اعلان

السيناريو الكارثي.. السعودية تخطط لتقييد لبنان.. الحريري يواجه أزمة اقتصادية العام المقبل

كتب : سها صلاح

حذرت صحيفة الواشنطن بوست من سيناريو يهدد لبنان بسبب الصراع الإقليمي مطالبين بسرعة تحرك حكومة سعد الحريري لتفاديه.

وفي ظل سعر الصرف الثابت، وبعض من أسوأ معدلات الدين وموازين المدفوعات في العالم، يواجه لبنان أزمة اقتصادية خطيرة العام المقبل، إذا تسببت العلاقات المتوترة مع دول خليجية في تقليص التدفقات المالية التي تدعم ربط عملة البلاد بالدولار.

وما قد يغير الوضع هو التحول في السياسة الخارجية السعودية التي أعاد ولي عهدها الجديد الأمير محمد بن سلمان بيروت إلى دائرة صراع نفوذ في المنطقة بين السعودية وإيران.

وكان أحد مؤشرات التحول السياسي استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري المفاجئة الشهر الماضي، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها جاءت بضغوط من السعودية التي تعارض بدورها وحلفاؤها في الخليج دور "حزب الله" في حكومة الحريري الائتلافية.

وتراجع الحريري عن استقالته بعد ذلك. لكن العديد من خبراء الاقتصاد والمحللين حولوا تركيزهم مجددا إلى أوجه الضعف في اقتصاد يعتمد على الحوالات ويبلغ حجم عجز التمويل الخارجي فيه نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي وحجم الدين الحكومي 150% من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لصندوق النقد الدولي.

وبينما تمتلك غالبية الاقتصادات النامية الآن سعر صرف حر، ما يزال ربط العملة المحلية بالدولار هو التقليد المتبع في الشرق الأوسط، لكن ربط الليرة اللبنانية بالدولار يختلف عن غيرها من عملات دول الخليج الغنية بالنفط لأنه غير مدعوم في لبنان بقوة مالية ضخمة.

وبدلا من ذلك يعتمد لبنان على تدفقات الودائع إلى البنوك اللبنانية من المغتربين، الذين يفوق عددهم بكثير الأربعة ملايين نسمة الذين يعيشون في الداخل، لتمويل الحكومة والحفاظ على احتياطي البنك المركزي.

وامتنع حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الذي يشغل منصبه منذ عام 1993، عن التعليق على مسألة التدخل. لكنه قال لـ"رويترز" إن ربط الليرة بالدولار له "ثمن".

ولدى مصرف لبنان المركزي حجم احتياطيات مريح من النقد الأجنبي يصل إلى 43 مليار دولار، ويمكن لسلامة أيضا الاستناد إلى نجاح البنك في الحفاظ على الاستقرار خلال أزمات أخرى ومن بينها الصراع مع إسرائيل في عام 2006 واغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري والحرب الأهلية في سوريا.

وقالت الصحيفة أنه الاعتماد عليها سلاح ذو حدين، والجانب السلبي هو أن الحوالات تمثل 16% من الناتج المحلي الإجمالي للبنان وفقا لبيانات البنك الدولي وهو معدل أعلى بكثير من غالبية الاقتصادات الناشئة.

والأكثر من ذلك أن نحو ثلثي هذه التحويلات يأتي من الخليج وقد يكون مهددا بسبب التوتر بين بيروت والرياض، وأشار الحريري إلى العقوبات الخليجية كتهديد رئيسي.

وقالت "لديهم احتياطيات كافية لكن تدفقات التحويلات هي التي تغذيها. وإذا تدهورت الأوضاع في الشرق الأوسط، لا تعلم إن كانت تلك الأموال ستستمر في التدفق أم لا". وحذر من أن انهيار ربط العملة بالدولار سيدفع معدلات الدين الخارجي إلى "مستويات فلكية".

وأضافت "الوضع الائتماني اللبناني بالنسبة لي هو الوضع الذي يحتاج مراقبة في العام المقبل. هذا اقتصاد نسبة الدين فيه إلى الناتج المحلي الإجمالي مماثلة لليابان لكن بعجز ضخم في ميزان المعاملات الجارية".

-السيناريو الأخطر

ربط الليرة بالدولار أيضا سلاح ذو حدين، فطالما أنه مطبق ويثبت أن من الممكن الاعتماد عليه سيكون المغتربون اللبنانيون سعداء بإرسال مدخراتهم إلى حسابات مصرفية تدر فائدة مرتفعة في الداخل وللسكان المحليين الراغبين في ادخار الليرة.

ومنح النمو المستقر للودائع البنوك فرصة لتمويل الحكومة، وبينما يقرض البنك المركزي هذه السيولة، فإنه يوفر للبنوك أسعار فائدة جذابة على الودائع الدولارية.

لكن إذا انخفضت الودائع، لنقل على سبيل المثال إذا اضطر اللبنانيون المقيمون في الخليج للعودة إلى الوطن، فقد تتنامى شكوك بشأن استقرار ربط الليرة بالدولار وهو ما قد يدفع المواطنين إلى شراء الدولار.

وقال توبي إليس مدير الصناديق السيادية للشرق الأوسط وأفريقيا بوكالة فيتش إن البنك المركزي قد يتكيف مع بعض المستوى من الطلب على الدولار حيث تعادل الاحتياطيات نحو 60 % من ودائع البنك.

-غضب المملكة

وأكدت الصحيفة أن السعودية بإمكانها خنق الاقتصاد اللبناني، إذ يعتمد بشكلٍ كبير على تدفقات رأس المال القادمة من دول الخليج، مشيرةً أن متوسط حجم التحويلات النقدية القادمة من الخارج إلى لبنان نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سنوياً على مدار الـ10 سنوات الأخيرة، وبيّنت أن 60% تقريباً من هذه التحويلات من دول الخليج.

وسردت الصحيفة وقائع أوضحت فيها دور السعودية في منع الاقتصاد اللبناني من الانهيار، وأشارت إلى أن الرياض أنقذت النظام المالي اللبناني بعد مقتل رفيق الحريري عام 2005، حيث اهتزت ثقة المستثمرين في لبنان.

وخلال الحرب اللبنانية الإسرائيلية عام 2006، وضعت السعودية والكويت وديعةً قيمتها 1.5 مليار دولار في البنك المركزي في بيروت لدعم العملة المحلية للبلاد، وفي 2008 أعلنت السعودية أنها ستقدم للبنك المركزي وديعةً إضافية قيمتها مليار دولار.

وجاءت المساعدات السعودية مصحوبةً بدوافع سياسية، إذ قدمت المملكة دعمها لتحالفٍ من القوى اللبنانية المعارضة للنفوذ الإيراني والسوري. وسُمي هذا التحالف "14 مارس" وكان يقوده سعد الحريري.

وبلغ الدعم السعودي السياسي ذروته في الانتخابات البرلمانية لعام 2009، التي موَّلت خلالها المملكة المرشحين المعارضين لـ"حزب الله" بمئات آلاف الدولارات.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً