اعلان

محمص يافول.. محمد مصطفى: "بقالي 11 سنة ببيع التسالي للعشاق فوق كوبري ستانلي.. وطرقت باب المحافظ ولم يجبني أحد.. و"أمنية حياتي ألاقي وظيفة أصرف منها على عيالي"

على مدار أكثر من 11 عامًا يقف بعربته على كورنيش الإسكندرية وتحديدًا في منطقة ستانلي والتي تضم كوبري ستانلي الشهير، المكان المقدس للعشاق، ليبيع اللب والسوداني والمحمصات، لا يكِل من السعي وراء لقمة العيش الحلال ليعود في نهاية اليوم إلى أسرته وأطفاله حاملًا رزقه اليسير حصيلة يوم شاق قضي أغلب ساعاته واقفًا على قدميه ومتنقلًا من مكان لآخر على الكورنيش بحثًا عن زبائن.

محمد مصطفي، في العقد الرابع من عمره، لم يتملّكَه اليأس والإحباط بعد أن فشلت جميع محاولاته للحصول على وظيفة بعد أن تخرج من كلية دراسات إسلامية وحصوله علي الليسانس، حيث سعي جاهدًا لكسب قوت يومه من كَدِّهِ وتعبه حيث عمل في العديد من المهن المختلفة إلي أن جاءته فكرة عمل مشروع خاص به يستطيع العيش من خلاله واستقر على بيع اللب علي عربة بكورنيش الإسكندرية لحين أن تأتي الفرصة ويُرزق بوظيفة براتب ثابت يغنيه عن تلك المهنة الشاقة وأعبائها بعد أن أفني سنوات عدة من حياته فيها، لكنّ الفرصة قد طال انتظارها، ليظل في نهاية المطاف يمارس عمله ببيع اللب علي الكورنيش.

هموم كثيرة يُكنّها "محمد" في داخله ويخفيها وراء ابتسامته في وجه زبائنه، لضياع سنوات عمره في التعليم من أجل الحصول على وظيفة عقب تخرجه لينتهي به الحال بائع لب على الكورنيش، يقول محمد في حديثه لـ"أهل مصر"، إنه من مدينة مطوبس التابعة لمحافظة كفر الشيخ، وقد تخرج في عام 2008/2009 وحصل علي ليسانس دراسات إسلامية، ولديه شقيقين أحدهما يُدعي "هيثم" حاصل على لسانس دار علوم، والآخر "حسن" حاصل على ليسانس تربية، وهم الثلاثة لم يحصلوا على أي وظيفة منذ تخرجهم وحتي الآن.

"زهقت من الشغل عند الناس فجاءت لى فكرة أبيع لب على كورنيش الإسكندرية وصممت إني أنفذها وحاليًا بلقّط أكل عيشي، وأثناء الكلية كنت بنزل يومين أشتغل أبيع لب علي الكورنيش وأجيب مصاريفي وبروح باقي أيام الأسبوع الكلية"، هكذا استكمل "محمد" حديثه، موضحًا أنه تمكّن من الحصول على الليسانس ولم يجلس في منزله ينتظر الوظيفة وكافح حتي تمكّن من تجهيز شقته السكنية وتزوج ورزقه الله بثلاثة أبناء هم "عبد الباسط 6 أعوام، وأحمد عامين، ويوسف 4 أعوام".

ويُضيف بنبرة تملأها الحسرة، "بتمني ربنا يديني الصحة ويباركلي في أولادي علشان أعلمهم أفضل مما أنا اتعلمت، أنا معرفتش أخد فرصتي بسبب الاحتياج للمادة والفقر، وزمايلي اللى ربنا مديهم ناقشوا ماجستير وأخذوا الدكتوراه ومنهم من سافر للسعودية وأنا ما أخدتش فرصتي زيهم وحقي في الحياه"، مضيفًا أنه تقدم في الكثير من مسابقات الأوقاف والأزهر الشريف ولكن لم يتم قبوله، حيث لم يتم قبول سوي العشر الأوائل في الدفعة فقط وتم تعيينهم أما باقي الدفعة فلم يتم تعيينهم، كما أنه ذهب لمحافظ الإسكندرية الأسبق هاني المسيرى وأيضًا لسكرتير عام المحافظة وقتئذٍ وطلبا منه تقديم ملفه بالمحافظة إلا أنه في ذلك الوقت حدثت أزمة غرق المدينة وتم الإطاحة بالمحافظ والسكرتير العام من مناصبهم وذهب مرة أخري للمحافظة ففوجئ بضياع ملفه وعدم وجوده بالمحافظة، وقد سعي كثيرًا ليتم توظيفه إلا أن جميع مساعيه قد باءت بالفشل.

وتابع بائع اللب، قائلًا "أمنية حياتي ألاقي وظيفة محترمة أصرف منها على عيالي وأعلمهم، ويبقي ليا وضعي الاجتماعي في الدولة، أما حاليًا لو تعبت ونمت عيالي مش هيلاقوا ياكلوا ورزق اليوم بيومه، وحملات الإزالة بالحى بتجرى ورانا مش عارفين نقفوا وبييجي المدير بالحملة يهينا ويطردنا وياخد البطاقة وبيمنعنى من الوقوف على كوبري ستانلى"، متابعًا: "معاملة سيئة للغاية وبهدلة.. وتفضل طول الليل تلف بالعربية علشان ربنا يرزقك برزقك ورزق عيالك أخر الليل".

ويشير إلي أنه وأشقائه حاصلين على مؤهلات عليا ولا يجدون وظائف كأبسط حقوقهم، متسائلًا: "هل هناك حسرة أكبر من أن تقضي أكثر من 20 سنة في التعليم وتعدى فترة حياتك كلها فيه وفي النهاية تطلع تقف على الرصيف! وتتعرض للإهانة علي مدار الوقت سواء من مواطنين أو عسكري ييجي يبهدلك ويمشيك مش عايزينا نقف الشهرين اللي بنشتغلوهم في السنة نعملوا خلالهم أي فلوس نصرف منها على عيالنا في الشتاء".

وبصوت منكسر يملأه الحزن والإحباط، روى "محمد" أحد المواقف التي تعرض لها خلال عمله وتكشف معاناته مع هذه المهنة التى لجأ إليها ليكسب قوت يومه، حيث استوقفه ذات مرة مدير حملة إزالة وأخذ منه بطاقة الرقم القومي، فذهب ليدفع غرامة إشغال طريق ويسترد بطاقته ففوجئ بالمدير قد حرر محضر غرامة ضده بـ 210 جنيه، قائًلا: "دفعّني 210 جنيه وأنا كنت لسه ما بعتش بـ 10 جنيه، على الرغم من أنني غير متواجد في مكان ثابت فأنا بائع متجول بلف على الكورنيش وغير محتكر مكان بشكل ثابت لكي يقوم بتحرير مخالفة إشغال طريق ليا، ورغم إني أخبرته بأنني بائع متجول قال أيضًا يعتبر إشغال طريق وأرغمني على دفع 210 جنيه مقابل تسليمي البطاقة".

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الحكومة: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم