اعلان

بعد إعادة انتخاب "تساي".. هل تبددت أحلام الصين في ضم تايوان؟

تساي
تساي

أعاد الناخبون في تايوان انتخاب الرئيسة الحالية، تساي إنج ون، لولاية رئاسية ثانية، ما يمثل صفعة كبيرة للصين ومحاولاتها تهديد وتخويف تايوان وفرض سيطرتها عليها، ولكن مراقبون يرون أن ذلك سيدفع الحزب الشيوعي إلى تكثيف الضغط أكثر على تايبيه، فيما يرى آخرون أن ذلك الضغط ربما يأتي في مصلحة تايوان، بينما يرى البعض الآخر أن تلك النتائج تبدد الرواية الصينية التي تقول إن مستقبل تايوان السياسي والاقتصادي مرهون بقربها من بكين.

وفازت "تساي" بأكثر من 8 ملايين صوت، وهو أكبر عدد من الأصوات يحصل عليه مرشح رئاسي منذ بدأت تايوان إجراء انتخابات مباشرة لهذا المنصب في عام 1996. وهزمت "تساي" بسهولة منافسها "هان كو يو"، الذي يشجع حزب الكومينتانج (الحزب القومي الصيني، وهو الحزب الحاكم في تايوان) على توثيق العلاقات مع الصين.

وقالت "تساي" وهي تلقي خطاب النصر في العاصمة تايبيه: "هذه الانتخابات تدور حول ما إذا كنا نختار الحرية والديمقراطية أم لا"، مضيفة "يجب أن نعمل للحفاظ على سلامة بلادنا والدفاع عن سيادتنا".

وسافر أكثر من 14 مليون مواطن إلى مسقط رأسهم للتصويت في الانتخابات الرئاسية والتشريعية اليوم السبت، حيث أدلوا بأصواتهم في مراكز الاقتراع بالمدارس والمعابد ومواقف السيارات والمراكز المجتمعية. كما فاز حزب "تساي" بأغلبية المقاعد في المجلس التشريعي.

ووفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن فوز "تساي"، الذي جاء بعد خسائر كبيرة لحزبها التقدمي الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للعام 2018، يمثل عودة دراماتيكية ساعدها تحسن بطيء للاقتصاد، وأخطاء للمعارضة، واحتجاجات جماهيرية في هونج كونج كشفت ما يحدث لسكان الإقليم تحت سلطة بكين، والذي قد يبدو جليا لكثير من شباب تايوان.

ويبدو أن سياسة التهديد والتخويف المتواصلة التي اتبعتها الصين مع تايوان ساعدت "تساي"، التي تعارض الوحدة مع البر الرئيسي؛ ففي الفترة التي سبقت الانتخابات، نشرت الصين مرتين حاملة طائرات جديدة عبر مضيق تايوان. وفي خطاب موجه إلى تايوان العام الماضي، قال الزعيم الصيني "هو جين تاو" إن بكين لن تستبعد استخدام القوة لإخضاع تايوان لسلطتها.

وخلال فترة ولاية "تساي" الأولى، قطعت بكين الحوار مع تايوان، وأقنعت العديد من حلفائها القلائل الباقين بالتخلي عن الاعتراف بتايوان، وأوقفت سفر السياح الصينيين المستقلين إليها.

وقالت "تساي": إن "هذه النتيجة تحمل أهمية إضافية؛ فقد أظهروا أنه عندما تتعرض سيادتنا وديمقراطيتنا للتهديد، فإن التايوانيين سوف يصرخون بعزم أكبر"، مضيفة "مع كل انتخابات رئاسية، تُظهر تايوان مدى اعتزازنا بأسلوبنا الديمقراطي الحر في الحياة وإلى أي مدى نعتز بأمتنا".

خضعت تايوان للحكم العسكري من قبل حزب الكومينتانج، الذي كان سابقًا القوة الحاكمة للصين، بعد فرار قادتها من البلاد في عام 1949 قبل تقدم الشيوعيين. ومنذ رفع الأحكام العرفية في عام 1987، تطورت تايوان تدريجيا إلى واحدة من أكثر الديمقراطيات حيوية في آسيا. وعلى الرغم من أن تايوان تتمتع باستقلال فعلي، إلا أنها معترف بها كدولة من قبل 15 دولة أخرى فقط.

من جانبه، اعترف "هان"، المرشح المفضل لبكين، بخسارته في الانتخابات بقوله إنه لم "يعمل بجد كافٍ"، مضيفا أنه "بغض النظر عما يحدث، ما زلت آمل أن أرى تايوان موحدة... وأحث الرئيسة "تساي إنج ون" على التركيز على منح الناس حياة يمكنهم العيش فيها بأمان وسعادة".

"هان"، الذي شن حملة تحت شعار "تايوان آمنة، وغنية"، تراجع عن الدعوات لتوثيق العلاقات مع الصين بعد أن بدا أن ذلك أضر بشعبية؛ ففي نوفمبر الماضي، عندما أصدر حزبه قائمة بأعضاء الحزب المؤيدين للوحدة مع بكين لشغل مقاعد تشريعية عامة، انخفض الدعم له.

وظهر الغضب على أوجه مؤيدي "هان"، المرشح الشعبوي الذي قُورن بالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وبكى بعضهم في مقر حزب الكومينتانج في العاصمة تايبيه.

ويقول "ليف ناتشمان"، دكتور بجامعة كاليفورنيا، ومقرها إرفين لـ"الجارديان": إن "هذه خسارة كبيرة للحزب الشيوعي الصيني، ومن المرجح أن يرد الحزب الشيوعي بمضاعفة استراتيجيته الحالية المتمثلة في محاولة معاقبة تايوان بأكبر قدر ممكن. لكن بحلول مساء اليوم، فمن الواضح أن الحزب الصيني سوف يدفع الناس نحو رئيس أخضر". في إشارة إلى "المعسكر الأخضر" الذي يعتبر حزب "تساي" والأحزاب الأخرى المتحالفة معه جزءًا منه. (المعسكر الأخضر هو ائتلاف سياسي في تايوان يتكون من الحزب الديمقراطي التقدمي، وحزب اتحاد التضامن مع تايوان، وحزب استقلال تايوان، وجمعية دستور تايوان).

بدورهم، قال أنصار "تساي" إن نتيجة الانتخابات دليل على نضوج ديمقراطية تايوان؛ ففي الفترة التي سبقت الانتخابات، واجه المواطنون سيلا من الأخبار المزيفة وحملات التضليل التي يشتبه الكثيرون في أنها جاءت من الصين.

وقالت تيك دي، 36 عاماً، والتي أدلت بصوتها في تايبيه اليوم: إن "هذا اختبار لمدى تطور الديمقراطية والحرية في تايوان"، مضيفة "يمكن للناس الحكم على الصواب أو الخطأ، وسواء كانت الأخبار صحيحة أم خاطئة، وما إذا كانوا سيدعمون أو لا يدعمون السياسيين الذين لا يفعلون إلا القليل"، مشيرة إلى أن نتيجة الانتخابات بمثابة "رفض لمحاولات الصين السيطرة على تايوان أو التأثير عليها".

إلى ذلك، قالت "شو"، دكتورة في جامعة محلية في مدينة كاوشيونج، والتي طلبت الكشف عن لقبها فقطـ للصحيفة البريطانية: "يعتقد آخرون أن "هان" كان ضحية لوسائل الإعلام، مما يدل على أن تايوان أصبحت مسيسة بشكل مفرط"، معتبرة أن "هذه الانتخابات معركة بين الحقيقة والشر"، لافتة إلى أنه "إذا فُقد هان، فلن أؤمن بالعدالة بعد الآن".

إلى ذلك، وصف الكثيرون تلك الانتخابات بأنها مواجهة بين الأجيال؛ حيث يدعم الناخبون الأكبر سناً سياسات "هان" وحزب الكومينتانج في توثيق العلاقات الاقتصادية مع الصين، فيما انحرف صغار التايوانيين نحو "تساي"، التي تعهدت بحماية ديمقراطية تايوان.

وقالت جيسيكا درون، أستاذة منتدبة في معهد بروجيكت 2049: "إن فوز تساي يبدد الرواية التي تدفعها بكين بأن مستقبل تايوان الاقتصادي والسياسي يعتمد على الصين".

وفي حين أن "تساي" قد نصبت نفسها كحامية لسيادة تايوان، يعتقد البعض أنها وحزبها لم يذهبا بعيدا بما فيه الكفاية، حين قالت إنها ستحافظ على السيادة الفعلية الحالية لتايوان وتعارض أي شكل من أشكال "دولة واحدة ونظامان"- وهو المبدأ المستخدم في حكم إقليم هونج كونج المجاور والذي تم طرحه كنموذج محتمل لتايوان.

من جانبه، قال وزير الخارجية "جوزيف وو"، في وقت سابق هذا الأسبوع، إن حكومة "تساي" لن تغير الوضع الراهن للبلاد من خلال إعلانها الاستقلال الرسمي.

وقال "هوانج كايتشنج"، 22 عاماً، الذي تخرج مؤخراً من جامعة في تايبيه: "إذا قالت اليوم إنها ستعمل من أجل استقلال تايوان، فسوف أعطيها صوتي على الفور". كان "هوانج" صوت لصالح "هان" لكنه يعتقد أن أياً من المرشحيْن لم يقدم الكثير؛ وقال "من ننتخب؟، فلن يُحدث أيا من المرشحين فرقًا".

اقرأ أيضاً: رئيسة تايوان ترفض الوحدة مع الصين وفقا لنموذج هونغ كونغ

ويأتي فوز "تساي" بعد نتيجة انتخابات أخرى أحرجت بكين، وذلك عندما فاز المرشحون المؤيدون للديمقراطية فوزا ساحقا في انتخابات المجالس المحلية في هونج كونج، نوفمبر الماضي.

اقرأ أيضاً: الناخبون في تايوان يتوجهون لصناديق الاقتراع وسط توقعات بإثارة غضب بكين

وفي الصين، كان رد الفعل على نتيجة انتخابات تايوان هادئًا إلى حد ما؛ حيث أصدر مجلس الدولة لشؤون تايوان بيانًا يقول إن بكين "تعارض بحزم أي محاولة انفصالية من أجل" استقلال تايوان "وتواصل دعمها لـ" إعادة الوحدة بشكل سلمي".

اقرأ أيضاً: صفعة للصين.. رئيسة تايوان الساعية للاستقلال عن بكين تفوز بولاية ثانية (بروفايل)

وبدا أن مراقبي الانتخابات قد منعوا بعض النقاشات حول عملية التصويت على موقع التدوينات الصغيرة الصيني "ويبو". لكن مستخدمي الإنترنت تركوا تعليقاتهم على تقرير عن فوز "تساي" نُشر على موقع وكالة الأنباء الرسمية (شينخوا)، متهمين وسائل الإعلام المحلية بتضليلهم. وكتب أحدهم "لا يمكننا رؤية المعلومات الحقيقية، وبالتالي فإن نتائج الانتخابات في تايوان وهونج كونج غير متوقعة دائمًا"، متسائلا "كيف يحدث ذلك؟"

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً