اعلان

أزمة أخلاق.. الشعب الإندونيسي يتظاهر ضد قانون يحرم الجنس قبل الزواج.. ماذا يحدث في أكبر دولة إسلامية في العالم؟

أثار خروج الآلاف من الطلاب إلى شوارع إندونيسيا للاحتجاج على مشروع قانون يقضي بتجريم ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، مخاوف بشأن انهيار الأداب العامة والأخلاق في أكبر دولة إسلامية في العالم، من منطلق أن هذا القانون لا يتعرض مع الشريعة الإسلامية، بل يتفق معها كامل الاتفاق خاصة وأنه يحد من انتشار الرزيلة في مجتمع إسلامي.

ولكن الجماعات والمنظمات الحقوقية كانت لها كلمة مغايرة؛ حيث ادعت أن مشروع القانون هذا ما هو إلا جزء من محاولة أوسع لقمع المعارضة، خاصة وأنه جاء مصحوباً بقانون آخر مثير للجدل من شأنه تقليص سلطات هيئة مكافحة الفساد في البلاد.

وتجمع الآلاف من الطلاب، أمس الثلاثاء، لليوم الثاني على التوالي، خارج مبنى البرلمان في العاصمة جاكرتا، مطالبين الحكومة بتعليق خططها للتصديق على مشروع القانون. فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين.

ووفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإنه إذا تم إقرارها، ستدخل القوانين الجديدة في تغييرات شاملة وصفها النشطاء بأنها كارثة لحقوق الإنسان والحريات الديمقراطية.

ومن بين سلسلة من مواد مشروع القانون المثيرة للجدل، تلك التي تحظر الزنا، والأزواج غير المتزوجين الذين يعيشون معًا، بالإضافة إلى جعل إهانة الرئيس جريمة جنائية يمكن أن تحمل عقوبة السجن.

كما طالب المتظاهرون الحكومة بإلغاء قانون صدر الأسبوع الماضي يُعتقد على نطاق واسع أنه سيحد من سلطات التحقيق في وكالة مكافحة الفساد في إندونيسيا، وهي لجنة القضاء على الفساد، المعروفة باسم KPK. 

وقال متحدث لحشد أمام مبنى البرلمان: "نحن نرفض مشروع القانون الخاص بإجبار وكالة مكافحة الفساد على الانصياع للحكومة"، مضيفاً أن "الفاسدين حاولوا التلاعب بنا بهذه الطريقة، إن الفقراء هم الأكثر معاناة".

يعني القانون الجديد أن هيئة القضاء على الفساد لم تعد هيئة حكومية مستقلة، بل تعمل في ظل الحكومة، وفقًا لوكالة "أنتارا نيوز".

وأثناء إلقائهم الحجارة على مبنى البرلمان، اتهم المتظاهرون الغاضبون الحكومة بمحاولة إعادة البلاد إلى عهد "النظام الجديد"، عندما كانت إندونيسيا تحكمها لعقود من الزمن القبضة الحديدية للرئيس السابق "سوهارتو". وهو النظام الذي صاغه الرئيس الإندونيسي سوهارتو الثاني لتوصيف نظامه عندما وصل إلى السلطة عام 1966.

وبحلول وقت متأخر من بعد ظهر أمس الثلاثاء، قام المتظاهرون بإغلاق طريق الحصن إلى جانب البرلمان وهدموا جزءًا من السياج. وبينما حاول العديد من المتظاهرين اقتحام مقر البرلمان، أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

وبعد إبعادهم عن مبنى البرلمان، أحرق بعض المتظاهرين الإطارات وألحقوا أضرارًا بمركز شرطة. وبحسب ما ورد قُبض على ثلاثة أشخاص على الأقل في جاكرتا.

وبحلول الليل، بقي 100 متظاهر على الأقل وهم يغنون ويلوحون بالعلم الإندونيسي، بينما تمكن البعض من هدم بوابات البرلمان.

وقد اندلعت احتجاجات مماثلة في مدن مختلفة في جميع أنحاء جاوا وجزر سومطرة و سولاويزي، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. وتم نقل ما لا يقل عن 40 متظاهراً إلى المستشفى متأثرين بجراحهم في جنوب سولاويزي و 28 في باليمبانج جنوب سومطرة.

كان البرلمان قد قرر في البداية إقرار القانون الجنائي المقترح أمس الثلاثاء، لكنه واجه ضغوطًا متزايدة من أجل تأجيله.

مشروع قانون كارثي

وقد وصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية مشروع القانون بأنه "كارثي ليس فقط للنساء والأقليات الدينية والعرقية، ولكن لجميع الإندونيسيين".

وبحسب "الجارديان"، فإنه إلى جانب حظر الزنا وممارسة الجنس المثلي بشكل فعال، يمكن أن ينتج عن مشروع القانون هذا أيضًا سجن النساء اللائي تعرضن لعمليات الإجهاض غير القانونية لمدة أربع سنوات، وسيوسع نطاق "قانون التكفير" المثير للجدل في البلاد، والذي تم استخدامه لمقاضاة الأقليات الدينية بشكل متكرر، حسبما ذكرت الجريدة البريطانية. ويمكن للمادة التي تجرم إهانة الرئيس أو الدولة الإندونيسية، كما يخشى النشطاء، أن تتسبب في تراجع الحريات الصحفية التي تم تحقيقها بشق الأنفس منذ سقوط "سوهارتو".

تأجيل مشروع القانون

وفي تراجع واضح، أعلن الرئيس "جوكو ويدودو"، الجمعة الماضية، أنه أمر البرلمان بتأجيل مشروع القانون، قائلاً إن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت للاستماع إلى المراجعات، لكن الطلاب في جميع أنحاء البلاد يخشون من أن الحكومة ربما ما زالت تحاول دفع مشروع القانون إلى الأمام في الأيام الأخيرة لها من ولايتها.

بدوره، أكد رئيس اللجنة البرلمانية المشرفة على الشؤون القانونية، أمس الثلاثاء، أن مشروع القانون قد تم تأجيله وسيتم ترحيله إلى المجموعة التالية من المشرعين.

لكن لا يمكن تأجيله إلا لمدة أسبوع؛ حيث سيؤدي البرلمان الإندونيسي الجديد اليمين الدستورية في بداية الشهر المقبل.

وتعد إندونيسيا أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، لكنها تفخر بكونها أمة متسامحة ذات مزيج متنوع من الأعراق والديانات. ولكن كان هناك تعصب متزايد في البلاد ضد الأقليات الدينية والجنسية من جانب المحافظين المتدينين الذين يزدادون حزماً، وذلك حسبما ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

وقال "أندونيس هارسونو"، الباحث في "هيومن رايتس ووتش" في إندونيسيا، لشبكة "سي إن إن": إن هيئة مكافحة الفساد في البلاد قد استهدفت في السابق سياسيين ورجال أعمال بارزين. وأدى التغيير في وضعها إلى مخاوف من أن النخبة في البلاد تريد أن تأخذ ثروة البلاد لأنفسهم.

اقرأ أيضاً: تعانقوا في أماكن عامة.. الجلد بحق 3 أزواج انتهكوا الشريعة في إقليم إندونيسي

محاولة أوسع لقمع المعارضة

ووفقًا لـ"هارسونو"، فإن الاحتجاجات توضح عدم الثقة المتزايد بين أفراد الشعب والسلطات. وقال "هارسونو" إن العديد من المحتجين يعتقدون أن تعديل قانون العقوبات هو جزء من محاولة أوسع لقمع الانتقادات، خاصة من المنظمات غير الحكومية ودعاة حماية البيئة.

اقرأ أيضاً: اشتباكات دامية بين الشرطة والمتظاهرين في إندونيسيا بسبب منع ممارسة الجنس قبل الزواج (فيديو وصور)

من جانبها، أخبرت وزيرة القانون وحقوق الإنسان الإندونيسية "ياسونا لاولي"، التي أعادت تقديم مشروع القانون في عام 2015، شبكة "سي إن إن"، الأسبوع الماضي، أن القانون يهدف إلى استبدال قانون العقوبات الهولندي الذي يعود تاريخه إلى مائة عام، وجعل القانون الجنائي الإندونيسي أكثر انسجاما مع كيف يعيش الإندونيسيين اليوم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الحكومة: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم