اعلان

أزمة الطلاق المسيحي بين الدستور والإنجيل.. توسيع أسباب الطلاق يفك طلاسم قانون الأحوال الشخصية المسيحية.. ناشط قبطي: قوانين طلاق الطوائف المسيحية تتعارض مع نصوص الدستور

- "الصحيفة الجنائية" و"تحليل المخدرات" أبواب خلفية للطلاق

- تصريحات مطران شبرا الخيمة تعارض تعليمات المجمع المقدس

- بطلان الزواج "تلاعب لفظي" من رجال الكنيسة ولتهدئة الرأي العام

خادم بالكنيسة الأرثوذكسية: البابا شنودة أصر على "الطلاق لعلة الزنا" التزاما بتعاليم الكتاب المقدس

"شريعة الزوجة الواحدة" أمرا اتفقت عليه كافة الطوائف المسيحية، رغم اختلافها حول تفاسير قضايا مسيحية عديدة لكن جميعهم يسمح بالتطليق وليس بالطلاق، وهو الفصل بين الزوجين بناء على حكم محكمة ولأسباب تقرها الكنيسة، فلا يجد الأقباط سبيلا سوى التحايل على القوانين بتغيير الملة أو الطائفة بحسب الكنائس التي تستقبل من حين لآخر أعضاء جدد، لذلك تدرس الكنائس توسيع أسباب الطلاق لتشمل "الرهبنة" برضا الزوجين واستحالة العشرة والزنا والإرتداد والهجر خمس سنوات للأسر المعيلة وثلاث سنوات للأسر غير المعيلة، والسجن أكثر من 7 سنوات، والجنون، أو مرض معدي والعجز الجنسي، والشروع في القتل وسوء سلوك أحد الزوجين».

يقول أشرف أنيس، مؤسسة رابطة الحق في الحياة للأحوال الشخصية المسيحية، إن شروط الزواج الكنسي الحالية هي حصول الطرفين على شهادة «خلو موانع» من أب الاعتراف والكشف الطبي للطرفين من خلال مراكز طبية تابعة للكنائس وشهادة إتمام كورسات مشورة.

ويضيف، أن توسع الكنيسة الأرذوكسية فى أسباب الطلاق كانت خطوة لتهدئة الرأي العام لكن لا يمكن تنفيذها إلا إذا أصبحت قانونا يطبق في المحاكم على الأقباط الأرثوذكس، كما أن المجلس الاكليريكي الحالي لايطبق التعديل على من حصلوا على طلاق مدني إلا بعد مرور خمس سنوات من تاريخ حكم الطلاق، متجاهلا الفترة السابقة التي عانى منها أصحاب المشاكل من الانفصال الجسدي، وتتراوح الفترة بين سبع أو عشر سنوات وربما أكثر، كما أن التصريح الذى يحصل عليه صاحب حكم الطلاق يكون تصريحا سنويا، قابلا للتجديد ويمكن للمؤسسة الدينية عدم تجديده لذلك فان كل مايقال عن التوسع فى أسباب الطلاق والتصريح الثاني ماهو إلا شائعات يصعب تنفيذها، حسب قوله.

أما عن قضايا بطلان الزواج فأشار «أنيس» أنها قد تستغرق مابين عام ونصف وعامين في المحاكم الإبتدائية والاستئناف، على ألا تتجاوز المدة بين عقد الزواج والكشف عن سبب بطلان العقد والتقاضي الـ 6 شهور، وتعتبر أبرز أسباب بطلان عقد الزواج الكنسي هي «العجز الجنسي والأمراض النفسية وتزوير مستندات الزواج، أو الحكم على أحد الزوجين بأحكام قضائية لا يعلمها الطرف الأخر قبل إبرام العقد».

وأكد مؤسس الرابطة أن بطلان الزواج مجرد «تلاعب لفظي» من رجال الكنيسة، حسب وصفه، لن يطبق إلا بعد إقرار قانون جديد للأحوال الشخصية الذي لم تتضح معالمه حتى الآن، خاصة أن أي شخص يتم عقد قرانه يكون قد أجرى الكشف الطبي الكنسي، لافتا أن بعض الايباراشيات تطلب صورة «الصحيفة الجنائية»، وكذلك يمكن أن يخضع الزوجين لـ«تحليل مخدرات» ويكون الطرف الآخر على علم بكل هذه الأمور، مشيرا أن توسيع أسباب بطلان الزواج هي محاولات كنسية لفتح أبواب أمل جديدة لمتضرري الأحوال الشخصية.

ويشير الناشط القبطي أن تصريحات أسقف شبرا الخيمة الأنبا مرقس، في حواره لـ«أهل مصر»، التي أوضح خلالها أن الطلاق لن يتم فى مشروع القانون الجديد إلا لعلة الزنا، هو تصريح مخالف تماما لما أقره المجمع المقدس، رغم أنه كان ضمن الأساقفة الذين صوتوا بالموافقة على القرار، بأن الفرقة والهجر لمدة خمس سنوات لمن يعول أطفال يبيح الطلاق وكذلك الفرقة ثلاث سنوات فرقة لمن لا يعول يبيح الطلاق، وطالب الناشط بفصل العقد المدني عن العقد الكنسي، وعلى الدولة أن تقوم بفتح مكاتب توثيق زواج للمسيحيين الذين ترفض الكنائس توثيق عقود زواجهم.

ويضيف أنيس، أن الفرق بين اللائحة والقانون في الأحوال الشخصية المسيحية هو أن اللائحة لاترتقي لقوة قانون لان اللائحة يمكن أن تعدل بدون المرور على مجلس النواب وتختص بتعديلها الرئاسة الدينية، كما حدث في عصر البابا شنودة أو مسؤلي الدولة المنوط بهم تعديل القوانين، لكن القانون هو من إختصاص السلطة التشريعية التى يمثلها مجلس النواب ولا يجوز تعديلها إلا بموافقته، مثال على ذلك أنه تم تعديل لائحة 38 للأقباط الارذوثكس فى سنة 2008 ولم يستطيع البابا شنودة إلغاء مادة تغير الملة لأنها قانون لذلك فإن حل مشكلة الأحوال الشخصية للمسيحيين يتطلب تشريع قانون مدني بعيدا عن تشريعات الرئاسات الدينية لأن القانون عندما يشرع لابد وأن يكون متوافقا مع بنود الدستور الذى يعتبر بمثابة عقد بين الدولة والمصريين عموما.

وأوضح، في سياق حديثه أن قوانين الكنائس التي تريد تشريعها تختلف تماما عن ماينصه الدستور لأسباب عديدة منها أن الدستور يمنع التمييز بين الأفراد وعند صدور باب خاص لكل طائفة فى موضوع الطلاق فهذا يعتبر تميزا كما أن تطبيق ثلاث سنوات للهجر لمن ليس لديه أطفال وخمس سنوات لمن لديه أطفال فهذا يعتبر تمييز ايضا.

كما لفت أن منح تصاريح الزواج لبعض الأفراد وعدم السماح للبعض الآخر ضد مواد الدستور التى تقول إن من حق كل إنسان تكوين أسرة، كما أن المجلس الاكليريكى ليس له سلطة قضائية حتى يحقق مع الأفراد الذين حصلوا على أحكام قضاء وليس لدية سلطة المنح والمنع حسب قوانين الدولة لكن من حقه فقط إتمام المراسم الدينية ومنعها.

من جهته قال مينا أسعد، خادم أسقفية الشباب بالكنيسة الأرثوذكسية، إن قضية الطلاق من القضايا التشريعية بصريح النصوص الانجيلية، ولا يوجد أحدا من مفسري الكتاب المقدس من الأباء الرسوليين إلا وأكد على القصد الإلهي بتشريع "لا طلاق إلا لعلة الزنا سواء جسدي أو روحي أو بتغيير الدين، موضحا أن قوانين الكنيسة على مدار الألفي عام الماضية لم تحيد عم هذا التشريع، مضيفا أن أول مرة يأتي فيها ذكر لأسباب أخرى للطلاق كانت في القرن الثالث عشر، في بعض الكتب التي نقلت قوانين ما يسمى «الملوك»، وهي قوانين مدنية للغرب، فنقل منهم البعض مزيج القوانين الكنسية مع المدنية، ولم يزد هذا الظهور إلا في ثلاثة أو أربعة كتب على الاقل.

وتابع أسعد،أنه في تاريخ الكنيسة بأكمله لم تصدر أي لائحة تحتوي على أسباب متعددة للطلاق حتى لائحة 38 صدرت من المجلس الملي وأوقفها البابا كيرلس السادس لحظة صدورها آنذاك، وأكد هذا الايقاف البابا يوساب ومن بعده البطاركة وصولا إلى البابا شنودة، ويحمل التاريخ قرارات مجامع في عصر هؤلاء البطاركة يرفضون فيها ما يسمى بلائحة 38 لانها ضمن القوانين الموازية للأحوال الشخصية وتتغير باستمرار وتنمو فكما يرى البعض القانون كائن حي ينمو ويتفاعل، كان لازما أن يصدر قانون إجرائي من الكنيسة ينظم عمل المحاكم في قضايا الاحوال الشخصية للاقباط، فجاءت تؤكد على «لا طلاق إلا للزنا وتغيير الدين»، وأغلقت باب «تغيير الملة»، مع تأكيدها على عدم زواج الطرف المخطيء كما تنص نصوص الكتاب المقدس.

وأشار خادم أسقفية الشباب بالكنيسة الأرثوذكسية أن لائحة 38 سمحت بطلاق مدني فقط في حالة الهجر وهو في الأصل لمعالجة الحالات التي يمكن فيها إثبات الزنا أمام الكنيسة ولا يمكن إثباته حسب أحكام القانون، فيتم التطليق مدنيا للهجر وكنسيا للزنا، ومن يقوم بإرادته المنفردة في الحصول على طلاق مدني، فالكنيسة تفحص حالته فإن توافقت والكتاب المقدس تقوم بتطليقه كنسيا.

وشملت اللائحة أيضا حسب الخادم الكنسي وسائل الاستدلال على حكم وقوع الزنا وهو ما يطلق عليه «الزنا الحكمي» من خلال مجموعة من القرائن كالرسائل الالكترونية وغيرها، كما نصت على بطلان الزواج في حالة وجود غش في بعض الأمور ولا يعلم به الطرف الآخر تدليسا مثل أن يكون الزوج مدمنا قبل الزواج وهنا يكون الزواج كأن لم يكن مدنيا وكنسيا، وفق تعبيره.

واختتم أسعد حديثه: «ما يتداوله البعض أن البابا شنوده هو الذي رسخ لا طلاق إلا لعلة الزنا وأنها ليست نصا كتابيا يحتاجون فقط لقراءة الكتاب المقدس وتفاسيره وأقوال آباء الكنيسة على مر العصور، فهناك أكثر من مائة أبا وبطريركا سابق للبابا شنودة أكدوا التعليم الراسخ للكنيسة في هذه القضية».

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً