اعلان

مجلة بريطانية تكشف: لندن أرض تصدير الإرهاب.. والمخابرات الإنجليزية ساندت "الإخوان" في مصر

صورة ارشيفية
كتب : سها صلاح

طرحت مجلة فورين بوليسي في تقريرها سؤال دون إجابة هو: لماذا تقدم لندن كل هذا الدعم للإخوان المسلمين.

وحسب دراسات موثقة في هذا السياق حسب التقرير، فإن نشأة الجماعة نفسها عام 1928 بمدينة الإسماعيلية المصرية تمت برعاية الاستخبارات الإنجليزية التي قدمت شيكًا بمبلغ 500 جنيه مصري للشيخ حسن البنا الزعيم المؤسس للجماعة عبر شركة قناة السويس.

وتمثل الهدف الاستراتيجي من وراء ذلك في رغبة سلطات الاحتلال الإنجليزي خلق فصيل شعبي مناوئ لحزب الوفد الذي كان يتمتع بشعبية طاغية آنذاك ويفسد تحركات الاحتلال لبسط نفوذه على المشهد السياسي المصري، فضلًا عن رغبة الانجليز في إيجاد ورقة ضغط جديدة على ملك البلاد.

تلك العلاقة القديمة بالتمويل الذي خصصته هيئة قناة السويس التي كانت تديرها الحكومة البريطانية آنذاك، ومنذ ذلك الحين حتى الآن والجماعة تعد الابن الغير شرعي للعلاقة بين حسن البنا والحكومة البريطانية، ولترتبط الجماعة ببريطانيا بحبل سري.

و لم تقف العلاقة عند هذا الحد بل امتدت حسب التقرير إلي بعد بعد ثورة 30 يونيو، كانت بريطانيا بشكل خاص، وأوروبا بشكل عام أرضًا لهروب الإخوان.

فبعد مقتل السادات، ووصول مبارك لسدة الحكم وما تبعها من اعتقالات ضد التيار المتشدد، والذي ظهر مرة أخرى على السطح في مطلع التسعينيات، لتفتح لندن أراضيها بقوة لكل التيارات الجهادية والإسلامية بدعوى "حق اللجوء السياسي" وحتي الآن.

ولكن لفهم الأحداث التي تلت ثورة يناير في مصر، علينا أن نفهم منظور العلاقة بين بريطانيا والإخوان المسلمين منذ تفجيرات سبتمبر 2001 حتى يناير 2011.

يعد التحالف البريطاني مع الجماعات الإسلامية وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين، أحد أركان السياسة البريطانية الطويلة الأمد التي انتهجتها منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك لخلق أجيال جديدة من الإسلاميين واتخاذهم كحلفاء محتملين لبقائها، كجزء من جهد الدولة للحفاظ على النفوذ الإمبراطوري، أو كوسيلة لتوفير بديل لتحديات أكثر خطورة، تظهر في الساحة السياسية وتعارض مصالحها، مثل تلك الناصرية والشيوعية.

ويقول التقرير أن الإخوان المسلمين استطاعوا تعزيز وضعهم من خلال جمعية مسلمي بريطانيا، والتي كان أعضاؤها في ذلك الوقت (عزام التميمي)، والمعروف دوليًا بالمبعوث الخاص من جانب حركة حماس، وأيضًا كان أحد أعضاء الدفاع عن المجموعة، ومحمد صوالحة القيادي في حركة حماس بالضفة الغربية حتى منتصف 1990، بعد أن لعب دورا محوريا في MAB، والذي أسس في وقت لاحق مبادرة مسلمي البريطانية (BMI) عام 2006، وأخيرا أنس التكريتي والمعني بشكل وثيق بالمبادرة وهو الرئيس السابق لجمعية مسلمي بريطانيا، والمؤسس الظاهري لمؤسسة قرطبة في 2005، والتي تهدف لتشجيع الحوار بين الغرب والعالم الإسلامي.

وأشار التقرير إلى أنه من خلال هذه المبادرات، خصصت الخارجية البريطانية قدرًا كبيرًا من الأموال لخطة "المنع"، منها على سبيل المثال، تخصيص مبلغ خصصت 127.740 جنيها استرلينيا، إلى قسم مكافحة الإرهاب الخاصة في عامي 2008-2009، وذلك من أجل تعزيز "الإسلام المعتدل"، كما تلقى نفس القسم مبلغ 220.853 جنيها استرلينيا، لمشروع عرف باسم "مشروع الإسلام البريطاني".

ولكن مع ثورات الخريف العربي وسقوط النظم الحاكمة في عدد من الدول العربية، تغيرت تلك المرتكزات في سياسة بريطانيا مع جماعة الإخوان على مستوى الدول العربية سواء في سوريا ومصر وتونس، واتخذ التعاون بينهما منحدرا جديدا.

الهروب من مصر إلي لندنويرى المحللون أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوط هائلة مارستها السعودية والإمارات ومصر على لندن، من أجل اعتبار الإخوان «جماعة إرهابية» ومنعها من استخدام لندن مركز عمليات للتنظيم الدولي، لكنها ستتجنب الحظر الكامل لتلافي غضب قطر، وهي شريك مهم أيضا بالنسبة لبريطانيا، والتي نجحت مؤخرا في تسوية بعض أوضاع أعضاء الجماعة في لندن، من خلال بوابة مكتب للمحاماة تخصص في استقبال قضايا الإخوان، منهم محمد سويدان، وضياء المغازي، التسوية التي ستكون بمثابة مقدمة لدخول عشرات القيادات الإخوانية إلى لندن.

المتابعون لمواقف بريطانيا السياسية تجاه الدولة المصرية، يعلمون جيدا أن كل المطلوبين من القضاء المصري يعيشون في عاصمة الضباب لندن، الإسلاميين والإرهابيين منذ الثمانينيات يعيشون هناك، ورجال الأعمال الهاربين من قروض البنوك في القضية التي عرفت في التسعينيات باسم "نواب القروض"، مسلسل الهروب من مصر إلى لندن وغيرها بدأ منذ القرن الماضي ومستمر حتى الآن، لتحتل بذلك بريطانيا المركز الأول في تعداد الهاربين من العدالة المصرية، وبخاصة جماعة الإخوان بها؛ نظرا لوجود عدد كبير من قيادات الجماعة الإرهابية لتتحول إلى مقر جديد للجماعة عقب هروب عدد كبير من أعضائها بعد اندلاع ثورة 30 يونيو.

"لندن" الراعي الرسمي للتنظيم الدولي للإخوان تعد بريطانيا الآن من أكثر الدول الداعمة لنظام الإرهاب كما أنها من أكثر الدول التي تمنح حق اللجوء السياسي للمتهمين بالإرهاب على مستوى العالم، وهي نفس الدولة التي ساعدت في إنشاء جماعة الإخوان المسلمين، والتي قدمت لهم الدعم المالي والاستخباراتي على مدار عقود، هي نفس الدولة التي فتحت لهم أبوابها ليعيشوا في أراضيها وتحت كنف حماية شرطتها، بل منحت بعضهم معاشا من الضمان الاجتماعي، ووفرت لهم المساكن وأحيانا سيارات مجهزة بأحدث المعدات، وكل ذلك من أموال دافعي الضرائب، فهناك من عاش قرابة عقدين «لاجئا» في لندن يحيون على الإعانة الاجتماعية، دون أن يدفعوا بنسا واحدا للضرائب أو يعرق في أي عمل.

ما بعد ثورة 30 يونيوبعد ثورة 30 يونيو والقبض على أغلب القيادات الإخوانية في مصر، استطاع عدد كبير من قيادات الصف الثاني الهروب إلى لندن، ليلعب جمعة أمين، القيادي في الجماعة وعضو مكتب الإرشاد، دور المرشد من لندن، بعد القبض على محمد بديع، فيما كشف تقرير المجلة أن السلطات المصرية تتابع نقل قيادات إخوانية مطلوبة في مصر إلى عواصم أوروبية، وخاصة إلى لندن لمنع تسليمها إلى القاهرة لصلتهم بقضايا إرهابية.

وغيرها من الأسماء اللامعة في التنظيم الذين يعيشون في لندن حاليا، وبحسب المجلة فإن لندن هي أرض تحرير المعزول مرسي، حيث يعمل فريق الدفاع عن مرسي برئاسة المحامي البريطاني من أصل باكستاني "الطيب علي"، والذي يضم فريقه كلا من المدعي العام السابق في بريطانيا اللورد كين ماكدونالد، والمحامي البريطاني المختص في حقوق الإنسان مايكل مانسفيلد، وهما مستشاران لملكة بريطانيا، والمحامي الجنوب إفريقي ومقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السابق جون دوجارد.

في الآونة الأخيرة تحاول قطر جاهدة على تسفير كل من عاصم عبد الماجد وطارق الزمر القياديان بالجماعة الإسلامية، ومحمد محسوب الوزير السابق بالحكومة الإخوانية، وأشرف بدر الدين ومحمود حسين وحمزة زوبع المتحدث الرسمي باسم الحرية والعدالة، وغيرهم ليلحقوا بطاهر عبد المحسن، أحمد يوسف، وثروت أبو نافع، في الفرار إلى بريطانيا إضافة إلى جمعة أمين نائب المرشد ومؤرخ الجماعة، كما تم تعيين إبراهيم منير المسئول عن مكتب الجماعة في لندن أمينا عاما للتنظيم في أوروبا، وذلك لتخفيف العزل الخليجي لها بعد مواقفها العدائية تجاه مصر وثورة 30 يونيو، أما الجماعة فقد اتخذت من العاصمة البريطانية مقرا لوسائل الإعلام الخاصة بها بما في ذلك موقعها الإلكتروني باللغة الإنجليزية "إخوان أون لاين".

أيضا قامت بتأسيس مركز جديد لوسائل الإعلام، يضم منى القزاز، شقيقة مستشار الشئون الخارجية للجماعة خالد القزاز، بالإضافة إلى عبد الله الحداد شقيق المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد الذي تم إلقاء القبض عليه ويحاسب حاليًا وفقا لمعرفة القانون.

تعد بريطانيا ملجأ آمنًا لكل الهاربين والمطلوبين من العدالة المصرية، ليس لأنها بلدًا ديمقراطيًا يؤمن بالتعدد، فكل أوروبا كذلك، ولا لأنها تؤمن بالحريات ولكنها الدولة الأوروبية الوحيدة التي لم توقع على الاتفاقية الدولية لتبادل المطلوبين للعدالة، بل على العكس كانت دائما تفتح أبوابها للمطاردين بحجة "حق اللجوء السياسي"، وكانت تنظر لهم على أنهم "مضطهدين في أوطانهم"، لتتحول لندن إلى "لندن ستان" وهو الاسم الذي أطلقه الأميركيون والفرنسيون على بريطانيا منذ منتصف التسعينات، وهو الاسم الذي أطلقه جوثام مالكاني الصحفي البريطاني بجريدة الفاينانشال تايمز على روايته التي نشرها في بريطانيا عام 2006.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
رئيس الوزراء: استيراد مصر من السيارات تجاوز 4 مليارات دولار