اعلان

هربوا من ويلات "الحرب" إلى "جحيم" الغربة.. الحيوانات تعاني من الإرهاب في سوريا والعراق

كتب : هند سامي

بعد سبعة أشهر من وقوع ثاني اكبر مدينة سورية تحت سيطرة حكومة الأسد،تم ترحيل "لوز" من حلب وهو في الثامنة من عمره،بالرغم من أن "لوز" سرعان ما وجد محمية على تل ملئ بأشجار الزيتون في شمال الأردن،إلا أنه لم يستطع نسيان سوريا،ففي أيامه الأولى بالأردن،اعتاد لوز الجري والاختفاء عند سماعه أصوات شاحنات او طائرات هليكوبتر، لأنه لازال يعاني من آثار أصوات الانفجارات وأصوات اطلاق النار التي انتشرت في المدينة التى ولد بها،الآن،لايزال لوز حذرابعض الشئ لكنه اقل خوفا عن ذي قبل،حتى أنه كان قادرا على الخروج من حلب على قيد الحياة تحت رعاية منظمة غير تدعى four paws.

لوز الدب الأسود الآسيوي ،وجيرانه الجدد في محمية"المأوى"للحيوانات البرية في العاصمة جرش بالإضافة إلي عدد من الحيوانات الأخرى تم انقاذهم من حديقة حيوانات "ماجيك ورلد"الموجودة في أطراف مدينة حلب، حيث أنقذت منظمة four paws الحيوانات من الأوضاع المضرة لهم وغالبا في مناطق الحرب في جميع أنحاء العالم، حيث تمتلك هذه المنظمة مكاتب في ١٥ دولة و٧ محميات وتأوي أيا كان من قطط الشوارع حتى الحيوانات المفترسة أو الحيوانات الأليفة الغريبة من نوعها التي عوملت بقسوة من أصحابها.

وأوضح مصطفى خريست "مدير محمية المأوى" أن المحمية افتتحت لتوفير حلول للحيوانات في مناطق الحرب وأيضا الحيوانات التى تم مصادرتها من المهربين.

*الأسود،النمور والدببة:

ذكرت رغد زيتون"الطبيبة البيطرية المقيمة بالمحمية بالأردن أن ١٨ اسداً،و٤ دببة ،ونمرين يجب أن يتعافوا من الصدمات النفسية التى سببتها الحرب التى عاشوا في أجواءهاـوقد أكدت الطبيبة انه في الوقت الذي تم فيه انقاذ الدب لوز و١٢ حيوان اخر من حديقة حيوانات"ماجيك ورلد"،كان المتمردون يسيطرون على المنطقة.

ومن جانبه ذكر مالك المنظمة انه كان هناك مايقرب من ٣٠٠ حيوان في حديقة الحيوان قبل اندلاع الحرب،ولكن معظمهم لقو حتفهم في القصف وتبادل اطلاق النيران او بسبب المجاعة، لكنهم انقذوا الحيوانات التي لازالت على قيد الحياة.

وأكدت زيتون أنه في بادئ الأمر كانت الحيوانات في حالة يرثى لها فكانوا ممتلئين بالجروح وذوي وزن نحيف جدا وكانت الدببة نصف وزنها تقريبا وبدا عليهم الرعب، لكنهم الآن احسن حال من قبل.

تعد"المأوى" اكبر محمية للحيوانات كبيرة الحجم في الشرق الأوسط فمساحتها تتعدى ١١٠ هكتار،وتوفر لهم عدة مرفقات مناسبة.

مع العلم ان "المأوى"تأسست عام ٢٠١٥ من خلال شراكة بين مؤسسة الاميرة عليا و four paws من اجل ايواء الحيوانات التى لا تستطيع العودة إلي ديارها ولا التعايش في البرية.

لكن ايضا الموقع الاستراتيجي للأردن بين أفريقيا والخليج جعل منها ملتقى طرق للتجارة الغير مشروعة للحيوانات البرية.

ففي دول الخليج الغنية،هناك طلب مرتفع على الحيوانات الغريبة التى تم تهريبها غالبا عن طريق الاردن ؛على الرغم من سن المملكة للتشريعات وتوقيع معاهدة التجارة العالمية لاصناف الحيوان والنبات البري المهدد بالانقراض(CITES).

ومن جانبه قال خريست:"هدفنا هو زيادة التوعية عن أهمية حماية الحيوانات وتعليم وتدريب الناس على الحفاظ على الطبيعة،ويترقب المركز افتتاح مطعم نباتي للنزلاء في فصل الربيع، مضيفاً انه ببداية الأمر كان للمأوى معارضين كثر على افتتاحه.وذلك بسبب تخوف سكان القرى القريبة من هروب الحيوانات المفترسة مثل الأسود والنمور.

*المكان الاكثر امانا:

من جانب اخر يعد وصول بعض الحيوانات إلى "المأوى " هي المرة الاولى التى تخط اقدامهم على تربة :مثلا هناك "سلطان"و"صابرين"اسدان تم انقاذهم من حديقة حيوانات غزةحيث انهم لم يغادروا قفصهم قبل وصولهم للاردن، وتم انقاذ الأسدين في صيف ٢٠١٤ أثناء حصار الشعب الفلسطيني وتعرضهم للقصف العنيف من الجانب الإسرائيلي.

وبالرجوع إلىfour paws فإنه اكثر من ٨٠ حيوان قد لقو حتفهمو٣٠ بقوا على قيد الحياة ولكن تركوا بلا طعام أو شراب، وكانت الأسود تحت ضغط شديد وتحطمت أقفاصها،لذلك لزم تدخل المنظمة ونقلت الحيوانات إلى مركز "الأمل الجديد" بالأردن ثم إلى المأوى،وعشرات من الجثث المحنط للحيوانات تناثرت في حديقة الحيوانات.

*هروب من الموصل:

حديقة حيوانات الموصل كانت مهجورة أثناء المعارك التي كانت بالمدينة،وكانت بين قوات الحكومة العراقية والميلشيات العلوية الكردية التي كانت تقاتل من اجل تحريرها عن تنظيم الدولة العثمانية، واندلعت المعركة في أكتوبر ٢٠١٦ وكانت حديقة حيوانات ساحة قتال لميلشيات التنظيم لعدة أشهر،وماتت معظم الحيوانات اثناء تبادل اطلاق النيران أو بسبب الجوع.

وعندما تحرر النصف الشرقي من الموصل في يناير ٢٠١٧ كان هناك فقط اثنين من الحيوانات على قيد الحياة دب وأسد.وأرسل المواطنون بالموصل رسائل للمنظمة لطلب المساعدة لإنقاذ هذه الحيوانات .

وفي فبرايرذهب خليل إلى الموصل لفحص الحيوانات مع تأمين الطعام والأدوية لهم،وفي مارس بدأ التخطيط لمهمة انقاذ الحيوانات والعودة لمحاولة إخراجهم من هناك، وتم إيقاف خليل في نقاط تفتيش الجيش العراقي عندما سألوه عن مزيد من الوثائق وأمروه باعادة الحيوانات إلى الحديقة.

وبعد مفاوضات مع الجيش العراقي تمكنت المنظمة من العودة في ابريل مع وثائق إضافية وأخيرا تمكن من إرسال الحيوانات إلى عمان.

"لكن مهمة الموصل كانت واحدة من أكثر التحديات التي واجهناها وكان التعامل معقد جدا مع الجيش ،وتنظيم الدولة كان قديم جدا، حيث أن الحديقة كانت في المنطقة التي حررت بالفعل في مارس ولكنها ظلت مغلقة لأنها كانت تقع في الخط الفاصل بين المنطقة الشرقية المحررة والنصف الآخر من المدينة الذي لازال تحت سيطرة تنظيم داعش.

في البداية سخر الجنود العراقيون من مهمة انقاذ الحيوانات ولكن بعد ذلك قدموا وطلبوا اطعام الحيوانات،واحضار الجنود دجاجتين لإطعام الأسد، وأضاف خليل "غير الجنود موقفهم واقتنعوا أن الحيوانات ليست جزء من الحرب ليسوا فقط البشر يعانون ولكن الحيوانات ايضا تعاني،أي شخص يعاني من الحرب".

أما في طريق الخروج من الموصل أحتجز خليل لبعض الأيام حتى حصوله على تصريح الخروج هو والحيوانات،وبين اللاجئين الذين مروا عليهم كان هناك أطفال فقدوا منازلهم،كانوا يحملون الكثير من الذكريات السيئة ،ولكنهم عندما أتوا إلى شاحنتنا ورأوا الأسد والدب بدأوا بالضحك وكانوا سعداء جدا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً