مشهد كافٍ لإقالة عدد كبير من المسؤولين، الذين تخلوا عن مسؤولياتهم، مأساة كشفت بالدليل الذي لا يقبل الشك غياب المسؤولين والتنفيذين في محافظة الإسكندرية، وأن الرحمة والشفقة لا مكان لها بينهم.في سط هذا البرد القارس رصدت عدسة "أهل مصر" أم وثلاثة أطفال صغار يعيشون منذ 12 عام بجوار شاطئ "مصرف" بنطاق حي غرب الإسكندرية، ولم يجدوا أي مساعدات أو معونة تأويهم من برودة الجو والأمطار المتواصلة التي لا تكاد تنقطع على مدينة الإسكندرية.التقت "أهل مصر" بالأم التي لا تملك من الدنيا سوى أبنائها الثلاث، لا منزل لها ولا حجرة ولا حتى عشة.. تعيش على أحد جسور أحد المصارف بجوار "هاويس المياه"، الأمر الذي يزيد من قسوة البرد القارس عليها وعلى أبنائها، كما لا تملك الأم أي مال أو دخل لتنفق على أبنائها، ويمضي عليها اليوم دون أن تأكل أو تطعم أبنائها.لا يجد الأطفال الصغار حفاة الأقدام، الذين قُتلت أحلامهم نتيجة نشأتهم وسط مجتمع غابت فيه الإنسانية، سوى حضن والدتهم للهرع إليه كملاذ من الأمطار وهبوب الرياح الشديدة الباردة، لتفتح الأم ثوبها التي لا تمتلك غيره لتحتضنهم، في مشهد يعد صفعة في وجه الإنسانية.
"اسمي فاطمة حسنين محمد.. ارتحلت من موطني بالصعيد إلى الإسكندرية أنا وأولادي منذ 12 عام ولم أجد إلى الآن مأوى سوى هذا المكان وسط التعابين والحشرات الضارة".. بهذه الكلمات بدأت الأم تروي تفاصيل مأساتها، مضيفة أن لديها ثلاثة من الأبناء، أما زوجها فتعتبره قد توفي رغم أنه ما زال على قيد الحياة، ولكن ذلك نظرا لهجره لها ولأولادها وتركهم دون السؤال عنهم، كما أنه يعاني نفسيا.وتضيف الأم: "لا يوجد مأوى لي غير جوار هذا المصرف، وأثناء سقوط الأمطار لا أملك شئ سوى مشمع أحتمي فيه أنا وأولادي من الأمطار". وتابعت "فاطمة"، أنها حاولت كثيرا التواصل مع المسؤولين بالمحافظة ولكن دون جدوى، قائلة: "تواصلت كثيرا مع المسؤولين وزهقت.. والجهل وحش بردو، والمحافظ جاء ورأى الموقع ورآني أنا وأولادي في الشتاء أيضا ومحتمين تحت الكوبري من البرد والشتاء، ولكن لم يحدث شئ، وتم تسليمي بطاقة رقم قومي منذ عدة أيام".
وحول مصدر رزقها، تقول: "أقف بجوار مدخل الميناء وبسترزق منه والناس كلها عارفاني"، مضيفة أن ابنها الصغير يخاطر بنفسه أحيانا ليتمكن من اصطياد بعض الأسماك من مياه المصرف لتناوله، وذلك رغم عمق مياه المصرف واتساعه وما يشكله من خطورة على حياة أطفالها وخشيتها من سقوطهم فيه.
واستطردت الأم الفقيرة: "ابني عنده فوران في الدم بيهرش في جسمه دائما، وغاوي صيد فبيصاد ويطلعلنا السمك وناكلوه، وأنا أحيانا بعلمهم إزاي ياكلوا ويمسكوا الملعقة جيدا زي الناس"، مناشدة المسؤولين: "نفسي في مسكن أعيش فيه أنا وولادي ويأوينا، ونفسي في توفير مياه لنا حيث لا نجد المياه لنشربها".
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
