اعلان
اعلان

"بكائية هدم المساجد".. هل تنجح الجماعات الإسلامية في تشويه مشاريع الدولة التنموية بـ"استثارة العاطفة الدينية"؟

هدم المساجد المخالفة
هدم المساجد المخالفة

دأبت جماعات الإسلام السياسي، على تغليف آرائها السياسية بالصبغة الدينية، كأحد أهم أدوات التسلل إلى عقول الناس، وإضفاء طابع من القداسة على ما يطرحونه من أكاذيب وشائعات يهدفون من ورائها إلى تضليل الرأي العام والسيطرة على عقول البسطاء، وكانت آخر هذه الممارسات الشائعات التي شنوها ضد حملة إزالة مخالفات البناء على الأراضي الزراعية متخذين هدم المساجد المخالفة طريقًا لتشويه ما تقوم به الدولة من إصلاحات، إضافة إلى إتهام الدولة بالكفر والفساد من جانب آخر.

الجماعات الإسلامية.. واستثارة العاطفة الدينية

التركيز على دغدغة مشاعر البسطاء باستخدام الدين حيلة اعتادت جماعات الإسلام السياسي استخدامها، ووفقًا لما يقوله هاني عمارة، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر': فإن استثارة العاطفة الدينية لعموم الناس دأب الجماعات منذ بداية ظهورهم.

هاني عمارة - الباحث في شئون الحركات الإسلامية،هاني عمارة - الباحث في شئون الحركات الإسلامية،

عمارة، يُشير إلى أن حملة الشائعات التي تشنها الجماعات ضد الدولة واللعب على وتيرة هدم المساجد لن تنجح، مؤكدًا: 'بالرغم من كثافة الحملة الهادفة إلى تشويه ما تقوم به الدولة من إصلاحات؛ إلا أنني لا أعتقد أن هذا سيؤثر وستبوء هذه الحملات بالفشل، والسبب أن المواطن غير المنحاز لهذه الجماعات لا يجد مساجد تهدم في محيطه وبالتالي هو يتفهم أن ما تقوم به الدولة دوافعه الأولى إقامة المشاريع التنموية'.

وحول كثافة الحملات التي يشنها عناصر الجماعات الإسلامية بهدف تشويه ما تقوم به الدولة من إصلاحات؛ فقد رصد مؤشر الفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية في تقرير له: أن جماعة الإخوان الإرهابية نشرت خلال الأيام الماضية ما يقرب من 1500 مادة إعلامية تنوعت بين الفتاوى والمقالات والمداخلات ومنشورات منصات التواصل الاجتماعي، والتي تحدثت عن حملات إزالة مخالفات البناء، وقانون التصالح في مخالفات البناء.

وبتحليل هذه المادة الإعلامية، توصل مؤشر الفتوى إلى مجموعة من النتائج، أهمها أن 100% من العينة المرصودة هاجمت القانون وجرَّته إلى مساحة المخالفة الشرعية، وحملت أتباع الجماعة على تكفير الدولة، ومحاولة صرف نظر الناس عن هدف القانون الوطني من إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وهو الحفاظ على الرقعة الزراعية، لذا، فقد جاء خطاب الجماعة المضاد للمصلحة الوطنية محملًّا بالأكاذيب ومحرضًا على العنف ومعرقلًا لمسيرة الإصلاح.

المسجد.. مركز الجماعات المتطرفة

التقليل من الإصلاحات والمشاريع التنموية التي تقوم بها الدولة ليس الهدف الوحيد الذي تسعى الجماعات الإسلامية إلى تحقيقه، لكن هدم بعض المساجد التي بُنيت عن طريق التحايل والمخالفة والتي كان يتخذها عناصر جماعة الإخوان الإرهابية مركزًا لنشر فكرهم يُعَدُّ أحد أهم أسباب الحملة التي تشنها الجماعة والتي يمكن أن نطلق عليها 'بكائية هدم المساجد'.

يؤكد هذا الشيخ أحمد البهي، الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف؛ إذ يقول في منشور كتبه على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي 'فيس بوك': 'على امتداد محور المحمودية بالبحيرة تم هدم حوالي 10 مساجد وجمعيات وكافيهات وحالات تعدي على حرم الطريق، مثلما حدث في الإسكندرية وهدمت مساجد وبُنى غيرها، وهذا شرعًا وقانونًا يجوز للضرورة والمصلحة العامة ما دام سيتم بناء مسجد بديل'.

منشور الشيخ أحمد البهي - الإمام والخطيب بوزارة الأوقافمنشور الشيخ أحمد البهي - الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف

لماذا من كل هذه المساجد يُركز الإخوان حملاتهم عن مسجد الصحابة بالأخص؟ يتساءل الشيخ البهي، ويُجيب قائلًا: 'لأن هذا المسجد كان كعبة الإخوان في البحيرة حتى العام ٢٠١٣، وكل إخواني في كفر الدوار والبحيرة بل ومحافظات مجاورة يعرف هذا المسجد جيدًا، ومنذ زمن كان وجدي غنيم له دروس هناك، وكذلك قيادات إخوانية بارزة كانت لهم دروس في هذا المسجد الذي كان أيضًا مكانًا رئيسيًا يعتكفون داخله في شهر رمضان.. صحيح ابتعدوا عن هذا المسجد منذ سنين؛ لكن غالبيتهم كانوا يحلمون باليوم الذي يعودون فيه مرة أخرى ليسيطروا عليه'.

دار الإفتاء المصريةدار الإفتاء المصرية

وحول مشروعية هدم المساجد أكدت دار الإفتاء المصرية: 'أن بِناءَ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ بالتحايل على القانون أو بمخالفته أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا، وأن الحرمة أشد لو كان ذلك ذريعةً لاستِباحة ما حوله من الأراضي الزراعية المحظور البناء عليها ببنائها، وليس لله تعالى حاجة في بناء بيتٍ يضر مصالح عباده واقتصادهم ولا يقصد به وجهه'.

وأشارت الدار - في فتوى لها - أنه من القواعد التي قررتها الشريعة أن درء المفسدة مُقدَّمٌ على جلب المصلحة، كما أن الشريعة قد راعت ترتيب المصالح وترتيب المفاسد عند التعارض، وترتيب المصالح يكون بتقديم أكثرها نفعًا، كما أن ترتيب المفاسد يكون بتقديم أقلها ضررًا، ومِن ثَمَّ قَدَّم الشرع تحصيل مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عند التعارض، كما قَدَّم دفع المفسدة التي تلحق بالمجموع على دفع المفسدة التي تلحق بالفرد عند التعارض.

المسجد.. وكر الجماعات الإسلامية

حلم العودة إلى السيطرة على مساجد بعينها، يقودنا إلى معرفة أهمية المسجد لدى جماعات الإسلام السياسي كونه وكرٌ ينشرون من خلاله فكرهم المتطرف وليس دار عبادة تؤدى فيه الصلوات. يقول سامح عسكر، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية: إن المسجد له أهمية خاصة في أدبيات وعرف جماعات الإسلام السياسي؛ لأن هؤلاء يبدأون مشروعهم السياسي داخل المسجد، ويتمددون وينتشرون من خلاله، وتتركز وسائلهم في الحشد الديني عن طريق التخويف ورفع معدل الخطر وهذا لا يتم إلا في المساجد.

عسكر، يؤكد في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن عناصر الجماعات الدينية مثلما اعتادوا تأويل النصوص الدينية تأويلًا خاطئًا يخدم مشروعهم السياسي ويتوافق مع أفكارهم، فهم كذلك دأبوا على تفريغ المسجد من دوره الرئيس، وتحويله من مركز للدين - بمعنى أن ممارسة طقوس وشعائر التدين دائمًا تكون داخله - إلى مركز لإستقطاب الشباب وإقناع الناس بفكرهم المتطرف عن طريق تغليف هذا الفكر بقدسية المسجد.

سامح عسكر - الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلاميةسامح عسكر - الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية

الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، يرى أن من أهم وسائل القضاء على أوكار الجماعات الدينية هو فصل المساجد عن السياسة، وهذا سيتحقق عن طريق سن القوانين الملزمة، إضافة إلى فتح نوافذ إعلامية للمثقفين والمفكرين لأنهم الأقدر على كشف عوار فكر جماعات الإسلام السياسي.

وحول قدرة المصريين على تشكيل رأي عام واعٍ وأقوى من إشاعات الجماعات الدينية، يؤكد هاني عمارة، الباحث في شئون الحركات الإسلامية: 'أعتقد أننا قادرون على فعل هذا، وهو ما يتحقق بالفعل مع الوقت وإن كان بوتيرة أبطأ من المطلوب، ولكن على أية حال نحن في طور تحجيم الفكر السلفي والجماعات الدينية بالعموم، وإن كنت لا أتوقع القضاء على هذا الفكر نهائيًا، خاصة وأن عناصر هذه الجماعات يدركون أنهم خسروا كثيرًا من قواعدهم الشعبية، وجهودهم الآن تتركز في الحفاظ على ما تبقى من مكتسباتهم الاجتماعية والاقتصادية'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
يديعوت أحرونوت: إدارة بايدن تدرك أن نتنياهو لا يستطيع قيادة إسرائيل