اعلان

خطورة العنف والتدليل في تربية الأبناء..القس جيروم: الضرب أسلوب تعذيب ليس تقويم.. استشارى الصحة النفسية: الحرمان العاطفى أنسب أساليب العقاب

رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ توضح تلك الأية ضرورة الاهتمام بتربية الولد منذ الصغر وتؤكد صحة مقولة "من شبَّ على شيء شاب عليه"، وهناك عدة أيات عن تربية الأبناء بعهديى الكتاب المقدس القديم والجديد، ولكن تدور حول تلك الأيات عدة تساؤلات وبهذه التقرير تفسير دقيق لهذه الأيات.

القس جيروم عويضة كاهن كنيسة العذراء والأنبا موسى، ومدير مركز مشورة وسط القاهرة يقول، أن هناك 5 طرق لاصلاح سلوك الطفل، وهما التعزيز الايجابي بالتشجيع على الأفعال السليمة بدلًا من التركيز على الأخطاء التى يرتكبها الطفل فقط، التأنيب الفعال بتوصيل للطفل أن ولى الأمر مستاء من الفعل الذى ارتكبه وليس من الطفل نفسه، التجاهل عندما يكون الفعل بسيط وغير متكرر، والاتفاقية باعطاءه وعد بمكافاة حال التزامه بكلام والديه، وأخيرًا العقوبة وهى الحرمان من شىء معين يحبه الطفل، موضحًا أن الطريقة الأخيرة لها شروطها المتمثلة فى الاتفاق مع الطفل أنه حين ارتكاب الخطأ سيعاقب وأن يكون العقاب بعد الخطأ مباشرة، على أن يتم بعدها احتضان الطفل والتوضيح له أن العقوبة نتيجة لخطأ ارتكابه وليس لمعاداة الأب أو الأم له.

ولفت القس جيروم إلى أن الخطأ المتكرر هو الذى يستوجب العقاب، منوهًا بأنه أذا ارتكب الطفل خطأ لأول مرة فيتم تنبيهه إلى عدم صحة ما يفعله، حيث أن الطفل قد يكون غير مدرك أن ما ارتكابه خطأ فمن ثم لا يجوز معاقبته عليه.

وأشار إلى أهمية اتفاق الأب والأم على سياسية تربية أبناءهم، موكدًا أن الضرب فى كل الاحوال أسلوب تعذيب وليس اسلوب عقاب أو تقويم سلوك.

وأرجع عنف الأبناء فى البيت أو المدرسة لعنف والديهم معهم، لأن تعامل الأباء العنيف مع الأبناء يصل رسالة لهم إنه حين تواجههم أى مشكلة فالتعامل يكون بالعنف، مضيفًا أن العنف الذى يشاهده الطفل بالمنزل والمدرسة والدراما سيجعله عنيف فى كل تصرفاته.

ونفى أن تكون أية الكتاب المقدس بسفر الأمثال، لاَ تَمْنَعِ التَّأْدِيبَ عَنِ الْوَلَدِ، لأَنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ بِعَصًا لاَ يَمُوتُ تحرض على ضرب الأبناء، موضحًا أن الأية لها معناها ولا يجوز الوقوف فيها على حد النص، حيث أن المقصود منها هو عدم التهاون فى تربية الابناء والحذر من التدليل الزائد لهم، والمراد من كلمة العصا هو الجدية فى التعامل مع الأبناء ونصحهم وارشادهم حين ارتكابهم أخطاء، وليس تحريض على ضربهم ضرب مبرح.

وأشار إلى وجود أيات بالكتاب المقدس توصى بالتعامل برفق مع الأبناء، مستشهدًا بأية رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسى "أَيُّهَا الآبَاءُ، لاَ تُغِيظُوا أَوْلاَدَكُمْ لِئَلاَّ يَفْشَلُوا" "كو 3: 21".

وأكد القس جيروم أن أول المقصرين فى تعلم أسس التربية السليمة هم الأباء أنفسهم، حيث أنه من المفترض أن يعدوا أنفسهم للتربية قبل انجابهم للأطفال، موضحًا أن هناك فرق شاسع بين التربية والرعاية فالرعاية تتمثل فى الاهتمام بمأكل الطفل وملبسه لكن التربية هى الاهتمام بالطفل جسديًا ونفسيًا وروحيًا ليصبح انسانًا متكاملًا ناضجًا متزنًا يفكر جيدًا قبل اتخاذ قرارته قادرًا على تحمل المسئولية.

واستكمل حديثه قائلًا "اللى بيشترى جهاز كهربائى بيقرا الكتالوج قبل ما يشتريه فلازم اللى يخلف طفل يقرأ على الأقل كتاب فى التربية قبل ما يتعامل معه"، مضيفًا "لا يجوز أن تبقى التربية مجرد أفكار موروثة من أهالينا أو مستقاه من المجتمع التى ليست بالضرورى أن تكون صحيحة".

وعبر عن استياءه الشديد من الدور الذى تقوم به وسائل الإعلام فى التنشئة وتقويم السلوك، لعدم تقديم الأعمال الدرامية بالوقت الحالى القيم والمبادىء التى كانت تقدم من قبل، كما أن صورة البطل بتلك الأعمال اصبحت غير مشرفة على الاطلاق، علاوة على أن برامج التوعية بطرق التربية وارشاد الأمهات قليلة للغاية.

وأوضح القس جيروم أن الكنيسة تقوم بدورها فى توعية الأسر بأسس التربية السليمة لتخرج أجيال منضبطة، لافتًا إلى حرص الكنيسة على استضافة متخصصين بمجال التربية بجميع اجتماعات الأسرة والسيدات لتوعية الأباء والأمهات والرد على استفسارتهم، كما أن هناك برامج تخص التربية بالقنوات الدينية المسيحية الخاضعة للكنيسة، كما توفر الكنيسة دورات تثقيفية وتدريبية فى مهارات التربية بمراكز المشورة المختلفة التابعة لها.

تابع «الكنيسة لا تحث الأباء على تدليل أولادهم تدليلًا مفرطًا لكن من حق الأبناء أن يشعروا بالحب والاحتضان والسلام، ولا تقول لهم لا تعاقبوا أولادكم ولكن هناك طرق سليمة للعقاب".

وأكد كاهن كنيسة العذراء والأنبا موسى على خطورة عدم الأتزان فى التربية بالتدليل الزائد أو العنف، موضحًا أن التدليل سيخرج جيل رخو غير متحمل للمسئولية والعنف سيخرج أطفال عنيفة غير قادرة على التعامل بهدوء.

فيما أكد محمد هاني استشاري الصحة النفسية وتعديل سلوك الأطفال، على ضرورة أتباع أساليب حديثة بتربية الجيل الحالي، مشددًا على عدم إباحة الضرب أو التوبيخ أمام الناس.

وأشار هانى إلى وجود فروق فردية بين الأطفال، فمن ثم نظام المقارنات والمعايرة والقول للطفل أن "أخوك أشطر منك" سيجعل الطفل يكره الأم والأب وأشقائه، موكدًا على ضرورة تحفيز الطفل بكلمات الشكر والتقدير عن أى شي جيد يفعله مهما كان صغير، وبالإضافة إلى أن الأخذ برأيه يبنى شخصيته ويعزز ثقته بنفسه.

وأوضح أن أنسب أساليب العقاب هى الحرمان العاطفي أى أن يحرم الطفل من أى شيء يحبه لمدة معينة ليدرك أنه ارتكب خطأ، لافتًا إلى أهمية أن يكون لدى الأبوين صبر فى التربية فيتم حرمان الطفل لمدة يوم أو يومين ليفكر قبل ارتكاب الخطأ مرة أخرى بإنه سوف يعاقب عليه.

وأكد هاني أن استخدام الضرب أو الإهانة أو الالفاظ الخارجة بالتربية تسبب للطفل اضطرابات نفسية على مدى البعيد وتفقده ثقته بنفسه، منوهًا بأنه من الممكن أذا أراد الأب تعنيف أبنه أن يصل له الرسالة بتعبيرات وجه غاضبة دون الاعتداء الجسدى عليه.

ولفت إلى أن الاستماع للطفل ومعرفة اهتمامته ورغباته حتى وأن تكن ليس لها قيمة عند الأباء تعود الطفل أن يقول لوالديه كل ما بداخله مما يجعله يلجأ إليهم عند مواجهته لأى مشكلة.

وطالب استشاري الصحة النفسية بعمل دورات تثقيفية للأمهات تشرح لهم طرق التربية السليمة، لاقتصار معرفة أغلبهن أن التربية هى رعاية فقط وعدم ادراكهن أن هناك سلوكيات يكتسبها الطفل من والديه.

وأوضح أن هناك نسبة كبيرة من الأسر المصرية لا تقل عن 60% لديهم جهل فى التربية وتعديل سلوك اولادهم، مشيرًا إلى أن الطفل يفعل ما يفعله والديه لا إراديًا، فإذا كان الطفل يتلفظ بألفاظ بذيئة يكون نتيجة لترديد تلك الألفاظ أمامه، ففى الأول وفى الأخر هذا طفل لا يختار.

وأكد هانى أنه لا علاقة بين التربية والوضع الاقتصادى للأسرة، لافتًا إلى ارتباط التربية ارتباط وثيقًا بالوضع النفسي والاستقرار الاسرى وقوة الأب والأم فى تحمل أعباء التربية واحتواء الأبناء نفسيًا.

وأضاف أن تعديل سلوك الأولاد يتم بالحوار المتبادل بين الأباء والأبناء ومراقبة تصرفات الطفل والاحتواء النفسي له، والحرمان العاطفي والتحفيز والمكافاة، واستخدام كلمات الشكر والثناء، وعدم توبيخ الطفل وتعنيفه أمام الناس، مناشدًا الأباء بقراءة كتب متخصصة فى تربية الأبناء كى يتمكنوا أن يقوموا سلوك أبناءهم.

وأبدى استياءه من عدم اهتمام الوسائل الإعلامية بالتربية وطرق التعامل مع الابناء بالمراحل المختلفة، وتركيزها على إبراز السلبيات والمشاكل دون تقديم حلول.

ونصح استشارى الصحة النفسية بالاعتدال فى التربية وعدم الافراط فى العنف أوالتدليل، موضحًا أن العنف الزائد يجعل الطفل يتعامل بعنف مع الاخرين وقد يجعله يكره أسرته وأصدقائه، والتدليل الزائد يخلق طفل عنيد غير متحمل المسئولية

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً