اعلان

المؤشر العالمي للإفتاء: 93% من فتاوى التنظيمات المتطرفة تتعارض مع حقوق الإنسان ومقاصد الشريعة الإسلامية.. و"الطيور الانتحارية وتفخيخ الحيوانات" استراتيجية داعش الجديدة بعد هزائمه المتكررة

صورة أرشيفية

بمناسبة مرور 71 عامًا على إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي يوافق العاشر من ديسمبر كل عام، كشف المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن (93%) من فتاوى التنظيمات المتطرفة تتعارض مع حقوق الإنسان ومقاصد الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى تكفير تلك التنظيمات للقائلين بالحقوق السياسية والدساتير الدولية والانتخابات والأحزاب السياسية والديمقراطية وحرية الاعتقاد والحق في الحياة والحق في السفر.

وأوضح المؤشر أن خطايا تنظيم "داعش الإرهابي" وباقي التنظيمات الإرهابية لم تكتفِ بهدر دم الإنسان وحقوقه؛ بل تخطتها لتشمل الحيوانات أيضًا، فبحسب ما رصده المؤشر فإن التنظيم الإرهابي استعان بعددٍ من "الطيور الانتحارية" ليدرِّب أطفاله على الذبح، تمهيدًا لذبح معارضي التنظيم، كما نشر التنظيم مقاطع فيديو في سوريا والعراق - أثناء سيطرته على بعض الأراضي فيهما - أوضحت اعتماده على تزويد بعض الطيور بأحزمة ناسفة ليسهل حملها وتدريبها على استهداف الطائرات الحربية وتفجيرها، فضلًا عن تفخيخ بعض الحيوانات الأخرى لتنفجر في المواطنين الأبرياء.

فتاوى تنظيم القاعدة: الدساتير والانتخابات والديمقراطية حرام

وسلَّط مؤشر الفتوى العالمي الضوء على فتاوى التنظيمات الإرهابية، كالقاعدة وداعش، التي تتنافى مع حقوق الإنسان في الحرية والتعبير عن الرأي، مشيرًا إلى أنها تتمحور عند تنظيم القاعدة الإرهابي حول أربعة محاور من الفتاوى؛ أولها فتاوى الكفر بالدساتير والانتخابات، والتي جاءت بنسبة (35%). وأورد المؤشر نصًّا في هذا الإطار لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، الذي وصف الدولة بالكفر ما دام دستورها يعترف بمعاملات البنوك أو يسن قوانين وضعية تجيز ذلك، حيث قال ابن لادن:

"..فلو التزم الناس بجميع أحكام الإسلام، إلا الالتزام بتحريم الربا مثلًا، وأباحوا البنوك الربوية: فإن دستور هذه الدولة يُعتبَر دستورًا كفريًّا؛ لأن هذا التصرُّف يتضمن اعتقادهم عدم كمال الشريعة وكمال منزِّلها سبحانه وتعالى، ولا يخفى أن هذا كُفرٌ مُخرِجٌ مِن الملَّة..".

وأضاف المؤشر أن ثاني الحقوق التي عارضها تنظيم القاعدة وكفَّر متبعيها هي الفتاوى المتعلقة بالمشاركة المجتمعية والسياسية، مثل "تكفير الأحزاب السياسية"، وجاءت بنسبة (25%)، واستشهد المؤشر بقول أسامة بن لادن نصًّا في خطابه الثاني والعشرين: "ينبغي الحذر من الدجالين الذين يتكلمون باسم الأحزاب والجماعات الإسلامية، ويحثون الناس على المشاركة في هذه الردَّة الجموح، ولو كانوا صادقين لكان همهم في الليل والنهار إخلاص الدين لله تعالى والتبرؤ من الحكومة المرتدة وتحريض الناس على جهاد الأمريكيين وحلفائهم، فإن عجزوا فلينكروا بقلوبهم وليتجنبوا المشاركة في برامج المرتدين أو القعود في مجالس الردة".

وأضاف المؤشر أن فتاوى تنظيم القاعدة القائلة بتكفير الديمقراطية والداعين إليها جاءت ثالثة بنسبة (20%)، ومن ذلك قول القيادي بالقاعدة "أبو مصعب الزرقاوي": "أعلنا الحرب اللدود على هذا المنهج الخبيث (يعني الديمقراطية) وبيَّنا حكم أصحاب هذه العقيدة الباطلة والطريقة الخاسرة، فكل من يسعى في قيام هذا المنهج بالمعونة والمساعدة فهو متولٍّ له ولأهله، وحكمه كحكم الداعين إليه والمظاهرين له.. وحكمهم في دين الله: الكفر والخروج عن الإسلام".

"المؤشر العالمي للفتوى" في ذكرى إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

واختتم مؤشر الفتوى بأن فتاوى "تكفير غير المسلمين" جاءت في المرتبة الرابعة والأخيرة بين فتاوى تنظيم القاعدة المتعارضة مع حقوق الإنسان في المواطنة وحرية الاعتقاد، وجاءت بنسبة (20%) أيضًا، وذلك مثل ما أفتى به الشيخ أبو قتادة الفلسطيني في يناير 2019 تحت عنوان: (الفرائد والقلائد): "كل من لم يفرِّق بين مسلم وكافر في الولاء والبراء، وكل من والى وعادى على غير الله فهو مشرك، ولكن الجهلة يقولون كلامًا لا يفهمونه".

وأوضح المؤشر العالمي للفتوى أن تنظيم "حراس الدين" التابع لتنظيم القاعدة، أفتى بما يلي: "الكافرون بكل مِللهم وعقائدهم يكنُّون للإسلام وأهله حنقًا وحقدًا عقديًّا ظاهرًا، وتظهر هذه العداوة والبغضاء على أفعالهم، ثم إنهم لا يهدءون ولا يفترون عن حرب المسلمين حتى يصدوهم عن دينهم، ولن يرضوا بدون ذلك من التنازلات".

فتاوى داعش لا تسمح بحرية الاعتقاد.. والسفر كله حرام إلا لأماكن التنظيم

وأشار المؤشر العالمي للفتوى إلى أن فتاوى تنظيم داعش الإرهابي التي تتعارض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان كثيرة، غير أن أهمها فتاوى عدم السماح لحرية الاعتقاد، وجاءت بنسبة (40%) مثل ما ورد في صحيفة النبأ التابعة للتنظيم (عدد 154): "أجاز لنا الشرع قتل كل بالغ من الذكور إذا لم يكن لهم مع إمام المسلمين الشرعي عهد ولا ذمة، كما قتل رسول الله صلىوسلمد جميع يهود بني قريظة". كما جاء في صحيفة النبأ أيضًا (عدد 197) أن: "الكفار والمرتدين لا يدخلون الجنة مطلقًا".

ومما سبق أيضًا استباحة وهدر دماء كل المخالفين للدين الإسلامي، واستدل المؤشر على ذلك بما جاء في صحيفة النبأ، العدد 155، 30 صفر 1440، تحت عنوان: "دولة الخلافة تنفذ وعيدها في نصارى مصر"، حيث جاء فيها: ""إن جميع النصارى في مصر اليوم هم نصارى حربيون ليسوا بأهل ذمة ودمهم هدر، سواء أحملوا علينا السلاح أم لم يحملوه، ولا يُعصم دمهم إلا بإيمان منهم أو أمان من خليفة المسلمين إليهم، وهو ما لم يتحقق فيهم. فهم لم يخضعوا لأحكام الإسلام، فلا جزية دفعوا ولا هم صاغرون، بل هم يحاربون دين الله تعالى ويصدون عن سبيله..".

وفي السياق نفسه جاء في الصحيفة ذاتها (النبأ) العدد 191، 15 ذو القعدة 1440، تحت عنوان: "التيار الجهادي المزعوم والولاءات المتناقضة": "إنْ نالَ كافرٌ من مسلم في مشرق الأرض، انتقم له أخوه في مغربها، وإن سالَمَ الإمامُ كافرًا في بلد كان تأمينه واجبًا على جنود الخلافة في كل مكان، فسِلْمُه سِلْمُهُم وحَربُه حربُهم، والدم الدم، والهدم الهدم..".

وأشار المؤشر العالمي للفتوى إلى أن فتاوى انتهاكات تنظيم داعش لحقوق المرأة جاءت في المرتبة الثانية بنسبة (30%) من بين فتاوى انتهاكات حقوق الإنسان، وأوضح المؤشر أن أبرزها كان يتعلق بالمرأة، كختان الإناث من سن 11 إلى 46 عامًا، وزواج البنات القاصرات.

كما أضاف المؤشر أن فتاوى انتهاكات تنظيم داعش لحقوق الأطفال جاء في الترتيب الثالث بنسبة (20%)، مشيرًا إلى إطلاق "داعش" عدة فتاوى طوَّعها التنظيم لجهاد الأطفال الصغار، منها إصدار "أبو سعيد الجزراوي"، وهو عضو بالهيئة الشرعية للتنظيم، فتوى قضت بجواز استخدام الأطفال في تنفيذ عمليات انتحارية بعد "تفخيخ أجسادهم" بالقنابل، كما دأب التنظيم الإرهابي على تلقين أشباله فتاوى تدعو إلى "ضرورة نصرة الدين ومحاربة الدول الكافرة وقتل كل من يخالف الشريعة الإسلامية".

أما الفتاوى التي تتعارض مع حقوق الإنسان في التنقل والسفر لغير أماكن التنظيم فقد جاءت في الترتيب الرابع والأخير بنسبة (10%)، حيث أصدر أعضاء التنظيم فتاوى اعتبرت أن السفر لبلاد غير "الدولة الإسلامية" يُعدُّ "فرارًا من الجهاد"، على حد زعمهم، وذلك على نحو ما ورد في الإصدار المرئي (سجون الخوارج في اليمن يونيو 2019)، الذي تضمن طلب أحد أعضاء التنظيم السفر لزيارة أهله فتم سجنه، وقال بعدها: "علمت أن كل مَن في السجن هكذا، طالبوا بالزيارة فسجنوهم فتيقنت أنهم عندما كانوا يقولون من أراد السفر أوصلناه إلى بيته إنما كان فخًّا حتى لا يهرب الشخص هروبًا فيقوم بمصارحتهم بحسن نية، وبعدها يقومون بإدخاله في هذا السجن..".

تفخيخ الحيوانات.. استراتيجية داعش الجديدة بعد هزائمه المتكررة

وفي سياق آخر، ذكر مؤشر الإفتاء أن تنظيم داعش الإرهابي لم يكتف بانتهاك حقوق الإنسان في أماكن تمركزه؛ بل سلب كذلك حقوق الحيوانات، حيث يحاول التنظيم الإرهابي ابتكار أساليب جديدة في قتل المواطنين الأبرياء في محاولة لإثبات وجوده بعد مقتل زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي"، وأوضح المؤشر أن التنظيم لجأ إلى تفخيخ الحيوانات والمواشي والدفع بها باتجاه مناطق سكنية في العراق.

وأضاف المؤشر أن التجربة الأولى للتنظيم في تفخيخ الحيوانات للتنظيم بمحافظة ديالى بالعراق، عندما أرسل التنظيم الإرهابي بقرتين مفخختين على قرية في ناحية الإصلاح أدت إلى إصابة مواطن بجروح، ولفت المؤشر إلى أنه بعد أن عجز "داعش" عن العودة للسيارات المفخخة وخسارته المساحات التي كان يحتلها في العراق، لم يجد أمامه سوى الحيوانات ليجعلها أداة جديدة في تنفيذ مخططاته الدنيئة.

وأكد المؤشر أن حفظ حياة الحيوان يُعدُّ بابًا إلى رضوان الله تعالى، وإتعاب حيوان وإهدار حياته يعدُّ بابًا إلى سخطه، فإذا كانت هذه نظرة الإسلام إلى قيمة حياة الحيوانات، فما تكون عنايته وجائزته لمن يدعم حق الحياة بين بني البشر؟ وما تكون عقوبته لمن يستهين بهذا الحق؟!

لا تعارض بين حقوق الإنسان ومبادئ الشريعة الإسلامية 

وفي النهاية، أكد المؤشر على المقاصد الضرورية التي وجهنا الله سبحانه وتعالى لإقامتها، والتي تجلب لهم المنافع وتدفع عنهم المضارَّ، وتحقق الأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار، لافتًا إلى أن تلك المقاصد هي: "حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال"، والتي تقوم عليها مصالح الناس وحياتهم، ولا غنى لهم عنها، بحيث إنها إذا اختل وجودها جميعها أو بعضها، اضطربت أحوالهم وتعطَّل نظام حياتهم.

وأوضح المؤشر أن الشريعة الإسلامية كفلت كل حقوق الإنسان من خلال مقاصدها العليا، وسبقت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث إنها تميزت بعدة مزايا:

أولًا: من حيث الأسبقية والإلزامية، حيث مر عليها أكثر من أربعة عشر قرنًا. 

ثانيًا: من حيث العمق والشمول؛ لأن مصدرها في الإسلام هو كتاب الله وسنة رسوله صلى وسلم 

ثالثًا: من حيث حماية الضمانات؛ حيث إنها في الإسلام جزءٌ من الدين جاءت في أحكام إلهية تكليفية لها قدسية تحدُّ من العبث بها، وجعلها أمانة في عنق كل المؤمنين.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً