اعلان

فنكوش « المناطق التكنولوجية» يفضح ألاعيب وزارة الاتصالات

"الاتصالات" تهدر اكثر من مليارى جنيه فى "المناطق التكنولوجية" والنزيف مستمر

_ تحاول محاكاة "القرية الذكية"وترفض الاعتراف بالفشل خوفا من الرئاسة

_ غياب المستثمرين الأجانب التي انشأت المناطق التكنولوجية خصيصاً لهم

_ شركة "ارنست يانج" التي قامت باعداد دراسات الجدوى لانشاء شركة "الواحة سيليكون" المالكة للمناطق التكنولوجية، أخلت مسئوليتها عن صحة مخرجات دراسات جدوى المناطق التكنولوجية التى قامت بها بيوت الخبرة المحلية

_ "أهل مصر" يكشف أسباب استقالة رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا" قبل عامين بسبب تلك المشروعات

شريف طاهر : فروع الشركات بالقرية الذكية وبعد المناطق سبب احجام المستثمرين

أصبحت المحاولات المستميتة لإنجاح مشروع المناطق التكنولوجية بأي ثمن هو المحرك الرئيسي الذى يشغل تفكير القيادات الحالية لوزارة الاتصالات ولهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات فسيطرعلى عقولهم وجوب تسكين أية مشروعات أو أنشطة بالقوة بصرف النظر عن ملاءمة المناطق التكنولوجية لها أم لا، حتى إذا كان ذلك على حساب افشال مبادرات وبرامج أخرى كان يمكن أن يكتب لها النجاح لولا اهمال أفكارها وتوجيه الاهتمام للاستثمار فى المبانى وليس العقول.

الفكرة نفسها بعيدة تماماً عن حيز الواقعية وتحقيق قصة نجاح مماثلة لمنظومة القرية الذكية التى تميزت باستقطاب كافة مكاتب وممثلى شركات ومؤسسات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأمر الذى يثير تساؤلاً محيراً عن جدوى الدعوة إلى انشاء تلك المناطق لفتح فروعاً للشركات بأسيوط وبرج العرب وبنى سويف والصعيد والسادات الاسماعيلية هى بالأساس متواجدة بالقاهرة ولا ترى جدوى من فتح فروع لها في هذه المناطق، او جذب شركات اجنبية عالمية لانشاء مقارٍ لها في هذه المناطق، وهو ما فشلت فيه الوزارة والهيئة وشركة الواحة سيليكون الى الآن.

الأمر الذى أثبته الفشل الواضح للدراسات الوهمية التى أجريت قبل ثلاثة أعوام من قبل بيوت الخبرة المنوطة بذلك فى استقطاب استثمارات اجنبية مباشرة، او مستثمري القطاع ومستثمري التطوير العقاري للاستثمار في تطوير المنطقة التكنولوجية بدون اللجوء الي المال العام لتعمير تلك المناطق حيث قامت الشركات بعمل مجموعة من الدراسات استناداً لمجموعة من الافتراضات الغير واقعية ودون التحقق من جدية أصحاب الشركات والمؤسسات المستهدفة استثماريا فى الاستثمار الفعلي في هذه المناطق – حسب مصدر رسمى- .

وعندما تعاقدت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات مع شركة "ارنست ويونج" لإعداد دراسة الجدوي الاقتصادية ولإنشاء الشركة المصرية "واحة سيلكون" التي تقوم بتنفيذ وادارة المناطق التكنولوجية علي مستوي الجمهورية أعتمدت شركة "ارنست يانج" علي ما قامت بيوت الخبرة المصرية بإعداده من الدراسات بنفس الافتراضات والمؤشرات الاقتصادية دون تغيير وذكرت في دراساتها اخلاء مسئوليتها عن صحة او دقة الافتراضات التي قامت عليها دراسات بيوت الخبرة المصرية ومخرجاتها.

لكن حرص قيادات الوزارة والهيئة و«استمواتها» على مواكبة الانشاءات والأعمال التى يجريها الرئيس السيسى بكافة القطاعات وخوفهم من النقد بغياب المشروعات القومية العملاقة عن القطاع وحرصهم على تنفيذ تعليمات الرئاسة التي جاءت بناء على توصياتهم دون الرجوع فى قراراتهم لكى لا تسوء صورتهم أمام الرأى العام جعلتهم يرفضون التراجع عن فكرتهم والعدول عن موقفهم.

خلال العامين السابقين سحبت مئات الملايين من الجنيهات من ميزانيات ايتيدا والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات - لإنشاء هذه المناطق لكنه لم يتم توقيع عقود فعلية مع شركات عالمية (لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو الغرض الرئيسي من انشاء هذه المناطق) أو مع أخرى محلية لالزام الشركات بالاستحواذ على مساحات محددة في هذه المناطق، أو خلق وظائف جديدة فيها، عدا اتفاق واحد وُقِّع بين شركة صينية اسمها "ميجان"، يُزْعَم انها شركة من كُبرى الشركات التصنيع الالكتروني الصينية لايوجد لها موقع على الانترنت وبين شركة مصرية اسمها "سيكو" لتجميع أجهزة الكترونية لإنشاء ثلاث خطوط تجميع في المنطقة التكنولوجية ببرج العرب. وحتى هذا المشروع اضطرت شركة واحة سيليكون ان تساهم فيه بالمال العام.

وكشف المهندس حسين الجريتلى رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات السابق أن شركة الواحة سيليكون والهيئة والوزارة حاولوا بعدة طرق بث الحياة في المناطق التكنولوجية وعندما فشلو لجأت الهيئة الى ربط مشاريع تنموية اخرى كانت مستقلة عن المناطق التكنولوجية بالمناطق التكنولوجية مما أدى الى إفراغها من مضمونها وافعالها! مثال لذلك ربطت مشروع مجمعات الابداع المستهدفة للطلاب والخريجين الجدد بالمناطق التكنولوجية، بل طلبت من التحالفات المتقدمة بان تلتزم بدفع ايجار قدره حوالي 11 مليون جنيه مقابل استخدام المبنى الواحد خلال الخمسة سنين الأولى للمشروع، مما يمثل 45% من الدعم المقدم من الهيئة والبالغ 25 مليون جنيه خلال تلك الفترة .

وأضاف الجريتلى أن الدعم المالي التي تقدمه الهيئة باليد اليمنى تحاول استرداده باليد اليسرى لتبرير بناء هذا المبني الذي لا داعي له من الأصل، أي ان وزارة الاتصالات والهيئة لم تكتفيا بتوجيه مئات الملايين من ميزانية الهيئة والمؤسسات الأخرى التابعة للوزارة للتمويل العقاري من خلال تأسيس شركة "واحات السيليكون" وتمويلها تمويلا كاملا، ولكن وجهت جزء اضافي من ميزانية الهيئة المخصص للبرامج التنموية الى التطوير العقاري بطريقة غير مباشرة.

وقال الجريتلى أنه عندما كان يتولى ادارة الهيئة رفض المشروع وقتما كان المهندس عاطف حلمى يقود الوزارة ومن بعده المهندس خالد نجم وأنه نصحهما برفض المشروع كلا فى وقته واستجاب له الوزيران السابقان بحجة أنها لن تكون جاذبة للاستثمارات بسبب بُعدها عن الكثافات الطلابية والسكانية التي هي مصدر العمالة المؤهلة، وعن الجامعات ذات الثقل التي يمكن ان تُوَّرِد مهندسين بالمهارات المطلوبة في مجال التصميم الالكتروني والمجالات الاخرى كما أن مشروعات بذلك الحجم يتم تسويقها خلال المراحل الأولي للمشروع، وتكون شبه مباعة بالكامل قبل الانتهاء من الإنشاء.

وبرهن الجريتلى على صحة كلامه بدليلين الأول هو عدم نجاح الوزارة والقائمين على المشروع حتى الآن في تسويقه وجذب الاستثمارات الأجنبية، وعدم توقيع عدد من العقود الجادة مع شركات عالمية أو محلية كبيرة تلتزم عن طريقها هذه الشركات بالاستحواذ على مساحات أرض أو مباني للتوسع في أعمالها وخلق وظائف جديدة والدليل الآخربتجربة القرية الذكية حيث أن النسبة الكبرى لشركات الاتصال والتعهيد وخدمات تكنولوجيا المعلومات والتصميم الالكتروني اختارت أن تكون مقار أعمالها في أحياء مختلفة داخل القاهرة لتكون قريبة من العمالة المؤهلة بدلا من القرية الذكية التي مازال بها أراضي ومباني غير مستغلة.

وتابع الجريتلى أنه بتولى المهندس ياسر القاضى مهام الوزارة بدأ يسعى جاهداً لتنفيذ المشروع بأى شكل وبأى مقابل دون دراسة الموقف أو حتى عوائده وعلى الرغم أن الجريتلى حسب كلامه- أكد للقاضى عدم جدوى المشروع إلا أن القاضى أخبره بأنه سيتم تحويل 250 مليون جنيه للهيئة من الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بناءاً على جواب سيرسله هو شخصياً القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لدى الجهاز في ذلك الوقت لدعم المشروع بقيمتهم اجمالية اضافة إلى دعم مالى آخر فيما بعد يخصص من ميزانية الهيئة .

وأضاف الجريتلى أنه اتصل وقتها بالقائم بأعمال الرئيس التنفيذي للجهاز في ذلك الوقت وحدثه هاتفياً للتحقق من انه بالفعل منتظر جواب من الهيئة بناء على طلب الوزير تفيد بطلب تحويل الجهاز لمبلغ ٢٥٠ مليون جنيه للهيئة لهذا المشروع فاجاب بالإيجاب، ولكن رفض المهندس حسين الجريتلي حينئذ أن يتم ارسال الجواب بصفته، ولكنه ارسله بطلب من وزير الاتصالات لاخلاء مسئوليته تجاه قيام ذلك المشروع لعدم قناعته بالدراسات التى أجريت , وعندما عقد وزير الاتصالات اجتماع مجلس ادارة الهيئة فى نهاية أكتوبر 2015 لبحث ومناقشة طرح المشروع استفسر من الحاضرين عن موقفهم، فبعد مناقشات دامت حوالي ساعة أبدى خلالها بعض الأعضاء تحفظاتهم بخصوص مساهمة الهيئة بمواردها في انشاء هذه المناطق من مشروع المناطق الذكية، واعترض المهندس حسين الجريتلي بشدة، أنهى الوزير المناقشة بصيغة "مين مش موافق على تعليمات الرئيس السيسى فى اطلاق مشروع المناطق التكنولوجية " ليكون السؤال بمثابة تأييد لتعليمات الرئيس وليس مناقشة مشروع يفيد أو يضر البلاد. فلم يعترض أحد غير الجريتلى الذي اصر على تسجيل اعتراضه في محضر المجلس.

وقرر الجريتلي بعدها بأسبوع تقديم استقالته من منصبه لتسجيل اعتراضه على هذا المشروع وعدم المشاركة في اهدار المال العام بأى صورة. وأرسل استقالة مفصلة من 4 ورقات للمهندس شريف اسماعيل رئيس مجلس الوزراء باعتبار أن رئيس الهيئة معين من قبل رئيس الوزراء موضحاً أن فى تلك الفترة طالته شائعات مغرضة بأنه ترك منصبه لتولى ادارة أحد شركات الاتصالات فى مصر بهدف تشويه صورته أمام الرأى العام أنه يسعى وراء المال .

من جانبه علق المهندس شريف طاهر مستشار وزير الاتصالات السابق على مشروعات المناطق التكنولوجية أنها تمثل مجالا لاهدار المال العام بطريقة سلبية خصوصا فى ظل احجام المستثمرين حتى الآن عن الاتجاه لضخ استثماراتهم حتى الآن, مشيرا إلى أن تكلفتهم انشائهم الاجمالية  تترواح بين 1.5_2 مليار جنيه.

وأضاف طاهر فى تصريحات خاصة لأهل مصر أن مثل تلك المبالغ من المفترض توجيهها للاستثمار فى العقول البشرية وتنمية مجال التعلم التكنولوجى والعلمى الذى يوفر على الدولة ميزانيات ضخمة تضيع بسبب قلة الكفاءات موضحاً أن عملية الاستثمار فى العنصر البشرى أكثر نفعاً وجدوى من الاستثمار فى العقارات والمبانى التى يقتصر استثمارها على بيعها أو تأجيرها بسعر أعلى مشددا على احجام المستثمرين لعدة أسباب أهمها بعد المناطق نقص الكفاءات البشرية وفروع الشركات بالقرية الذكية التى لن تقوم بافتتاح أخرى مماثلة دون الحاجة لها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً