اعلان

بعد 50 عام إسرائيل تفرج عن وثائق بعد 67.. ديان تنبأ بحرب 1973.. وتفاصيل إغراق المدمرة "إيلات".. وحقيقة الجلسات الإسرائيلية مع عبد الناصر بشأن يهود مصر

كتب : سها صلاح

كشفت وثائق من الأرشيف الرسمي في إسرائيل، جانباً من الجدل الذي دار في أروقة اللجنة الوزارية الأمنية للتعامل مع الفلسطينيين بعد احتلال الضفة عام 1967.

وأظهرت الوثائق التي ظلت محظورة لمدة طويلة، مقترحات الوزراء للتقليل من اعداد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي الضفة وغزة من خلال تشجيعهم على الهجرة.

وبعد مرور خمسين عاما على الوثائق التي كانت مصنفة ومحاطة بسرية، أضحت متاحة اليوم للاطلاع، إذ نشر الأرشيف الرسمي محاضر جلسات اللجنة الوزارية للشؤون الأمنية الإسرائيلية بعد النكسة.

فكرة تشجيع سكان الضفة على الهجرة أو تقليل كميات المياه في غزة لإجبار سكانها على الرحيل أو حتى ترحيل معظم سكان غزة إلى الإردن لضمان أغلبية يهودية في إسرائيل.

وقد عرض بعض الوزراء الانسحاب من الضفة خشية الوصول الى سيناريو دولة ثنائية القومية، وهو سيناريو لا تزال إسرائيل تحاول استبعاده حتى اليوم.

وبحسب الوثائق، لم يجر التوصل في إسرائيل إلى صيغة نهائية للاحتلال حتى 1967، لكن ملامح ذلك الاحتلال ظهرت بوضوح من خلال بداية الاستيطان في الضفة الغربية وملاحقة مظاهر مناهضة الاحتلال في المدارس والمؤسسات الثقافية والإعلامية.

وأكدت صحيفة يدعوت أحرنوت أن الوثائق التي رفعت عنها السرية لم تأت بجديد، لكنها أكدت نية الاحتلال الإسرائيلي وسياسته المتبعة في الأراضي الفلسطينية على مدار خمسين عاما.

وأفرجت إسرائيل عن وثائق جديدة تنشر للمرة الأولى حول حرب يونيو 1967، تدور حول المناقشات التي جرت في إسرائيل حول أوضاع الأراضي العربية التي احتلتها خلال تلك الحرب.

وتحت عنوان "وثائق جديدة عن فترة ما بعد حرب 67"، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إنه "خلال الفترة التي تلت الانتصار المذهل لإسرائيل، عقدت حكومة إسرائيل جلسات عكست التغيرات الكبرى التي عايشتها إسرائيل مع تغيير الحدود مع الدول العربية".

وأضافت أن "الوثائق أفرج عنها بعد 50عامًا من فرض السرية عليها، وتتحدث عن مناقشة مسؤولي إسرائيل لوضع ومصير المناطق العربية المحتلة"، وفي إحداها دعا أحد الوزراء الإسرائيليين، وهو زيراح فرهفتيج خلال جلسة حكومية إلى التفرقة في التسمية بين سيناء والجولان من ناحية، وبين الضفة الغربية من ناحية أخرى، إذ "أن مناطق سيناء وهضبة الجولان تعتبر محتلة من قبل إسرائيل، أما الضفة الغربية فقد تم تحريرها".

وقال وزير الدفاع وقتها موشي ديان خلال نقاش حكومي جرى في 26 ديسمبر 1967: "لا أعتقد أن العرب سيقبلون ويوافقون على الحدود التي تشكلت بعد الحرب معهم"، الأمر الذي اعتبرته الصحيفة أشبه بنبوءة لحرب 1973.

إذ قال إن "مصر لن توافق بأي حال من الأحوال على وجود دائم لإسرائيل في الضفة الشرقية لقناة السويس".

وفي جلسة حكومية عقدت في 20أغسطس 1967، جرى نقاش يتعلق باليهود في مصر والوسائل القائمة لتشجيعهم على الهجرة إلى إسرائيل، وقال وزير الخارجية وقتها أبا إيبان، إن هناك حوالي 2500 يهودي في مصر من بينهم 1500 في القاهرة و1000 في الإسكندرية.

وأوضح، أنه مع اندلاع المعارك مع مصر يقصد حرب 1967 اعتقلت السلطات المصرية حوالي 600 يهودي، من بينهم الحاخام الأكبر بالقاهرة، وصودرت كل ممتلكات الطائفة اليهودية بالعاصمة المصرية.

وفي الأول من أكتوبر 1967 وفقًا للوثائق المفرج عنها ناقشت حكومة إسرائيل فكرة تبادل الأسرى مع مصر، واقترح الوزير يجآل آلون، ربط تحرير الأسرى المصريين بسجناء فضيحة لافون.

وقال آلون "مصر تعتقل عناصرنا الأمنية، هؤلاء الذين حصلوا على تدريب احترافي في إسرائيل وقلدوا درجات عسكرية وتم إرسالهم إلى هناك للعمل، صحيح أنهم فشلوا لكنها ليست مسؤوليتهم"، في إشارة إلى محاولة المخابرات الإسرائيلية تفجير مكاتب المصالح الأمريكية والبريطانية في مصر بفترة الخمسينات من القرن الماضي، وإلقاء القبض على عملائها في مصر.

من جانبه، قال الوزير بنحاس سابير خلال نفس الجلسة إن "مصر لا تهتم بـ5 ألاف أسير مصري موجودين بحوزة إسرائيل، ولهذا فإن إسرائيل لا تعتبر هؤلاء الأسرى ورقة ضغط ستنجح في إعادة نظرائهم الإسرائيليين عند المصريين".

وردًا على اقتراح بإساءة معاملة الأسرى المصريين، قال ديان "عندما يكون الأسير المصري تحت يدي وعاجز عن فعل أي شيء لن أمسه بضرر، لا أريد أن يضع العالم إسرائيل في قائمة الدول التي تسئ معاملة الأسرى".

وفي نهاية الأمر، قررت الحكومة الإسرائيلية، تأجيل تبادل الأسرى، وأبلغوا ذوي المعتقلين الإسرائيليين في مصر أن "الموضوع قد تأجل 3 أشهر في محاولة لإشراك كل من فرنسا وإيطاليا وبابا الفاتيكان من أجل الضغط على مصر".

وفي نقاش آخر، جرى في 27ديسمبر 1967، ظهر اقتراح بتحرير جزء من الأسرى المصريين كبادرة حسن نية، وقال ديان إبان النقاش إن "أهالي الأسرى لن يوافقوا ويريدون أبنائهم مقابل المصريين الذين سيفرج عنهم".

وأضافت "وافقت حكومة إسرائيل في النهاية على اقتراح بتحرير جنرال مصري أو اثنين وإرسالهم إلى القاهرة كي يقتنع رئيسها جمال عبد الناصر بعقد صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل، وفي نهاية الأمر اتخذ القرار بتحرير 500 سجين مصري من بينهم جنرالات بهدف إقناع المصريين بإطلاق سراح الإسرائيليين المسجونين لديهم".

وأشارت "يديعوت" إلى أن "استهداف المصريين وإغراقهم للمدمرة إيلات شغل حيزًا من الوثائق المفرج عنها"، لافتة إلى أنه في 21 أكتوبر 1967 تلقى سلاح إسرائيل ضربة قاسية، حينما هاجمت مصر المدمرة بالصواريخ خلال إبحارها بمنطقة بورسعيد، ما أسفر عن مقتل 47 من رجال الطاقم البحري وإصابة 91 آخرين، وهو الحدث الذي تحول إلى مفترق طريق هام في تاريخ إسرائيل بشكل عام وجيشها وبحريتها بشكل خاص.

واستكملت "في اليوم التالي لإغراق المدمرة عقدت جلسة حكومية في مكتب وزير الدفاع ديان، كانت الأجواء صعبة ومتوترة، وكان هناك رغبة وحاجة في الرد على المصريين بشكل ملائم لكن كان لابد من إيجاد الوقت والمكان المناسبين".

وتحدث القائد العسكري حاييم بارليف قائلاً: "لا يمكننا بأي حال من الأحوال المرور مر الكرام على استهداف مصر للمدمرة، لابد من الرد"، بينما وصف ديان الأمر بأنه "كارثة ضربت العشرات من العائلات الإسرائيليين، لقد خسرنا أيضا مدمرة، إنها كارثة لنا نحن أيضا، لكن أنا لا أملك سلاحًا يمكنه التغلب على الصواريخ التي استهدفت المدمرة، إذا أطلق المصريون هذه الصواريخ سيكونون دائما أصحاب اليد العليا".

ووفقًا للوثائق فقد استبعد إسحاق رابين، رئيس الأركان الإسرائيلي وقتها، إمكانية استهداف البحرية المصرية كرد على إغراق إيلات، قائلا خلال نفس الجلسة: "الغواصات والمدمرات البحرية المصرية في اليمن، ولا يمكننا الوصول إلى هناك"، مقترحًا ضرب معامل التكرير المصرية بقصف مدفعي، رافضًا شن هجوم على قطع بحرية قديمة في بورسعيد أو هجوم أخر على الإسكندرية، وذلك في ظل حالة التأهب المصرية القصوى هناك".

بدوره، اقترح يجأل ألون الوزير الإسرائيلي إعداد كمين لمدمرة بحرية مصرية، لكنه أعرب في نفس الوقت عن مخاوفه من استهداف سفينة سوفيتية بالخطأ واقترح بدلاً من ذلك ما أسماه "معاقبة بورسعيد" بدون تعقيد الأمور مع الروس".

بينما قال مناحين بيجن، والذي كان وزيرًا بنفس الحكومة وقتها: "لابد وأن تعاقب بورسعيد وتتلقى ضربة إسرائيلية، فمن هناك خرجت الصواريخ التي أغرقت إيلات".

وفي 24أكتوبر 1967، وبعد 3 أيام من إغراق المدمرة، قصف الجيش الإسرائيلي بواسطة المدفعية معامل التكرير ومصانع الأسمدة بمدينة السويس، وظلت هذه الأهداف مشتعلة على مدار 5 أيام وتسبب الأمر في ضرر كبير للمصريين، وفق ما نقلت الصحيفة عن الوثائق.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً