اعلان

ورطة "وزير مالية" الكنيسة.. وفاة "باسيلي" ترفع الحرج عن البابا تواضروس.. وتحدد مصير "المجلس الملي".. وعلمانيون: المسيحيون في انتظار انتخابات "مجلس الوجهاء"

«سئ السمعة» و «مجلس الوجهاء» تلك مسميات أطلقت على المجلس الملي القبطي العام، الذي صدرت لائحته في عهد الخديوي توفيق عام 1874، وكان رقيب الدولة على أموال الكنائس ويحاسب البطاركة والمطارنة والأساقفة على الأموال القبطية إلى أن جاء عهد الرئيس جمال عبدالناصر الذي انتزع هذه الصلاحيات ووزع مهامه إلى هيئات تابعة للدولة مباشرة.

7 أعوام مضت لم تخلو من مطالب الأقباط بالإعلان عن المجلس الملي العام، وتجددت تلك المطالب منذ أيام بعد تنيح الدكتور ثروت باسيلي وكيل المجلس المعطلة مهامه منذ 2011، لينتظر العلمانيين الأقباط لحظة إعلان وزارة الداخلية عن مارسون إنتخابات «المجلس الملي»، بعد تغيير مسماه الطائفي كما يراه الأقباط الذي ردد بعضهم أقاويل حول أن البابا تواضروس كان دافعه الرئيسي في تعطيل أعمال المجلس هو نفوذ ثروت بسيلي ومخاوفه من سيطرته عليه، خاصة أنه يمتلك المال الذي يعاونه في حصد الأصوات لصالح فريقه من العلمانيين في إنتخابات المجلس.

ومعروف أن الراحل باسيلي كان يمتلك قناه ctv التي أنشئت في عهد البابا شنودة بغية أن تكن ناطقة باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لكنها إنحرفت عن أهدافها، وهو الأمر الذي دفع البابا تواضروس منذ تجليسه على كرسي مارمرقس لإفشال أي محاولات للإعلان عن إنتخابات مجلس ملي جديد متعللا بمسماه الطائفي، كما جهز لإطلاق قناة جديدة تحمل اسمه تبث من داخل الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية.

الناشط القبطي وحيد شنودة، صرح أن المجلس الملي العام معطل منذ عام 2011، ومنذ عام مضى كان قرار البابا تواضروس أن يتم العمل علي قانون لتحويل المجلس الملي إلى مجلس استشاري، وعن أبرز الأسماء التي تحل بديل عن عضو المجلس المتوفي ثروت باسيلي، يضيف شنودة: «أن المفكر القبطي كمال زاخر هو الأقرب إلى الكنيسة ولكنه ليس مقربا من البابا نفسه، وهو السبب الرئيسي لعدم وصوله في الماضي إلى انتخابات مجلس النواب وأيضا نفس السبب سيحجبه عنه حاليا المجلس الملي».

وقال الناشط: «أهم سمات التي يجب أن تتوافر في تشكيل المجلس القادم أن ينتمي للكنيسة، يكون كل أعضاءه علمانيين لأن المجلس يختص بالإشراف على النواحي الإدارية غير الدينية مثل أوقاف الكنيسة والإشراف والمحاسبة على الشؤون المالية والتعليمية، كما يقوم المجلس بدور الجهاز المعاون للبطريرك في الأعمال الإدارية والمالية الخاصة بالكنيسة وهو السبب الرئيسي في إرجاء الإعلان عن إنتخابات المجلس الملي العام».

وأضاف أن البابا تواضروس صرح في أكثر من حديث بأنه لايرتاح لاسم «المجلس الملي»، ومن المؤكد أن البابا علي حق لأن الأقباط لا يعيشون الآن في العصر الذي يصنفون فيه كـ«ملة»، بل يعيشون في عصر المواطنة، ولذلك ووفق كل ماذكر فان العمر الافتراضي للمجلس الملي شكلا وموضوعا من حيث الاسم والمهام والتركيب الاجتماعي، قد انتهى، و أصبح الحديث عن "المجلس الملي" بشكله القديم كمن يدخل الكنيسة بالطربوش العثمانلي، حسب وصفه.

وأشار شنودة إلى أن المجلس الملي تأسس بعد أن انتقلت رياح التغيير من الوطن الي الكنيسة العتيدة، في 1872، وانتخب اعضاؤه في 16 يناير 1874، وأختير بطرس غالي باشا وكيلا للمجلس حيث كانت الرئاسة للبطريرك، وأصدر الخديوي أمره باعتماد تشكيله، وبدأ المجلس يباشر مهامه في فبراير 1874، وهو الذي إختار كيرلس الخامس بطريركا خلفا لديمتروس في عام 1875، ورأى كيرلس الخامس أن المجلس يمثل اعتداء على سلطاته فحل المجلس في 1875، وسعى بطرس غالي لدى الدولة في هذا الشأن حتى صدر الأمر العالي في 13 مارس 1883 بتشكيل المجلس الملي مرة أخرى، وأعيد انتخاب بطرس غالي وكيلا له في 14 مايو 1883.

ونصت لائحة المجلس الملي على أن يشكل المجلس للنظر في كافة المصالح الداخلية للأقباط، وأن يختص بحصر أوقاف الكنائس والاديرة والمدارس وجمع حججها ومستنداتها وتنظيم حسابات الايراد والمنصرق وحفظ الارصدة وأن يكون من واجبه ادارة المدارس والمطبعة ومساعدة الفقراء، وحصر الكنائس وقساوستها والأديرة ورهبانها والأمتعة والسجلات الموجودة بهذه الجهات، وذلك فضلا عن اعتباره محكمة للأحوال الشخصية للأقباط تنظر منازعات الزواج والطلاق وغيرها، ويكون تشكيل المجلس من 12 عضوا، و12 نائبا يضافون إلى الأعضاء لتكوين الجمعية العمومية له.

وينتخب الأعضاء والنواب 150 ناخبا، ويكون البطريرك هو رئيس الاجتماع الانتخابي، كما تكون له رئاسة المجلس الملي ذاته على أن ينتخب وكيل للمجلس من أعضاءه يقوم مقام الرئيس عند غيابه، ومدة العضوية والنيابة في المجلس 5 سنوات تجدد بعدها الانتخابات، ورفض المطارنة المجلس وأصدروا بيانا يؤكدون فيه أن المجلس مخالفة للأوامر الإلهية والنصوص الرسولية.

من جانبه يقول المفكر القبطي كمال زاخر، إن المجلس الملي العام منعدم الصلاحيات لأسباب كثيرة تم إختزالها من قبل الدولة حيث أنه كان لديه العديد من الصلاحيات عند إنشائه بقرار خديوي في عهد الخديوي إسماعيل والبابا كيرلس الخامس، وكانت أبرز مهامه هي الفصل في قضايا الأحوال الشخصية التي تصدر من المحاكم الملية لغير المسلمين إلى أن ألغاها الرئيس جمال عبدالناصر وتحولت لمحاكم مدنية ثم محكمة الأسرة، فضلا عن أن المجلس الملي العام كان مختصا في الإشراف وإدارة المدارس القبطية، إلى أن أصدر الرئيس عبدالناصر قرار بإخضاعها لإشراف وزارة التربية والتعليم عام 1960، أيضا كانت ضمن صلاحيات المجلس الملي الرقابة على أملاك الكنائس التي أخضعها الرئيس عبدالناصر لهيئة الأوقاف القبطية، كما إنتزع أيضا صلاحية الرقابة على المستشفيات القبطية وتحولت رقابة عليها للجهات الحكومية.

زاخر أضاف: «بات المجلس الملي العام هو مجلس للوجهاء بعد أن انتزعت كافة صلاحياته لذا الحديث عن ترشحي لعضويته بعد رحيل ثروت باسيلي هو أمر عار عن الصحة وليس ضمن إطار إهتماماتي لأنه قولا واحدا لن يشكل مجلس ملي قبطي مجددا لأنه مجلس طائفي لا يتماشي مع دولة مصر المدنية، كما أنه لا يمتلك صلاحيات فأصبح مجلس بلا عمل منذ الحكم الناصري بينما هو بوابة العبور للحصول على مناصب في الدولة مثل عضوية مجلس النواب، مشيرا إلى أن البابا تواضروس قدم للدولة صياغة جديدة لإعادة صلاحيات ومسمى المجلس خاصة أن المجس الملي منذ نشأته عام 1920 وصولا إلى البابا شنودة الذي عُطلت في عهده صلاحيات المجلس وحوّل إلى مجلس وجهاء، ولم يكن يوما على وفاق مع البطاركة، لكنه كان متسق مع الفترة الذي أنشئ فيها لانها كانت دولة طوائف آنذاك، مجلس لليهود وأخر للإنجيليين وأيضا مجلس للكاثوليك ومجلس للأقباط الأرثوذكس.

وأوضح المفكر القبطي أنه من غير المنطقي التحدث عن مجلس طائفي في الآونة الحالية بعد أن أصبحت دولة مدنية، لافتا إلى أن وزارة الداخلية وحدها المختصه بالإعلان عن إنتخابات للمجلس الملي لذا البابا تواضروس لن يدعو لإنتخابات مجلس ملي عام لانها خارج صلاحياته، لذا السؤال عن بديل لعضو المجلس الذي توفى منذ أيام لا محل له، مؤكدا: «لن يشكل مجلس ملي عام بعد اليوم ولا نية لتشكيله مجددا لأن الدولة لديها تحفظات على المجلس و أدواره».

أما مينا أسعد، مدرس اللاهوت الدفاعي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فقال إنه رغم المحاولات المستميتة خلال السنوات الماضية لرجال المجلس الملي المحترمين منهم لتنقية واقعهم من التاريخ الأسود للمجلس، والذي تمثل منذ عام 1874 على يد بطرس غالي باشا والذي تدخل في السلطة الدينية للكنيسة، مسببا وقيعة بين الكنيسة والدولة، مرورا بالأنبا مكاريوس البطريرك الذي تسبب المجلس الملي في ذهابه الي دير الانبا بولا منتزعا صلاحياته وعاد قبيل نياحته، وما حدث من اصدار لائحة 38 المنحرفة عن الكتاب المقدس والخاصة بالطلاق والتي ألغاها فور صدورها البابا مكاريوس ومن تلاه من بطاركه أكدوا على هذا الالغاء، وغيرها من البقع السوداء في هذا التاريخ.

وأضاف أسعد، «جاهد الكثيرين لتغيير التاريخ بالواقع الأفضل مثل الارشدياكون حبيب جرجس الذي تصدى لقرارات المجلس المخالفة للعقيدة رغم كونه عضوا فيه، ونهاية بالدكتور ثروت باسيلي الذي خدم بأمانة للمعاونة فيما يخص شؤون الكنيسة المدنية»

واختتم: «المجلس الملي الآن - وإن كان قداسة البابا قد أبلغني سابقا أنه يهدف الي تغيير الاسم واللائحة- في حاجة إلى رئيس كحبيب جرجس، قديس القرن العشرين في تمسكه بالإيمان السليم، وأمانته في الاوقاف الكنسية، ووضع مصلحة الكنيسة والأقباط قبل طموحه الشخصي مما جعله يستحق أن يعترف به كقديس».

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً