اعلان

"أهالينا الطيبين".. "الجن" يطارد سكان مقابر علي زين العابدين.. والأهالي يناشدون المسئولين بنقلهم إلى مساكن آدمية (فيديو)

تناولنا في الجزء الأول من حملة "أهالينا الطيبين"، والتي أطلقها موقع "أهل مصر"، لتسليط الضوء على المشكلات التي تواجه البسطاء والكادحين من أهالي مصر، معاناة 130 أسرة يقطنون في مقابر علي زين العابدين بحي السيدة زينب، الذين يفتقدون لكل مقومات الحياة، ويعيش 80% منهم داخل قبر مساحته 3 أمتار ونصف المتر، نصفها سجى فيه جسد الميت، والنصف الآخر ينامون فيه، بعد أن اضطروا لفتح المقبرة ووضع أمتعتهم البسيطة داخلها، ومن ثَّمَ العيش بجوار الموتى، أما الـ 20% الآخرين فيعيشون داخل عشش مصنوعة من الصفيح أو الخشب.

اقرأ أيضًا.. "أهالينا الطيبين".. حملة "أهل مصر" لنقل صوت البسطاء من قلب العشوائيات

وفي الجزء الثاني من حملة "أهالينا الطيبين"، نسلط الضوء على جوانب أخرى من المعاناة التي يعيشها سكان "مقابر زين العابدين"، وأبرزها ذلك الرعب الذين يعيشون فيه صباح مساء بسبب ما وصفوه بـ"الأفعال الشيطانية" التي يُصدرها إليهم الجن الذي يسكن المكان، وغير ذلك من الظروف المعيشية الصعبة التي تعصف بالأهالي هناك.

أرواح شريرةيصف أحد الأهالي، ويُدعى "سيد الصقاري"، الرعب الذي يتملكهم بسبب اعتقادهم أن أرواحًا شريرة تتأهب كل مساء للفتك بهم، وهو يشير إلى إحدى المقابر قائلًا: "تخرج الأرواح الشريرة من هذا المكان، وفي كل مساء نسمع أصواتًا مرعبة، ولا نستطيع الاقتراب من مكان صدور هذه الأصوات"، مؤكدًا أن "العفاريت" -كما يُطلق عليهم-، تسكن هذا المكان بسبب "أن المدفونين فيه أشخاص إما قتلوا، أو ماتوا عن طريق الحوادث، ولذلك فإن أرواحهم تريد الانتقام من أي إنسان مازال على قيد الحياة".

وعن أغرب المواقف التي تعرض لها الأهالي، يقول "الصقاري": "عندما كنت صغيرًا وبعد حلول الظلام خرج علينا عفريت من هذا المدفن، وأصابنا جميعًا بالرعب؛ فقد كان يخرج صوتًا يشبه صوت الشخص الذي يتأوه من شدة الألم، وتكررت هذه الواقعة منذ 4 سنوات، وهو ما جعلني أترك العيش بجوار هذا المكان وانتقل لأعيش في مدفن آخر، وعندما جاء شخص آخر وسكن في نفس المكان كان يخرج له العفريت ويطرق عليه الباب ويصيبه بالرعب طوال الليل".

شاهد.. "عفاريت" وأرواح شريرة تهاجم سكان مقابر علي زين العابدين

لا تقف معاناة سكان مقابر علي زين العابدين، عند حد الذعر الذي يتملكهم جراء اعتقادهم بأن أرواحًا شريرة -أو عفاريت كما يطلقون عليها- تتأهب كل ليلة للفتك بهم؛ فالمشكلات التي تواجه هؤلاء الكادحين تتعلق بكل جوانب حياتهم غير الآدمية التي قُدر لهم أن يعيشوا فيها، ويحدثنا "سيد الصقاري" عن هذه المعاناة، وقد غلب على صوته نبرة مليئة بشجن المغلوب على أمره، والذي يرنو إلى التمتع بعيش كريم ولكنه لا يملك حيال تحقيق هذا سبيلا.

يصف "الصقاري"، حياتهم داخل المقابر بـ"عيشة تحت الصفر"، قائلًا: "كل من يعيشون هنا طيبين، وفي نفس الوقت معدمين، ويفتقدون لأي وسيلة مساعدة، ولا يوجد من يمد يد العون لهم.. الناس هنا ينامون في أحواش كما ترون"، متسائلًا: "يرضي مين اللي احنا عايشين فيه؟ وفي شرع مين؟".

شاهد.. سكان مقابر علي زين العابدين يصفون معاناة العيش وسط الموتى

إضافة إلى حتمية نومهم وسط المقابر، بمحاذاة جثامين الموتى، وفقدانهم لأي مصدر دخل؛ يضطر سكان مقابر علي زين العابدين، كل يوم لخوض معركة طاحنة على مدار ساعات النهار من أجل الحصول على متطلباتهم من مياه الشرب والاستخدام اليومي؛ فالمقابر لا يوجد بها سوى صنبور واحد.

يقول "الصقاري": "نحن مجبرون على العيش في هذا المكان، بسبب ضيق العيش وعدم قدرتنا على توفير مكان آخر، لذا نناشد المسؤولين بانتشالنا من العدم، ووضعنا في مكان يصلح للحياة الآدمية. نريد أن ينظروا إلينا بعين الرحمة من أجل أطفالنا الصغار، فكل أمنياتنا تتمثل في نقلنا من هذا المكان إلى آخر يضمن لنا العيش في صحة سعادة، ولا نريد أكثر من هذا".

تعرف على مطالب سكان مقابر علي زين العابدين من الحكومة

بعض كبار السن الذين استوطنوا داخل مقابر علي زين العابدين، منذ سنوات عديدة مضت تجاوزت عدتها الخمس حقب زمنية، أصيبوا بما يشبه "التوحد"، جراء يأسهم من أن يهتم بهم المسؤولين، ويلبون مطالبهم، وينتشلونهم مما زجوا فيه على غير إرادة منهم، ومن هؤلاء مسنُ جاوز ربيعه الستين، ويُدعى "محمود" الذي أصبح غير مكترث بأي شيء حوله، ولا يريد من الحياة سوى أن "يكرمه الله بحسن الخاتمة".

يقول "محمود"، في حديثه لـ"أهل مصر": "أنا بقالي 60 سنة عايش هنا.. من يوم ما اتولدت، واكتشفت إن الحياة مع الأموات أفضل بكتير من الحياة مع الأحياء. أنا وصلت لمرحلة إني لما بخرج من وسط المدافن بحس بالغربة، والسبب في ده إننا تعبنا من العيشة هنا، وطالبنا المسؤولين بدال المرة 100 مرة إنهم يرحمونا ويوفروا لينا أماكن تانية نعيش فيها، بس ما فيش مسؤول اهتم بينا، عشان كده بقيت حاسس إن الأموات ارحم بينا من الأحياء".

اقرأ أيضًا.. "أهالينا الطيبين".. "عندما تُجبر على العيش داخل قبر".. 130 أسرة بمقابر علي زين العابدين "محرومين من كل حاجة" (فيديو)

يضيف "عم محمود"، كما يناديه سكان مقابر علي زين العابدين، "احنا عايشين هنا من زمان ومفيش حد حاسس بينا. كل واحد هنا عايش على قده. بنقوم من النوم ندور على أكل العيش"، كان هذا المسن صريحًا معنا إلى أبعد الحدود حين تحدث عن مصادر الدخل التي يعتمد عليها قاطني المقابر، حيث يقول: "بنعتمد على التسول وبيع المناديل فى الشوارع وإشارات المرور، وبنستنى النفحات اللي بتجيلنا من أصحاب المدافن".

ليس للجمعيات الخيرية أي دور في دعم سكان مقابر علي زين العابدين، والسبب في هذا أن أكثرية الأهالي "ساقطي قيد"، هذا ما أكده لنا "محمود" عند سؤاله عن دور هذه الجمعيات في التخفيف من حدة معاناتهم، معقبًا: "بيطلبوا مننا أوراق.. طيب احنا هنجيب أوراق منين؟".

مطالب ساكني المقابر، لا تتعدى توفير مسكن ملائم يضمن لهم عيشًا كريمًا، وينتشلهم من مجاورة الموتى؛ هكذا أكدت لنا "الحاجة زينب"، التي بلغت من العمر أرزله، فقد جاوزت الخامسة والستين عامًا، تقول هذه السيدة المسنة: "أنا مولودة هنا وسط الأموات، وكل اللي أعرفه إني من الصعيد بس عمرى ما رحت هناك، وماليش في الدنيا بعد ربنا غير ابني، ونفسي يعيش باقي حياته في مكان بعيد عن الأموات".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً