اعلان

20 وزيرا لحقيبتي "التعليم" منذ 25 يناير.. بوكليت وتجارب يابانية وفنلندية وتعليم مدمج.. والمحصلة خروج مصر من التصنيف العالمي للتعليم.. خبراء: فشل متعمد لضعف الميزانيات

7 سنوات مرت على ذكرى 25 يناير، تعاقبت خلالها 7 حكومات مُتتالية، وتغير فيها 9 وزراء للتربية والتعليم، مقابل 11 وزيرًا للتعليم العالي، جميعهم رفع شعار "تطوير وتغيير استراتيجية التعليم في مصر".

ووفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الذي تجريه المنظمة كل ثلاث سنوات وصدر في مايو الماضي، خرجت مصر من قائمة التصنيف العالمي لدعم التنافسية في مجال التعليم الأساسي، بعدما كانت في المركز قبل الأخير عالميا في آخر تصنيف لها.

ويتم ترتيب دول العالم وفقا لاهتمام كل دولة بعناصر العملية التعليمية، والتي تتمثل في ميزانية التعليم والمعلمين والمدارس والطلاب.

واحتلت سنغافورة في تقرير المنظمة المركز الأول في القائمة، تلتها اليابان، ثم إستونيا وفنلندا وكندا، فيما جاءت دولة الإمارات في المركز الأول عربيًا، تلتها قطر ولبنان والأردن والجزائر وتونس.

ورصدت "أهل مصر " مدى تحول تلك الوعود، لواقع ملموس من عدمه، عبر استطلاع آراء خبراء التعليم، فى محاولة لفتح كشف حساب للوزارتين تزامنًا مع الذكرى السابعة للثورة التي اندلعت حاملة معاها أحلامًا للتغير ليس على المستوي السياسي فحسب بل الإجتماعي والتعليمي أيضَا.

الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، أكدت أنه منذ 25 يناير حتى الآن لم تر وزارة التربية والتعليم تغير ملموس، مرجحة أن ذلك يرجع إلى أن الدولة لم تضع التعليم في أول أولوياتها.

وقالت نصر لـ"أهل مصر " إنه حتى يومنا هذا لم نجد إنجازات ملموسة من قبل الحكومات تخص وزارتي التربية والتعليم والتعليم، والدليل على ذلك أنه في مؤتمر مصر للتنمية المستدامة للرئيس عبد الفتاح السيسي، لم يذكر التعليم إلا في جملتين فقط، وهما "إنشاء مدارس جديدة، ومشروع المعلمون أولًا".

وأضافت، أنه رغم تعدد وزراء حقيبة التربية والتعليم، إلا أنه لم يتم اختيار الوزير الأنسب للوزارة، فكل وزير يعتمد على تغيير نظام من سبقه، لافتة إلى ضرورة وضع خطط استراتيجية يطبق الوزير قراراته من خلالها.

وترى أن السبب في عدم التغلب على حل الشمكلات المزمنة في المنظومة التعليمية، مثل "إلغاء الدروس الخصوصية، والتسرب من التعليم، وعدم تغيير المناهج"، هو عدم وجود آليات واضحة لدى الوزراء السابقين بما فيهم الوزير الحالي الدكتور طارق شوقي.

وأشارت عضو لجنة التعليم بالبرلمان، إلى أن المدارس غير مجهزة بطرق تكنولوجية حديثة، ولا يوجد حلول لها حتى الآن، لذلك ترجعت مصر كثيرًا وسبقتها دول نامية، متابعة:"كل البلاد الفقيرة المتأخرة بدأت بتطوير التعليم، وانعكس ذلك على جميع النواحي سواء اقتصاديًا، أو سياسًيا، أو اجتماعيًا، مثل دولة سنغافورة".

وقالت الدكتور ماجدة نصر:" جميع الوزراء السابقين كان لديهم محاولات لعلاج عيوب التعليم، ولكن غاب عنهم كيفية التخطيط، إلى جانب الميزانية التي لا تتناسب مع تغير العملية التعليمية، ولذلك لم نر بصمة واضحة في مجال التعليم خلال السنوات السابقة".

بدوره، أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية، أنه قطعًا لم يأت وزير للتربية والتعليم، والتعليم الفني، منذ 25 يناير ترك أثرًا ايجابيًا لتغيير التعليم، رغم أنه من الأهداف الأساسية للثورة، فوجدنا الثوار واعيين لأهمية تغيير المنظومة التعليمية، حين طالبوا من خلال الثورة بتغير "الفساد، والاستبداد، والتوريث، يليهم مباشرة التعليم".

أضاف "مغيث" لـ"أهل مصر"، أنه رغم تعدد الوزراء إلا أننا لم نجد من بينهم من لديه رؤية ثورية لتغيير الواقع الهزلي، ومن يؤمن بأن التعليم الكفء هو بداية التغيير، وعدم وجود نظام للتعليم يرفع من مكانة مصر بين غيرها من الدول المتقدمة تعليميًا.

ورجح الخبير التربوي، إلى أن عدم توافر الميزانيات المحددة للتعليم، أحد أهم العوامل التي تسببت في انهيار المنظومة التعليمية، مشيرًا إلى أن قدرة الوزير الذي يتولى حقيبة الوزراة محدودة، أمام قدرات القيادة السياسية التي بيدها تحديد ميزانيات عالية للارتقاء بمستوى التعليم الأساسي والجامعي.

أما بخصوص النظام الخاطيء، المتبع في التعليم ذكر الدكتور كمال مغيث، الأسس المعوقة للعملية التعليمية المتبعة داخل المدارس ووصفها بأنها تنتمي للعصور الوسطى، وقيمها على ثلاثة مفرادات أساسية هي "احفظ، تذكر، سمع"، مؤكدًا تجاهل الدولة لنظم التعليم الحديثة الأنسب وهي "لاحظ، فكر، استنتج" وذلك ما يجب اتباعه مع الطلاب داخل المدارس.

فبعد أن رحلت حكومة الدكتور أحمد نظيف، في 28 يناير 2017، كلف الرئيس الأسبق حسني مبارك حينها الفريق أحمد شفيق بتشكيل حكومة جديدة، لتعقبها تشكيل 5 حكومات أخرى بداية من حكومة الدكتور عصام شرف مرورًا بالحكومة الحالية برئاسة المهندس شريف إسماعيل.

نظام البوكليت:

ورغم تغيير 20 وزيرًا للحقيبتين التعليم العالي والتربية والتعليم، دون تغيير حقيقي في تطوير المنظومة بشكل عام، ليقتصر التغيير على أشخاص الوزراء فقط، مع استحداث 5 انظمة جديدة لم يينعكس هدفعها في تتطوير المنظومة كنظام "البوكليت" الذي أدخله الهلالي الشربيني والوزير السابق للتربية والتعليم بهدف محاربة تسريب الامتحانات والغش.

وقال الدكتور أيمن البيلي الخبير التربوي، إن "البوكليت" استطاع أن يحقق هدف الوزارة في منع تسريب الامتحانات من داخلها، وإلقاء المسؤولية بعيدًا عنها، لكنه لم يفيد المنظومة التعليمية بأي شيء فيما يخص الهدف التروبي والأساسي في تعديلها.

التجارب الجديدة في التعليم:

ومع تولي وزير التربية والتعليم الحالي الدكتور طارق شوقي أعلن عن تطبيق نماذج جديدة بالتعليم تهدف على تطوير العملية التعليمة منها تجربة المدارس اليابانية التي اثبتت فشلها ما أجبر "شوقي" على اتخاذ قرار بإلغائه، ليتحدث بعدها عن تطبيق تجربة جديدة خلال الأيام المقبلة وهي التجربة الفنلدنية في التعليم، ما أثار موجة عالية من الانتقاد الحاد من جانب الخبراء التربويين، معتبرين أن الحديث بشكل وصفوه بـ"العائم " عن تطبيق تجارب جديدة في التعليم، يثبت عدم دراية الدكتور طارق شوقي بواقع المنظومة التعليمية في مصر بشكل عام، نتيجة عرضه تطبيق نظام تعليمي يحتاج لبنية تحتية تفتقدها مدارس مصر، وتحتاج عدة سنوات لإعادة هيكلة البنية الحالية.

وعن حديث وزير التعليم عن تطبيق واستنساخ تجارب تعليمية ناجحة في دول أخرى، أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، أن نقل المناهج التعليمية من دولة لتطبيقها في أخرى دليل على عدم فهم الواقع الذي تعيشه الأجواء التعليمية في مصري.

وأوضح "مغيث" لـ" أهل مصر"، أن شكل الدراسة بطريقة وأسلوب دولة حتى وأن كان ناجح كما هو في فنلندا أو اليابان، من الممكن أن يفشل في دولة أخرى لعدة اعتبارات أهمها أجواء الدولة الأخرى كتكيف هذا الأسلوب مع ومناخها وبيئتها، ووضعها الخاص الذي يساعد على النجاح، قائلًا:"دي مش عربية هننقلها من دولة ونشغلها في دولة تانية وخلاص!".

نظام الثانوية التراكمية:

وفي الربع الأول من عام 2017 المنصرم، أعلن وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي عن نظام جديد للثانوية العامة، يعتمد في محوره الأساسي على التقييم عبر 3 سنوات الثانوية بداية من الصف الأول للثالث، بشكل تراكمي وقياس المهارات والقدرات، ومن المقرر أن يبدأ تطبيقه اعتبارًا من العام الدراسي المقبل 20182019، على طلاب الصف الأول الثانوي.

وأوضح حينها وزير التربية والتعليم، أن تغيير نظام التقييم المعتمد على امتحان قومي موحد، لنظام آخر أكثر دقة يقيس المهارات الحقيقية ومخرجات التعليم عبر 3 سنوات بشكلٍ تراكمي، هدفه التخلص من الدروس الخصوصية وإعادة الطلاب والمعلمين للمدارس، إضافة إلى تغيير فلسفة التعليم من المجموع فقط، إلى المجموع مع التعلم الحقيقي.

وقلَّل خبراء تربويون من فرص نجاح النظام الجديد للثانوية، مؤكدين أنَّ "أفكار الدكتور طارق شوقي الوزير ليس لها أي آلية للتطبيق على أرض الواقع داخل المدارس المصرية".

وقال الدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة عين شمس، إن أفكار وزير التعليم لتطوير التعليم تتم في غرف مغلقة وليس لها أساس للتطبيق على أرض الواقع داخل المدارس المصرية، مشيرًا إلى أنه لا يوجد بنية تكنولوجية في المدارس تتماشى مع تطبيق نظام التابلت في الامتحانات فضلًا عن التكاليف الباهظة التي لا تتحملها الدولة لتوفير ذلك.

وأكد شحاتة في تصريحات لـ "أهل مصر"، إن عدم اعتبار الثانوية العامة المعيار الوحيد للقبول في الجامعة ووجود اختبار آخر من الجامعة مؤهل قبل دخول الكلية يفتح الباب للمحسوبية والواسطة داخل الجامعات قائلا:" ده معناه اللي ليه حد في الجامعة هيعدي وأبناء الفقراء مش هيكون لهم مكان".

وأشار إلى أن أزمة التعليم في مصر ليس في فكرة الثانوية العامة كمسمى قابل للتجارب حوله وإنما نظام المناهج الذي يحتاج إلى تغيير جذري وحوار مجتمعي واسع للخروج بمناهج تعليمية جديدة تتوافق مع سوق العمل وتلبية رغباته.

11 وزبرًا للتعليم العالي برؤية واحدة فقط واستبدال التعليم المفتوح بـ"المدمج":

وعلى مستوى التعليم العالي برغم تولي 12 وزيرًا للحقيبة منذ 25 يناير، إلا أن جميعهم ظهر في صورة تسيير الأعمال من حينها للآن، فلم يطرأ أي تغيير ملحوظ على المنظومة سوى إلغاء نظام التعليم المفتوح في عهد الوزير السابق الدكتور اشرف الشيحي واستبداله بنظام "التعليم المدمج".

وقال الدكتور محمد كمال المتحدث باسم النقابة المستقلة لأساتذة الجامعات، إن نظام التعليم المدمج هدفه الأساسي هو تحصيل إيرادات للجامعات منه مثل ما كان يحدث في التعليم المفتوح، مؤكدًا أنه لن يقدم جديدًا على المنظومة التعليمية.

وأشار كمال في تصريحات لـ"أهل مصر "، إلى أنَّ نظام التعليم المدمج لن يحصل على أكثر من 10% من الدراسين الذين كانوا يقبلون على الالتحاق بالتعليم المفتوح، بعد قرار المجلس الأعلى للجامعات بتحويل شهادته إلى مهنية لم يستطع من خلالها الدارس تغيير المسمى الوظيفي له من خلالها بعكس ما كان يحدث في التعليم المفتوح.

وتوالى وزراء عرضوا رؤية واحدة بداية من حقيبة الدكتور هاني هلال في حكومتين متتاليتين قل الثورة بقيادة أحمد نظيف، ثم حكومة الفريق أحمد شفيق، إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، دون تغيير حقيقي، بعد أن اقتصر التغيير فقط على الأشخاص، وأعقب هلال في الوزارة الدكتور أحمد جمال الدين موسى، واستمر لمدة 12 يوما فقط، ثم الدكتور عمرو سلامة واستمر 5 أشهر، ومن بعده الدكتور معتز خورشيد واستمر لمدة 5 أشهر أيضا، ثم الدكتور حسين خالد الذي استمر 4 أشهر، وجاء من بعده الدكتور محمد النشار اذي استمر لمدة 3 أشهر ونصف الشهر.

وفي 16 يوليو 2013، تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة الدكتور حازم الببلاوي، وتم تكليف الدكتور حسام عيسى بوزارة التعليم العالي، واستمر حوالي 7 أشهر، ليعقب تقديم حكومة الببلاوي استقالتها للرئيس الانتقالي في تلك المرحلة المستشار عدلي منصور، يوم 24 فبراير 2014، تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم محلب، ليتم تكليف الدكتور وائل الدجوي، بوزارة التعليم العالي واستمر حوالي 3 أشهر.

وبعد إجراء انتخابات رئاسية تعد الثانية بعد ثورة 25 يناير، وفاز فيها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، بعد منافسة مع حمدين صباحي، في أوائل شهر يوينو لعام 2014، تم تشكيل حكومة جديدة برئاسة إبراهيم محلب، وتم تكليف الدكتور السيد عبدالخالق، بوزارة التعليم العالي، ليعقبه الدكتور أشرف الشيحي، التي كانت أهم القرارات التي اتخذت في ولايته لحقيبة التعليم العالي، إلغاء التعلبم المفتوح، لتولى الوزير الحالي الدكتور خالد عبدالغفار، ليطلق نظام التعليم المدمج بديلًا للمفتوح، دون دخول أي تطور ملحوظ على المنظومة حتى الآن.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً