اعلان

زواج "القاصرات" في أسيوط.. سرطان خبيث يبتلع الصعيد ويهدد مستقبل الجيل القادم

فتاه
فتاه

"البنت مالهاش غير بيت جوزها".. "ضل راجل ولا ضل حيطة"، عبارات منتشرة داخل مجتمعنا المصري منذ قديم الأزل، ساهمت في هدم الكثير من الأسر المصرية خاصة في محافظات الصعيد، حيث استغل البعض تلك العبارات لتبرير زواج الفتيات قبل بلوغهن وكان لمحافظة أسيوط نصيب كبير من انتشار وتفاقم ظاهرة زواج القاصرات بها، والسبب الرئيسى والمبرر في الإقدام علي ذلك هو مرور الأسرة بظروف مادية صعبة وتكون البنت القاصر هي السلعة التي تقوم الأسرة الفقيرة ببيعها واستغلال القادم من ورائها من أموال لكي يصرف الأب على باقي أخواتها تاركًا أي نتائج أو عواقب تحدث لابنته القاصر سواء جسديًا أو معنويًا أو تعرض أبنائها في المستقبل للضياع لعدم إتمام الزواج بالطريقة الشرعية لعدم اكتمال السن القانوني للفتاة فيتم الزواج بشكل عُرفي وأمام الجميع في القرى، ليشهد الجميع بضياع حقوق تلك القاصر.

تقول "ن. أ. ع" 16 عامًا، تُقيم بإحدى قرى مركز صدفا بمحافظة أسيوط، والتي أنجبت طفلًا ولم تستطيع تسجيله باسم الأب نظرًا لأن الزواج كان عُرفيًا، إنها من أسرة فقيرة ومعدومة ومعها 7 أخوات بنات أخريات والأب لا يستطيع تجهيز بنت واحدة لأنه فلاح ويعمل بالأجر اليومي بالأراضي المجاورة، وعندما تقدم لها عريسًا يكبرها في السن بـ 20 عامًا قام بطلاق زوجته الأولى وتقدم للزواج بها مستغلًا ظروف الأب الصعبة لشرائها بأمواله، متابعة: "وسط ضغط والدتي وقلة حيلة الأب وافقت ولم أعرف معنى زواج، وتم الزواج العُرفي لحين إكمال العامين وتوثيقه بشكل شرعي أمام جميع أهالي القرية".

وتابعت: "بعد الزواج حملت بمولود وأنجبت بعد عامٍ لتبدأ المشاكل مع الزوج في كيفية تسجيل الطفل، فما كان منه إلا أن ألقى بي بالشارع واضطر أبي مع خوفه من بطش عائلته وبعيدًا عن المشاكل تسجيل نجلي باسمه، وبذلك يكون الابن على الورق هو الأخ، ولا أملك سوى قول حسبي الله ونعم الوكيل".

وتُضيف "س. أ. ب"، تقيم بإحدى قرى مركز أسيوط، أنها تزوجت منذ 7 سنوات وهي تحت السن القانوني، وبسبب خلافات مع الزوج تنصل الزوج من الاعتراف بطفله وتسجيله باسمه منذ 7 سنوات فتوجهت إلى المجلس القومي للمرأة لمساعدتها، وقامت محامية مكتب الشكاوى بفرع المجلس القومي في الحصول على حكم بإثبات نسب الطفل لأبيه بعد إنكاره لنسبه مدة 7 أعوام، من خلال رفع دعوى إثبات نسب مجانية على نفقة المجلس برقم 74 لسنة 2020، وصدر الحكم بتاريخ 26 يونيو الجاري بالقبول وصحة نسب الطفل لوالده، وجار استخراج شهادة قيد ميلاد الطفل من الأحوال المدنية من خلال مكتب الشكاوى وقضت محكمة الأسرة بأسيوط بإثبات نسب طفل لأبيه من زواج عرفي بزوجة لم تكن قد بلغت السن القانوني وقت الزواج، وبسبب خلافات بينهما تنصل الزوج من الاعتراف بطفله وتسجيله باسمه.

بينما تروي "ه. ى. و"، تفاصيل مأساتها، فتقول إنها تمر بأصعب مراحل حياتها، حيث كانت صغيرة ولا تعرف شيئًا عندما تقدم لخطبتها أحد الأشخاص ووافق والداها خوفًا من "العنوسة"، كما أنها كطفلة فرحت بـ"فستان الفرح" وكأنه فستان العيد مثل بقية البنات دون إدراك لما هو قادم، متابعة أنه بعد الزواج نشبت خلافات كثيرة بينهما حيث كام يتعدى يوميًا عليها بالضرب المبرح فلم تتحمل ذلك فطلبت الطلاق، وهي الآن حاملًا وتعاني كل المعاناة ولا أحد يستطيع مساعدتها فلجأت إلى محكمة الأسرة لإثبات طفلها القادم.

في ذات السياق، شدد وائل علي أحد المحامين بأسيوط، أنه وفقًا للمادة 277 من قانون العقوبات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين أو بغرامة لا تقل عن 300 جنيها من يخفى معلومات أمام السلطة المختصة حول سن المقبلين على الزواج، ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد عن 500 جنيهًا، كل شخص يعقد زواج طرفين لم يبلغ أحدهما أو كلاهما السن القانوني.

من ناحيتها قالت الدكتورة مروة ممدوح كدواني، مقرر فرع المجلس القومى للمرأة بأسيوط، إن زواج القاصرات منتشر بالقرى لغياب الوعي والجهل وتدخل الأسر بكارثة محققة وقضايا متنوعة ما بين إثبات نسب، وإثبات زواج من أجل الحصول على قسيمة الطلاق، والبحث عن الزوج لأنه لم يعترف بالزواج العرفي، ونماذج أخري متعددة، والغريب في الأمر أن الأهالي اعتادوا تكرار تلك المشاهد بلا مشقة أو عناء، مضيفة أن الفرع يقوم بعمل حملات توعية وندوات ونقف بجوار من تحاول إثبات نسب طفلها برفع محامي متطوع من المجلس القومي للوقوف بجانبها حتى تأخذ حقها، وقد تم منع زفاف طالبة بالإعدادي "قاصر"، في واقعة هي الأولى من نوعها، بعد ورود إشارة من المدرسة الإعدادية التابعة لها العروس، بعقد قرانها عُرفيًا دون أن تبلغ الرابعة عشرة من عمرها، وعلى الفور تدخل ضباط المباحث وأقنعوا والدها بالتوقيع على تعهُّد بعدم التعرض لها أو تزويجها قبل أن تبلغ سن الرشد.

وأكدت "كدوانى"، أن خط نجدة الطفل 16000 التابع للمجلس القومي للطفولة والأمومة لتلقي أي بلاغ انتهاك للطفل أو زواج قاصر فالمادة (80) من الدستور فيما تضمنته من التزام الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري، وزواج القاصر مخالف أيضًا لحكم المادة (96) من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996، المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، في شأن تعريض الطفل للخطر، وما تشكله من جريمة هتك العرض المؤثمة وفق نص المادة (268) من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937، وجريمة الإكراه على التوقيع على عقد الزواج العرفي، المؤثمة وفق حكم المادة (325) من قانون العقوبات، مؤكدة أن المجلس لا يتوانى في اتخاذ كافة الإجراءات التي من شأنها إيقاف تعريض الأطفال للخطر والقضاء على العنف ومنها حالات زواج الأطفال وأن المجلس سيقف دائمًا ضد هذه الممارسات الضارة بالفتيات والتي تعرض حياتهن للخطر وتكرس مفاهيم العنف ضدهن.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الاحتلال: إجلاء 100 ألف من رفح الفلسطينية ضمن عملية محدودة النطاق