اعلان

نص كلمة وزير الأوقاف فى احتفالية المولد النبوي

ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، كلمته خلال احتفالية الوزارة بالمولد النبوي الشريف بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.

وجاءت الكلمة كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.

وبعد:

فيطيب لي أن أهنئ حضراتكم جميعًا بذكرى ميلاد النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأؤكد أننا في وقت جِدّ عصيب يحتاج إلى صدق مع الله، وصدق مع الوطن، وصدق مع النفس، ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لسيدنا موسى (عليه السلام): “فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”، ولكنّ قدوتَنَا قولُ من قالوا لسيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم): ” اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون”.

وسترى سيادةَ الرئيس من هذا الشعب بإذن الله تعالى ما تؤمله فيه وما تقر به عينك وأعيننا جميعًا، وستظل مصر بفضل الله (عز وجل) أبية على الانكسار، عصية على الانهزام أو الإحباط، وكما تكسرت أطماع التتار وغيرِهم على أبوابها، فإن أحلام وأوهام المخططين لتفتيت منطقتنا وإفشال دولها ستنكسر هنا على أبواب مصر، نعم: ستنكسر هنا، بل ستتحطم هنا على أبواب مصر بمشيئة الله تعالى، وكما كان في ثبات مصر وصمودها منطلقًا لإعادة بناء الأمة العربية بعد سقوط أكثر دولها في أيدي التتار، وكما كان دورها عظيمًا في دعم حركات الاستقلال والتحرر من ربقة الاستعمار في العصر الحديث، فإن صمود مصر ونهضتها وتقدمها سيكون باعثًا لنهوض كثير من دول منطقتنا من عثراتها وإعادة بنائها وإعمارها بإذن الله تعالى.

ولهذا فإنني باسمي شخصيًّا وباسم قيادات الأوقاف والسادة الأئمة وجميع العاملين بالأوقاف ومن منطلق مصلحة وطنية محضة ودون أي تردد، وبغض النظر عن الموقع الذي نكون فيه، فإننا – سيادة الرئيس – نجدد العهد والتفويض لسيادتكم في مواجهة قوى الإرهاب والشر، ونعاهدكم أن نكون جنودًا أوفياء لهذا الوطن في ظل قيادتكم الحكيمة، مؤمنين كلَّ الإيمان بحكمتك، ولدينا كلُّ الثقة في وطنيتك وحسن تقديرك للأمور وإدراكك لأبعادها المختلفة، وأنك بفضل الله (عز وجل) لن تخذلنا، وأن الله (عز وجل) لن يضيعنا جميعًا، وكيف يكون ذلك وهو القائل في كتابه العزيز على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام): ” ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ”، والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول عن جند مصر: إنهم خير أجناد الأرض وإنهم وأهليهم وذويهم في رباط إلى يوم القيامة، وفي ذلك أنشأت أبياتا أذكر منها:

مصرُ الكنانةِ في حفظ وفي كنــــــف

قد ضُمـــن الذكــرُ الحكيــم أمانَـــهـــا

خيــرُ الجنـــود جنــودُ مصر فاقــدروا

أرض الكنــانــــــة حقـــهــا ومَقامـهــــــا

وليسألـــــوا التاريـــخ عن أبطالـــــهـــا

وليفهمـــوا ذكـــر النبــي أجنادَهـــــــا

من رامـهــا سلـــــمًا فتــــــلــك يــــــــد

أو رامـــها حـــربًا فنحــــن رجالـهــــــــا

سيادة الرئيس لقد ناديت بتجديد الخطاب الديني وتصويبه ونحن مع سيادتكم في كل ما ناديت وتنادي به، ونجتهد أن نتحول بحالات الاستنارة الفردية إلى استنارة جماعية، ومع أننا في حاجة إلى جهود أكبر، ولا يمكن أن نقول ليس في الإمكان أبدعُ مما كان، فإننا نؤكد أن الجهود التي بذلت سواء على مستوى التأليف وإعادة قراءة تراثنا قراءة جديدة في ضوء معطيات العصر ومستجداته، أم على مستوى تأهيل العاملين في الحقل الدعوي، صارت تمهد لانطلاقة أوسع، فمن بين الجالسين في رحاب سيادتكم الآن مجموعة منتقاةٌ من السادة الأئمة يتدربون تدريبًا علميًّا نوعيًّا تراكميًّا مستمرا بمستويات متعددة منها المستوى الخاص بتجديد الخطاب الديني الذي انتقينا له نخبة من أفضل الأئمة ما بين حاصل على الماجستير أو الدكتوراه مع إجادة عدد غير قليل منهم لإحدى اللغات لأجنبية، وقد أعددنا لهم برنامجًا تدريبيًّا راقيًّا ومتميزًا يتكون من نحو ثمانمائة ساعة تدريبية يدرس فيه هؤلاء الأئمة إلى جانب علوم الدين واللغة علوم النفس والاجتماع والجمال، ومفاهيم الأمن القومي، والمدارس الفكرية والفلسفية قديما وحديثًا، إضافة إلى دراسة جادة لإحدى اللغات الأجنبية، وآليات التواصل الإعلامي والإلكتروني، وسيشرف اليوم بتكريم سيادتكم لهم ثلاثة من هؤلاء الشباب، ونؤمل خلال عام أن نضيف إلى قوى مصر الناعمة مائة عالم مستنير على الأقل بإذن الله تعالى.

ويطيب لي أن أختم حديثي بأبيات من وحي هذه المناسبة الكريمة “ذكرى ميلاد الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم)” لأحمد شوقي، حيث يقول:

لَزِمـتُ بـــابَ أَميـــرِ الأَنبِيــــاءِ وَمَـــن

يُمسِــك بِمِفتـــاحِ بـــابِ اللهِ يَغتَنِــمِ

مُحَمَّــــدٌ صَفـــوَةُ البـــاري وَرَحمَتُـــهُ

وسيــد الخَلق من عـرب وَمِن عجــم

وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ قائِلَةٌ

مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمــي

يا جاهِليـنَ عَلـى الـهـــادي وَدَعـوَتِـهِ

هَــل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ

أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا يُمَـــــرُّ بِهِـــمْ

إِلا عَلى صَنَــــمٍ قَد هامَ في صَنَـــــمِ

والخَلقُ يَفتِــكُ أَقواهُــــمْ بِأَضعَفِهِـــمْ

كَاللَيــــثِ بِالبُهْمِ أَو كالذئب بِالغنمِ

فنــــــودِيَ اِقرَأ تَعالـــى اللهُ قائِلُهــــــا

لَـــم تَتَّصِــل قَبلَ مَن قيلَــت لَهُ بِفَمِ

قالوا غَــــزَوتَ وَرُســـلُ اللَهِ ما بُعِثـــوا

لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفـــــــكِ دَمِ

ولا يفوتني في الختام أن أتوجه إلى الله العلي العظيم أن يحفظ مصر وأهلها من كل سوء وأن يوفق رئيسها لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يمن على السيد المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بالشفاء العاجل وأن يرده إلينا سالمًا، واسمحوا لي سيادة الرئيس أن أقدم لسيادتكم هدية وزارة الأوقاف نسخة مباركة من كتاب الله (عز وجل) من طباعة الوزارة، ومعه نسخة من آخر إصداراتها في مواجهة الفكر المتطرف كتاب “فلسفة الحرب والسلم والحكم” من تأليفنا، وكل عام وأنتم بخير.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة سيراميكا كليوباترا وفاركو (1-1) بالدوري المصري لحظة بلحظة | استحواذ من فاركو