اعلان

الناقد طارق الشناوي لـ "أهل مصر": الفيل الأزرق 2 يبرهن أن السينما الجميلة لا تزال في الإمكان

طارق الشناوي: الفيل الأزرق 2 إذا صنف كرعب سينصرف المتفرج من مقعده

طارق الشناوي: كريم عبد العزيز اشتعل ابداعا وبريقا وهند صبري تقدم واحدا من أهم أدوارها 

طارق الشناوي: سيناريو الفيلم فى جانب منه يبدو كأنه عشوائيا لكن بشكل مقصود

طارق الشناوي: طلاسم «الفيل الأزرق» تفتح المجال لتقديم جزء ثالث

طرح الجزء الثاني من فيلم «الفيل الأزرق 2» فى السينمات يوم الخميس 25 يوليو الماضي، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا وإيرادات ضخمة، وتلقى إشادة من الجمهور والنقاد، على مستوى التمثيل والقصة والإخراج وجودة الصورة والجرافيك الذي يحتويه العمل ويعتبر نقلة نوعية للسينما المصرية، فالنجاح يجذب النجاح، وصناع "الفيل الأزرق" استغلوا بطريقة مشروعة نجاح الجزء الأول الذي عرض عام 2014، ووفقوا كذلك فى توقيت عرض الفيلم قبل موسم أفلام عيد الأضحى، الذي من المقرر أن يشهد منافسة قوية بين عدد من النجوم، أحمد عز، ومحمد رمضان، وأحمد حلمي، ومحمد هنيدي، وربما عرض الفيلم مبكرا عن هذا الموسم منحهم أفضلية في جني الإيرادات.

وعن رأيه وتقييمه لفيلم «الفيل الأزرق» الجزء الثاني، قال الناقد الفني طارق الشناوي لـ «أهل مصر»: «الفيل الأزرق حقق نجاحا استثنائيا فى البداية كرواية عندما طرحت، وأكدها الفيلم السينمائى بجزئه الأول عام 2014، وصناع الفيلم طبقا حرفيا الجملة التى ترددت فى الفيلم «الشيطان اللى تعرفه أحسن من الشيطان اللى ما تعرفوش»، تغيير الشيطان نظريا كان كفيلا بأن يعطي الكاتب والمخرج مساحة حركة أكبر، فهما سيصبحان غير محملين بعبء درامى إضافي يدفعهما للبحث عن خطوط واهية للشخصيات تربطهم بالماضى، «الشيطان اللى ما تعرفوش» يسمح للفيلم بقدر أكبر من الحرية فى الانطلاق، ورغم ذلك فإن "الشيطان اللى تعرفه" تم ترويضه، فى معظم مشاهد الفيلم، ليلعب دور «الشيطان اللى ما تعرفوش».

وأضاف «الشناوي: " الشخصية الرئيسية في الجزئين التي يجسدها الفنان كريم عبدالعزيز، الذي يعمل طبيبا نفسيا، تحول هو أيضا لمريضا ووقع تحت تأثير حبوب الهلوسة، ولكن في الجزء الثاني من الفيلم انتقل من عنبر الرجال إلى النساء، داخل مستشفى الأمراض العقلية، وتبدو أقراص «الفيل الأزرق» كأنها تبحث عن معادل مواز على الشاشة، تعطي مساحات غير مسبوقة للتعبير من خلال «الموسيقى والغناء والإضاءة واللون والحركة وأداء الممثلين»، الفيلم بكل تلك المفردات السينمائية كان يرقص برشاقة.

وتابع الناقد الفني: "عالم «الفيل الأزرق» خاص جدا، جمع بين الكاتب والمخرج، يحلق بجناحين مبتعدا عن الواقع، وفي نفس الوقت يقف بقدميه على أرض الواقع، سيناريو العمل فى جانب منه يبدو فى لحظات كأنه عشوائيا، لكن فى واقع الأمر أنه يصدر لنا تلك العشوائية بشكل مقصود، تحت مسمى «العشوائية المنضبطة»، فالسيناريو يسير من جريمة إلى أخرى ومن بقع دموية إلى أجزاء بشرية، وفى البداية نشاهد أذن امرأة على الأرض ضحية هند صبرى، التى تعيش فى عنبر النساء فى قسم الخطرين بالمستشفى، بعدما قتلت زوجها وطفلها، الفيلم تبدو به لمحات رعب، لكنه بكل تأكيد ليس فيلم رعب، لا يخلو قطعا من مساحات دماء وعنف مفرط وضعت بذكاء، فهو يقف فقط على شاطئ الرعب، واذا صنف الفيلم على أنه من نوعية الرعب لانصرف المتفرج من مقعده لأنه لم يأخذ قسطه الكافي من الرعب.

وأكمل «الشناوي»: «هناك تفاصيل كثيرة نرى فيها المخرج وهو فى حالة هرمونية مع كافة العناصر الفنية بدءً من كتابة السيناريو للموهوب أحمد مراد، وهناك كذلك عناصر إبداعية أضافت الكثير، لنرى تلك الحالة الخاصة والعميقة والقادرة على خطف مشاعر وعقل وعين المتفرج، منهم المصور أحمد مرسى، والمونتير أحمد حافظ، وملابس ناهد نصرالله، وديكور محمد عطية، وموسيقى هشام نزيه، كل واحدا منهم يعزف بأدواته الإبداعية نفس النغمة التى تقف فى المسافة بين الواقع والكابوس، والمخرج نجح فى السيطرة على التفاصيل التي تمنح العمل جمالا وبريقا على مستوى الجمال الفنى بتعدد مستوياته.

وأوضح: "الفيلم احتوى على هلوسة أشبه بالكابوس، تحملك بمشاعر الخوف على مصير أبطالك المهددين بالموت، ثم يختفي كل ذلك فى لحظات باستخدام الصوت أو الإضاءة أو اللون، لتهدئ من خوفك وفزعك ويعود إليك التوازن، اللعب على الخوف من أهم مفاتيح الدراما، و بين الحين والآخر يرمى إليك طوق النجاة، وبهذه الطريقة تستطيع أن ترى أن الإطار العام يتمحور بين خطين، «هند صبرى» من ناحية والطفل ابن كريم وزوجته «نيللي كريم» على الجانب الآخر، الرسالة الأولى فى العمل تبدأ مع هند صبرى، وفحواها أن القتل ينتظر تلك العائلة الصغيرة، وأنت مثل كريم تعيش معهم اللحظة بفعل حبوب «الفيل الأزرق»، هند صبري تقدم واحدا من أهم أدوارها فى مسيرتها، فهي تجمع، فى كثير من اللقطات بين العنف والدموية والجنون والعقل، ناهيك عن غواية الأنثى، نيللى كريم كذلك برعت فى الدور الذى كان يعتمد على تقنين الانفعال مع هدوء يسكن على الملامح، وكريم عبدالعزيز اشتعل إبداعا وبريقا.

وأردف «الشناوي»: «تواجد فى الفيلم خط درامى منح هند مشروعية التواجد، وهو أنها وزوجة كريم، نيللى كريم، خلال المرحلة الجامعية تصارعتا على زميلهما «رمزى لينر»، الذى تزوج نيللى وأنجب منها طفلته، وعندما يسأله كريم يقول لو عادت الأيام لاختار هند، الخط الذى يجمع بين خالد الصاوي وكريم هذه المرة فى المشهد الوحيد الذى يؤديه خالد، وهو عندما يقطع جزءا من لسانه، ليبقى بذلك الطلسم مستترا صعب الكشف عليه، المخرج مروان حامد يعي أن هناك ترقبا لا شعوري، لما بعد حالة الإبهار بالموسيقى واللون والضوء والحركة، تأتى النهاية لتعود الكرة إلى ملعب الجمهور، بعد أن أضيف للأسرة المكونة من كريم ونيللى وابنة نيللى من زيجة سابقة والطفل، وأضيف لهم طفلا رضيعا، لينتقل الطلسم من الشاشة إلى صالة العرض، هل مر زمن كان الجميع فيه خارج الزمن؟ فى لقطة معبرة ينظر كريم على ملامحه فى المرآة ليكتشف أنه قد أوغل أكثر فى العمر، هل هو زمن ضائع؟، تابعناه فى العالم السحرى الكابوسى، بينما الواقع كان يمشى فى تتابع آخر منضبط، ولا تزال الطلاسم تفتح ربما المجال لصناع العمل لتقديم جزء ثالث، «الفيل الأزرق 2» يعتبر نقلة هامة سواء من ناحية السرد أو التتابع أو الرؤية البصرية والسمعية ذهبت بنا بعيدا، أبعد من خيال الناس، وظل الطلسم بعيدا عن الإجابة، وصناع «الفيل الأزرق» برهنوا بكل ذلك أن السينما الجميلة لا تزال فى الامكان.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً