اعلان

صفعة جديدة لـ"بوريس جونسون".. المحكمة العليا البريطانية تقضي بعدم قانونية قرار رئيس الوزراء بتعليق عمل البرلمان.. هل ننتظر استقالة وانتخابات مبكرة؟

في ضربة جديدة لرئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، والتي قال مراقبون إنها قد تهدد مستقبله في "10 داوننج ستريت"، قضت المحكمة العليا البريطانية، اليوم الثلاثاء، بأن نصيحة "جونسون" للملكة إليزابيث الثانية بضرورة تعليق عمل البرلمان لخمسة أسابيع في ذروة أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانت غير قانونية.

وجاء الحكم الصادر من 11 قاضًا بأعلى محكمة في المملكة المتحدة في أعقاب جلسة طارئة استمرت ثلاثة أيام الأسبوع الماضي كشفت عن وجود اختلافات قانونية أساسية حول تفسير الدستور غير المكتوب في البلاد.

تلا هذا القرار رئيسة المحكمة العليا "بريندا هايْل". وعلى نحو غير عادي، لم يتم تزويد أي من الطرفين بنسخ مسبقة من الحكم بسبب حساسيته الشديدة. ولم يحضر إلى المحكمة سوى سبعة من القضاة الـ 11 الذين نظروا في هذه القضية.

ووفقاً لتقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن المسألة القانونية الأولى التي كان على القضاة معالجتها هي ما إذا كان قرار رئيس الوزراء- وهو استغلال الصلاحيات الملكية- كان "قابلاً للمقاضاة" ويمكن بالتالي إخضاعه للتدقيق من قبل المحاكم. من جانبها، رفضت المحكمة العليا الإنجليزية التدخل. ولكن محكمة الاستئناف الاسكتلندية خلصت إلى أن القضاة يتمتعون بسلطة قانونية للتصرف.

وفي حكم بالإجماع، قضت هذه المحكمة بأنه يمكن للقضاة النظر في قرار "جونسون" القاضي بتعليق البرلمان، مما يلغي حكم المحكمة العليا في لندن.

وعند إصدار الحكم، قالت "هيل": "إن هذه ظروف لم تنشأ من قبل ومن غير المرجح أن تنشأ مرة أخرى".

وعندئذ، وبعد إصدار حكم المحكمة بشأن ما إذا كان قرار تعليق البرلمان قانونيًا، أوضحت "هيل": "لقد خلصت هذه المحكمة إلى أن نصيحة رئيس الوزراء إلى صاحبة الجلالة بتعليق البرلمان كانت غير قانونية، ولاغية ولا تأثير لها. هذا يعني أن الأمر الذي أصدره المجلس كان غير قانوني، ولاغٍ ولا تأثير له.

وأضافت: "هذا يعني أنه عندما دخل المفوضون الملكيون إلى مجلس اللوردات (البرلمان)، بدا الأمر كما لو أنهم دخلوا بورقة بيضاء فارغة. كان التعليق باطلاً ولم يكن له أي تأثير. البرلمان لم يتم تعليقه".

وتابعت "هيل": "على البرلمان، ولا سيما رئيس مجلس العموم ورئيس مجلس اللوردات، أن يقرر ما يجب القيام به بعد ذلك. ما لم تكن هناك قاعدة برلمانية لا ندركها، فيمكنهم اتخاذ خطوات فورية لتمكين كل مجلس من الاجتماع في أقرب وقت ممكن. ليس من الواضح لنا أن هناك حاجة إلى أي خطوة من رئيس الوزراء، ولكن إذا اتخذ خطوة، فستكون المحكمة سعيدة لأن محاميه أخبر المحكمة أنه سيتخذ جميع الخطوات اللازمة للامتثال لشروط أي إعلان يصدر عن هذا محكمة.

وأضافت: "لا بد للمحكمة أن تستنتج، بالتالي، أن قرار إسداء المشورة لصاحبة الجلالة لتعليق البرلمان كان غير قانوني لأنه كان له تأثير على منع قدرة البرلمان على القيام بوظائفه الدستورية دون مبرر معقول".

وقالت القاضية: "لم يكن هذا تعليقاً طبيعيًا في الفترة التي تسبق خطاب الملكة؛ حيث منع البرلمان من أداء دوره الدستوري لمدة خمسة من أصل ثمانية أسابيع ممكنة بين نهاية العطلة الصيفية واليوم المقرر للخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر المقبل.

وأضافت: "ربما قرر البرلمان الدخول في عطلة المؤتمرات الحزبية خلال بعض تلك الفترة، لكن بالنظر إلى الوضع الاستثنائي الذي تجد فيه بريطانيا نفسها، ربما كان أعضاؤها يعتقدون أن التدقيق البرلماني في نشاط الحكومة في الفترة السابقة للخروج كان اليوم أكثر أهمية ورفضوا القيام بذلك، أو على الأقل ربما قلصوا عطلة البرلمان العادية بسبب ذلك.

وتابعت: "حتى لو وافقوا على الدخول في فترة راحة لمدة ثلاثة أسابيع، فسيظلون قادرين على أداء وظيفتهم المتمثلة في مساءلة الحكومة. ولكن التعليق يعني أنهم لا يستطيعون فعل ذلك".

ووفقاً لـ"الجارديان"، فإن المحكمة توقفت عن إعلان أن نصيحة "جونسون" للملكة كانت غير لائقة؛ فلقد كانت مسألة لم يحتاجوا إلى معالجتها لأنهم وجدوا بالفعل أن تأثير هذا التعليق غير قانوني بحد ذاته.

وذكرت الصحيفة البريطانية أنه بالرغم من أن التكهنات قبل صدور الحكم كانت ترى أن المحكمة ستدين رئيس الوزراء، إلا أن حقيقة أن القرار بالإجماع جاء بمثابة مفاجأة؛ حيث كان معظم المعلقين يتوقعون قرارًا منقسمًا، كما كان في حكم المادة 50 عام 2017.

ورداً على الحكم، قال رئيس مجلس العموم، جون بيركو، إنه سيدعو البرلمان إلى جلسة الأربعاء القادم الساعة 11.30 صباحًا لطرح أسئلة عاجلة على الوزراء.

وبحسب تقرير "الجارديان"، فإنه لم يكن أي من المحامين الرئيسيين الذين مثلوا الحكومة، وهما اللورد "كين كيو سي" والسير "جيمس إيدي كيو سي"، في المحكمة لسماع أخبار هزيمتهم الساحقة. وتم توجيه معظم تقاريرهم نحو حجة قانونية غامضة إلى حد ما مفادها أن القضية كانت سياسية فقط وبالتالي "غير قابلة للمقاضاة".

وقال "جيمس ليبسون"، المحامي في مكتب المحاماة "ميشكون دي ريا"، الذي مثل الناشطة المعارضة لـ"بريكسيت"، "جينا ميلر" في هذه القضية: "هذا النجاح الثاني لموكلتنا "جينا ميلر" في المحكمة العليا هو شهادة على تصميمها على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان أن تجاوز السلطة التنفيذية لا يصبح سمة من سمات ديمقراطيتنا. وتُظهر هذه القضية أنه يمكن الاعتماد على محاكمنا لمحاسبة الحكومة عند الضرورة وهي دليل على متانة نظام الفصل بين السلطات".

من جانبها، قالت "إلين موشن"، المحامية البارزة في مكتب "بلفور+مانسون" للمحاماة في إدنبرة، التي مثلت "شيري" و75 من مقدمي الالتماسات الآخرين في القضية الاسكتلندية، إن الحكم يدعم "الأهمية الحاسمة" لسيادة البرلمان.

وفي بيان لها، أضافت "موشن": أن "هذا القرار تبرئة كبيرة للبرلمانيين الذين قادوا طريق التحدي في اسكتلندا، وتعزيز سيادة القانون وسيادة البرلمان. ونأمل أن يتمكن البرلمان الآن من العودة إلى عمله الأساسي".

بدوره، وصف "إيان موراي" من حزب العمل، وهو أحد النواب الذين رفعوا القضية في اسكتلندا، النتيجة بأنها "تاريخية" و"توبيخ مذهل لـ"بوريس جونسون" بسبب سلوكه المشين".

وأشارت "الجارديان" إلى أن صيغة الحكم كانت واضحة وصريحة بشكل غير عادي؛ فبينما تؤكد سيادة البرلمان المطلقة على الحكومة أو السلطة التنفيذية، فإنها تمثل لحظة مهمة في التأكيد على أن القضاء لديه منصب معزز داخل دستور المملكة المتحدة غير المكتوب. وسيرى البعض ذلك بمثابة تقدم إضافي في تطور المحكمة العليا إلى محكمة دستورية.

وأعلن الحكم: أن "هذه المحكمة لا تمنعها المادة 9 من قانون الحقوق أو أي حصانة برلمانية أوسع، من النظر في صلاحية التعليق نفسه، وهذه النصيحة التي قدمها رئيس الوزراء للملكة كانت خارج نطاق صلاحياته، ما يعني أن قرار التعليق كان لاغياً ولا تأثير له".

اقرأ أيضاً: جونسون: صندوق بريطاني بمليار دولار لتكنولوجيا "الطاقة النظيفة"

وقد أخبر محامو الحكومة المحكمة، التي تقع في وستمنستر قبالة البرلمان مباشرة، أن القضاة يجب ألا يدخلوا في مثل هذه المنطقة الحساسة سياسياً، والتي كانت من الناحية القانونية "أرض محظورة" و"دستوريًا" حقل ألغام غير محدد بشكل مناسب وأن المحاكم ليست مجهزة بشكل صحيح لكي تتعامل معها".

اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء البريطاني يدعو إلى إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران

من جهته، قال "إريك بجورج"، أستاذ القانون بجامعة بريستول: "لقد أظهرت المحكمة أنه في ظل الظروف القاسية، لا يُخاف من مراقبة السلطة التنفيذية حتى في وسط ما كان يشار إليه على أنه منطقة محظورة للقضاة، وهي السياسة والحصانة الملكية".

اقرأ أيضاً: بريطانيا.. جونسون مصمم على "بريكست" في 31 أكتوبر

وعلى الرغم من الأمطار الغزيرة، بدأ البريطانيون يصطفون بمحيط المحكمة العليا للحصول على مقاعد بها، في الساعة 5.20 صباحًا، اليوم الثلاثاء، حرصاً منهم على حضور القرار التاريخي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً