اعلان
اعلان

لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً . لماذا استخدمت الآية " منكم" ؟ وهل سمح القرآن بالخلاف بين المسلمين ؟

القرأن الكريم
القرأن الكريم

يقول المولى في كتابه العزيز : {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)} [آل عمران : 105] ، واوجب على النبي صلى الله عليه وسلم البراءة منهم بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) فهل الاختلاف في الدين منهيا عنه ، وهل الخلاف بين المسلمين في مسائل الدين ظاهرة مستحدثة أم أنها قديمة منذ اختلاف الصحابة بينهم وبين بعض، وهل الاختلاف حول أمر من أمور الشريعة يبطل العمل بها؟ وكيف تصرف الصحابة إزاء الخلاف فيما بينهم؟ اختلاف الصحابة كان عن ضرورة و اختلاف طبيعي منهم في الفهم ؛ لا اختيارة منهم للخلاف، يضاف إلى ذلك أمور أخرى كانت في زمنهم ، استلزمت اختلافهم ثم زالت من بعدهم ، ومثل هذا الاختلاف لا يمكن الخلاص منه كلا ، ولا يلحق أهله الذم ، لعدم تحقق شرط المؤاخذة، وهو القصد أو الإصرار عليه كان التابعين من مقلدي الأئمة وتلاميذهم يخالفون الأئمة ويخالفون أئمتهم حرصا منهم على الالتزام بالكتاب والسنة، وكان الاختلاف القائم بينهم ليس خلافا يمس العقيدة ولا يمس ما علم من الدين بالضرورة، ولكن من الخلاف الذي يمثل رحمة للمؤمنين وسعة لهم للاختيار بين أيسر الأحكام.

اقرأ أيضا .. تِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ.. هل عاتب النبى ربّه ؟ وهل يجوز للمسلم أن يعاتب الله ؟

 

والدليل على مشروعية الخلاف بين المسلمين هو قول الله تعالى 'لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ'، فاستخدام القرآن الكريم لفظة ' مِنكُمْ ' هى تعبير عن توجيه الخطاب للمسلمين المخاطبين بالقرآن الكريم، ذلك أنّ تأكيد القرآن على مشروعية الاختلاف ووجوبه باعتباره سنّة من سنن الكون وآية من آيات الخالق جعل من مقولة الحقيقة الدينية المطلقة مقولة هشّة لا تستجيب لخطاب القرآن ولا تعكس تاريخية المعتقدات الدينية ونسبيّتها. وعلى هذا الأساس بيّن القرآن أنّ الحقيقة المطلقة لا يعلمها إلاّ الله وعلى الإنسان أن يجتهد في تمثّل هذه الحقيقة بحسب وضعه التاريخي وسياقه الثقافي ولا يقدر على حسم هذه الاختلافات غير الله فهو فقط من يحكم بين المختلفين من بعد اختلافهم، والدليل على ذلك الأتباع من الصالحين كانوا يحرصون على الالتزام بآيات القرآن الكريم وأحكام القرآن الكريم وبأحكام السنة النبوية المشرفة، حتى لو أدى ذلك لمخالفة أئمتهم، كما كان الصالحين من التابعين يعتبر أن الخلاف في الحكم الشرعي ليس داعيا أو سببا لأن يتم تعطيل الحكم الشرعي ولا العمل بالكتاب بالسنة . فقد كان أتباع الأئمة وثلة من الأولين

WhatsApp
Telegram