اعلان

شارع التبليطة بـ"الدرب الأحمر".. دار المصريين البيضاء.. شيده الفاطميون احتفالًا ببناء الجامع الأزهر.. يضم أقدم سوق شعبي في مصر القديمة.. وهذه حكاية "حمام القفاصين"

شارع التبليطة بـ"الدرب الأحمر"

القاهرة القديمة عامرة بآثارها التي بقيت منذ فجر التاريخ شاهدة على تغير العصور؛ فمنذ إنشاء الفاطميون لمدينتهم أقاموا معها العديد من الشوارع التاريخية التي لازالت حتى الآن تحكي عظمة البناء، وتعكس صورة الماضي بعيون الحاضر، وتعكس لوحة فنية بديعة الجمال للفنون المعمارية العظيمة مرتفعة البنيان والتي لها عميق الأثر في نفوس المصريين، ومنها شارع «التبليطة» بحي الدرب الأحمر، ذلك الشارع الأثري الذي يمتد طوله 200 متر بداية من قبة السلطان الغوري وحتى الجامع الأزهر، ويُعد متحفًا مفتوحًا للآثار الإسلامية؛ ففي كل خطوة من جوانبه يوجد أثر إسلامي شاهد على عظمة مصر وتاريخها العريق.

1047 عامًا من العراقة

يقع شارع «التبليطة»، بجوار الجامع الأزهر، وخلف مجموعة محمد بك أبو الدهب الأثرية، وبعض المصريين يطلقون عليه شارع الشيخ محمد عبده، واشتهر قديمًا بـ«دار المصريين البيضاء»، وقد أنشأ الفاطميون هذا الشارع عقب انتهائهم من تشييد الجامع الأزهر عام 972 ميلادية، وهو ما يعني أنه يضرب بجذوره في أعماق التاريخ لـ 1047 عامًا.

جاء ذكر شارع «التبليطة» في كتاب «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»، الذي ألفه المقريزي، سنة 1420 ميلادية، حيث ذكره باسم «درب البيضاء»، قائلًا: «هو من جملة خط الأكفانيين الآن، المسلوك إليه من الجامع الأزهر وسوق الفرّايين (سوق الحمزاوى الآن)، عرف بذلك لأنه كان به دار تعرف بالدار البيضاء»، وفي عام 1920 ميلادية تحدث عن هذا الشارع علي باشا مبارك، فى الصفحة 86 من الجزء الرابع بكتابه «الخطط التوقيفية»، واصفًا إياه بقوله: «أوله من وسط شارع الغورية بجوار قبة الغورى وآخره شارع الأزهر بجوار جامع محمد بك أبو الدهب، وطوله مائتي متر، وبه جهة اليمين المدفن المعروف بمدفن الغوري، ثم دار الشيخ الرافعي، ثم وكالة قديمة تعرف بوكالة النخلة من إنشاء الغوري، ثم رأس شارع يولية، ثم بيت سليمان بيك العيسوي أحد التجار المشهورين بمصر».

أقدم سوق شعبي

يتميز شارع «التبليطة»، بسوق شعبي تباع فيه جميع أنواع الخضروات والفاكهة، وهذا السوق يخدم في الوقت الراهن نصف أهالي ‏الدرب الأحمر الذين يبعدون عن سوق المغربلين، وهو أقدم سوق شعبي في مصر القديمة، ونظرًا لأهمية هذا السوق التاريخية والاقتصادية والشعبية، أعلنت رئاسة حي وسط القاهرة، في مايو من العام الجارٍ 2019 عن بدء تطوير سوق «التبليطة»، ورفع كفاءته من حيث النظافة، وتجهيزه بما يتناسب مع الأهمية التاريخية والأثرية للمنطقة.

آثار التبليطة

إضافة إلى تميزه بوجود حنفية مياه عمومية كانت موجودة إلى وقت قريب أمام السوق وفي أحضان تكية محمد أبو الدهب، وعن هذا يقول على باشا مبارك، فى الصفحة 89 من الجزء الرابع بكتابه «الخطط التوقيفية»: «ويوجد الآن بشارع التبليطة أحد السواقي النقالة التي كانت تنقل الماء من الخليج بواسطة مجرى تحت الأرض متصلة بالخليج من عند قنطرة باب الخلق وهي من ضمن السواقي التي أمر بانشائها المرحوم محمد على باشا عندما أنشأ سبيل العقادين وسبيل النحاسين لنقل الماء إليهما ثم لما حدثت مجارى المياه بالقاهرة وغيرها استغنى عنها وصارت الصهاريج تملأ من مجارى تقسيم مياه القاهرة وهى موجودة إلى الآن بأول شارع التبليطة بزقاق مدفن الغورى».

أما عن آثار التبليطة فحدث ولا حرج، فبالرغم من صغر الشارع إلا أنه يشبه ديكور مسرح عملاق فى كل شبر به أثر مهم بدأ من مجموعة الغورى عند مدخل الشارع الجنوبي وانتهائًا بمدرسة العيني، مرورا بالتحف الأثرية المتعددة، والتي من أبرزها: وكالة الغوري، وهي وكالة وفندق أقيم في عهد السلطان قانصوه الغوري سنة (909 هـ - 1504م) كجزء من المجموعة الأثرية التي بناها، والمكونة من مدرسة الغوري، والخانقاه، والسبيل، والكتاب، والمنزل، وتنتهي المجموعة بهذه الوكالة الأثرية وهي مسجلة في عداد الآثار الإسلامية تحت رقم 64 وهي تُعد من النماذج القليلة المكتملة بالنسبة للوكالات الآثرية.

حمام المصبغة

ومن أهم الآثار التي يحويها شارع التبليطة، «حمام المصبغة»، الذي يقع الآن أمام سوق خضار التبليطة، وأطلق عليه المقريزي «حمام القفاصين»، وقد بنى هذا الحمام سنة 1200 ميلادية، على يد الوزير «نجم الدين يوسف بن المجاور»، وزير الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين الأيوبي، وقد كان يستخدم هذا الحمام للنساء أثناء ساعات النهار، وللرجال بالليل، كما كانت تتم فيه عملية صبغ الخيول عن طريق بخار الماء الذي ينتجه.

كما يقع في نهاية سوق التبليطة، وبالتحديد خلف وكالة الغوري، سبيل القاضي زين العابدين، وفي الاتجاه الشمالي من الشارع، وعلى بعد خطوات من وكالة الغوري يوجد مجمع محمد بك أبو الذهب، المكون من مسجد ومدرسة وتكية، شرع في إنشائه الأمير محمد أبو الذهب سنة 1187 هـ - 1703 م، وكان أبو الذهب من رجال علي بك الكبير، أحد أمراء مصر، وتكية أبو الذهب في الوقت الراهن هي مقر متحف الأديب العالمى نجيب محفوظ، كما يوجد في الشارع أيضًا مجموعة قايتباي الأثرية، وهي عبارة عن: وكالة قايتباي، وحوض قايتباي لسقاية الدواب، وسبيل وكتاب قايتباي.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
حماس: إسماعيل هنية يثمن دور مصر في مباحثات وقف إطلاق النار بـ غزة