اعلان
اعلان

محمود بسيوني يكتب: عقل أكتوبر وحروب الجيل الرابع ‏

الكاتب الصحفي محمود بسيوني ‏
الكاتب الصحفي محمود بسيوني ‏

تهل نسائم أكتوبر النصر ومصر تتعرض لهجمة شرسة في حروب الجيل الرابع ‏المنخرطة فيها منذ 9 سنوات، وقدمت خلالها نموذجًا خاصًا بها في مقاومة عمليات ‏تدمير الدولة باستخدام أدوات الحرب النفسية الزاحفة نحو عقول المصريين عبر ‏وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية، التي تدار من جانب جماعة ‏الإخوان الإرهابية وحلفائها؛ سواء في الدوحة أو إسطنبول أو لندن ،وتصدى فيها عقل ‏أكتوبر المنتصر دوما لقصف العقول بالفوضى والشائعات والدعوات المشبوهة ‏والتشويه المنهجي لرموز ومؤسسات الدولة.‏

تحرك عقل أكتوبر بهدوء ليكشف للشعب المصرى وجه جماعة الإخوان الإرهابية، ‏وإلى أي مدى تكره مصر والمصريين، وبدلا من استخدام الجماعة الإرهابية ‏للمصريين ليكونوا طلقات رصاص تصيب جسد دولتهم، قرر المصريين دفن تلك ‏الجماعة إلى الأبد، والتخلص من بقاياها.‏

انتصر عقل أكتوبر على مشغلي الجماعة في أقبية أجهزة الاستخبارات القطرية ‏والتركية وعرضهم لخسارة مليارات اخرى من الدولارات انفقوها على عملية تدمير ‏مصر بواسطة شخصيات خائنة قذرة احترفت القوادة السياسية مثل الهارب محمد على ‏و ايمن نور و محمد ناصر الشهير بكناريا وحول ضغطهم إلى ضغط مضاد عرى ‏انقساماتهم ، وكأسماك القرش التهموا لحوم بعضهم البعض وتعددت التسريبات ‏القادمة من معسكرهم تحمل فضائحهم الجنسية المخزية وتحولها الى ترندات داخل ‏مصر وخارجها . ‏

تتقاطع العقلية التي أدارت معركة العبور العظيم مع العقلية التي تدير معركة مواجهة ‏الفاشية الدينية في عدة محاور أهمها على الإطلاق التحام الشعب المصري مع قيادته، ‏وحالة الوحدة التي تجمع المصريين من أجل تحقيق هدف واحد وهو الانتصار ‏وتحرير الأرض في أكتوبر ثم التخلص من براثن حكم الجماعة الإرهابية‎.‎

في المعركتين كان الوعي الفطري للمصريين هو البطل، رغم عنف الحملات النفسية ‏وعمليات نشر الإحباط واليأس، إلا أن المصريين تحدوا كل ذلك وقرروا فرض ‏إرادتهم على العالم، صلابتهم وقوة تحملهم وتمسكهم بحريتهم واستقلالهم هزمت كل ‏دعاوى الانهزام، وتمكنت القيادة السياسية فى الحالتين بالتفاف الشعب حولها من ‏تجنيب مصر مخاطر الانزلاق إلى النفق المظلم وتحقيق الأمن والاستقرار‎.‎

عقل أكتوبر يعي جيدًا أن الحرب الجديدة تستهدف تعطيل برنامجه التنموي ‏الطموح ‏وأن العدو يستغل اثارة الجانبية الصعبة للضغط على الناس، ودفعهم للخروج ‏وتدمير ‏الدولة بأكلمها، أو إشعال حربًا أهلية تأكل الأخضر واليابس.‏

تنخدع القوى المهاجمة للدولة المصرية فى شعور المصريين بالغضب من تبعات ‏الإصلاح الاقتصادي، يراهنون على استخدامهم فى انهاء دولتهم وانهاء مشروعها ‏الاقليمى او تدمير جيشها القوى الشريف ، ترى هذه القوى العدوانية أن وجود مصر ‏يعطل مصالحها القائمة على الاستغلال والهيمنة وشهدنا ذلك فى نكسة 1967 .‏

لكن العقل المصرى تعلم الدرس سريعا وقرر ان العلم ونقد الذات هو طريقه الدائم ‏للانتصار، ظهر نتيجة ذلك فى حالة التخطيط المتقن التى ظهر عليها الجيش ‏المصرى وباقى مؤسسات الدولة فى حرب اكتوبر، اطلقت صافرات الانذار بعودة ‏الدولة المصرية القوية بعد سنوات من التيه، وكان لابد من تعطيل ذلك العقل مرة ‏اخرى وتهيأت الاجواء لظهور الفاشية الدينية فى أواخر السبعينات لتلاحق العقل ‏المصرى المنتصر فى اكتوبر، ورغم وصول جماعة الاخوان ممثل الفاشية الدينية ‏الى كرسى الحكم، الا انه استطاع العودة من جديد ليدهش العالم بثورة 30 يونيو، ‏يقود عقل اكتوبر أبناء وأحفاد الذين عبروا للنصر لعبور جديد مع جيشهم لانهاء ‏احتجاز الاسلام السياسى لعقل مصر وتحريرها من براثن الفاشية الدينية‎.‎

يتميز عقل أكتوبر بأنه عقل ناقد لا يخادع نفسه واعى لكل ما يدور حوله لا يراوغ ‏فى الحل ولا يقبل أنصاف الحلول ويبحث دائما عن الحل المبتكر وغير المتوقع ظهر ‏ذلك فى تحطيم الساتر الترابى بخراطيم المياه، ثم ظهر بعد ذلك فى يونيو وهو يدير ‏معركة القضاء على فيروس سى واستخراج الغاز المصرى تحت قصف اعلامى لا ‏يتوقف لينتهى المرض اللعين الذى افترس اكباد المصريين، وينتهى العمل فى حقول ‏الغاز قبل موعده الرسمى لتصبح مصر من بين اهم مراكز الطاقة فى العالم‎.‎

لا يلجأ عقل أكتوبر لتجزئة الحل بل يقوم بحل شامل للأزمة التى يواجهها حتى يقتلع ‏أسبابها ويقوم بذلك وفق منهج وخطة متدرجة منضبطة ولا يتورط فى الاندفاع أو ‏التراجع، لا يتأثر بالأجواء الدعائية المحيطة به حتى لا تجبره على تغيير قراره ‏حسب أهوائها لأنه ثابت فى رؤيته وحركته قائمة على المنهج والخطة فقرار حرب ‏أكتوبر تم حسابه بدقة متناهية ولم يتأثر متخذ القرار بالأجواء المحيطة التى طالبته ‏بالإسراع‎ ‎قبل اتمام الاستعداد .‏

عندما نضع هذه المحددات ونطبقها على حركة الدولة المصرية الآن نجد أنها تدار ‏وفق هذا العقل وكل قراراتها منذ ثورة 30 يونيو مرجعيتها الأولى خبرات عقل ‏أكتوبر، فأول مافعلته الدولة المصرية عقب يونيو كان اعترافها بوجود قصور فادح ‏فى وظائف الدولة وقررت فورا التعامل ومواجهة الأزمات المتراكمة كأزمة انقطاع ‏التيار الكهربائى وانتشارالعشوائيات والاستيلاء على اراضى الدولة والبناء العشوائى ‏ووفق خبرات عقل أكتوبر لم تقبل الدولة المصرية أسلوب المراوغة بل اختارت ‏المواجهة وأصدرت قرارات الاصلاح الاقتصادى ومواجهة البناء العشوائى ‏ومخالفات البناء رغم ما يمكن ان تسببه من ازعاج وتراجع فى الشعبية لأن عقل ‏يونيو لن يقبل بخداع نفسه أو خداع الناس‎.‎

يخوض هذا العقل الفريد الان حربا لا تقل شراسة عن حرب تحرير الأرض من ‏الاحتلال لأنه الان يحرر الأمة من احتلال العوز والمرض والجهل ، يخوض عقل ‏اكتوبر حربا عنوانها التشكيك فى كل ما ينجزه أو يقوم به من أجل الأمة أنها الحرب ‏القذرة التى يقف وراءها ويديرها تحالف الشر من الفاشيست الاخوان وأسيادهم فى ‏الخارج. لم يدرك أعداء هذه الأمة الصامدة أن العقل الذى استعدناه من ظلام التغييب ‏قادر على سحقهم فى حرب التشكيك.. وان قدر الأمة المصرية صانعة التاريخ هو ‏الانتصار.‏

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً