اعلان

النفط.. حرب تكسير العظام بين الدول العظمى

النفط
النفط

النفط.. ذلك السلاح الاستراتيجي الذي ما زال هو الأقوى على الساحة العالمية، حيث يتحكم في مصائر الدول واقتصادياتها.

وشهدت الفترات الماضية الأسواق النفطية على مستوى العالم حالة من التذبذب، ما بين الارتفاع طارة لتعاود الانخفاض ثم الارتفاع، في حالة من عدم الاستقرار مما أثر بالسلب على اقتصاديات الدول المنتجة والمستوردة على حدة.

وفي الآونة الأخيرة ارتفع سعر النفط ليكسر حاجز 86دولار للبرميل في ظل توقعات للمحللين العالميين أن يكسر حاجز 100دولار للبرميل، لتأتي تصريحات الرئيس الأمريكي جون بايدن، والتي أشبه بالتهديد باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي النفطي لبلاده، لإلزام أوبك بلس بزيادة الإنتاج في ظل قرارها بتثبيت سقف الإنتاج، ليبدأ النفط يتهاوى من جديد ليصل إلى سعر 70 دولار مع توقعات باستمرار انخفاضه.

الدول العظمى تمارس الضغط على كافة الدول في منظمة أوبك +

وفي هذا الصدد قال الدكتور محمد عبد الهادي الخبير الاقتصادي وخبير سوق المال، إن الدول العظمى تمارس الضغط على كافة الدول في منظمة أوبك + وخاصه الولايات المتحدة الأمريكية التي تعاني من ارتفاع التضخم نظير قيامها لطباعة النقود بدون غطاء، بعد جائحة كورونا التي أثرت على الاقتصاد العالمي.

وأوضح "عبد الهادي" في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أنه نتيجة لذلك في ظل انخفاض المواد الخام، وتأثيرها على سلاسل الإمداد والتوريد ارتفع التضخم ودخل العالم في موجه ارتفاع الأسعار وبالتالي أصبح موقف الرئيس الأمريكي بايدن في مواجهة مع شعبه يطالبه بخفض الأسعار، وبالتالي لا يوجد مخرج إلا الضغط لخفض أسعار النفط من خلال عدة وسائل.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن من أهم الوسائل التي استخدمها الرئيس الأمريكي بل وأهمها هو الضغط بالاحتياطي الاستراتيجي النفطي الأمريكي أو الضغط علي حلفاءها في منظمة أوبك + لزيادة الإنتاج اعتبارا من شهر يناير وهذا ما نجحت فيه وانخفضت أسعار النفط أسفل 70 دولار، بعد ارتفاعات وصلت ل86دولار، وقد ساعدها على ذلك اكتشاف متحور جديد لكورونا "أوميكرون"، وظهور أعداد من المصابين في دول وبدء منع وإغلاق عدد دول للطيران، ليعود شبح كورونا مما عمق خسائر النفط عالميا، موضحا أن ذلك كله يصب في مصلحة أمريكا التي نجحت في السيطرة على مجريات الأمور باستخدام أساليب الضغط وقد رضخت باقي أعضاء المنظمة مع تغير ما تم الاتفاق عليه في اجتماع آخر إذا ثبت خطورة "أوميكرون"، وأصبح أكثر انتشارا من كورونا ولم يتم السيطرة عليه وبالتالي قد يكون أسلوب هدنة وتهديه حتى يتضح تأثير المتحور من عدمه.

وأشار الخبير الاقتصادي أن ارتفاع التضخم العالمي، سوف يلقي بظلاله على العالم ويؤدي إلى اتخاذ إجراءات من الدول الكبرى في ظل مطالب بتخفيض الأسعار وخاصه أسعار البنزين وهذا ما قامت به أمريكا من مطالبات منظمة الأوبك + بزيادة إنتاج النفط، وفي الاجتماع الأخير تمت الموافقة على زيادة الإنتاج من شهر يناير 2022 بما يقدر بي 400 ألف برميل يوميا.

وتابع أن أمريكا نجحت بالضغط على منظمة أوبك + ولوحت عده مرات من استخدام الاحتياطي الاستراتيجي وتحالفت مع حلفائها لاستخدام الاحتياطي وبالتالي فرضت سلطتها ومصلحتها الشخصية على كافه المنظمات، ولكن منظمة أوبك قد وافقت لسبب أنها قد تجتمع مره اخري لتحديد سياستها في حالة تأثر العالم بالمتحور الجديد، وهل ستواجه اغلاقات مثل ما حدث مسبقا. وبالتالي سوف تؤدي إلى خفض إنتاجها وقد أرجأت الاجتماع مطلع يناير 2022.

مضيفا أنه نتج عن تلك القرارات انخفاض أسعار النفط أسفل نقطة 70 $ بعد أن ارتفع إلى 86 $ دولار وبالتالي أثر هذا الانخفاض وعمق خسائر أسواق المال العربية نتيجة ارتباط ميزانيتها بأسعار النفط.

تأثير كورونا ومتحوراتها على اتجاهات أوبك

ومن جانبه توقع الدكتور محمد راشد أستاذ الاقتصاد بجامعة بنى سويف، أن يتجه أوبك في قراره نحو زيادة الإنتاج بنحو 400 ألف طن للبرميل بعد فترة طويلة من خفض الإنتاج منذ إبريل 2020 بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا.

وأوضح "راشد" أن ذلك كانت ما توافقت عليه أوبك بلس، من حيث تقليل الإمدادات للحفاظ على تماسك الأسعار، بعد أن سجلت عقود النفط الآجلة آنذاك أسعار سالبة، وهو ما تعد كارثة مدوية وقتها على سوق النفط وبعد الأعباء الكبيرة والتداعيات الاقتصادية التي تحملتها دول العالم، ومنها الدول النفطية جراء تراجع معدلات النمو الاقتصادي واتساع مستويات البطالة وازدياد معدلات عجز الموازنة.

وأضاف أن هذا الواقع يفرض اتجاهاً أكبر لزيادة الإمدادات لسوق النفط لعدة أسباب، وهي زيادة الإيرادات للدول النفطية لمواجهة التحديات والصعوبات الاقتصادية، بالإضافة إلى تهدئة الأسواق، جراء الارتفاع الملموس في معدلات التضخم مما يلقي بظلال اقتصادية غير محمودة علاوة على تأثير ارتفاع أسعار النفط علي تباطؤ النمو الاقتصادي والذي لا يزال هشا، موضحا أن هناك ضغوط من الدول الكبرى على دول أوبك لزيادة الإنتاج نظرا للضغوط الشعبية التي يواجهونها جراء الارتفاع المشهود في الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة وتلويح بعضها باللجوء لمخزون الاحتياطي الاستراتيجي لديها من النفط، مردفا أن عجلة الإنتاج تعود تدريجيا بشكل كبير مع التوسع في إعطاء اللقاحات وما صاحب ذلك من زيادة كبيرة في الطلب على النفط كما أن المتحور الجديد لكورونا لن يؤدى إلى عودة العجلة للوراء وأن هناك اتجاه عالمي لعودة الأنشطة الاقتصادية بعد الخسائر الكبيرة التي تحملتها أغلب دول العالم جراء الإغلاق وما تسببه في زيادة مستويات المديونية وهبوط مستويات التشغيل والنمو الاقتصادي.

- النفط ومعركة التضخم بين أمريكا والعالم

ومن جانبه بدأ محمد دشانوي الخبير الاقتصادي حديثه بأن: "الأسواق طارة فوق وطارت تحت يوم يسود التشاؤم ويوم يولد الأمل لكن الثبات والرؤية على المدى المتوسط والقصير ضبابية".

وأوضح الخبير الاقتصادى فى تصريح خاص لـ"أهل مصر" ، أن الأسواق تقع تحت ضغوط كبيرة افقدتها الشخصية، وخلق مسار واضح وأهم أسباب هذه الضغوط هي ظهور المتحور الجديد لكورونا "أوميكرون " في جنوب افريقيا، واحتمال يكون عصي على التطعميات، وبالتالي زاد القلق واعاد الاغلاق الي الاذهان والخسائر الكبير لكورونا الأول، وبالتالي بدأت تضرب هذه الموجة بتشاؤم كبير في الأسواق، وخاصة أسواق الأسهم والمشتقات المالية.

وأضاف أن النفط ومعركة التضخم بين أمريكا والعالم وهو تعبير دقيق، حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تحفز اقتصادها بصورة كبيرة وتحاول ألا تصل الي خانة "اليك "، والتي تحتاج فيها إلى رفع الفائدة وبالتالي تقليص التضخم، موضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية واجهت التضخم في الخارج، بدلا من الداخل بالضغط على النفط لتخفيض اسعاره تحت 80 دولار، وقامت باستدعاء 50 مليون برميل من احتياطيها لتخفيض الطلب ونجحت بالفعل وهبط النفط تحت 70 دولار واخذ معها اغلب المعادن الرئيسية، باستثناء الحديد الذي أصبح عكس الاتجاه منذ كورونا وارتفع بنسبة 9 %، مردفا ان اكثر الانخفاضات فكانت في اسبوع ( الغاز الطبيعي -17 % / برنت -14 % وبقية المعادن كانت بنسب متفاوتة تقترب -6%).

وأكد الخبير الاقتصادى أن هذين المؤثرين سيواصلون الضغط على الاسعار صعودا وهبوطا في الأجل القريب، معلقا: "لكنني أرى أن التشاؤوم ذات الحظ الأعلى في تغطية دول العالم مما سيجعل الأسواق أقرب للهبوط، وبالنسبة للنفط فان القادم هو رد أوبك وهل ستعمل اجراء عكسي لتخفيض المخزون النفط للدول الرئيسية؟!.

صراعات بين الدول المنتجة والأعضاء بمنظمة اوبك + وبين الولايات المتحدة الأمريكية

ومن جانبه يقول محمد عطا الخبير الاقتصادى ، أن انظار العالم اتجهت فى الفترة الماضية إلى متابعة التحركات السعرية للنفط عالميا فى ظل ما يحدث من صراعات وتطورات بين الدول المنتجة والأعضاء بمنظمة اوبك + وبين الولايات المتحدة الأمريكية التى تمثل اكبر قوة اقتصادية تستخدم النفط ولديها الكثير من الاحتياطات النفطية وكذلك النفط الصخرى، وخاصة بعد ما شهدته اسواق النفط من صعود سعرى اقترب من الضعف حيث صعدت اسعار النفط من مستوى ٤٣ دولار لتصل إلى ٨٥ دولار وهذا ما ترتب عليه الزيادة القوية بمعدلات التضخم عالميا حيث أن أسعار الطاقة تعد عامل اساسى لارتفاع معدلات التضخم .

وأوضح ان الولايات المتحدة الأمريكية شهدت فى الفترة الأخيرة صعود كبير بأسعار البنزين داخليا ليحقق أسعار لم يصل اليها من قبل.

موضحا ان كل هذه الظروف كانت دافع قوى لطلب الولايات المتحدة الأمريكية من الدول الأعضاء بمنظمة اوبك + بزيادة الانتاج للسيطرة على أسعار النفط وإيقاف الصعود المستمر فى ظل ارتفاع الطلب وقلة المعروض إلا أن طلب الولايات المتحدة الأمريكية قوبل بالرفض من الدول المنتجة .

وأضاف ان ذلك الأمر أدى إلى قيام الولايات المتحدة الأمريكية بالإفراج عن جزء من احتياطاتها النفطية للسيطرة على الموقف فى ظاهرة قلما تحدث للضغط على الدول الاعضاء لزيادة الحصص الإنتاجية وإيقاف صعود أسعار النفط

وتزامن هذا الأمر مع ظهور متحور جديد لفيرس كورونا اوميكرون الأمر الذي تم تناوله عالميا فى بداية الأمر بتصدير الخوف والقلق من خطورة المتحور على عكس المتحورات التى ظهرت من قبل مثل دلتا فى خطوة تشير إلى تضخيم الأمر لتحقيق الاستفادة منه.

مشيرا ان التاثير على أسعار النفط اصبح مزدوج ليهبط النفط بأكثر من 10% فى جلسة واحدة، والضغوط أكبر على الدول الأعضاء بأوبك للموافقة على زيادة الإنتاج، لذلك اتجهت انظار العالم جميعا الى اجتماع اوبك للخروج بقرارت زيادة الانتاج بعد ما حدثت هذة التغيرات مؤخرا والضغط الكبير من الولايات المتحدة الأمريكية عليها، ولكن تفاجأ العالم بخروج اوبك بقرار تثبيت حد الإنتاج فى الفترة الحالية مع مراجعة خططها لزيادة الإنتاج قبل اجتماعها التالي المقرر إذا أضعف متحور كورونا الجديد اوميكرون الطلب على النفط.

-أزمة الطاقة العالمية ومخزونات النفط العالمية وطلبات بايدن واحتكار أوبك+

ومن جانبه، يقول مدحت يوسف نائب رئيس هيئة البترول السابق والخبير البترولي أن النفط هو سلاح استراتيجي لعب دورا هاما في انتصار مصر أبان حرب اكتوبر،عندما توقف العالم العربى عن تصدير النفط للدول الغربية للضغط على امريكا وإسرائيل.

وأوضح يوسف ان آثار هذا السلاح علي أمريكا وأوروبا جاءت دامية فالحياة توقفت تماما في تلك الدول وشعرت الحكومات بحرج موقفها وكان القرار بالعمل علي تكوين مخزونات ضخمة من النفط تكفي لسد احتياجات الدول لفترات طويلة لمواجهة أزمات مستقبلية محتملة.

موضحا انه من هنا جاءت الكهوف الملحية في مقدمة اكبر الخزانات القادرة علي استيعاب كميات ضخمة من النفط كما تم تخزين النفط في حقول البترول النابضة علاوة على عمل مشروعات لمستودعات تخزين أرضية موزعة علي مناطق إقليمية متعددة ..كما تم الاحتفاظ ببعض الحقول المكتشفة حديثا دون استغلال إنتاجها رهانا على الاعتماد عليها لاحقا.

واضاف ان قرارات أوبك+ ، مؤخرا، جائت بعد أزمة انهيار سعر برميل النفط إلي مستويات سعرية غير مسبوقة إلي قيام تحالف المنتجين من خلال منظمة أوبك وبالتحالف مع الدول الكبرى المنتجة للنفط وعلي رأسهم روسيا والمسمى أوبك+ بتخفيض سقف انتاج النفط لخفض المعروض إسهاما في رفع سعر برميل النفط وتعافيه سريعًا.

مضيفا انه التزمت لأول مرة دول أوبك+ بالاتفاق والذي ساهم في تدرج سعري للنفط ليبلغ مستوي تعدي أحلام المنتجين ليبلغ مؤخرا ما يفوق مستوي 85 دولار للبرميل مع توقع المزيد من الارتفاع لإصرار أوبك+ على الحفاظ علي مستويات الإنتاج الحالية، ووسط حالة من الاستياء العالمي لمصاحبته لارتفاع معظم السلع، ما أدى إلى مزيد من حالة التضخم الذي تواجهه معظم دول العالم.

.

وأشار ان دعوة الرئيس الأمريكي بايدن بزيادة سقف انتاج النفط للوصول لحالة توازن سعري بما يسمي بالأسعار العادلة لم تحظي باستجابة من أوبك+ كما حدث مع دعوة ترامب حيث ساهمت أمريكا بشكل غير مباشر في انهيار أسعار النفط في ابريل 2020، وبالتالي فكان الرد علي دعوته كان سلبيا.

وأكد أن بايدن اتجه إلى مخزونات النفط لدي أمريكا لاستخدامها فى التأثير على السوق، لكن مخزون أمريكا والدول الكبرى المستهلكة للنفط عموما يصعب تحديد كمياتها علي اعتبار كونها نوع من أنواع الاستراتيجيات السرية للدول المستهلكة وتلك المخزونات سلاح ذو حدين اذا ما تم استخدامها دون دراسات وافية، فيمكن استخدامه كورقة ضغط علي أوبك+ بخفض الطلب وبالتالي زيادة المعروض وما سيتبعه من خفض حتمي للأسعار، إلا أن تلك الخطوة يمكن أن تنعكس عليهم سلبيا إذا ما اتخذت أوبك+ المزيد من خفض سقف الإنتاج لمستويات متدنية وهو الإجراء المقرر حاليا بين دول أوبك+ بالمتابعة الدورية المستمرة علي سوق النفط عالميا والتحرك طبقا لمتغيراته.

ويرى الخبير البترولى ان الاجراء الأمثل الذي يراه معظم الخبراء هو تصعيد المشكلة علي مستوي عالمي من خلال المؤسسات الدولية علي اعتبار أن إجراءات أوبك+ الخاصة بخفض المعروض من النفط هو إجراء احتكاري مرفوض من قبل كافة المؤسسات الدولية وبالتالي يمكن فرض نوع من العقوبات لحث أوبك+ للانصياع لاتفاق يحقق أسعار عادلة للمنتج والمستهلك.

يذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن عاد مرة اخرى للتلويح مجددا بورقة الاحتياطي الاستراتيجي من النفط، في محاولة لخفض الأسعار، بعد أن أمر في وقت سابق باستخدام 50 مليون برميل من مخزون بلاده،حيث قال أن الانخفاض في أسعار البنزين، بدأ يصل إلى الأمريكيين، على الرغم من عدم مشاركة الصين فى الإطلاق العالمي، لاحتياطيات النفط الذى حاولت إدارته تنسيقية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً