اعلان

رمضان في فرنسا.. جمعية "الشوربة للجميع" في خدمة الصائمين.. وازدحام المساجد بالمصلين وتقاسم الفرحة مع غير المسلمين

فرنسا دولة تقع في أوروبا الغربية، ولها عدة مناطق وأقاليم منتشرة في جميع أنحاء العالم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 66 مليون نسمة، عاصمتها باريس، ولغتها الرسمية هي الفرنسية وعملتها اليورو، شعارها "حرية مساواة إخاء".

يعتبر الإسلام الدين الثاني في فرنسا، وتتراوح نسبة المسلمين هناك وفقا لبيانات مركز دراسات "pew research center"، عام 2016 بنحو 5.7 مليون شخص، أي ما يعادل 8.8% من مجمل السكان، فيما تشير أغلب التقديرات أن عدد المسلمين في فرنسا يترواح بين 5 إلى 6 ملايين. في حين قدرت وزارة الداخلية الفرنسية أعدادهم ب 4.5 مليون.

اقرأ أيضاً: رمضان في إيطاليا.. استقدام العلماء تعطشا لمعرفة أمور الدين.. وأداء الشعائر يحتاج إلى تضحيات

يحلّ شهر رمضان كل سنة على الجالية الإسلامية بفرنسا، ورغم افتقاد المغتربين الكثير من الأجواء الرمضانية التي يشهدونها في بلدانهم الأصلية، فإنهم يسعون دائمًا لخلق أجواء مماثلة في أحيائهم. ومع كل الصعوبات التي ينطوي عليها الصيام في بلاد غير إسلامية، حيث أن مواقيت العمل الاعتيادية تصعّب منه، فإن شهر الصيام للمفارقة، يمثّل فرصة لأبناء الجالية لتوطيد الروابط بينهم، ففي هذا الشهر، تزدهر موائد الإفطار الجماعية، ويلتقي الأهل والأحباب الذين لم تسمح لهم ظروف العمل والدراسة بالالتقاء طوال السنة.

اقرأ أيضاً: رمضان في إسبانيا.. محاولات لهز ثقة الصائم في دينه.. واستحضار أمجاد الأندلس

شهر التسامح

ويزداد ارتباط هؤلاء ببلدانهم الأصلية من خلال الفضائيات، بالترافق مع جو من التسامح بين الفرنسيين مع الصائمين، فلا تستغرب إن بادرك جارك أو أحد معارفك من غير المسلمين بعبارة "رمضان سعيد"، الكلّ يعرف، في فرنسا، هذا الشهر القمري، والكلّ يعرف أنّه ليس كباقي الشهور، هو شهر المشاركة والتسامح، بامتياز، إذ تحرص فيه السلطات على أن تكون أكثر تسامحاً مع جاليتها المسلمة.

منافسة المتاجر الإسلامية

طقوس رمضان الحقيقية في فرنسا هي حيث التكتلات السكانية المسلمة الكبرى، فرمضان شهر اجتماعي بامتياز، تنتشر المتاجر التي توفر مستلزمات الشهر، وإن كان كثير من المتاجر الكبرى يفطن، منذ سنوات، لهذا الجمهور، ولهذه القوة الاستهلاكية التي تنمو، فيبادر إلى عرض هذه البضائع بحجم كبير ينافس المتاجر الإسلامية.

اقرأ ايضاً: رمضان في المكسيك.. الأجواء الرمضانية تغيب في بلد الجريمة.. ومشقة في حضور الأنشطة الإسلامية

التمور و"الشبَّاكيَّة"

يندر أن تدخل إلى أحد محلات السوبر ماركت تلك في الأحياء الشعبية والضواحي، من دون أن تفاجئك التمور، الآتية من تونس والجزائر، بشكل رئيس، وكلّ البضائع التي تدخل في مكونات الحساء، أي الحريرة عند المغاربة والشوربة لدى الجزائريين والتونسيين، ثم الحلويات العربية، أو ما يطلق عليه "الشبَّاكيَّة"، والألبان، أما استهلاك اللحوم، فيبلغ مستويات تفوق مستويات الشهور الأخرى.

الصائم برفقة المفطر

لا يمكن أن نفصل بين العادات والتقاليد المتحدرة من دول الهجرة الأصلية، وبين ما يُمارَس في فرنسا، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الجالية المسلمة أقلية، حيث يعيش المسلمون رمضان في بلدانهم الأصلية في كلّ مكان، في الشارع وفي العمل وفي البيت، وبالطبع في المسجد، وليست هذه هي الحال في فرنسا، فالأمور أصعب، فهناك الصائم برفقة رفقائه المفطرون، يتناولون القهوة ويدخنون.

دعوة لتقاسم الفرحة مع غير المسلمين

وفي بادرة تبعث على نشر التسامح ومشاركة الآخر الأفراح والمناسبات، تحرص بعض أئمة المساجد أثناء خطب الجمعة على مطالبة المصلين دعوة جيرانهم من غير المسلمين إلى بيوتهم وتقاسم فرحة رمضان وعاداته وأطباقه معهم، وفي كلّ سنة يزور رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء مسجد باريس الكبير لتناول الإفطار.

وبالفعل، في هذا الشهر الفضيل، لن تجد أسرة مسلمة، لا تتقاسم الإفطار مع الجيران، مهما كانوا، حيث تحرص بعض الأسر على أن تحمل أنواعا من الأطباق المفضلة لديهم في بلدانهم الأصلية ويتقاسمونها مع الجيران والفقراء، فعادة ما تجد المغاربيون مثلا يطبخون الكسكس في يوم الجمعة لهذا الغرض.

اكتظاظ المساجد

مثلما تعرف المجتمعات الإسلامية، في هذا الشهر، بذخاً ومبالغة في تهيئة موائد الإفطار، التي تذهب الكثير من بقاياها إلى القمامة، يحدث الشيء نفسه في الأحياء الشعبية والضواحي الفرنسية، وهو ما تفسره الأحاديث التي تتبادلها الأُسَر عن مشترياتها في هذا الشهر، لكن، لا ينطبق الأمر على الجميع.

يعرف المسلمون أنّ كلّ أجر يُضاعَف في شهر رمضان، كما يعرفون أنّ رمضان هو شهر الصفح والإيمان وبالفعل، يتضاعف عدد المصلين في المساجد بشكل مثير، بل يصلي المئات خارج المساجد أيضاً عندما تمتلئ ولهذا تبادر عائلات كثيرة إلى تنظيم موائد الإفطار في المساجد، لتقاسمه مع الفقراء والمعوزين، الذين ما تفتأ أعدادهم تزداد.

جمعية "الشوربة للجميع"

معظم المساجد في فرنسا تقدم الإفطار مجاناً للمسلمين وغير المسلمين، طوال هذا الشهر فإنّ جمعيات إنسانية عربية وإسلامية تقوم بنفس العمل، وعلى رأسها جمعية "الشوربة للجميع" العريقة في هذا المجال، والتي تقدم الطعام لعشرات الآلاف طوال هذا الشهر، من دون تمييز في اللون والدين.

تفاوت درجات الالتزام

الجالية المسلمة في فرنسا هي كحال المسلمين في البلدان الأصلية، متنوعة، وبالتالي تختلف درجة الالتزام الديني بين مسلم وآخ، إذا كان بعضهم، من الرجال والنساء، لا يفارق المساجد في هذا الشهر، خصوصاً في الليل، لأداء الصلوات المفروضة ثم التراويح، التي تنتهي منذ سنوات ما بعد منتصف الليل، فإنّ بعضهم الآخر يفضل البقاء في بيته.

متابعة القنوات العربية

يعيد الجميع اكتشاف أصولهم وبلدانهم العربية في هذا الشهر. وهذا الاكتشاف يأتي عبر متابعة القنوات العربية. وتتخذ هذه المتابعة، أحياناً، منحنى ضيقاً، فالفرنسيون من أصول مغربية يتابعون قنواتهم الوطنية، وكذلك الجزائريون والتونسيون والمصريون.

وليس الأمر حكراً على القنوات والفضائيات الترفيهية التي تستخدم سلاح المسابقات والفوازير والجوائز لإغراء الجمهور وجعله وفياً، بل إنّ ثمة إقبالاً شديداً على القنوات الفضائية الدينية، التي يقدم بعضها جوائز أيضاً، وهي جوائز دينية كرحلة عمرة مجانية مثلاً.

ادعاءات محل شك

وعن تعامل السلطات الفرنسية مع المسلمين في هذا الشهر، تجد أنّ السلطات تقدم أحيانا على إغلاق بعض المساجد المقامة في بعض الضواحي التي يقيم فيها كثير من العرب والمسلمين، بادعاء أنها أقيمت بشكل غير قانوني، أو لأنها لا تتوفر على شروط السلامة، وأحيانا أيضا تجد الأحزاب اليمينية هناك، قبيل انتخابات تشريعية مثلا، يطلقون مبادرات ودية تجاه المواطنين المسلمين، في شهر رمضان، في محاولة لاسترضاء المسلمين لتحقيق مصالح شخصية.

تنسيق مشترك

السلطات الفرنسية عموماً، تتفهم كون هذا الشهر يفرض طقوساً ليلية خاصة على المسلمين، وهو ما يمكن أن يؤثر على راحة غير المسلمين ويثير إزعاجهم، كالسهر والضجيج والعودة المتأخرة من المساجد. وهو ما يستوجب تنسيق العمل مع السلطات الفرنسية وممثلي المسلمين والأفراد، من أجل احتواء كلّ التداعيات السلبية.

سوق أورانج الأسبوعي

وفي فرنسا توجد الأسواق التي توفر الطعام الحلال، منها سوق أورانج الأسبوعي جنوب فرنسا، الذي يشهد نشاطا أكثر من المعتاد في الأيام الأولى من شهر رمضان، إذ يسجل حضور نسبة كبيرة من المسلمين نظراً لتوفر بعض المنتجات الحلال فيه، من اللحوم النيئة إلى الدجاج المشوي.

ويمكن سماع كلمات وعبارات باللغة العربية يتداولها كثير من الباعة فيما بينهم، لتدرك أنهم من أصول عربية، بالإضافة إلى عبارات تهنئة بحلول رمضان، إذ يصوم المسلمون حوالي 17 ساعة في فرنسا تختلف قليلا من مدينة إلى أخرى.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
إن بي سي الأميركية: الرد الإسرائيلي على إيران سيكون "محدودا"