اعلان

"الفلانتين" يفسد الحرم الجامعي.. شوارع هادئة للحبيبة وتلامس بالأيدي داخل المدرجات.. طلاب: حالات طرد كثيرة بسبب "غراميات المحاضرات".. الكافتيرات تحولت لـ"كازينوهات غرام" وغياب دور الأسرة السبب

شوارع الحب في الجامعات المصرية

يحتفل المصريون في الرابع من نوفمبر كل عام، بعيد الحب ويتبادلون الهدايا فيما بينهم، ولكن انتشرت ظاهرة غريبة في الجامعات المصرية، وهى الاحتفال بالفلانتين في شوارعها التى تتسم بالهدوء، حتى أصبحت كل جامعة بها شارع معين يكثر فيه الحبيبه والاحتفال بالمناسبات الغرامية، إلى أن فقد "الحرم الجامعي" قدسيته.

وفي هذا الصدد، ترصد "أهل مصر"، شوارع الحب في الجامعات المصرية وأكثر ماتشتهر به.

" حلوان ".. التلامس بالأيدي داخل المدرجات

قالت داليا مجدي الطالبة بالماجستير بكلية خدمة اجتماعية ، أن الكافتيرات بالجامعة تمثل "كازينوهات غرام"، ولم تعد مكان لتناول الطلاب الطعام بين المحاضرات بل أصبحوا يتركون محاضراتهم من أجل بقائهم داخلها، بالإضافة إلي تبادل الهدايا وإقامة أعياد الميلاد وماهو ما اتفقت معها فيه زميلتها لمياء سعيد وعدد من الطلاب الأخرين بكليات مختلفة بالجامعة .

وأكدت شروق سلامة طالبة بكلية الحقوق على حدوث طرد عدة مرات من المحاضرة لطلاب ويكون السبب جلوس ولد وبنت بجوار بعضهم بالمدرجات وتتشابك أيديهم ، مما يثير غضب الأستاذ عندما يوجه لهم سؤال "ماهو أخر جزء شرحته؟ " ، ولم يستطيعوا الأجابة لعدم تركيزهم فى المحاضرة والمادة الدراسية، معربة أن وجودهم من أجل الحصول على درجات الحضور والأعمال الفصلية وحتى لا ترسل لهم انذرات غياب، وهو ما لم يحدث فى "السكاشن" نظراً لقلة عدد الطلاب فيها وقصر وقتها نصف ساعة لتناول الأبحاث والمراجعة ، بينما المحاضرة قد يصل عدد الطلاب فى المدرج إلى 1500 طالب ومدتها تصل لساعة ونصف.

فى حين أرجعت روناء رشاد طالبة بكلية العلوم ، السبب فى انتشار ذلك إلي الأسرة وغياب والتنشئة الاجتماعية غياب دورهم وعدم رعاية الآباء والأمهات وانشغالهم فى عملهم من أجل جلب المال وتوفير الراحة المادية وبالتالي غياب الرعاية المتكاملة تكون نتيجتها هذه الظواهر، فضلاً عن التكنولوجيا الحديثة والتي تُعد سلاح ذو حدين إيجابى؛ من خلال نقل مختلف الثقافات من الدول الغربية ، وسلبى من خلال التأثر بالعادات والتقاليد والمظاهر التى لاتناسب المجتمع المصري ومحاولة فعلها، وهو أغلب ما يتم التركيز عليه من جانب الشباب المصري إلا أنه يختلف من بيئة لأخري داخل المجتمع مثل العادات التى تفرق أهل الحضر عن الريف .

ورأت يمنى إبراهيم طالبة بكلية صيدلة أن بعد كثرة هذه الظواهر لابد من فصل الحرم الجامعى بين البنات والأولاد مثلما يحدث فى كلية البنات، وهو ما اختلفت معهم ريم محمد معلقة "لا فصل الحرم ليس حل لكن لابد من حدود واحترام للمحاضرات والتدريس وبيكون الاختلاط فى حد الزمالة، والسكشن بيقسم جانب للبنات وأخر للأولاد".

وقال أحمد سالم الطالب بكلية تجارة "أن حرم جامعة حلوان كبير به أماكن كثيرة بدون كاميرات وهادئة تعرف- بركن الحبيبة - ، بالتالي عندما نقعد فيها لا أحد يشاهدنا وأمن الجامعة أحيانا يجبرونا نقوم وساعات بيمر ومحدش بيكلمنا".

"القاهرة".. شارع الحب من تجارة إنجليزي إلي آداب "رايح جاي"

وانتقلت جولة " أهل مصر" إلي حرم جامعة القاهرة والذي بات يشبه الحدائق العامة رغم قيمته الحضارية، فتجد أن شوارعه ممتلئ بالطلاب طيلة اليوم ولها مسميات "كشارع الحب، والركن الهادى، ومنطقة المناسبات والاحتفالات"، وعلى الصعيد الأخر تجد المدرجات خاوية.

ولعل هناك دلائل يوضحها شباب الجامعة عن نفورهم من المحاضرات، فجمع طلاب كليتى التجارة والآداب على تكدس أعدادهم فلم يستطعون استيعاب مايقوله المحاضر، بالإضافة إلي طول فترة المحاضرة والتى تصل إلي أكثر من ساعتين وقلة النظافة داخل المدرجات وتعطيل التكييف بصورة مستمرة.

وعن المصطلحات التي يطلقونها عن شوارع الحرم، أكدوا أن "شارع الحب" هو الشارع الخلفى لكلية تجارة الشعبة الإنجليزية والممتد حتى كلية أداب، حيث أنه المكان المناسب للقاءات الغرامية وينتشر على أحد جانبيه معقد تحت كل شجرة، ليضيف جواً رومانسيًا له، و"الركن الهادى" هو الشارع المؤدي لكلية الآثار نظراً لهدوء المكان وقلة عدد الطلاب فيه، و"منطقة الاحتفالات" بجوار مسجد الجامعة حيث تنشر فيها " البرجولات " ويقيم الطلاب فيها أعياد الميلاد.

ورأى عيد لطفى طالب بكلية أثار أن التحرك فى الجامعة مع حبيبته أفضل وأمان لهم حتى لا يرأهم أحد من الأهل، معلقاً "أمن الكلية لمه بيشوفنى ماسك أيدها أوقات بيعدوا الموضوع ، ساعات بيغلسوا علينا، وأول مرة كنت أقولها بحبك كان فى حفلة عيد ميلادها فى الجامعة " .

"عين شمس".. حرمين والحب موصول

تنقسم الكليات بجامعة عين شمس على حرمين أمام بعض منعاً لتكدس الطلاب، إلا أن قصص الحب لم تختفي بل تطورت من سور الجامعة إلي زواج عرفي بـ"شقة مفروشة"، فروي أحمد سمير طالب بكلية حقوق أنه شاهد زيجات عرفية متعاقبة واحتفالات بالجامعة حتى ينقضي شرط الإشهار.

وحكت ولاء محمود طالبة بكلية آلسن بالفرقة الثانية قصة حبها من كريم أحمد طالب بكلية آداب بالسنة الرابعة فى الحرم المقابل لها، قائلة" تعرفت على كريم فى إحدي الأنشطة الطلابية التى نقدمها، وبعد فترة من صداقتنا أعلن حبه ليّ بحفل بأحدي كافيتريات الجامعة وقدمليَّ بوكيه ورد والجميع يعلم ارتباطنا حتي التخرج ويخطبنى رسمياً من أهلي".

وأضاف كريم :"محدش من الأهل هيوافق على ارتباط قبل التخرج، ونظرة المجتمع سيئة لأي أثنين بيحبوا بعض.. إيه المشكلة لمه أكون بحب وأجيب لحبيبتي هدية فى الجامعة وأفرحها وسط أصحابنا.. الزمن اتغير ومحدش مُدرك عقلية الطلاب الجديدة" .

وصف محمد سعيد الحرم الجامعى الذي يضم كلية الآداب والحقوق والعلوم بـ "حديقة الحرية" لكثرة الأشجار والحدائق فيه الفاصلة بين الكليات ، فى حين الحرم المقابل يضم كلية آلسن وتجارة بـ "الصحراء"، نظراً لأنه كبير وعدد الكليات فيه قليلة فضلاً عن الطلاب على عكس الأخر.

أساتذة الاجتماع: الحرم الجامعى فقد قدسيته بالتقليد الأعمى للثقافات الغربية

وكل ما تم عرضه فى السطور الماضية هي آراء طلاب الجامعات وتفكيرهم، إلا أن الحب داخل الجامعة والتصريح عنه بحفلات وسط طلابها أصبح مجال جدل داخل المجتمع المصري وربما فقد الحرم الجامعى قدسيته، لذلك كان لابد أن نوضح رأى علم الاجتماع وأساتذة الجامعات فى هذه القضية.

أكد خالد بدر أستاذ الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة ، إن مايحدث نتيجة لانحدار القيم المجتمعية و البعد عن العادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع المصري، والانكفاء على التقليد الأعمى للثقافات الغربية على الرغم أن أبناء تلك الثقافات لديهم وعي واحترام للأماكن المقدسة كالجامعات على حد وصفه.

وأفاد أن مايحدث من تصرفات سلبية لطلاب الجامعة سببه أيضا صعوبة تبادل الآراء داخل الأسرة، وتأثرهم بـ "مواقع السوشيال ميديا "، وخوفهم من مصارحة الأهل، مطالباً تدريس مادة القيم والأخلاق فى كل الكليات بمختلف الجامعات حتي لا ينتج ضياع الخلق والانتماء .

وتابع "بدر" : "يجب أن يعلم جميع الطلاب أن الجامعة مكان للتعليم وليست مكاناً لعلاقات عاطفية، ولابد من رئاسة كل جامعة إقامة ندوات تثقيفية للطلاب وغرس الوعى داخلهم بمخاطر القفز على عادات وتقاليد المجتمع، بالإضافة إلي دور التنشئة الاجتماعية والأسرة فى تشكيل وعي الآبناء وشخصيتهم".

وفى السياق ذاته شددت د. هالة منصورة أستاذة علم الاجتماع، على الدور التربوي داخل الأسرة والذى بات غائباً في الآونة الأخيرة، مؤكدة أنه سبباً أساسياً لما يحدث حالياً من علاقات عاطفية بين الشباب فى الجامعات وصولاً بهم لسلوكيات لاتتفق مع عادات المجتمع المصري.

وأعربت أن الطالب أو الطالبة فى تللك المرحلة العمرية يشعرون بالتحرر، بعد سنوات تسلط كانوا يعيشونه طوال مراحل التعليم السابقة ، وبالتالي انتقالهم إلى المرحلة الجامعية يظنون أنها مساحة أكثر من الحرية ويستخدمونها بطريقة خاطئة، وفيما بعد تتطور الظاهرة وتنعكس بكثرة الزواج عرفي داخل الجامعات ويصطدمون بعد ذلك بالحمل، ولا يستطيعان تحمل المسئولية أو مواجهة المشكلات التى تقع أمامهم.

ووصفت تلك الحالة بـ"التأثير الإنفعالي"، وهو يعنى عدم قدرة الشاب أو الفتاة على التحكم فى انفعالاتهم السلبية مع تصديقها أنها صحيحة، موجهة رسالة للشباب بضرورة معرفة أن هناك حدود لايجب تخطيها وقواعد احترام للحرم فهو مكان لطلب العلم، بالإضافة إلي الحفاظ على الآداب العامة .

وعلى الصعيد الأخر، رفضت د. نرمين الأزرق أستاذة الإعلام ، عبارة أن ما يحدث مستوحي من جامعات أوروبية، معربة أن مصر دولة لها عاداتها ومبادئها التى لاتتجزأ ولابد من الحفاظ عليها، والحرم الجامعى مكان للعلم .

وأكدت أن ما يحدث انحرافات أخلاقية، ولابد من عدم النظر لموقف جامعة طنطا على أنه حدث فردي ينتهى بمجرد تطبيق العقوبة لكن لابد من معالجة جوانب الخلل فى المنظومة الأخلاقية، مشيرة إلي أن الجامعة لها دوراً مهماً فى تقويم سلوكيات الطلاب بعد وصولهم لتلك المرحلة العمرية على أن يقدم الأستاذ الجامعى للطالب مجموعة من المبادئ والأخلاق والمثل الذى يجب توافرها فى المجتمع بجانب المادة العلمية التى يشرحها، معلقة " ربما موقف جامعة طنطا مما يحدث فيها يكون عبرة لبقية الطلاب ولا يجرؤ على تكرارها بحرم الجامعة ".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً