اعلان

اقتربت المواجهة بين روسيا وحلف الشمال الأطلسي.. ماهي معاهدة "آي إن إف" التي تسببت في الأزمة؟

صورة أرشيفية
كتب : سها صلاح

في الآونة الأخيرة عاد شبح "الحرب الباردة" إلى الساحة العالمية مرة أخرى بين روسيا وحلف شمال الأطلسي " الناتو"، وجاء ذلك بعد ان تبادلت "موسكو" و"الناتو" اتهامات بشأن الصواريخ الباليستية الروسية المنشورة في أوروبا، حيث رفضت روسيا تدمير الصواريخ وفقاً لاتهامات الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي "ينس ستولتنبرج" ،وذلك في وقت تحللت فيه واشنطن وتبعتها موسكو من الالتزام ببنود المعاهدة.

وقالت صحيفة "برافادا" الروسية أن هناك احتمالات عن اقتراب التصادم بين الطرفين وسط تضارب حدة المصالح في ملفات عدة، ومن بينها أوكرانيا منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014، يتوقع آخرون أن تكون قوة الردع المتبادلة كافية لمنع تصاعد التوتر، وذلك قرب حلول أجل الثاني من أغسطس المقبل، إذ يطالب الـ"ناتو" بأن "تدمر روسيا نظامها الجديد للصواريخ (أس أس سي -8) بحلول ذلك التاريخ، وهو موعد انتهاء العمل بمعاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى.

في 5 يوليو الحالي، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، "ينس ستولتنبرج"، رفض روسيا تدمير الصواريخ الجديدة المنشورة بأوروبا في انتهاك للمعاهدة المبرمة في 1987.

وفي 26 يونيو الماضي وافق وزراء دفاع الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي على "سلسلة تدابير عسكرية وسياسية"، أهمها ترسيخ الدفاع المضاد للصواريخ.

وبينما أقر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بأن "الدفاعات الحالية عاجزة عن إسقاط صاروخ عابر للقارات يطلق من روسيا، وأن أوروبا لا تنوي نشر صواريخ جديدة مجهزة برؤوس نووية"،وقال إن "هذه الصواريخ قادرة على نقل رؤوس نووية واستهداف مدن أوروبية خلال دقائق"، مضيفاً أنه "يصعب رصدها".

وقبيل تصريحات ستولتنبرج بيومين، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صادق على تعليق مشاركة بلاده في المعاهدة، التي وقعت في الثامن من ديسمبر 1987، بين الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريجان، والزعيم السوفييتي "ميخائيل جورباتشوف"، إذ سمح ذلك الاتفاق بالقضاء على الصواريخ الباليستية والعابرة القارات من طراز (أس أس -20) الروسية و(بيرشينج) الأميركية المنشورة في أوروبا.

ووفقاً للصحيفة عن نائب وزير الخارجية "سيرجي ريابكوف"، فإن بلاده "سترد بالمثل على أي خطوات يتخذها حلف شمال الأطلسي فيما يتعلق بقرار روسيا وقف العمل بمعاهدة للصواريخ النووية".

ويقول إن "خطورة الانسحاب من هذه الاتفاقية تكمن ببدء منافسة جديدة بين البلدين في التسلّح، هذا إلى جانب تهديد العمل باتفاقية (ستارت) حول الحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية، التي ينتهي مفعولها أصلاً عام 2121".

وبالتزامن مع تلك التطورات، نشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات فيديو صُوّرت من قمرة قيادة طائرة هليكوبتر تحلّق فوق ما قالت إنها سفن بحرية تابعة لحلف الأطلسي تشارك في المناورات العسكرية "نسيم البحر 2019".

وتجرى تدريبات "نسيم البحر" في أوكرانيا سنوياً منذ عام 1997، ويشارك نحو 900 من مشاة البحرية، إضافة إلى 30 سفينة بحرية من 14 دولة شريكة لحلف شمال الأطلسي في تدريبات هذا العام، التي ستستمر حتى 12 يوليو الحالي، حسبما ذكر بيان صادر عن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في أبريل هذا العام، إذ يثير ضم روسيا شبه جزيرة القرم ودعمها الانفصاليين الموالين لها في شرق أوكرانيا أسوأ أزمة في العلاقات بين موسكو والغرب منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991.

وسط تصاعد التوترات على المستوى الرسمي بين الطرفين، تتباين آراء المحللين والمراقبين بشأن مستقبل التصعيد، وذلك في وقت توصّلت فيه دراسة أجرتها مجموعة (سي. إن. إيه كورب) للأبحاث، أنه سيكون من الأصعب على كل من الولايات المتحدة وروسيا استكشاف نيات كل منهما الأخرى، إن انتهت معاهدتهما للحد من الأسلحة النووية المنشورة، مما سيعطيهما الحافز لتوسيع ترسانتهما.

وكتب فينس مانزو، الخبير بمجموعة (سي. إن. إيه كورب) في الدراسة، "لن تكون لدى أي بلد نفس الدرجة من الثقة بقدرته على تقييم مستوى الرؤوس الحربية لدى الآخر بدقة".

وأضاف مانزو "انعدام الشفافية المتزايد بين القوى النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية سيظهر في الصورة الأكبر المتمثلة في تزايد انعدام الثقة واتساع هوة المعرفة بالاستراتيجيات والنيات".

وفي غياب البيانات والمعلومات، حسب الدراسة، ستضطر الولايات المتحدة إلى إعادة رسم مهام أقمارها الصناعية التي تعمل بكثافة بالفعل، وربما تخصص المزيد لمراقبة روسيا على حساب متابعة الصين وإيران وكوريا الشمالية.

من جانبه، يقول "توم روجان" المتخصص في دراسات الحرب من جامعة كنجز كوليدج بلندن، إن "ما ينبغي على الـ(ناتو) القيام به هو تأكيد أن قوة الحلف لا تكمن فقط في انضمام أعضاء جدد متشاركين في القيم والأهداف، إنما أيضاً تقوية المخاوف من تحالفهم"، وهذا يعني حسب "روجان"، وفق ما كتبه بصحيفة "واشنطن إكسامينر"، "إدراك روسيا الدائم أن الـ(ناتو) مستعد للحرب من أجل الفوز".

وتابع "تعتقد موسكو أن استخدام أسلحة نووية منخفضة العائد سيسمح لها بتخويف أعضاء الحلف الأقل قوة، لكن في المقابل على دول الحلف، خاصة النووية منها، مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة تقوية إجراءاتها النووية لردع أي تهديد روسي".

بدورها، تنقل قناة "فوكس نيوز" الأميركية، عن محللين معنيين بملف التسليح النووي قولهم، "توجد قناعة في الأوساط الأميركية بخرق روسيا المستمر المعاهدة منذ العام 2012، من خلال نشر صواريخ كروز من طراز (9M729)، التي يقع نطاقها ضمن المسافة المحظورة بموجب المعاهدة"، فيما تنفي موسكو أي انتهاكات، وتكرر أن "الولايات المتحدة هي التي لم تمتثل إلى بنود المعاهدة من خلال نشر صواريخ ومضادات في قواعد أوروبية عدة".

وتنتقد روسيا خطط الولايات المتحدة المتعلقة بنشر أنظمة الصواريخ في أوروبا الشرقية، كما أنها لم تكن راضية عن انسحاب واشنطن من معاهدة الحد من الأسلحة النووية في أكتوبر 2018.

ماذا نعرف عن الـ(INF)؟

حظرت المعاهدة التي أبرمها الرئيس الأميركي السابق رونالد ريجان، مع الزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف، الصواريخ الأرضية التي يتراوح مداها بين 500 كيلومتر و5500 كيلومتر (300 - 3400 ميل)، ووضعت حداً لأزمة اندلعت في الثمانينيات بسبب نشر الاتحاد السوفييتي صواريخ (إس إس 20) النووية، التي كانت تستهدف عواصم أوروبا الغربية، ليرد عليها حلف شمال الأطلسي الـ"ناتو" بنشر صواريخ "بيرشينغ" في أوروبا موجهة إلى الاتحاد السوفييتي.

وبموجب المعاهدة، أقرّ تدمير الصواريخ التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر في السنوات الثلاث التالية لدخول المعاهدة حيز التنفيذ، ومن النقاط التي وردت فيها وضع إجراءات للتحقق من عمليات التدمير في كل دولة، من قبل مفتشين من الدولة الأخرى.

وأجبرت المعاهدة، (الأولى والوحيدة من نوعها بين القطبين النوويين الكبيرين في ذلك الوقت)، الطرفين على سحب أكثر من 2600 صاروخ نووي تقليدي، من الأنواع القصيرة والمتوسطة المدى. وبين الصواريخ الأميركية التي قضت المعاهدة بتدميرها، صواريخ (بيرشينغ 1 إيه)، و(بيرشينغ 2).

ورغم أن معاهدات سابقة أُبرمت قبل معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية متوسطة المدى، مثل اتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية (سالت 1) في 1972، و(سالت 2) في 1979 للحد من القاذفات الجديدة للصواريخ الباليستية، فإن القطبين تعهدا للمرة الأولى بتدمير فئة كاملة من الصواريخ النووية في معاهدة الحد من الصواريخ النووية متوسطة المدى.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً