اعلان

من قلب محكمة زينهم.. حكاية "حبيبة" رضيعة أدرجت في نماذج الحضور بالمحكمة بسبب قضية والديها.. أم حبيبة: الطفلة مسجونة بدون ذنب

"ملاك لا ذنب له" وصلت الطفلة ذات العام ونصف إلى أعتاب باب المحكمة، وداخل عينيها تحمل صرخات باتت للناظرين عنوانها، تتطرق بهم بساط الأرض.

داخل السجون العمومية، تمكث "حبيبة"التي لم يتجاوز عمرها العام ونصف، في مكان لا يُراعى فيه سنها ولا عقلها ولا حتى أبسط متطلبات براءتها، توصد عليها أبواب السجن الحديدية وكأنها من أرباب السوابق العتاة، قيدت حريتها بدون وجه حق، تنظر إليها ترى عينيها تفيض براءة وحبًا، أصبحت جزءًا من ذنب اقترفه والديها حين كانت في رحم أمها تقضى شهور اكتمالها التسع، لتفتح عينها على جدران باتت لوحة حياتها، ترسم عليها بألوان من أقلام سوداوية صُنعت خصيصا له، الحقيقة أنها ستبقى داخل هذا السجن، حتى وإن خرجت إلى مصابيح الدنيا، فسوف تندمج في مجتمع لا يرحم، أو تذهب إلى سجن من نوع آخر وإن كانت به حرية، و إن لم تكن لها حاضنة في هذا العالم الخارج فالملاجئ وديار الأيتام هي عالمها الأبدي.

وعند أول طور من الشروق، ومع انسحاب الخيط الأخير من الغروب، اسُتيقظت "حبيبة"، لترتدي ملابسها الزاهية ذات الألوان الوردية التي كانت تفارقها بعد كل جلسة، توضع والدتها المدانة طوق من المطاط على رأس طفلتها، لتسابق أنفاس طفلتها، ويعلو صوت لهاثها يملى الأرجاء فرحا، وكأنها تولد بداخلها فراشات الحرية، لتتهاوى داخل روحها فرحًا و يقين أنها ستخرج بعد ذلك إلى أرباب المصابيح والأنوار التي باتت ترسم في مخيلتها.

الأم والأب مسجونان

في قضية سرقة بالإكراه سُجنت "أم حبيبة" و زوجها منذ سنوات، و كانت تتنقل من قسم لآخر ومن محكمة لأخرى، وبدخلها نطفة تتكون استعداد للعيش على الأرض، ومن جلسة لجلسات باتت أيام الألم في المكوث شبة أبديه، باتت معها صغيرتها التي تكبر بداخلها و لا تعلم أن مجرى حياتها سينحدر إلى جرف لن تقدر على مقاومة تياره بعد خروجها.

وضعت الأم طفلتها داخل أحضان السجن، ووسط فرحة لم تدم إلا دقائق معدودة بالمولودة الجديدة، جدولة أفكار بمخليتها صنعت خيوطها من كوابيس السجن، لكن لا مفر فكان الطفلة شريكتها أيضا في ذلك الذنب التي لا تعلم عنه أي شيء.

"الصدفة تكشف اللغز"

4 سبتمبر بالتحديد أجمعت الصدفة داخل محكمة زينهم بالسيدة زينب بين محررة "أهل مصر" و "حبيبة"، التي كانت تتهاوى داخل أدراج القاعة في حلقات متشابكة تبعث داخلها صيحات تثير انتباه كل من في المكان، بالاقتراب من والدتها التي كانت تجلس على أحد مقاعد، وتنظر إلى زوجها الماثل داخل القفص، و أمامهم تلهو طفلتيهما التي ترسل بضحكاتها أسهم تثير الجمر في قلبهما والندم على ما فعلوه وجعل ابنتهم تعيش بداخل ذنبهم ، فتخبرنا قائلة: "لم أعلم أن طفلتي ستولد معي، لأني ظننت أن قضيتنا لا تستدعي وجودنا كل هذه المدة، وها هي "حبيبة" تمت عاماً ونصف العام من عمرها، وأنتظر النظر في القضية، وما زال زوجي ينتظر هو الآخر في سجن الرجال والطفلة مسجونة معنا بلا ذنب فعلته".

وأشارت إلى أنهما نادمين على ما ارتكبا من ذنب تجاه ابنتهما التي قاربت أن تكمل العامين وتخاف أن يتم حرمانها منها أو تسليمها إلى دور الأيتام ونحوها.

واستطردت بعد بكاء شديد: " أنها تشعر بالأسى على ابنتهما التي أدرج اسمها معهما على ذمة القضية التي بات من تسجيلها في نموذج الحضور كمتهمة أيضا معهما.

وأضافت، ما زالت أخاف عليها من أجواء السجن، التي لا تطيقها منذ والدتها كما أنه ليس هناك مساعد أو رفيق تساعدها على أن تتخطى طفلها أزمة السجن.

وفى نهاية حديثها قالت:" كم أتمنى أن تلحق بالسجن ملاعب ومراكز تعليم تهتم بأطفال السجينات وتمنحهم حقوقهم المتنوعة".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً