اعلان

"مقصوفة الرقبة".. كلمة تداولها المصريون تعرف على أصلها وأول امرأة لُقبت بها

مع خروج حملة بونابرت من مصر، وفي زمن كان الجمال فيه غواية، خرجت مع الحملة روح "زينب" ابنة الشيخ خليل البكري الصديقي، وهو نقيب الأشراف وشيخ البكرية، ماتت الفتاة العشرينية في محاكمة نُصبت لها ذات طابع سياسي.

"مقصوفة الرقبة"..كلمة ضمن الألفاظ التي يتم استخدامها في تعنيف الفتيات أو الإيحاء بالغضب منهن، ولكن لم تكن مُجرد زلّة لسان وقت الغضب، بل أن لها قصة ومُناسبة قيلت فيها، حال الأمثال الشعبية. وفي واقع تاريخ العقوبات المصري لم يتم استخدام عقوبة "قضم الرقبة" لعقاب المرأة، بل أن لم يكن هُناك نساء يتم الحُكم عليهن بالإعدام من الأساس، وذلك قبل زينب البكري.

ظهرت زينب البكري بجمالها المتفرد، راقت شخصيتها لقائد الحملة الفرنسية، إذ أحبها نابليون فكانت نهايتها قضم رقبتها، لم يلتمس أهل قريتها أي أعذارًا لها، حتى أباها المُتملق، ربما اعتقدت أنه أمانها الأخير فزجّ بها إلى المجهول.

في واقع ثقافة المجتمع المصري يكون وراء أي مقولة أو مثل شعبي أو عبارات عامية يرددها المصريين حكاية ورواية، يعتاد الناقلين لها على تهويلها لتصبح مُحاطة بالقيل والقال، فتنتشر في أرجاء البلدة هكذا اعتاد المصريين في نقل الأحداث والحكايات قديمًا. شملت الألفاظ عبارات عامية نرددها يوميًا ترجع أصلها إلى رواية نُقلت وحدثت فعلاً.

من هي زينب البكري ؟

فتاة لم تُكمل السادسة والعشرين أهداها والدها لحملة نابليون بونابرت، وتقول أحد الروايات الناقلة للقصة أن "زينب" التي اعترف نابليون بحبه لها كانت ضحية لوالدها، وفسر البعض أن الأزمة بدأت بإجتماع والدها مع رجال الحملة الفرنسية، فيما يُسمى هُدنة تم عقدها بين المشايخ ونابليون قبل اندلاع ثورة القاهرة الأولى سنة 1798، وكان الشيخ خليل البكري والد زَينب عضو بالجلسة، وجَلَت موالاته لرجال الحملة ليختاروه بعدها رجل الحملة في بلده؛ بالفعل تم تعيينه بصدور قرار من نابليون، وما لبث الرجل إلا وأخذ أراضي أوقاف النقابة، وسكن أفخم منازل بلدته حتى أن منزله كان أكبر من ديوان نابيلون. هاجم أهل البلدة البكري وحاولوا اغتياله فنهبوا منزله حتى أنهم استباحوا حُرمة منزله واعتدوا على نسائه وسحبوه من بينهم وهو مكشوف الرأس من الأزبكية إلى وكالة ذي الفقار بالجمالية وبها عثمان كتخدا.

تدخّل بعض من الأشراف الذين حضروا التشهير به ونجحوا في تخليصه، وأطلقوا سراحه بعد أن أشرف على الهلاك، ليُسرع صديقه احمد بن مُحرم بسحبه إلى داره ليبقى عنده حتى يهدأ من روعه، ثم ألبسه ثيابًا وسمح له بأن يبقى في داره حتى تنتهي أيام الثورة.. بالفعل انتهت الثورة بإنتصار الفرنسيين، سُرعان ما توجّه إليهم الرجل وشكى لهم ما حدث به بسبب موالاته لهم فعرضوا عليه ما نُهب منه ليعود مرة أخرى إلى الحالة التي كان عليها.

في أغسطس، حيثُ موعد القدر، ومع إعلان رجال الحملة الفرنسية انسحابهم من مصر. عاد البكري وهو بمثابة طاغية وعميل للحملة الفرنسية، قرر المشايخ عقد مُحاكمة له مع مُمثلي الدولة العثمانية، وألصقوا له تُهم كثيرة كان أكبرها سفور ابنته زينب، ومُرافقتها لرجال الحملة. حيثُ كانت تُهمة "زينب" هي إقامة علاقة غير شرعية بينها وبين نابليون بونابرت بسبب قُرب أبيها منه، وبسبب تبرجها المُلفت لنظر الكثيرين وقتها متأثرة بنساء الحملة قرروا مُحاكمتها. 

وفي أحد أيام الثلاثاء، طلب المشايخ احضار ابنة البكري، فذهبوا إلى دار أمها بالجودرية بعد المغرب وأحضروها ووالدها فسألوها عما كانت تفعله فقالت: إني تبت من ذلك .. فقالوا لوالدها: ما تقول أنت؛ فقال: أقول إني بريء منها فاكسروا رقبتها.

ما لبث البكري حتى اتُهم بعقد صفقة باطلة لإقتناء غلام جميل شغف به فقرروا انتزاعه منه، وعاش خليل البكري بعدها بعيدا عن الأضواء، ومات في عصر محمد علي دون أن يشعر به أحد.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً