اعلان

«الإدارية العليا» تعيد كرامة عاملة نظافة صفعتها سكرتيرة مدرسة بالقلم

 المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة
كتب : أهل مصر

في حكم حضاري تربوي جديد للقضاء المصرى ينتصر لكرامة عمال النظافة ويحظر الإهانة أو الإساءة إليهم، قضت المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محسن منصور وشعبان عبد العزيز نائبي رئيس مجلس الدولة بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من الطاعنة (ب.م.س) سكرتيرة بمدرسة الهلال الابتدائية المشتركة ببني سويف- قامت بصفع عاملة النظافة بالمدرسة (ن.ب.م) على وجهها وإهانتها وتعدت عليها بالألفاظ غير اللائقة بسبب امتناع عاملة النظافة عن الشهادة الزور لصالح السكرتيرة ضد زميل للسكرتيرة بالمدرسة المدرس (ر.ع.ع).

وتضمنت شكواها وقائع غير صحيحة ضد المدرس لو صحت لإستوجبت عقابه بأن أدعت عليه أنه تحرش بها على خلاف الحقيقة واعتصمت عاملة النظافة بحبل الله وامتنعت عن الشهادة الزور فكان جزاؤها الصفع بالقلم، وعاقبت المحكمة السكرتيرة بخصم أجر عشرة أيام من راتبها.

وقد قررت المحكمة برئاسة القاضي المصري المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة (7) قواعد لحق عمال النظافة كافة في حسن المعاملة وعدم الإهانة أو الإساءة إليهم بالفعل أو القول:

1-المجتمعات تتفاضل فيما بينها بشأن نظرتها إلى الإنسان عامل النظافة، ففي المجتمعات المتقدمة يسعون إلى رقي الإنسان مهما دنت وظيفته، وفي المجتمعات العربية يسعى الكثير إلى التقليل من شأن إنسانية إنسان النظافة والتنقيص من دوره والنظرة إليه نظرة ازدراء

2- عمال النظافة تقوم بدور جوهري في المجتمع، ليجعلوا من حياة المواطنين فى بيئة نظيفة خالية من التلوث لتبدو أكثر جمالاً وأعمال التنظيف محفوفة بالمخاطر والإصابة بالأضرار وهم يتقبلون برضا وتسليم

3- أشد ما يؤلم عمال النظافة استخدام العنف معهم أو الإساءات اللفظية في ظل غياب ثقافة إنسانية النظافة عن أذهان الكثير

4- على الملوّثين للبيئة أن يخجلوا من سلوكهم غير الإنسانى وحرى بعمال النظافة الافتخار بدورهم الحضاري والاجتماعي والجمالي

5- وظيفة عمال النظافة هى الوظيفة الأكثر تقديرًا في المجتمعات المتحضرة حيث يحظى عامل النظافة بكل التقدير والاحترام، كونه الجندي المجهول في إظهار الوجه المشرق للمدن الأوروبية، وأصحاب الزي البرتقالي تقدموا على كثير من المهن

6- عاملة النظافة اعتصمت بحبل الله واستوثقت بالحق وتمسكت بالأمانة وأبت أن تشهد زورا وبهتانًا فنالها الصفع بالقلم على وجهها من سكرتيرة المدرسة ظلماً وعدوانًا فتبت يداها خسرانًا مبينًا

7- عمال النظافة هم الفئة التي تحتاج إلى الدعم الاجتماعي حتى يصلوا إلى مستوى الرضاء الوظيفي فيستمدون منه الحماس والروح المعنوية دون فتور للقيام بعملهم المهم في جعل البيئة نظيفة.

تفاصيل القضية:

قالت المحكمة برئاسة القاضي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة إن المجتمعات تتفاضل فيما بينها بشأن نظرتها إلى الإنسان عامل النظافة, ففى المجتمعات المتقدمة يسعون إلى رقى الإنسان مهما دنت وظيفته، وفى المجتمعات العربية يسعى الكثير إلى التقليل من شأن إنسانية إنسان النظافة والتنقيص من دوره والنظرة إليه نظرة ازدراء، فكثير من الناس ينظرون إلى عامل النظافة نظرة متناقضة بين الازدراء والاستخفاف من ناحية وبين العطف والشفقة من ناحية أخرى , حيث ينظرون إليه على أنه عامل بسيط يفتقد عنصر الكفاءة ويفتقر للذكاء ويتسم بسوء التأهيل مما يكون له أثار سيئة على نفسيتهم وذويهم، وهم الفئة التي تحتاج إلى الدعم الاجتماعى حتى يصلوا إلى مستوى الرضاء الوظيفى فيستمدون منه السعادة والرضا والحماس والروح المعنوية دون فتور للقيام بعملهم المهم فى جعل البيئة نظيفة .

وأضافت المحكمة إن عمال النظافة تقوم بدور جوهري في المجتمع، ليجعلوا من حياة المواطنين فى بيئة نظيفة خالية من التلوث لتبدو أكثر جمالاً حيث يعكفون على تنظيف الشوارع وكنس الطرقات وحمل النفايات ورفع أكياس القمامة , وتراهم منذ الصباح الباكر يبحثون عن أكياس رُميت عشوائياً في الطريق من قبل بعض المواطنين الذين يتغافلون بجعل مهنة هؤلاء أكثر صعوبة ومشقة، وفي الوقت الذي لا يجني هؤلاء العمال مقابل عملهم الشاق أجرًا موازيًا لأهمية ما يقومون به من أعمال التنظيف المحفوفة بالمخاطر مما يجعل إمكانية الإصابة بالأضرار أمراً حتمياً وهم يتقبلون برضا وتسليم، على أن أشد ما يؤلمهم هو استخدام العنف معهم أو الإساءات اللفظية في ظل غياب ثقافة إنسانية النظافة عن أذهان الكثير، وعلى الملوّثين للبيئة أن يخجلوا من سلوكهم غير الإنساني وحرى بعمال النظافة الافتخار بدورهم الحضاري والاجتماعي والجمالي.

وأشارت المحكمة إلى أن وظيفة عمال النظافة هى الوظيفة الأكثر تقديرًا في المجتمعات المتحضرة، حيث يحظى عامل النظافة بكل التقدير والاحترام، كونه الجندي المجهول في إظهار الوجه المشرق للمدن الأوروبية، إلا أنهم في مجتمعاتنا العربية يواجهون سوء التعامل والاحتقار في كثير من الأحيان لأنهم اختاروا لأنفسهم هذه المهنة الشريفة العفيفة الصعبة المحفوفة بالمخاطر الوظيفية، ومن أبسط حقوقهم ألا يعالموا بدونية أو بأساليب غير لائقة، ومن ثم فلا عجب أن يحتل عمال النظافة المركز الأول في الوظائف التي تحظى بتقدير سكان المدن الغربية حيث يوجد تغير في نظرة الناس للوظائف المختلفة، إذ أطاح أصحاب الزي البرتقالي (عمال النظافة) بأصحاب البالطو الأبيض (الأطباء) من على رأس القائمة.

وجاء فيه عمال النظافة والأطباء يحظيان غالبًا بتقدير كبير في الكثير من الحالات لأن كليهما يقوم بعمل ضروري لا يستطيع الإنسان أن ينجزه بنفسه، فضلاً عن أن عمليات التخلص من القمامة تتم بكفاءة عالية.

وأوضحت المحكمة أن الثابت أن الطاعنة (ب.م.س) وهى سكرتيرة بمدرسة الهلال الابتدائية المشتركة ببنى سويف قامت بصفع عاملة النظافة بالمدرسة (ن.ب.م) على وجهها وإهانتها وتعدت عليها بالألفاظ غير اللائقة بسبب امتناع عاملة النظافة عن الشهادة الزور لصالح السكرتيرة ضد زميل للسكرتيرة بالمدرسة المدرس (ر.ع.ع) وضمنت شكواها وقائع غير صحيحة ضد المدرس المذكور لو صحت لاستوجبت عقابه بأن ادعت عليه أنه تحرش بها على خلاف الحقيقة، والثابت أن الطاعنة قالت لعاملة النظافة بعصبية وبصوت عال لأمام مكتب مدير المدرسة "أنتي تعرفي يا عاملة ال --- أنا هاوريكي" ثم قامت بصفعها على وجهها بالقلم وكان ذلك أمـام الشهود المدرسين الذين شهدوا أن عاملة النظافة أجهشت فى البكاء وعلى وجهها أثار الضرب ولم يصدر منها أي لفظ، وقد حاول المدرسون تهدئتها ومواساتها وهي تبكي من أثر الصفع المكلوم، وأن صفعها بالقلم بسبب رفض عاملة النظافة الشهادة الزور مع الطاعنة بغير الحق ضد زميلها المدرس ولوجود خلافات بين المدرس والطاعنة لكن عاملة النظافة اعتصمت بحبل الله واستوثقت بالحق وتمسكت بالأمانة وأبت أن تشهد زورًا وبهتانًا فنالها الصفع بالقلم على وجهها من سكرتيرة المدرسة ظلماً وعدواناً فتبت يداها خسرانًا مبينًا وكان جزاؤها وفاقًا.

واختتمت المحكمة أن ما قامت به الطاعنة من صفع عاملة النظافة بالمدرسة السيدة (ن.ب.م) على وجهها وإهانتها بسبب امتناع عاملة النظافة عن الشهادة الزور لصالح السكرتيرة ضد زميل لها بالمدرسة المدرس (ر.ع.ع) وتعدت عليها بالألفاظ المهينة غير اللائقة التى تنال من وظيفتها كعاملة نظافة والتحقير من شأنها أمام العاملين بالمدرسة يعد مسلكًا معيبًا لا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة فضلا عن افترائها على زميلها المدرس بعبارات غير صحيحة ضده ولو صحت لاستوجبت معاقبته بادعائها أنه تحرش بها وهو مالم يحدث بشهادة الشهود وهو مشهود له بحسن الخلق مما يعد خروجًا منها على مقتضى الواجب الوظيفي لما انطوى عليه مسلكها من التحقير من مهنة عمال النظافة وهي من أشرف المهن وصفعها العاملة المذكورة على وجهها والتطاول عليها بفُحش القول، بما يشكل في حقها إخلالًا بكرامة الوظيفة وانحدارًا بمسلكها في التعامل الإنساني داخل العمل وخروجًا سافرًا عن السلوك السليم الذي يجب أن يسود جميع المهن داخل دولاب العمل الوظيفي، وتكون مجازاة الطاعنة بخصم أجر عشرة أيام من راتبها هو الجزاء الأوفى.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً