اعلان

أحمد النجار يكتب: كلنا ورثة سمير صبري

سمير صبري
سمير صبري

قبل أعوام قليلة قررت إسرة الفنان الراحل نور الشريف إهداء مكتبته وبعض مقتنياته الخاصة الي مكتبة الإسكندرية بإعتبارها الأهم في توثيق التراث الثقافي و الفني والإنساني في مصر وقبلها أيضا بعدة أشهر قرر ورثة الفنان الكبير الراحل حسن كامي بيع مكتبته الخاصة والتي تضم مجموعة كبيرة من الكتب والمخطوطات النادرة لولا تدخل من الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة السابق لكانت البيعة تمت وراحت مكتبة كامي في خبر كان .

روي لي رائد فن التصوير الفوتوغرافي والسينمائي محمد بكر أن الفنانة الكبيرة الراحلة مديحة يسري ناشدته وهي في مرض موتها الإحتفاظ ببعض مقتنياتها الخاصة التي تعتز بها لكنه فوجئ بإبن شقيقها ووريثها الوحيد وقد باع شقتها بجميع محتوياتها وقبض الثمن وعندما أبلغه بكر بوصية عمته أبلغه أن هناك بعض المقتنيات رأي المشتري إنها لاتستحق وقال له الوريث تعالي شوفها ولو عجبتك خدها بدون فلوس .

تعلمت وزارة الثقافة الدرس جيدا من النماذج السابق ذكرها بعدما تركت ورثة الشخصيات الفنية الخالدة يفعلون مايريدونه بالإرث الفني دون حسيب ولا رقيب لذلك كثيرا ماوجدنا ميراث الكثير من نجوم الفن والأدب متاحا للبيع علي الأرصفة أو علي ظهر عربة كارو تسير في شوارع القاهرة يجلس عليها شخص يردد بصوت عال في كل دقيقة بيكيا .. للبيع .

أسعدني الحظ بالإقتراب من الفنان الكبير الراحل سمير صبري في سنوات عمره الأخيرة وكنا نلتقي بصفة دائمة في القاهرة والإسكندرية حيث مسقط رأسه وأحب الأماكن الي قلبه وعقب رحيله لإثير لغطا حول ميراثه المادي المكون من سيارته التويوتا الفورتشنر وشقته التي يمتلكها بشارع أحمد عرابي بالمهندسين ومكتبه الكائن بشارع سليمان الحلبي بوسط القاهرة وشقته التي إستأجرها بمنطقة الزمالك وأقام بها لسنوات قبل إنتقاله الي المهندسين ومبلغا من المال في حسابه الشخصي بأحد البنوك هو حصيلة مشواره الفني والإعلامي الحافل ويضم الميراث أيضا 21 فيلما من إنتاجه قام ببيع وتأجير حقوق إستغلالها لعدد من القنوات الفضائية .

بعد ساعات من الرحيل دب الخلاف بين الورثة من أبناء عمه وبنات خالته علي الحقوق المادية ولم يتذكر أيا منهم الإرث الفني والإعلامي الذي لايقدر بثمن فراح أحدهم يجلس في الشقة ليحتلها ويجرد مابها من أجهزة وأثاثات وأخرون قرروا الذهاب الي القضاء لحماية أنصبتهم ولم يتذكر واحدا إسم سمير صبري ولا سمعته ولا تاريخه الحافل الذي حققه بموهبته وتعبه وإجتهاده لسنوات طويلة بهدف الحفاظ عليه .

كان لي الحظ دخول مكتب سمير صبري بوسط القاهرة وهالني مايضمه من أرشيف عظيم من الجوائز والدروع والصور النادرة التي جمعت الراحل بشخصيات عظيمه شاركها في أعماله كممثل أو حاورها كمذيع لامع ونسخ أفلامه التي أنتجها من خلال شركته إنتر ناشيونال فيلم .

يضم المكتب كنوزا من المقتنيات الخاصة بالراحل من أفيشات أفلامه وبعضا من الهدايا والنياشين التي تقلد بها في تكريمات مختلفة داخل وخارج مصر .

كان سمير صبري يتحدث عن تلريخه بكل فخر وإعزاز وكنت ألحظ لمعان عينيه وهو يتحدث عن كل جائزة أو عمل قدمه أو حوارا أجراه مع شخصية عظيمة .

وكثيرا ماوجدته في قمة نشوته وسعادته عندما تأتي إليه امرأة لتسلم عليه وتبلغه أنه قام بالغناء في حفل زفافها لذلك أؤكد أن مصر والعرب بمختلف جنسياتهم هم الورثة الحقيقيون لسمير صبري وليس أبناء عمه وخالته فقط

رحل سمير صبري ولم يخلد بذهنه مطلقا أن ورثته سيتقاتلون من أجل المال وليس من أجل تخليد أعماله وذكراه وبدلا من الحديث عن محطات بارزة في مشواره ستتحول دفة الحديث الي متابعة أخبار الدعاوي المتبادلة منهم حول نصيب كل واحد في التركة .

الحفاظ علي إرث العظماء والخالدين أصبح واجبا وطنيا حفاظا عليه من شطحات الورثة أو تهريبه خارج البلاد كما حدث في بعض الحالات لذلك يجب تشريع قانونا ينظم عملية الإرث المادي والأدبي لهم من أجل حمايته وإتاحته للجمهور وللباحثين ولأجيال قادمة من المبدعين يستكملون مسيرتهم بدلا من تركها سداح مداح لمن يدفع أكثر .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً