اعلان

شعائر الجمعة الأخيرة من ذي القعدة بمسجد شبل الأسود (بث مباشر)

خطبة الجمعة اليوم
خطبة الجمعة اليوم
كتب : عزة رخا

يؤدي الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، شعائر الجمعة الأخيرة من ذي القعدة 1444، من رحاب مسجد سيدي شبل الأسود، بمحافظة المنوفية، تزامناً مع افتتاحه، بحضور محافظ المنوفية وقيادات الدعوة بالمحافظة، وحددت وزارة الأوقاف عنوان خطبة الجمعة الأخيرة من ذي القعدة للحديث عن “مفهوم العمل الصالح وفضل العشر”، والتي تبدأ بتلاوة قرأنية للقارئ الشيخ فاروق أحمد ضيف، وخطيبا الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف.

خطبة الجمعة الأخيرة من ذي القعدة

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

أولًا: خصوصيةُ أمةِ محمدٍ بنفحاتٍ وبركاتٍ.

مِن فضلِ اللهِ تعالي على أمةِ محمدٍ ﷺ أنْ جعلَ لهم مواسمَ للطاعاتِ تتضاعفُ فيها الحسناتُ، وترفعُ فيها الدرجاتُ، وتغفرُ فيها السيئاتِ، فالسعيدُ مَن اغتنمَ هذه الأوقاتِ وتعرضَ لهذه النفحاتِ، ومِن هذه النفحاتِ:

العشرُ الأوائلُ مِن ذي الحجةِ: فقد أخرجَ البخاريُّ عن ابنِ عباسٍ، قال رسولُ اللهِ ﷺ: ” ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ قالَ : ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ .”، لهذا حثَّنَا ﷺ على اغتنامِ هذه النفحاتِ حيثُ قالَ:” افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ من رحمتِهِ، يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ، وسَلوا اللهَ أنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وأنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ “( أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني بسند صحيح).

ومِن هذه النفحاتِ – أيضًا- صيامُ يومِ عرفةَ ويومِ عاشوراء: فصيامُ يومِ عرفةَ يكفرُ ذنوبَ سنتينِ، وصيامُ يومِ عاشوراءَ يكفرُ ذنوبَ سنةٍ، وفي ذلك يقولُ ﷺ:” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ؛ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ.”( مسلم).

يقولُ ابنُ حجرٍ: “وظاهرُهُ أنَّ صيامَ يومِ عرفةَ أفضلُ مِن صيامِ يومِ عاشوراء، وقد قيلَ في الحكمةِ في ذلك إنَّ يومَ عاشوراء منسوبٌ إلى موسَى عليه السلامُ ويومَ عرفةَ منسوبٌ إلى نبيِّ هذه الأمةِ فلذلكَ كانَ أفضل.”( فتح الباري )؛ وكأنَّهُ خصوصيةٌ ونفحةٌ لأمةِ محمدٍ ﷺ.

ومنها : صلاةٌ في المسجدِ الحرامِ: فإنَّها تعدلُ مائةَ ألفِ صلاةٍ فيما سِواه، كما جاءَ في السنةِ الصحيحةِ.

كلُّ هذه النفحاتِ جعلتْ أمةَ مُحمدٍ ﷺ – مع قصرِ أعمارِهَا – تسبقُ جميعَ الأممِ السابقةِ يومَ القيامةِ، مع أنَّهم قبلنَا في الدنيا، كما بشرَنَا نبيُّنَا ﷺ بذلك، فقد أخرج َالبخاريُّ عن أبي هريرةَ أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ:” نحن الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيامَةِ ، بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتابَ من قَبلِنا “، فمع أنَّ اليهودَ والنصارَى قبلنَا في الدنيا إلَّا أنَّ أمةَ محمدٍ ﷺ قبلهُم وسابقةٌ لهُم في البعثِ والحسابِ ودخولِ الجنةِ، كما صرحتْ بذلك روايةُ الإمامِ مسلمٍ حيثُ قال ﷺ:” نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؛ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ. ” .

إنَّ مِن أعظمِ نفحاتِ أمةِ مُحمدٍ ﷺ على الإطلاقِ ( عشرَ ذي الحجةِ )، فها نحن نستقبلُ هذه الأيامَ مواسمَ الخيراتِ والطاعاتِ ، وهذه هباتٌ ربانيةٌ لا تكونُ إلَّا للأمةِ المحمديةِ، أمةِ العملِ القليلِ والأجرِ الكبيرِ والفضلِ العظيمِ، لتحمد اللهَ أنْ جعلكَ مِن أُمةِ مُحمدٍ ﷺ:

وممــا زادَنِي فخــرًا وتيهـــًا ……………… وكــدتُ بأخمــصِي أطـأُ الثـريـا

دخولِي تحتَ قولِكَ يا عبادِي …………….. وأنْ صــيَّرتَ أحمدَ لِي نبيّـــــــًا

بمناسبة عيد العمال.. أئمة المساجد يؤدون خطبة الجمعة حول «حق العمل وأهميته  وإتقانه»

العنصر الثاني من خطبة الجمعة

ثانيًا: خصائصُ وفضائلُ عشرِ ذي الحجةِ.

لقد خُصَّتْ أيامُ العشرِ هذهِ بفضائلَ وخصائصَ جعلتهَا أفضلَ أيامِ الدنيا، ولقد ذكرَ العلماءُ عدةَ فضائلَ وخصائصَ لهذه العشرِ جمعتُهَا لكم مدعمةً بالأدلةِ الصحيحةِ مِن القرآنِ والسنةِ، مِن هذه الخصائصِ:-

أنَّ اللهَ تعالى أقسمَ بها: وإذا أقسمَ اللهُ بشيءٍ دلَّ هذا على عظمِ مكانتهِ وفضلهِ، إذ العظيمُ لا يقسمُ إلَّا بالعظيمِ، قال تعالى: { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }، والليالِي العشرُ هي عشرُ ذي الحجةِ، وهذا ما عليه جمهورُ المفسرين، كما قال بذلك ابنُ عباسٍ وابنُ الزبيرِ ومجاهدٌ وقتادةٌ والضحاكُ وغيرُهُم.

ومنها: أنَّها الأيامُ المعلوماتُ وهي أفضلُ أيامِ الدنيا وجملةُ أربعينَ موسَى عليه السلامُ:

قال تعالى: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } ( الحج : 28) ، وعن جابرٍ رضي اللهُ عنه عن النبيِّ ﷺ قال:” أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشرِ – يعني عشرَ ذي الحجةِ – قيلَ: ولا مثلهنَّ في سبيلِ اللهِ؟ قال: ولا مثلهنَّ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلٌ عفرَ وجهَهُ بالترابِ”( أخرجه البزار وابن حبان بسند حسن)، فأيامُ العشرِ مِن ذي الحجةِ أفضلُ مِن أيامِ العشرِ من رمضانَ لاشتمالِهَا على يومِ عرفةَ ويومِ النحرِ ويومِ الترويةِ، والليالِي العشرُ الأواخرُ مِن رمضانَ أفضلُ مِن ليالِي عشرِ ذي الحجةِ لاشتمالِهَا على ليلةِ القدرِ.

وهي جملةُ أربعينَ موسَى عليه السلامُ المذكورةُ في قولِهِ تعالى: { وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} ( الأعراف: 142) ، قال ابنُ كثيرٍ: ” الأكثرونَ على أنَّ الثلاثينَ هي: ذو القعدةِ وعشرُ ذي الحجةِ، قال بذلك مجاهدٌ ومسروقٌ وابنُ عباسٍ وغيرُهُم. وعن جابرٍ رضي اللهُ عنه قالَ:{وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} قال: هي عشرُ الأضحَى. وعن مجاهدٍ قال: هي العشرُ التي أتممَهَا اللهُ عزَّ وجلَّ لموسَي عليه السلامُ.” أ.ه

ومنها: أنَّها ضمنُ أيامِ الأشهرِ الحرمِ: ومعنى كلمةُ حرمٍ أيْ أنَّ هذه الأشهرَ الحرمَ لها حرمةٌ ومكانةٌ وقداسةٌ وعظمةٌ عندَ اللهِ، لذلك تضاعفُ فيها الحسناتُ كما تضاعفُ فيها السيئاتُ، لحرمةِ هذه الأشهرِ، فيجبُ علي المسلمِ تعظيمُ الحرماتِ في هذه الأشهرِ الحرمِ. يقولُ الإمامُ القرطبيُّ – رحمه اللهُ – ” لا تظلمُوا فيهنَّ أنفسَكُم بارتكابِ الذنوبِ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَهُ إذا عظمَ شيئًا مِن جهةٍ واحدةٍ صارتْ لهُ حرمةٌ واحدةٌ، وإذا عظمَهُ من جهتينِ أو جهاتِ صارتْ حرمتُهُ متعددةً فيضاعفُ فيه العقابُ بالعملِ السيئِ كما يضاعفُ الثوابُ بالعملِ الصالحِ، فإنَّ مَن أطاعَ اللهَ في الشهرِ الحرامِ في البلدِ الحرامِ ليسَ ثوابُهُ ثوابَ مَن أطاعَهُ في الشهرِ الحلالِ في البلدِ الحرامِ، ومَن أطاعَهُ في الشهرِ الحلالِ في البلدِ الحرامِ ليس ثوابُهُ ثوابَ مَن أطاعَهُ في شهرٍ حلالٍ في بلدٍ حلالٍ” ، وقد أشارَ تعالى إلى هذا بقولِهِ تعالى: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً } (الأحزاب: 30) ؛ وذلك لأنَّ الفاحشةَ إذا وقعتْ مِن إحدى نساءِ النبيِّ ﷺ يضاعفُ لها العذابُ ضعفينِ بخلافِ ما إذا وقعتْ مِن غيرهنَّ مِن النساءِ.” أ.ه

ومنها: أنَّ اللهَ أكملَ فيها الدينَ وأتمَّ علينَا النعمةَ: ففي يومِ عرفةَ كَمُلَ الدينُ ونزلَ قولُهُ تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ( المائدة : 3 )، وقد جاءَ رجلٌ مِن اليهودِ إلى عمرَ بنِ الخطابِ – رضي الله عنه – فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، إنَّكُم تقرءونَ آيةً في كتابِكُم، لو علينَا معشرَ اليهودِ نزلتْ لاتخذنَا ذلك اليومَ عيدًا. قال: وأيُّ آيةٍ؟ قال قولُهُ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } فقالَ عمرُ: واللهِ إنِّي لأعلمُ اليومَ الذي نزلتْ على رسولِ اللهِ ﷺ ، والساعةَ التي نزلتْ فيها على رسولِ اللهِ ﷺ ، نزلتْ عَشيةَ عَرَفَة في يومِ جمعةٍ.

ومنها: اجتماعُ أمهاتِ العبادةِ فيها : قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في فتحِ البارِي: “والذي يظهرُ أنَّ السببَ في امتيازِ عشرِ ذي الحجةِ، لمكانِ اجتماعِ أمهاتِ العبادةِ فيها وهي الصلاةُ والصيامُ والصدقةُ والحجُّ ولا يتأتَّى ذلك في غيرِهَا.” وقال الإمامُ أبو حنيفة: جَعلتُ أفاضلُ بين العباداتِ كلمَا تتبعتُ عبادةً وجدتُ لها أفضليةً، فأقولُ: هي الأفضلُ، فلما تتبعتُ الحجَّ وجدتُهُ أفضلَهُم لاشتمالهِ على جميعِ العباداتِ كلِّهَا.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً