اعلان
اعلان

كواليس 48 ساعة و"اجتماع سري" مع الدولة العميقة تحدد فيهم مصير بوتفليقة.. الجيش علم بخطة مجلس حكم جماعي فأرغمه على الاستقالة خلال يوم

كتب : سها صلاح

حسم الجيش الجزائري موقفه بالوقوف إلى جانب الشعب، من منطلق أن الإرادة الشعبية هي المصدر الوحيد للشرعية الدستورية، فيما لم يعد الائتلاف الرئاسي يضم سوى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وأشقائه ومجموعة من رجال المال والأعمال النافذين، بعدما تخلت عنه أحزاب الموالاة، وفي مقدمها حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم.

الائتلاف الرئاسي سعى إلى محاربة خسارته تأييد أحزاب الموالاة بإقامة حلف سرّي مع قوى الدولة العميقة الممثلة في بقايا جهاز الاستخبارات والأمن الذي حُلَّ رسمياً، العام 2015، إثر تنحية قائده الجنرال توفيق مدين، لكن بيان قائد أركان الجيش "قايد صالح"، أحبط "الاجتماعات المشبوهة" التي سعى من خلالها حلف الرئاسة وقوى الدولة العميقة الالتفاف على الشرعية الدستورية.

ما سّرع بحسم صراع الكواليس الذي تفجّر بين الطرفين، منذ مطلع الأسبوع الماضي، إذ تجمع المصادر المقربة من معسكرَي الصراع في أعلى هرم السلطة بأنه تمّ التوصل، مساء الأحد أول أبريل، إلى "تسوية سياسية شاملة" تقضي بـ"إعلان استقالة الرئيس بوتفليقة خلال 24 ساعة".

خطة الفراغ الدستوري

وفقاً لما روت مصادر لصحيفة الانبندندنت، فإن الاجتماع الذي عُقد ظهر السبت، في بيت الرائد بورقعة، سبقه اجتماع سرّي عُقد الأربعاء بالإقامة الرئاسية في زرالدة، غرب العاصمة، بين شقيق الرئيس، سعيد بوتفليقة، وقائد جهاز الاستخبارات السابق، الجنرال توفيق مدين، إذ سعى شقيق الرئيس إلى ترضية غريمه السابق واستمالته، الذي كان قد أطاحه في العام 2015، بسبب اعتراضه على ترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة.

حدث حينها "صفقة سرية" سعى من خلالها أشقاء الرئيس إلى التحالف مع قوى "الدولة العميقة"، التي يُعد الجنرال توفيق مدين أحد أبرز قادتها، بهدف الالتفاف على مطالب الحراك الشعبي المعارض لخريطة الطريق الرئاسية التي أعلن عنها في 11 مارس الماضي، والتي تتضمن بقاء الرئيس بوتفليقة في الحكم بعد نهاية ولايته الحالية لفترة انتقالية مدتها عام واحد.

والصفقة السرية هي إحداث فراغ دستوري شامل، من خلال حلّ غرفتب البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة المكلّف نور الدين بدوي، وإقالة رئيس هيئة الأركان الجنرال أحمد قايد صالح، ثم إعلان استقالة الرئيس بوتفليقة لأسباب صحية.

مجلس حكم جماعي

هذا المخطط يشبه "الطبخة" الشهيرة التي كان الجنرال مدين أحد عقولها المدبرة، في يناير العام 1992، حين أُعلن إلغاء الانتخابات التشريعية التي كان الإسلاميون قد فازوا بجولتها الأولى، وتم استباق ذلك بإحداث فراغ دستوري شامل، عبر حلّ البرلمان، وإقالة رئيس المجلس الدستوري، ودفع الرئيس الشاذلي بن جديد إلـى الاستقالة، لذا مع الفراغ الدستوري يمكن تكوين مجلس حكم جماعي يضم الرائد بورقعة، وأخرى مقربة من المؤسسة العسكرية، كالرئيس السابق زروال، بالإضافة إلى شخصيات مقربة من الرئيس وأشقائه، كالمبعوث الأممي السابق لخضر الإبراهيمي، وأخرى وثيقة الصلة ببقايا جهاز الاستخبارات، ومنها الجنرال مدين نفسه الذي كان مزمعاً أن يُعين مستشاراً أمنياً أو أميناً عاماً لمجلس الحكم الجماعي.

خروج آمن للرئيس وعائلته

لم يعرف حتى الان كيف تسرّبت أخبار هذه الخطة السرية إلى قائد أركان الجيش، وخصوصاً أن الفراغ الدستوري الذي خُطّط له كان أحد بنوده الأبرز إقالته من منصبه كرئيس لهيئة الأركان.

وقد سمح هذا التسريب لقيادة الجيش بأن تحبط "خطة القوى غير الدستورية"، عبر استباقها ببيان هيئة الأركان الذي وصف الاجتماعات المذكورة بـ"المشبوهة"، مهدداً بأن "كل ما ينبثق من هذه الاجتماعات المشبوهة من اقتراحات لا تتماشى مع الشرعية الدستورية أو تمسّ بالجيش الوطني الشعبي، الذي يعد خطاً أحمر، هي غير مقبولة وسيتصدى لها الجيش الوطني الشعبي بكل الطرق القانونية".

وحرص بيان هيئة الأركان على إبراز اصطفاف قيادة الجيش إلى جانب الحراك الشعبي، من خلال الاستناد إلى شرعية المادتين 7 و8 من الدستور، اللتين تنصان على أن الشعب هو الذي يمتلك الشرعية الدستورية والسلطة التأسيسية، في تلميح واضح إلى استجابة قيادة الجيش مطالب الحراك الشعبي في ما يتعلق بتشكيل مجلس تأسيسي لسنّ دستور جديد وقوانين انتخابية تضمن شفافية اللعبة الديمقراطية ونزاهتها.

حكومة تصريف اعمال

أولى تلك القرارات التي تمّ التوافق على اتخاذها قبل إعلان استقالة الرئيس تمثّلت في تشكيل حكومة تصريف الأعمال، برئاسة نور الدين بدوي، بعدما تعطّل الإعلان عنها طوال أكثر من أسبوعين.

ويُرتقب أن يليها قرار آخر يتمثّل في استقالة رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، أو إقالته من جانب رئيس الجمهورية، تجاوباً مع مطالب الحراك الشعبي الرافض توليته منصب الرئاسة بالإنابة، خلال الفترة الانتقالية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً