدني، وهددوا بالشروع في إضراب جماعي عن الطعام.

من جانبها، أصدرت جمعية الأسرى بيان لها الأسبوع الماض، أوضحت فيه، أن أعمال القمع التي تقوم بها القوات الإسرائيلية، والتي استمرت منذ بداية العام، كانت الأكثر عنفاً منذ سنوات، مشيرةً إلى أنه في 20 و 21 يناير 2019، تعرض الحراس الإسرائيليون للفلسطينيين المحتجزين في سجن عوفر، الواقع في الضفة الغربية المحتلة لعنف مماثل، شملت رش الفلفل والقنابل الصوتية والرصاص الصلب المغلف بالمطاط والهراوات وكلاب الشرطة، مما أسفر عن إصابة 150 سجينًا على الأقل خلال الغارة التي استمرت يومين، ورد المحتجزون بإشعال النار في غرفهم وإعلان خططهم للعصيان المدني.

ووصف قسام البرغوثي، أحد سكان قرية كوبر بالقرب من رام الله، والذي أطلق سراحه من "عوفر" بعد قضائه عدة أشهر خلف القضبان، في منشور على فيس بوك، تجربته في الحادثة التي شهدها سجن عوفر، كاتبا، "كانوا يطلقون الرصاص الفولازي المغلف بالمطاط من مسافة أقل من خمسة أمتار على أي شخص يقف في الغرفة، وحاول السجناء البحث عن غطاء، وتم إدخال أنبوب معدني عبر نافذة زنزانة السجن، وتم رش السجناء بكمية من الغاز، وبعد بضع دقائق، كان السجناء مستلقون على الأرض، غير قادرين على التنفس، وفتح الباب مرة أخرى، وألقيت علينا قنابل صوتية، وتم جلب كلاب الشرطة، وعندما عرفت وحدة القمع أن الجميع كانوا على الأرض، دخلوا وبدأوا في ضرب السجناء بالهراوات على كل جزء من أجسادهم."

وفي 21 من يناير2019، داهمت القوات الإسرائيلية القسم الثاني من سجن مجيدو في شمال إسرائيل، وكان القسم الثاني من أوائل أجنحة السجن التي تم تركيب أجهزة التشويش عليها، ووفقًا لجمعية نادي الأسير الفلسطيني، تم مداهمة سجني ريمون والنقب بعد ذلك بوقت قصير.

تشويش على أجهزة الراديو ورفض الزيارات العائلية

تفرض سلطات السجون الإسرائيلية حظراً عاماً على الاتصالات الهاتفية لحوالي 5500 سجين فلسطيني تحتجزهم، وعلى الرغم من السماح بالرسائل، فإن العملية تنطوي على تأخير طويل بسبب الرقابة على السجون الإسرائيلية، وأحيانًا لا تستقبلها أسر السجناء، وبموجب القانون الدولي، يحق للسجناء الزيارات العائلية والتواصل مع عائلاتهم.

ويزداد الأمر صعوبة بسبب حقيقة أن إسرائيل تحتجز الغالبية العظمى من السجناء السياسيين الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة في السجون داخل إسرائيل. ومع ذلك، يحظر القانون الدولي نقل المدنيين، بمن فيهم المحتجزون والسجناء من المنطقة المحتلة بواسطة سلطة الاحتلال.

ولزيارة أقاربهم في السجن، يجب على العائلات الفلسطينية التقدم بطلب للحصول على تصريح لدخول إسرائيل، وعادة ما يتم رفضه من قبل السلطات الإسرائيلية "لأسباب أمنية" في كثير من الأحيان دون أي تفسير إضافي، فالكثير من السجناء لم يروا عائلاتهم منذ سنوات، وقد أدى ذلك إلى تهريب العديد من المعتقلين الهواتف المحمولة إلى داخل زنزاناتهم، وهي حقيقة تحاول سلطات السجن تضييق الخناق عليها منذ ما يقرب من 20 عامًا.

وقال علي مغربي، المتحدث باسم المكتب الإعلامي للأسرى، وهي منظمة مجتمع مدني، إن السلطات الإسرائيلية بدأت تركيب أجهزة التشويش في عام 2000، مضيفاً أن الطريقة التي تم بها تركيب الأجهزة قد تغيرت مؤخرًا، حيث تم وضع أجهزة داخل أجنحة السجن، وعلى أبواب الزنزانات في السجن وفي الأماكن الضيقة، مما أدى إلى تشويش المكالمات الهاتفية وكذلك البث التلفزيوني والإذاعي.

وقال مغربي إنه منذ تركيب الجهاز لأول مرة على مقربة من السجناء، اشتكى المعتقلون من الصداع والغثيان، وتابع: "هناك عملية لإضعاف السجناء باستخدام هذه الأدوات التي لها آثار خطيرة، وقد أصدرت المؤسسات الدولية تحذيرات بشأنها"، مضيفاً أن فرض أجهزة التشويش دون أي تفسير صادر عن مصلحة السجون الإسرائيلية ، يأتي في سياق تدابير عقابية أوسع نطاقًا تم اتخاذها ضد السجناء، تدابير تتراوح بين الحد من الوصول إلى الماء الساخن للاستحمام وتقليل حجم المبالغ المسموح لهم تلقيها من عائلاتهم.

وبعد فترة وجيزة من إعلان إسرائيل الحرب على مدفوعات السلطة الفلسطينية للسجناء وعائلاتهم، يشعر المعتقلون الفلسطينيون بالضغط. وفي ظل خططهم للإضراب عن الطعام، يبقى أن نرى كيف سترد السلطات الإسرائيلية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً