اعلان

قصف غزة ينقذ حياة "نتنياهو" السياسية.. رئيس حكومة الاحتلال يغوض مغامرة للإبقاء على منصبه.. وخبراء: مواقف تل أبيب تجاه الحرب قد تتغير إذا كانت هناك خسائر

تناول تقرير لصحيفة "إندبندنت" البريطانية كيف استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دماء الأبرياء في غزة لخدمة مصالحه السياسية تزامنا مع إجراءات تشكيل حكومة جديدة في تل أبيب، مستشهدة بتحذير خبراء من أن المغامرة التي يخوضها "نتنياهو" في القطاع قد تنقذ مسيرته السياسية، لكنها قد تثير صراعًا معقدًا، وأن فرصه في البقاء بمنصب رئيس الوزراء قد تحسنت مع الغارات الأخيرة، لكنه يلعب بالنار.

وذكر التقرير أن توقيت الضربة الإسرائيلية، فجر أمس الثلاثاء، التي أودت بحياة قائد "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، بهاء أبو العطا، في غزة، بدا توقيتًا مثالياً للغاية بحيث لم يكن من قبيل الصدفة.

وحتى لو كان يستند فقط إلى المعلومات الاستخباراتية وليس إلى الجدول السياسي، كما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي مرارًا وتكرارًا، فإن عملية الاغتيال التي نفذت أمس الثلاثاء ربما تكون قد أنقذت حياة نتنياهو السياسية.

وبحلول ظهر ذلك اليوم، كان لدى نتنياهو بضع ساعات فقط في منصب وزير الدفاع؛ حيث كان من المقرر أن يسلم الحقيبة إلى الحليف والبرلماني اليميني نفتالي بينيت، وكان أيضًا معلقًا برئاسته للوزراء من خلال خيط رفيع.

يتزعم نتنياهو حكومة انتقالية بعد فشله مرتين في تشكيل ائتلاف حاكم بعد جولتين من الانتخابات غير الحاسمة.

وفي غضون أسابيع قليلة، من المتوقع على نطاق واسع أن يتم التحقيق معه من قبل المدعي العام في البلاد بتهم فساد.

وفي الوقت نفسه، لم يتبق أمام منافسه الرئيسي "بيني جانتز"، قائد الجيش الإسرائيلي السابق، سوى أسبوع واحد لمحاولة تشكيل الحكومة المقبلة.

ونظرا لأنه لا يمتلك الأغلبية الساحقة من المقاعد، فإن أفضل فرصة له هي السعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو.

ومع ذلك، قال حزب جانتس "أزرق أبيض" إنه لن يتعاون مع "الليكود" طالما يتولى نتنياهو رئاسة الحزب، بسبب محاكمته المحتملة بتهمة الكسب غير المشروع.

إن الخيار الوحيد الآخر لـ"جانتز"، والذي تمت مناقشته بشكل متزايد في الأيام التي سبقت عملية الاغتيال، هو حكومة أقلية تحتاج إلى دعم القائمة العربي المشتركة بالكنيست الإسرائيلي.

قبل ساعات قليلة من تنفيذ المقاتلات الإسرائيلية للضربة "الدقيقة" على منزل أبو العطا في غزة، توجه نتنياهو إلى "تويتر"، في وقت كان من المؤكد أن الضربة كانت وشيكة وأنها ستطلق نيران الصواريخ الانتقامية من غزة.

وكتب نتنياهو: إن فكرة تشكيل "حكومة الأقلية التي تدعمها الأحزاب العربية هي خطر على الدولة"، مرفقا تغريدته بصورة لأحمد الطيبي، أحد أعضاء القائمة العربية المشتركة، مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

ومع سقوط الصواريخ الفلسطينية على مناطق من جنوب إسرائيل إلى تل أبيب، فإن فرص سكان إسرائيل اليمينيين الذين يدعمون حكومة أقلية يقودها جانتس بدعم من السياسيين العرب تقترب من الصفر، وفقا لتقرير الإندبندنت.

وبدلاً من ذلك، ومع ظهور شبح الحرب في الأفق، سينظر كثيرون إلى سيناريو دولة موحدة.

من جهته، قال عاموس هاريل، المراسل العسكري ومحلل الدفاع في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "جانتز يتعرض الآن لضغوط علنية أكثر بكثير لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع الليكود، لكنه لا يستطيع أن يفرض شروطًا لتعاونه مع نتنياهو"، مضيفا أن "ما نحتاج إليه هو إسرائيل موحدة قوية"، مشيرا إلى أن هذا الأمر "قد ينجح مع بيبي".

ومع ذلك، فإن هذه مغامرة خطيرة بالنسبة للزعيم الإسرائيلي، الذي قال مرارًا وتكرارًا إنه لا يريد حربًا مدمرة أخرى مع غزة، لا يمكن لأي طرف الفوز فيها حقًا.

في الوقت الحالي، لم يُقتل أو يُصاب أي مواطن إسرائيلي بجروح خطيرة على الرغم من سقوط مئات الصواريخ على البلاد.

ونقلت "الإندبندنت" عن "هاريل" وخبراء آخرون قولهم، إن المواقف الإسرائيلية تجاه الحرب قد تتغير إذا كانت هناك خسائر إسرائيلية، أو إذا تم جر حركة حماس إلى المعركة.

وفي غزة، حيث ارتفع عدد القتلى جراء الغارات الإسرائيلية إلى 25 قتيلا، بينهم ثلاثة أطفال، فإن الخلاف المتزايد بين الفصائل المسلحة يزيد الضغط على الوضع المتفجر.

لا يبدو أن كتائب حماس تطلق صواريخ على إسرائيل، ويأتي إطلاق النار حصراً من كتائب سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن خبراء قولهم، إن حماس لا يمكنها أن تبدو وكأنها تهرب من الجماعات المسلحة الأخرى. ولكن مع وجود 2 مليون نسمة على شفا كارثة إنسانية في غزة، لن ترغب الحركة في استدعاء حملة عسكرية إسرائيلية مطولة لن تسفر عن شيء إلا تصعيد الحصار الإسرائيلي الذي دام 12 عامًا على القطاع.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، كانت هناك بالفعل فجوة آخذة في الاتساع بين حماس والجهاد الإسلامي المدعوم من إيران.

يُعتقد أن أبو العطا، الذي قاد المقاتلين في شمال القطاع، شن عدة هجمات ضد إسرائيل والتي ربما لم يتم الرد عليها من قِبل غرفة العمليات العليا الإسرائيلية.

على النقيض من تهديدات "الجهاد الإسلامي" السابقة بالحرب، قال حازم قاسم، الناطق بلسان حماس، لـ"الإندبندنت" إن الفصائل المسلحة في غزة لا تريد صراعاً طويلاً مع إسرائيل، مضيفا أن "المقاومة لم تبدأ التصعيد ولا تريده، إسرائيل هي التي فرضت التصعيد علينا".

وتابع "الفصائل لا تريد حرباً أو أي مواجهات أخرى؛ إنهم فقط يردون على العدوان، الحرب ستحدث فقط إذا أرادت إسرائيل ذلك".

ولكنه، بحسب ما ذكرت "الإندبندنت"، تهرب مراراً وتكراراً من الأسئلة حول ما إذا كان مقاتلو حماس يطلقون صواريخ على إسرائيل، إلى جانب ألوية سرايا القدس.

وبدلاً من ذلك، أكد بشكل غامض على أنه "هناك تنسيق بين الجميع على الأرض".

ولكن الخطاب الصادر عن حركة "الجهاد الإسلامي" أكثر وضوحا بكثير؛ فقد قال قادتها إنه تم تجاوز الخطوط الحمراء، وإن مقاتليها "سيذهبون إلى الحرب".

إنهم بحاجة إلى أن يثبتوا لقاعدة دعمهم أنهم نجحوا في الانتقام، ليس فقط من مقتل أبو العطا، بل وأيضًا من الهجوم المنسوب إلى إسرائيل والذي استهدف قائدًا بارزًا في "الجهاد الإسلامي" في العاصمة السورية دمشق.

تلك الغارة التي استهدفت منزل أكرم العجوري، والذي لا يُعتقد أنها قتلته، تمثل طفرة جديدة في الحرب المفتوحة بين إسرائيل والوكلاء الإيرانيين في المنطقة.

وقال هارئيل: "لا تتجاهل ما حدث في دمشق، فبافتراض أنه كان إجراءً إسرائيليًا، فستكون هذه رسالة قاسية للإيرانيين"، مضيفا أن "إيران جزء من المعركة، فالأمر لا تتعلق فقط بإسرائيل مقابل الجهاد الإسلامي أو إسرائيل مقابل غزة".

من جانبه، قال الرئيس السابق لهيئة مكافحة الإرهاب بمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، الجنرال "نيتسان نوريئيل": "إن إيران تختبر قدرات إسرائيل الدفاعية والقبة الحديدية المشهورة بصد قذائف صاروخية من مقاتلي الجهاد الإسلامي في غزة، وأيضا باستكشاف هجمات محتملة لطائرات بدون طيار أو صاروخ ضد البلاد، على غرار الهجمات التي شنتها طهران على السعودية.

اقرأ أيضًا: إسرائيل تعلن تدمير مصنع لإنتاج القذائف الصاروخية بعيدة المدى في غزة (صور)

وفي وقت ليس من الواضح كيف ستنتهي نوبة العنف هذه، تتولى مصر مجددا دور الوسيط بين جميع الأطراف، بدعم من حماس، التي يبدو أنها تريد أيضًا أن تتخلص بسرعة من هذا التصعيد.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تعلن رصدها إطلاق 360 قذيفة صاروخية من غزة تجاه المستوطنات

ووصل نيكولاي ملادينوف، مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، القاهرة، لمحاولة تهدئة التوترات، في مهمة شاقة حيث يتمسك كل جانب بمواقفه ولا توجد هناك بوادر واضحة لوقف التصعيد.

اقرأ أيضاً: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي لغزة إلى 25 قتيلًا بعد غارة على رفح

وخلص الجنرال نوريئيل إلى أنه "ليس هناك "منتصر"، كما كان في الماضي، و"لن يرفع أحد الراية البيضاء، فالكل يبحث عن روايته يبيعها لشعبه".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً