اعلان

رفيق الاعتقال مع «العارضة» يروي مشاهد التحقيق داخل زنازين سجن جلبوع.. ويكشف أسرار صفقة تبادل الأسرى (خاص)

سجن جلبوع
سجن جلبوع

'وضعوا على فمه السلاسل، ربطوا يده بصخرة الموتى، أخذوا طعامه والملابس والبيارق، ورموه في زنزانة الموتى، طردوه من كل المرافئ، يا دامى العينين والكفين، إن الليل زائل، وحِدنا بمعجزةٍ فلسطينيةٍ.. فلسطينُ قصتُنا.. فلسطينُ غُصتُنا.. وفلسطينُ اختبار الله'، هكذا وصف الشاعر الفلسطيني 'محمود درويش' الأسير الفلسطيني، ومن هنا نأخذكم في رحلة قصيرة داخل سجن جلبوع من خلال أحد رفقاء الزنزانة للأسير الذي استطاع الهرب في 6 سبتمبر الماضي مع 5 أسرى آخرون وهو 'محمود العارضة' الذي لُقب بمهندس عملية 'النفق التاريخية' التي هزت قلب الاحتلال الصهيوني، في 16 سبتمبر الماضي استطاع موقع 'أهل مصر' عبور بوابات سجن جلبوع من خلال أحد الحقوقيين لعمل لقاء مع أحد الأسرى المعتقلين داخل السجن.

وقد نجحنا في ذلك وإليكم رابط الحوار بالتسجيل الصوتي في الرابط التالي:

أول تصريح لأسير داخل سجن «جلبوع» يكشف التفاصيل الكاملة لـ«أهل مصر» عن معركة «المراحيض» (تسجيل صوتي)

وشاء القدر أن يخرج 'أمير مخول' الذي لم نستطع حينها كتابة اسمه سوى برموز حتى لا يتم إيذاءه من قبل الاحتلال الإسرائيلي إلى نور الحرية؛ بعد قضاء مدة حبسه وهي 9 سنوات قضاها كاملة داخل سجن جلبوع أو كما أطلق عليه 'الخزنة'.

وقال: 'لا يمكن الهروب منه بأي طريقة أو معرفة الاتجاه الصحيح، فهو شُيد على الطريقة العالمية لكن نجح الأسرى الـ6 في صناعة المستحيل، ونجحنا في تحقيق انتصار ذهني من دون شك، وتردد كثيرًا داخل جدران السجن عن الضباط أنهم ساعدوا في دخول هواتف لكثير من المعتقلين، والمساعدة في تعطيل كاميرات المراقبة داخل الزنزانة لمدة عام كامل بشكل غير دوري، حيث تم وقف الأشرطة في أوقات متباعدة حتى لا يفلح حراس غرف المراقبة من متابعة ما يدور داخل أروقة المعتقل'، هكذا بدأ 'أمير مخول' حديثه معنا بعد خروجه الجمعة الماضية من المعتقل الأشد حراسة في إسرائيل.

وأضاف: معتقل 'الخزنة' قضيت فيه 9 سنوات من عمري، تعرفت فيه على معنى القهر الحقيقي، في معتقل جلبوع كل شيء متاح، لا يوجد قوانين، وهناك أيضاً كنت زميلاً في زنزانة واحدة مع الرفيق 'محمود العارضة' قبل أن ينقل في زنزانة أخرى مع الأسرى الـ6 ورفاق أخريين.

رحلة داخل زنازين تحقيق سجن جلبوع

يختلف سجن جلبوع عن غيره، ففي باقي المعتقلات يتم التحقيق في البداية زنازين مخصصة للتحقيق، خارج المعتقلات، ولكن معتقل جلبوع زنازين التحقيق داخله هي أشبه بالجحيم على الأرض.

وتذكر 'أمير' التحقيقات الأولية معه وقال بنبرة شجن، بالنسبة للتحقيقات تشمل عدة أنواع أشدها صعوبة تحقيقات الأمن العام 'الشاباك' ويكون فيها منع من لقاء المحامي وتبدأ عملية 'الفراغ' وهي تفريغ المعتقل من كل شيء وعزله عن كل شيء، ووضعه في زنزانة باردة للغاية يتحكمون في درجة حرارتها للضغط على الأسير خلال تلك التحقيقات، ويتحكمون في ساعات نومه لا يدعونه ينام، يحاولون شبحه من خلال كرسي الشبح مكبل اليدين والرجلين وفوقه يشغلون المكيف، لخلق حالة من الهذيان وإنهاكه، وانتهاكه نفسياً..

زنزانة تحقيق سجن جلبوع مساحتها متر في 90 سنتيمتر وعرضها متر، والحوائط مدببة وتجرح، ولا يتسطيع الأسير أن ينام لأنه يكون بطول الزنزانة، كما أنه ينام على الأرض، فمخدته تكون حذاءه.

وهناك خلال تلك التحقيقات ما يسمى 'العصافير' وهم أشخاص مستعربين أو عرب خائنين وعملاء يدخلون في زنزانة بها بعض الأسرى ليعرفون ماذا يقولون ويأخذون منك المعلومات بشكل غير مباشر، بعد تلك التحقيقات يتم تحويله للسجن والمعتقل بالنسبة للأسير مقارنة بزنازين التحقيق ملاذا وحرية لأنه يعود لزمائله وهويته بعد أن انقطع عن العالم لمدة 14 يوما.

رفيق الزنزانة يتحدث عن محمود العارضة

ويتابع 'مخول' حديثه في حماسة شديدة ونبرة سعيدة بعد استنشاق رحيق هواء فلسطين وجبال 'بيسان'، أن محمود العارضة كان مثقفاً للغاية وزاد وعيه بالقضية الفلسطينية داخل سجن جلبوع، حيث شكلت تجربة الاعتقال الأولى محطة هامة في بناء وعيه للقضية الفلسطينية، فواصل في السجن دراسة الثانوية العامة واجتازها بنجاح، وقد تم إطلاق سراحه في عملية الإفراج عقب اتفاقيات أوسلو عام 1994، أما الاعتقال الثاني فكان الأطول مدة حيث حكم عليه بالسجن مدى الحياة، وظل بسجون الاحتلال حتى تمكن من الهروب في 6 سبتمبر، وفي هذا الاعتقال الثاني قابلته.

ثم تغيرت نبرة 'مخول' إلى الحزن متذكراً حديث 'محمود العارضة' عن حبه الشديد لوالدته التي فارقت الحياة وهو داخل سجن جلبوع، وكان أكثر ما يؤرقه هو رؤيتها لكن الاعتقال حال دون ذلك وعند معرفته خبر وفاتها بعد اعتقاله الثاني كان في حالة نفسية سيئة، ولم أستطع حينها مقابلته لأنه تم نقله على سجن الناصرة لم يعود إلى سجن جلبوع، لكني كنت على تواصل مع محاميه الذي زارني أيضاً في بداية خروجي ليوصل لي تحيات 'العارضة' ليطمئني عليه، وقال لي على لسانه 'لم نهزم استطعنا هزيمتهم تلك المرة وستنجح الأخرى اطمئن'.

ويستكمل حديثه عن 'العارضة' قائلاً: 'إنه كان إنساناً بمعنى الكلمة حيث كان يساعد الأسرى القادمين من زنازين التحقيقات نفسياً على تخطى الأمر، والعودة إلى الحماسة والشجاعة لكسر أنوف الاحتلال، حتى إنني أذكر حادثة خلال تواجدي معه أثناء 'الفسحة' بعد نقله إلى زنزانة أخرى، كان هناك أسير من زملائنا تعرض للضرب المبرح من أحد الحراس بعد أن أهانه الحارس بوالدته فبصق السجين على وجه الحارس فتعرض للحبس الانفرادي والضرب المبرح، عقب مقابلة 'العارضة' له خلال 'الفسحة' ربط على كتفه وقال 'رجال ابن رجال' لا تنحني هم يضربونك لأنهم الأضعف وأنت الأقوى.

اختيار الوقت كان له دلالة

وأضاف 'مخول' قائلاً: 'اختيار الوقت من قبل الأسرى الفلسطينيين كان له دلالة هامة حيث توازى مع يوم عيد الغفران، لتوصيل رسالة في هذا التوقيت للاحتلال الإسرائيلي، تذكرهم بعبور 73، حيث أن العنجهية الإسرائيلية تم وأدها في حرب أكتوبر المجيدة بعد أن عبرت مصر قناة السويس.

إضراب الأسرى الفلسطينيين حمى محمود ورفاقه من موت محقق

ويتابع 'مخول' أنه عقب هروب الأسرى الـ6 كان الشغل الشاغل للاحتلال الإسرائيلي اغتيالهم أو تعذيبهم حتى الموت لرفض تسليمهم في صفقة تبادل الأسرى التي اقترحتها حماس، لكن إضراب الأسرى في جميع سجون الاحتلال عقب التعذيب الوحشي للأسير 'زكريا الزبيدي' أوقف ذلك المخطط الصهيوني، وغير المعادلة داخل السجون حيث أوقف إلى حد كبير التعذيب الوحشي بشكل مؤقت للأسرى.

وعن صفقة تبادل الأسرى، قال 'أمير'، إن حماس اقترحت ذلك، ولكن الاحتلال الإسرائيلي يمكنه أن يشترط نفي الأسرى الـ6 خارج فلسطين، ولكن أرى أن الاحتلال الإسرائيلي عقب صفقة 'شاليط' أصبح الدم الإسرائيلي لديه رخيص فيمكن أن يعتبرون أسراهم أبطالا لذا يمكن التخلي عنهم بسهولة مقابل عدم الإفراج عن الأسرى الـ6 لكسر عزيمتهم، ولكن الأمر لن ينتهي عند ذلك فهذه البداية فقط.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً