اعلان

رسومات الحج تزين منازل ضيوف الرحمن وتوثق معالم رحلتهم إلى بلاد الحجاز في قرى قنا (صور)

في موسم الحج وحينما تتجول في شوارع المدن والقرى بمحافظة قنا تشاهد المنازل تتزين برسومات مختلفة تعبر عن مناسك الحج حيث اعتاد الناس والحجاج خاصة في القرى رسم رسومات جميلة على واجهات منازلهم، والتي تظهر أهم مراسم الحج من الطواف حول الكعبة وزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث يرتبط الحج في قري الصعيد بالموسيقى الشعبية والرسومات على جدران المنازل التي تضم زخارف دينية مقدسة تبرز معالم الرحلة الدينية إلى بلاد الحجاز.

كان الفنانون في بداية فن رسومات الحج حرية رسم الرموز الدينية مثل الأنبياء إسماعيل وإبراهيم وتلاميذ النبي محمد والملائكة حتى السبعينات من القرن الماضي هذا ما يؤكده الفنان التشكيلي انس عبدالقادر مشيرًا إلى أن الرسم على جدران البيوت كانت هواية، يقوم بها أصحاب المنزل، ممن يجيدون الرسم، أو من يقومون بواجب التهنئة للحاج إلى أن تطورت الرسومات وأصبحت كحرفة وتجارة، يقوم بها الخطاطون والنقاشون.

ويوضح أنس عبدالقادر، فنان تشكيلي، أن المواد التي كانت تستخدم في تلك الرسومات قديما مواد بسيطة يصنعها الفنان الفطري بنفسه على عكس الآن من ألوان جاهزة وأدوات رسم متطورة، لافتا إلى أنها كانت تتكون من البيض يضاف إلى الأكاسيد أصفر وأحمر وأخضر والزنك والسكر لإضافة اللمعان والبهرجة على الصورة ويطلق عليه حديثا “الورنيش”.

واهتم الحجاج في قرى الصعيد بتخليد مظاهر آدائه للفريضة على جدران منازلهم من خلال هولاء الفنانين الشعبين فمنهم من عني برسم الكعبة المشرفة على أحد الجدران، ورسم نفسه أثناء الطواف.

يقول الدكتور علاء أبوالحمد، مدرس بقسم التصوير بكلية الفنون الجميلة بالأقصر، أن الفنان الفطري المتمرس في رسومات الحاج كان يخاطب الثقافات الأخرى عن طريق التصوير الجداري من خلال ما يصوره خياله وما يترسخ من معالم دينية في ذهنه، مشيرًا إلى أن الفنانين الفطريين الذين يرسمون بتلك الطريقة ليس لهم قواعد أساسية يمشون عليها بل هي متوارثة من خلال تعاقب الثقافات في الفن المصري القديم.

ويضيف أبوالحمد أن رسومات الحاج فالفنان يقوم برسم رحلة المركب والكعبة وكل الرموز التي تعبر عن مراسم الحج، فالفنان الفطري يرسم ما يراه في خياله دون فرض أحد من المتخصصين عليه قواعد يسير عليها.

واهتم الباحثون الأجانب بهذا الفن الفطري الذي اشتهرت به مصر عن سائر البلدان العربية، فخلال جولاتهم بصعيد مصر لفتت أنظارهم الرسومات المنقوشة على معظم البيوت الصعيدية، حتى أن بعضهم قام بتأليف كتب عن رحلة الحج المصرية منها كتاب يحمل عنوان "لوحات الحج" صدر عن قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة من تأليف الكاتبة آفون نيل والمصور آن باركر"Ann Parker؛ Avon Neal" فى سبتمبر 2009، وكتاب آخر للمستشرق الإنجليزي إدوارد لين"Edward lane" يحمل عنوان"المصريون المحدثون" ذكر فيه أنّ المصريين كانوا يقومون بتزيين بيوتهم برسومات الحج فى القرن الثامن عشر.

ويشير محمد سباق من أقدم رسامي الحج في قرى قنا أن الرسومات القديمة على الرغم من تواضعها وبساطتها وألوانها المحدودة إلا أنها نقلت كثيرًا من جوهر فن رسومات الحج في تلك الفترة على النقيض من كتابات الحج اليوم، التي تم تصميمها على الكمبيوتر ثم طبعت على لافتات كبيرة ومعلقة على الجدران.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً