اعلان

ارتكاب المسلم للزنا والسرقة هل يمنعه من دخول الجنة؟

صورة ارشيفية
كتب :

توجد بعض الأحاديث التي تدل على مغفرة الله الواسعة لعباده ولكن بعضها قد يحمل بعض الإشكاليات التي تسبب لبثا لدى البعض وتحتاج إلى أهل العلم ليجيبوا عليها حتى لا ينحرف المعنى ويضل القارئ من بينها حديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أتيت النَّبِي صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَهُوَ نَائِمٌ، ثم أَتَيْتُهُ وَقَدْ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ: "مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟! قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟! قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟! قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرّ".

الشيخ ابن عثيمين يجيب: هذا الحديث صحيح، ورد في البخاري، ومعناه أن الرسول عليه الصلاة والسلام بين في هذا الحديث أن من حقق التوحيد وقال لا إله إلا الله فإنه يدخل الجنة ولو عمل بعض المعاصي والكبائر؛ لأن المعاصي والكبائر لا تخرجه من الإيمان كما هو المذهب الحق مذهب أهل السنة والجماعة؛ أن الإنسان يكون مؤمناً بإيمانه، فاسق بكبيرته، ولا يخرج من الإيمان بالكبائر. فهاهو الرجل لو قتل نفساً محرمة بغير حق فإن ذلك من أكبر الذنوب، ومع هذا لا يكون بهذا خارج الملة. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في الطائفتين المقتتلتين إنما يصلح بينهما أمرهما أن يصلح بينهما. وقال من الأخوة: فأصلحوا بين أخويكم. وهذا دليل على أن الإنسان لا يخرج من الإيمان بفعل الكبائر، فهو يدخل الجنة وإن زنا وإن سرق، ولكن هو مستحق للعذاب على هذه الكبيرة إن كانت ذات حد في الدنيا، فعوقب به، وإلا عوقب به في الآخرة إلا أن يشاء الله؛ لأن الله يقول: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".

أما الإمام ابن باز يقول حديث أبي ذر فهو دليل على أن من مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئًا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك فإن العاصي تحت مشيئة الله إن شاء ربنا غفر له وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير والتمحيص.

فمراد النبي أنه وإن زنى وإن سرق فمصيره إلى الجنة إذا مات على التوحيد، وإن جرى عليه قبل ذلك ما يجري على بعض العصاة من العقوبات، وهكذا الأحاديث الأخرى الدالة على أن أهل التوحيد من أهل الجنة كما قال في حديث عتبان: إن الله حرم على النار من قال: (لا إله إلا الله) يبتغي بها وجه الله متفق عليه، أو في حديث جابر عند مسلم يقول : من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النار في أحاديث كثيرة.

فهذا يدل على أن أهل التوحيد مصيرهم إلى الجنة وإن جرى منهم بعض المعاصي فإنهم تحت مشيئة الله فقد يعفى عنهم ويدخل الجنة من أول وهلة لأعمال صالحة اكتسبوها رجحت بها موازينهم، وقد يدخلون النار ويعذبون فيها على قدر المعاصي ثم يخرجون منها كما ثبتت بذلك الأحاديث عن رسول الله وتواترت، وأجمع على ذلك أهل السنة أن العصاة لا يخلدون في النار إذا ماتوا مسلمين على التوحيد والإيمان فإنهم لا يخلدون في النار خلافًا للخوارج و المعتزلة ومن سلك مسلكهم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً