اعلان

ارتباك في الاقتصاد العالمي وانهيار في الاقتصاديات الناشئة

الدولار
الدولار

قال الدكتور أيمن فودة خبير سوق المال، إن وتيرة تراجع سعر صرف الجنيه المصري تسارعت مقابل الدولار منذ مارس الماضي، مع قرار المركزي بالتخفيض 20 % وسط العديد من الضغوط العالمية والمحلية بارتفاع تكلفة الواردات على خلفية تداعيات الأزمات المتلاحقة عالميا بداية من كوفيد 19 وصولا إلى الأزمة الروسية الأوكرانية، التي تسببت في الموجة التضخمية العالمية التي طالت الاقتصاد المتقدمة والناشئة.

وأوضح أنها قد زادت تبعاتها السلبية وواصلت ضغوطها على الأسواق الناشئة، التي لم تكن مصر بمنأى عنها كدولة مستهلكة ومستوردة لأكثر من 60 % من سلعها الأساسية من الخارج، لافتًا إلى أن خامات الصناعة الأولية عانت من اضطراب سلاسل التوريد من جهة وارتفاع تكلفة الواردات من جهة أخرى.

والذي جاء مع تراجع التدفقات الدولارية مع الأزمات المتكررة التي تراجعت معها السياحة المصدر الرئيسي والهام في توافر العملة الأجنبية.

وأضاف أنه ارتفعت في الوقت نفسه تكلفة خدمة الدين الخارجي الذي ارتفع نتيجة حرص الدولة المصرية على الوفاء بكافة التزاماتها الخارجية بأقساط وخدمة الدين الخارجي في مواعيدها المحددة والذي تراجع معه الاحتياطي من النقد الأجنبي وصولا إلى 33.141 مليار دولار بعد إضافة ودائع سعودية واستثمارات إماراتية وقطرية في محاولة لسد الفجوة التمويلية بالدولار والحفاظ على مستويات تأمين شراء السلع والمواد الأساسية.

وتابع أنه لا تزال تداعيات الحرب الأوكرانية واتجاه الفيدرالي للمزيد من السياسات النقدية المتشددة لكبح جماح التضخم الذي تراجع بأقل من المتوقع والذي يترقب معه الأوساط المالية العالمية ارتفاعا جديدا للفائدة ب 75 نقطة، أساس من قبل الفيدرالي في اجتماعه المقبل 21 سبتمبر الجاري وهو ما سيزيد من الضغط على سعر الصرف الجنيه مجددًا مع اتجاه العديد من الدول والاقتصادات الناشئة لتخفيض عملتها.

وأشار أن ذلك سيدفع مصر لاتباع سياسة مرنة لإدارة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار للعودة إلى حلبة المنافسة العالمية في استعادة جذب الاستثمارات الأجنبية المتسربة خلال أزمة كورونا ثم الأزمة الروسية الأوكرانية بعد خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة التي كانت تحدث التوازن المطلوب للحفاظ على الجنيه ولو بصورة مؤقتة.

وأشار إلى أنه تترقب الأوساط الاقتصادية والمالية انخفاضا وشيكا لسعر صرف الجنيه لعدة أسباب يأتي في مقدمتها التوافق مع السياسات النقدية المتشددة التي تتبعها الاقتصادات الخارجية في الوقت الحالي والتي تتطلب استقرار سعر الصرف لعودة الثقة للمستثمىر الأجنبي الذي يتطلب وجوده هذا الاستقرار لعدم فقده لأرباحه المحققة في فروقات سعر الصرف، خاصة مع تقارير العديد من المؤسسات المالية العالمية التي تضع الجنيه المصري عند قيم تقل عن قيمته الحالية بحوالي ال 5 %- 10 % أي عند 21-21.5 جنيه/ دولار وهو ما سيحقق التوافق مع متطلبات صندوق النقد الدولي في تنفيذ سياسة مرنة لسعر الجنيه لتحقيق القيمة العادلة التي تضمن وجود استثمارات أجنبية وتعكس القيمة الحقيقية التي تضمن نجاح الدولة في الوفاء بالتزاماتها حال الموافقة على طلب القرض الذي لم تحدد قيمته ولكن يمثل شهادة ثقة في الاقتصاد المصري أمام جهات التمويل ومجتمع الاستثمار الدولي بصفة عامة.

وأكد أن ذلك الأمر بدأ المركزي المصري تحقيقه مع ارتفاع نسب التضخم عالميا ومحليا بتخفيض تجاوز ال 23 % منذ مارس الماضي، بالتوازي مع رفع معدلات الفائدة لكبح جماح هذا التضخم المستورد مع إصدار شهادة الـ 18 % لسحب السيولة المالية والتي نتج عنها سحب أكثر من 70 مليار جنيه خلال شهرين.

وتابع أنه لا تزال محاولات الحكومة بعودة تسهيل استيراد خامات الصناعة الأولية لتشغيل المصانع بكامل طاقتها لسد الطلب المحلي لخفض الاستيراد، وكذلك العودة لتعظيم التصدير لتقليص الفجوة بالميزان التجاري والذي سينعكس بدوره على ميزان المدفوعات مع وضع تسهيلات بتخفيض الضرائب والرسوم على 150 من الخامات الأولية اللازمة للصناعات المهمة التي تم تحديدها.

فيما لا تزال الأنظار تتجه نحو انخفاض آخر وشيك لسعر الصرف، في إطار السياسة المرنة التي يتطلبها قرض صندوق النقد والذي سيضغط على الأسعار مجددا من جهة، ويعكس قيمة حقيقية تعيد للمستثمر الأجنبي ثقته بالسوق المصرية وتمنح الاقتصاد الكلى قبلة الحياة بدخول استثمارات كبيرة مباشرة وغير مباشرة تعظم من التدفق الدولارية لتقليص الفجوة الحالية للتغلب على الارتفاعات المطردة للفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي، التي أربكت أعتى الاقتصادات الكبرى والناشئة ولا زالت تهدد بالمزيد من الضغوط على عملات الدول الناشئة خلال الفترة المقبلة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً