اعلان

حكاية الإيموبيليا.. عندما تتجسد العراقة في مبنى

بمعمار انسيابي وتصميم دقيق غير مُعتاد تجرّد من تلك التفاصيل الزخرفية الكلاسيكية، التي تمتعت بها أغلب مباني وسط المدينة قديمًا، صنع المُهندسان ماكس أدرعي وجاستون روسيو تصميمًا متميزًا، بناء على إعلان قامت به شركة للمليونير المصري أحمد باشا عبود، طرح خلاله مشروع تشييد عمارة ضخمة في مُسابقة معمارية عام 1938، وتقدم لهذا المشروع 13 متسابق وتمت دراسة مشاريعهم على مدار شهر، ومُنحت الجائزة الأولى لماكس أدرعي وجاستون روسيو بلغت قيمتها 600 جنيه.

على نقطة إلتقاء شارعي شريف وقصر النيل، شُيدت "عمارة الإيموبيليا".. هكذا اسمها، التي تميزت بأربع واجهات مُطلة على أعرق شوارع وسط المدينة، لتكون أضخم عمارة سكنية في القاهرة الكُبرى، وتصبح السكن المُفضل لدى مشاهير المجتمع من السياسيين والفنانين والرياضيين في فترة الأربعينات.

تكلف بناء البناية حوالي مليونًا و200 ألف جنيه مصري، لمَ لا ومالكها قدرت ثروته بأكثر من 30 مليون جنيه وهو رقم ضخم جدًا آنذاك. 

لم تكن "الإيموبيليا" مجرد بناية معمارية فخمة في وسط المدينة فكانت هي الأشهر على الإطلاق وحتى الآن تظل من أرقى عمارات وسط البلد، تستقل زاويتها موقع فريدًا يكشف حي وسط البلد، حيثُ الفخامة والرُقى.

صًممت البناية على برجين كل برج يحمل تصميمه شكل حرف الـ "يو"، على مساحة 5444 متر مربع، أحدهم بحري ويتكون من 11 طابق، والآخر قبلي ويرتفع إلى 13 طابق ويضم البرجين 370 شقة.

أما المصاعد الموجودة بها والذي يقدر عددها بنحو 27 مصعد كانت تقسم إلى ثلاث فئات "بريمو" للسكان، و"سوكندو" للخدم، وآخر للأثاث.

سكان العمارة

كانت منطقة وسط البلد في تلك الفترة لا يسكنها سوى الأثرياء من الطبقات الراقية فقط، وكان يُمنع مرور أي شخص لا يرتدي "بدلة"، وظل هذا النظام معمول به حتى بداية السبعينات، إذ كانت المحافظة تحرص على شكل الحي نظيف وراقي حتى في مظهر المواطنين

وفي كتاب "عمارة الإموبيليا"، وصف الكاتب محمود معروف عن تلك الفترة بأنه كان محظور مرور أي شخص يرتدي جلباب في شوارع بعينها مثل "عبد الخالق ثروت" و"سليمان باشا" و"الملكة فريدة"، و"طلعت حرب"، وذكر في كتابه أنه كان يتم القبض فورًا على مرور أي شخص يرتدي زي "عادي"، لأن هذه الشوارع مُقتصرة فقط على الخواجات اليهود والأثرياء والفنانين

سكن هذه العمارة أشهر نجوم الفن العُظماء في تاريخ مصر، إذ سكنها الفنان نجيب الريحاني، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد فوزي، وعبد الحليم حافظ، ومديحة يُسري، وأنور وجدي وليلى مُراد، ومحمود المليجي، وكاميليا، وأسمهان، وأحمد سالم، وماجدة، وكمال الطويل، ومحمود ذو الفقار، وهنري بركات

وكان يتردد عليها عظماء آخرين، أمثال السيدة أم كُلثوم، وفريد الأطرش، وسامية جمال، وتحية كاريوكا، وهند رستم، وشادية ، وصباح، وفريد شوقي، وكمال الشناوي

فضلاً عن أن هذه البناية الأثرية، شهدت لقاءات بين الملك فاروق والمُمثلة كاميليا، في الطابق التاسع حيثُ كانت تسكن

​ 

كيف بُنيت العمارة

في عام 1937، قرر أحمد عبود باشا بناء عمارة ضخمة، وهو أحد أغنى أغنياء مصر وأكبر رجل أعمال يمتلك مصانع الأسمنت والسُكر، بخلاف إمتلاكه نصف أسهم البنك الأهلي المصري وقتها، إذ كانت ثروته تُقدّر بحوالي 10 ملايين جنيه، ما يوازي مبلغ ضخم الآن

كوّن عبود باشا شركة مُساهمة بينه وبين كل من "اسماعيل باشا صدقي، وحسين باشا سري، وألفونس ألفي، وزهير جرانة، والخواجة نصير" ليساهم هو بـ 50% من هذه الشركة لبناء العمارة، وبالفعل بدأ بناء العمارة في عام 1937

كانت العمارة عبارة عن مبنيين، كل مبنى على شكل حرف الـ U، تضم350 شقة مُقسمة على 13 طابق، ولها 3 مداخل، ولكل مدخل 3 مصاعد، و3 سلالم طوارىء.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً