اعلان

"مصيدة القروض الصغيرة".. الإجراءات الميسرة وسيلة اصطياد فقراء وشباب البحيرة.. والسجن النهاية المأساوية

إعلانات القروض الصغيرة بالبحيرة
إعلانات القروض الصغيرة بالبحيرة

تمتلئ منازل مدن وقرى محافظة البحيرة، بأورق إعلانات توفير فرص التقديم على قروضٍ بمبلغ مالية من الجميعات الخاصة أو الأهلية، وقد انتشرت هذه الإعلانات بكثرة خلال الفترة الزمنية الأخيرة، ولاقت رواجًا بين الأهالي بسبب سوء الأحوال المادية لدىّ الكثير من الأسر التي لا يوجد أمام عائليها أي خيار آخر سوى اللجوء إلى الاقتراض، والموافقة علي الشروط المعلن عنها وتسديد نسبة الفوائد التي تصل في بعض الأحيان إلى ٥٠ ٪ من قيمة القرض.

مصيدة القروض

يقول إسلام إسماعيل، شابٌ حديث التخرج، ومقيم بمدينة دمنهور: إن الحصول على قرض ما هو إلا مصيدة يقع فيها الشباب وكبار السن من الفقراء، وتبدأ بعدها ملاحقتهم بالقضايا ثم السجن في حال عجزهم عن السداد، مشيرًا إلى أن الأوراق المطلوبة للحصول على القرض هى: وصل كهرباء، ومعاينة لمكان المشروع، وضمان لقيمة المبلغ، سواء كان هذا الضمان منزل أو مواشي أو أرض زراعية، وأوراق بيانات شخصية للشخص الذي يرد الحصول على القرض، ثم بعد ذلك تفحص لجنة الأوراق، وخلال مدة لا تتجاوز 10 أيام يتم التواصل من أحد موظفي الجمعية لاستلام المبلغ، ويوقع المقترض على وصل أمانة.

يروى «إسماعيل»، معاناته عقب حصوله على قرض قيمته 25 ألف جنيه، وكانت قيمة الفوائد 5 آلاف جنيه مضافة لقيمة القرض، مع شرط جزائي في حال التأخر عن موعد السداد يتم فرض مبالغ مالية غرامة؛ إذ يقول: «بعد التخرج قدمت أوراقي في العديد من الأماكن التي أعلنت عن توافر فرص عمل لديها، سواء ما كان منها موافقًا لمجال دراستي أو غير موافق؛ فقد كان كل ما يشغلني هو الحصول على فرصة عمل، وللأسف الرد في كل مرة هو الرفض، وذات يوم عرض علىّ أحد الجيران فكرة التقديم للحصول على قرض مالي، وتأسيس مشروع خاص، وأكد لي أن هناك العديد من الشباب يعملون مندوبين للجمعيات المانحة للقروض، ويسهلون إجراءات الحصول على القرض».

وتابع: «في بداية الأمر تمكنت من سداد الكثير من الأقساط الشهرية، ثم تعثرت بسبب أزمة مالية، ولم أتمكن من السداد 4 أشهر متتالية حتى فوجئت بإنذار على يد محضر يفيد بأن الجمعية تقدمت ضدي ببلاغ لعدم سداد المتبقي من المبلغ، وسعيت بكل السبل لإنهاء هذا الأمر وإنقاذ نفسي من السجن، وبالفعل نجحت في التصالح مع الجمعية ولكن بعد أن وقعت لهم على غرامة إضافية أطلقوا عليها "غرامة تأخير"، وألزموني بدفع أتعاب المحاماة».

تجهيز الفتيات

وأشارت سمية على حسن، ربة منزل، إلى أنها بعد وفاة زوجها اضطرت إلى العمل كبائعة خضار في الأسواق، حتى تتمكن من توفير احتياجات عائلتها، واستمرت حياتها بهذا المنوال حتى ارتبطت نجلتها الكبرى وحُدد موعد زفافها، ولم تجد أمامها أي خيار إلا الحصول على قرضٍ من إحدى الجمعيات بمدينة دمنهور لتجهيز ابنتها، وبعد أشهر قليلة من حصولها على القرض أصيبت نجلتها الصغيرى بمرض نادر؛ فأنفقت كل دخلها على علاجها، وعجزت عن دفع الأقساط المستحقة عليها.

تعثرت هذه الأم عن سداد ما تبقى من أقساط القرض بسبب مرض نجلتها الصغرى، وذهبت إلى مقر الجمعية ترجوهم أن يمهلوها بعض الوقت حتى تتدبر أمرها؛ لكنهم رفضوا الاستماع لها بحجة أن الشروط المنصوص عليها في عقد الحصول على القرض تُلزمها بالسداد المتتابع دون أي انقطاع وإلا ستتعرض للمسألة القانوينة؛ تقول السيدة سمية: «حاولت توفير القسط الشهري ولكن مرض ابنتي أخذ كل دخلي، وأصبحت عاجزة عن السداد، وبعد فترة قصيرة رفع مسئولي الجمعية قضية ضدي وألقى القبض علىّ، وبقيت في السجن عدة أيام ولم ينقذني سوى فاعل خير تطوع بتجميع قيمة القرض وفوائده من الأهالي، وسدده للجمعية وتم التنازل عن القضية وأفرج عني».

ومن جانبه، أوضح الدكتور حاتم أبو النجا، وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بمحافظة البحيرة، أن الجميعات المانحة للقروض بالمحافظة جميعها تعمل تحت مظلة القانون، ولا يوجد بينهم أي كيان مخالف، والمديرية من جانبها تكثف الرقابة على الجمعيات بشكل دائم ودقيق، وفي حال اكتشاف أي جمعية تعمل بدون ترخيص يتم إغلاقها فورًا، وحتى الآن لم نسجل أي مخالفة تجاه الجمعيات المرخصة، والسبب الرئيس في النزاعات التي تحدث بين المواطنين ومسئولي الجمعيات هو عدم التزام المُقترض بشروط السداد المدونة في بند العقد.

وأضاف وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالبحيرة، أن شروط الحصول على تصريح تأسيس جمعية يتم من خلال تقديم أوراق من صاحب المشروع يُفيد بأسماء أعضاء مجلس الإدارة، وكل البيانات الخاصة بالمنشأة، وطبيعة أنشطتها، وهيكلها الوظيفي، إضافة إلى إجراءات أخرى، وعقب فحص كافة الأوراق المقدمة والتأكد من صحتها نوافق على اشهار الجمعية، مؤكدًا أن الفترة الأخيرة شهدت إقبالًا كبيرًا من رجال الأعمال على تأسيس جمعيات تمنح الشباب قروضًا لتمويل المشروعات الصغيرة، بهدف توفير فرص عمل جديدة للخريجين.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً