اعلان
اعلان

عمال الحدادة البلدي في سوهاج: نار "نفخ الكير" ولا جنة البطالة (فيديو وصور)

اهل مصر

يخرج في الصباح الباكر كعادته إلى كل سوق يعلمه بمحافظة سوهاج، وخاصة القريب منه، يحمل أدواته البسيطة التي لا تتجاوز المطرقة والسندان والمنكاش والفحم وآلة بدائية يطلق عليها "الكير" على كتفه ويتوكل على الله، بعد وجبة إفطار خفيفة من يد والدته المسنة، ويعود عندما ينتهي السوق وينصرف الجميع منه.

نجاتي 17 عامًا طالب في الصف الثاني الثانوي الصناعي، أحد الشباب الذي رفض الاستسلام للبطالة وأصر أن يكون عونًا لوالده ووالدته وباقي أسرته، امتهن حرفة نفخ الكير عن والده، الذي ورثها عن أجداده منذ زمن بعيد يحكي "نجاتي" قائلًا: أستيقظ في الصباح الباكر وأذهب إلى الأسواق، أتخير مكان أجلس فيه، وأضع معداتي، حيث أضع آلة النفخ على الأرض وأوصلها بماسورة من الحديد، وأضع عليها كمية من التراب والطين، وأمامهما يوجد كمية من فحم الكير، وأقوم بتحريك آلة النفخ، والتي بها مروحة من الداخل تتحرك لإخراج الهواء تجاه الفحم، لتعمل على وهج الفحم الذي أضع فيه قطعة الحديد، ليتحول من اللون الأسود إلى الأصفر الداكن، واتحمل حرارة النار التي تلهف وجوهنا بكل رضا.

يضيف أنه يفتخر بتلك الصناعة حقا، لأنها تعتمد على الموهبة والدقة والمهارة العالية وتحتاج إلى الصبر، وامتهنها من قبل نبي الله داوود عليه السلام، وأن تلك الصناعة يعمل بها الأن القليلون، وقد تتعرض للاندثار نتيجة المخاطر التي تحيط بالعاملين بها، حيث يصاب الكثير منهم بلفحات النار التي تهري أجسادهم، والإصابة بالربو على الصدر نتيجة استنشاق الروائح الكريهة والشرارات الطائرة الناعمة التي لا يرونها بالعين المجردة، وأيضًا تمزق الملابس لوصول الشرارات من النار إليها، بالإضافة إلى الحرارة المنبعثة من الجمر وخاصة في فصل الصيف.

ويؤكد عبدالعليم، شاب في العقد الرابع من العمر، يعمل بتلك المهنة أيضًا، أنه يعمل بها منذ الصغر، ويأتي إليه أصحاب المهن مثل النجارة والسماكين والفلاحين، لصناعة بعض الأدوات والمعدات التي تلزمهم ومنها، فأس كبير أو صغير أو متوسط الحجم، كل حسب ما يحتاج، وخنجر أو سكين أو ساطور، أو وتد حديدي يستخدم في ربط الحيوانات، والحجاري والمشرط والمسمار والحلقة الحديدية والسلسة الحديدية والشنكل، والأزميل والكريك والعتل والأجن ويد بعض أدوات المطابخ وخلافه.

ويضيف أن الكير هو أداة تسعير الجمر وتسخين الحديد، ويدفع الهواء على التنور، لكي ينضج الحديد وينصهر ويتمكن من تشكيله، كما يشاء بالشكل المطلوب.يروي أحد التجار بالأسواق أن مهنة نفخ الكير قاربت على الاندثار، لأن الكثير من أصحابها اتجهوا إلى فتح ورش حدادة حديثة، تساعد على جلب الكثير من المال، ومنهم من ترك الصنعة ليلتحق بأخرى تدر عليه الكثير من الأموال ليتمكن من الإنفاق على أسرته.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بايدن: دول عربية مستعدة للاعتراف بإسرائيل