اعلان

الانتحار.. سرطان يهدد الجسد المصري.. "التعبئة والإحصاء: 183 حالة خلال عام.. ومجلس الوزراء: تصدٌر مصر المرتبة الأولى عالميًا "شائعة".. ودار الإفتاء: المنتحر ليس "كافرًا"

الانتحار
كتب :

كتبت: فكرية محسن ـ صافيناز عز الدين ـ مصطفى هريدي ـ شيماء السمسار ـ عمرو على ـ إنعام محمد ربيع ـ أسماء ناصر 

تضاعفت خلال الأشهر الأخيرة حالات «إيذاء الذات عن عمد» أو ما يعرف بـ«الانتحار»، للحد الذي جعل الأمر يُصبح ظاهرة جديرة بالدراسة والبحث عن الأسباب التي تدفع الأطفال والشباب وكبار السن يُقدمون على التخلص من حياتهم، وهناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها في هذا السياق، ومن أبرزها: هل الدوافع والأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة هي أسباب اجتماعية أم نفسية أم قلة الوازع الديني؟ وما هو دور الأسرة في الحد من هذه الظاهرة أو زيادتها؟ وفيما يتعلق بحالات الانتحار بين طلاب الثانوية العامة هل السبب الذي يدفعهم للتخلص من حياتهم هو خوفهم من عقاب أهاليهم خاصة بعد رسوبهم أو حتى حصولهم على مجموع متدني؟ وهل بالفعل مصر تتصدر المرتبة الأولى عالميًا كأكثر دولة تقع فيها حالات الانتحار؟ اسئلة كثيرة تجيب عليها «أهل مصر»، في هذا الملف.

كشفت إحصائية رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في العام الماضي 2018، عن أن حالات «إيذاء الذات عن عمد» أو ما يعرف بـ«الانتحار»، التي شهدتها مصر طوال السنوات الثلاث الأخيرة بلغت قرابة الـ 183 حالة، وكان الذكور الأكثر إقدامًا علي التخلص من حياتهم بواقع 140 حالة، مقابل 43 حالة فقط بين الإناث.

وأشارت الإحصائية، إلي أن عدد حالات إيذاء الذات عن عمد سجل ارتفاعًا طفيفًا خلال السنوات الأخيرة، بداية من 52 حالة انتحار في عام 2015 بينهم 36 حالة من الذكور، و16 حالة من الإناث، ثم ارتفع إلي 62 حالة في عام 2016 بينهم 51 من الذكور و11 من الإناث، وصولًا إلي 69 حالة في عام 2017 بينهم 53 ذكرًا مقابل 16 أنثى، كما أن تلك الحالات تركزت بشكل كبير بين المراهقين في الفئة العمرية أقل من 20 سنة بعدد 80 حالة، يليهم الشباب في الفئة العمرية أقل من 40 سنة بعدد 67 حالة انتحار، بينما سجلت تلك الحالات أدني مستوياتها بين الأكبر سنًا بعدد لا يتجاوز 10 حالات خلال الثلاث سنوات الماضية.

وعلى الرغم من وجود حالات انتحار منذ بداية العام الحالي 2019 تحت عجلات مترو الأنفاق وغيرها من طرق قتل النفس، نفى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير رصد الشائعات التابع للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء منذ أيام ما تردد من أنباء تزعم تصدٌر مصر المركز الأول عالميًا في معدلات الانتحار، مُؤكدًا أنه لا صحة على الإطلاق لما تم تداوله حول تصدٌر مصر المرتبة الأولى عالميًا في حالات الانتحار، وأن كل ما يتردد في هذا الشأن مجرد شائعات تستهدف النيل من الاستقرار المجتمعي.

ومن جانبه يشير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، إلى أنه وفقًا للبيانات المتاحة طبقًا لمنظمة الصحة العالمية في تقريرها المُعد عام 2016، بعنوان: «الوقاية من الانتحار ضرورة عالمية»، يتضح أن نمعدل الانتحار في مصر من المعدلات المنخفضة جدًا على مستوى العالم حيث تحتل مصر المركز 150 من أصل 183 دولة، وهو ما أكده البنك الدولي أيضًا.

رأي أطباء الأمراض النفسية

وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد سامي، طبيب الأمراض النفسية، أن أكثر من 70% من المصريين يعانون من أمراض نفسية نتيجة ضغوطات الحياة والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك تأخر سن الزواج والإنجاب لدى الفتيات والخوف من المستقبل؛ وبالتالي فإن ظاهرة الانتحار ترجع لأسباب وعوامل نفسية كثيرة، حيث يمكن القول أن لها عدة جوانب منها النفسي والاجتماعي، فهناك حالات مرضية يصل بهم الأمر للاكتئاب وفي أخر درجة يفكر الشخص في الانتحار ويبدأ في تنفيذه، ويرجع ذلك عادة لأسباب اجتماعية أو فقدان التواصل مع المحيطين وسيطرة اليأس، وفي بعض الحالات يمكن أن تكون حالة من عدم الرضا أو تقبل النفس أو لظروف عدم القدرة على مواجهة الحياة، وهناك فئات عمرية منها الشاب أو الشخص الناضج يكون متحمل مسئولية القرار بالكامل، ولكن هناك الطفل الذي يُقدم على الانتحار ويكون الملام الأول في تصرفاته هي الأسرة.

وأضافت الدكتورة أسماء مصطفى، أخصائية نفسية، أن المصريين في الفترة الأخيرة أصبحوا غير قادرين على التواصل الاجتماعي، فمعظم حالات الانتحار لديهم علاقات اجتماعية شبه مدمرة؛ حيث يرجع الأمر لانتشار وسائل التواصل التكنولوجي الذي سبب حالة من العقم في الاتصال الاجتماعي وفقدان القدرة على التواصل على أرض الواقع، حيث بدأ الشباب في البحث عن حالة الافتراضية وبالتالي سهولة انتشار اليأس والاحباط مسببًا حالة من الاكتئاب وخلل في التوازن النفسي التي تقوده إلى التفكير في الانتحار.

وأشارت الدكتورة أسماء، إلى أن الانتحار ظاهرة صدرت إلى مجتمعنا من دول الغرب، وأن وصول أي شخص إلى مرحلة الإقدام على التخلص من حياته يرجع إلى احساسه بأن الموت يخفض له جناح الرحمة أكثر من الحياة، وهو في هذه المرحلة يكون خارج نطاق السيطرة على عقله ومشاعره وأفكاره، لذلك فإن أسباب الانتحار - سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أوغيرها – فهي تتحول في النهاية لما يشبه المرض النفسي، كما أن أساليب الانتحار المتبعة تختلف طبقا للدراسات النفسية باختلاف الجنس والعمر، فتميل النساء عاده إلى تناول كميات كبيرة من الأدوية أو قطع الشرايين، بينما يميل الرجال إلى الانتحار شنقًا أو القاء أنفسهم من مكان مرتفع، وعلى كل الأحوال يبقى ضعف الجانب الإيماني عامل لا يمكن اغفاله لأنه يؤثر كثيرًا في اقدام الشخص على الفعل أو التراجع عنه.

نائب مدير مستشفى العباسية: السيدات الأكثر إقبالًا على الانتحار.. ونستقبل 300 حالة يوميًا

أوضح الدكتور مصطفى شحاتة، استشاري الطب النفسي ومدير مستشفى العباسية للصحة النفسية، أن الانتحار أصبح ظاهرة خطيرة خاصة مع وجود عدد كبير من حالات الانتحار المتكررة التي يشهدها مترو الأنفاق كل فترة بشكل كبير، حيث يقبل الشباب على قتل أنفسهم أمام قطارات المترو المسرعة للتخلص من حياتهم، وعليه كان يجب أن يكون لمستشفى العباسية دور في التصدي لهذه الظاهرة التي أصبحت موجودة وفي انتشار، مؤكدًا أن المستشفى قامت بعمل برتوكول تعاون مع مترو الأنفاق بسبب انتشار وكثرة حالات الانتحار مع توفير فرق الدعم النفسي لتوصيل الخبرة، فالمترو لم يتم انشاؤه للانتحار.

وأشار «شحاتة» في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، إلى أن فرق الدعم النفسي هي خدمة خاصة للمجتمع المصري، خاصة بعد انتشار مفهوم الانتحار والتسرع في أخذ القرار، وتعتبر فرقة الدعم النفسي من الفرق المتخصصة وتتكون من: طبيب نفسي، وأخصائي نفسي، وأخصائي اجتماعي، وممرض، مضيفًا إلى أنه يتم التواصل مع شباب الجامعات وعلى استعداد تام بالتواجد مع الشباب في المدارس وعمل محاضرات للتوعية النفسية بخطورة الانتحار وتشجيع الشباب على العمل والانتاج والبعد عن الأفكار الانتحارية التي تتكرر كثيرًا في حياتنا اليومية.

ومن جانبه كشف الدكتور أحمد صلاح الدين، أخصائي الطب النفسي وعلاج الإدمان، نائب مدير المستشفى، ومدير وحدة الرجال المطورة بمستشفى العباسية للصحة النفسية، أن المستشفى بها العيادات العامة وترتبط بالخط الساخن للأمانة العامة للصحة النفسية والحجز يكون من خلاله، وهي للاضطرابات النفسية عمومًا، ويتم استقبال الحالات بعد الساعة الثانية ظهرًا، وهناك تدخلين بالنسبة لحالات محاولة الانتحار، أولها تدخل طارئ أي عند وجود أفكار انتحارية من خلال الخط الساخن وخدمة الاستقبال الموجودة في المستشفى حتى تختفي فكرة الانتحار، ومن ثم يبدأ تشخيص الحالة النفسية من خلال المناقشة مع المريض هل بسبب الضغوط الأسرية والاجتماعية، أو الاضطراب الوجداني، أو الاكتئاب، الأعراض الفصامية، حيث تستقبل العيادات بين 250- 300 مريض في اليوم وهي العيادات العامة فقط وليست العيادات الخاصة بالأطفال والمراهقين والإدمان، موضحًا أنه يتم تقديم الخدمة الصحية للمرضى من الثامنة صباحًا وحتى الواحدة ظهرًا، عن طريق 10 أطباء متخصصين.

وكشف صلاح الدين في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أنه في شهري فبراير ومارس الماضي، تلقى الخط الساخن حوالي 23 مكالمة تبلغ عن حالات انتحار وأغلبها من السيدات، فهناك 16 حالة أقدمن بالفعل على انتحار، وحالة واحدة هددت بالانتحار، وتمثل الباقي في أفكار انتحارية، وعن الفئات العمرية 3 مراهقين، و20 في سن البلوغ، كما كانت أغلب المكالمات من محافظة القاهرة، ويليها الدلتا والصعيد، مشيرًا إلى أن الأفكار الانتحارية والمحاولات أكثر عند السيدات عن الرجال بنسبة (3 : 1) وهي نسبة علمية وتنطبق على مصر تماماً، فمحاولات الانتحار لدى السيدات أكبر من الرجال علميًا، ولكن من يموتون فعليًا بسبب الانتحار أكثرهم الرجال بنسبة (4 : 1)؛ فالمنتحرون حوالي 70% منهم لديهم اكتئاب و30% آخرين لديهم اضطرابات نفسية أخرى كالاضطراب الوجداني والفصام أو خرف الشيخوخة «الجنان».

وأوضح نائب مدير مستشفى العباسية، أن الانتحار ثاني سبب لوفاة المراهقين (من سن 13 حتى 18 عامًا) بعد حوادث السيارات، بالإضافة إلى حالات الانتحار التي وجدت في الأطفال بسبب البيئة والظروف المعيشية، والعيادة تتعامل مع هذه الحالات سواء علاج دوائي أو نفسي مع كل الفئات العمرية وتحديدًا يتم التركيز مع فئة البالغين لأن عيادة المراهقين تعمل 3 أيام في الأسبوع، وعيادة الأطفال 3 أيام أيضًا، كما أن هناك عيادة خاصة للمسنين أي فئة بعد الـ60 عام ويعملون فترات صباحية.

6 طلاب يتخلصون من حياتهم بسبب نتيجة الثانوية العامة

أصبح الانتحار، ظاهرة منتشرة بين طلاب الثانوية العامة، كوسيلة يلجأ إليها كل من لا حيلة له، سواء بسبب صعوبة الامتحان أو الوف من ردة فعل الأسرة بعد ظهور النتيجة، وخلال الأيام الأولي من ظهور نتيجة الثانوية العامة تخلص 6 طلاب من محافظات مختلفة، من حياتهم عن طريق الانتحار، وباستخدام طرق مختلفة.

وشهدت مدرسة القرشية الثانوية المشتركة التابعة لإدارة السنطة التعليمية بمحافظة الغربية، انتحار الطالب «ش. و. م»، عقب ضبطه متلبسًا بالغش باستخدام جهاز الهاتف المحمول أثناء امتحان مادة الكيمياء.

وتلقت غرفة عمليات وزارة امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسى 2018/2019، بلاغًا من لجنة مدرسة القرشية الثانوية المشتركة التابعة لإدارة السنطة التعليمية بمحافظة الغربية، يفيد بوفاة طالب (حالة انتحار) عقب ضبطه بقيامه بالغش أثناء امتحان مادة الكيمياء، فيما أكدت الغرفة أنه فور ضبط الطالب وأثناء اتخاذ الإجراءات القانونية المقررة حياله قام الطالب بالقفز من الدور الخامس باللجنة؛ الأمر الذي تسبب في حدوث إصابات بالغة له، وعلى الفور تم نقله بسيارة الإسعاف وقد وافته المنية، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وفي المنيا، أقدمت طالبة في الصف الثالث الثانوي، علي الانتحار عن طريق تناول «قرص الغلة»، بعد رفض والدها تقسيم مواد الثانوية العامة، وتلقى اللواء مجدي عامر مدير أمن المنيا، إخطارا من اللواء مجدي سالم مدير المباحث الجنائية يفيد بورود بلاغ إلى مركز شرطة ملوى من مستشفى المنيا الجامعي بوصول «إيمان. م. م»، 19 عامًا طالبة بالثانوية العامة، ومقيمة بقرية حمزاوي مركز ملوى، مصابة بإعياء شديد، إثر تناولها قرص غلة، وعقب وصولها إلى المستشفى لفظت أنفاسها الأخيرة.

وأنهت فتاة من حدائق القبة بالقاهرة، حياتها عن طريق القفز من الطابق الخامس، بعد رسوبها فى امتحانات الثانوية العامة، حيث تلقى المقدم خالد سيف رئيس مباحث قسم شرطة حدائق القبة، بلاغا من الأهالي يفيد بمصرع فتاة عقب قفزها من شرفة منزلها بالطابق الخامس بدائرة القسم، وانتقل رجال المباحث لمكان الواقعة، وتبين من الفحص أنها قامت بالانتحار قفزًا، بسبب مرورها بأزمة نفسية إثر رسوبها في امتحانات الثانوية العامة، وتم نقل الجثة إلى المشرحة.

الأمر ذاته تكرر في مدينة التبين، حيث انتحرت فتاة في العقد الثاني من عمرها، بإلقاء نفسها من الطابق الثالث بالعقار محل سكنها في منطقة التبين، بعدما فشلت في تحصيل مجموع كبير في امتحانات الثانوية العامة، يؤهلها لدخول كلية الهندسة، وتلقى قسم حدائق التبين، بلاغًا بوفاة فتاة في الثانوية العامة، بعد انتحارها قفزًا من الطابق الثالث، وكشفت التحريات، أن الفتاة أصيبت بحالة نفسية سيئة بعد تحصلها على مجموع 67% في امتحانات الثانوية العامة، وكانت ترغب في دخول كلية هندسة، فقامت بإلقاء نفسها من الطابق الثالث بمحل سكنها، ونُقلت الفتاة إلى مستشفى اليوم الواحد، إلا أنها فارقت الحياة قبل وصولها.

وفي حي الزيتون بالقاهرة لقى طالب مصرعه بعدما أقدم على الانتحار شنقا داخل منزله، حيث تلقى قسم شرطة الزيتون بلاغاً من الأهالي، بقيام طالب بالانتحار وعلى الفور توجهت قوة من مباحث القسم لمكان البلاغ وتبين مصرع الطالب شنقاً بسبب نتيجته في الثانوية العامة.

وفي محافظة الشرقية، تخلص طالب بالثانوية العامة، من حياته، بعد رسوبه في امتحانات الثانوية العامة، عن طريق طلق ناري من طبنجة والده المرخصة بناحية المؤانسة التابعة لقرية سنجها بكفر صقر بالشرقية، وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، وبالانتقال والفحص تبين أن الشاب طالب بالثانوية العامة، وأنه فور علمه بنتيجة الامتحان ورسوبه أخذ طبنجة نارية مرخصة، ملك والده، وصعد للغرفة العلوية وأطلق النار على نفسه ليموت منتحرًا، وتم التحفظ على الجثة، وتم تحرير المحضر اللازم وإخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.‎

ومن جانبه، أكد، خالد عبد الحكم، مدير عام الإدارة العامة للامتحانات، ونائب رئيس عام امتحانات الثانوية العامة، أنه لا يمكن وصف إقدام بعض طلاب الثانوية العامة على الانتحار بأنه «ظاهرة»، حيث رصدنا انتحار 6 طلاب من بداية الامتحانات وحتى ظهور النتيجة، وهو ما يعني أننا أمام نسبة 01. %، إذ أن عدد طلاب الثانوية العامة 600 ألف طالب.

وتابع عبد الحكم، من الممكن أن نطلق على انتحار الطلاب بـ«الظاهرة»، عندما نرصد إقدام أكثر من 600 حالة على الانتحار بسبب الثانوية العامة، مشيرًا إلى أن هناك عدة أسباب تقف وراء إقدام الطلاب على الانتحار، أولها: الضغط النفسي الذي يمارس ضدهم من قبل أولياء الأمور، وتربيتهم الخاليه من الرضا، والثاني: عدم وجود الوازع الديني والبعد عن الله والسخط على قضائه وقدره، والسبب الثالث: الإلتفات لن حولهم من أقارب أو أصدقاء أو جيران، ومقارنة الطلاب ببعض حتى مع تفاوت السنوات، والسعي خلف كليات القمة، وتجاهل إمكانيات الطالب وميوله التي تؤهله لسوق العمل بعد الانتهاء من المرحله الجامعية.

واستشهد نائب رئيس عام امتحانات الثانوية العامة، بطالب الغربية الذي إنتحر خلال امتحان الكيمياء بعد ضبطه بالغش من خلال الهاتف المحمول، وتم تحرير محضر بالواقعة، قائلًا: «من المؤكد أن الطالب تذكر ما سوف يحدث له من قبل والديه عندما يعلمون بتحرير محضر له بسبب ضبطه بحالة غش، وهو ما جعله يلقي بنفسه من الشرفة ويتخلص من حياته، وهذا أكبر دليل على الضغط النفسي والعصبي الذي يمارس على الأبناء من قبل أولياء الأمور».

دار الإفتاء: المنتحر ليس «كافرًا».. والأزهر: حرام شرعًا.. وقاتل نفسه مخلد في النار

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الانتحار حرام شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين على حرمته، وعلى الرغم من وقوع المنتحر في كبيرة من الكبائر؛ إلا أنه لا يخرج عن الملة (ليس كافرًا)، ويظل على إسلامه، وبالتالي يغسل ويكفن ويدفن في مقابر المسلمين، وذلك لأنه مسلم داخله في عموم أحكام موتى المسلمين، مؤكدةً أن المسلم مأمور بالصبر على البلاء، ومقاومتة للظلم قدر استطاعته، وغير مأمور بالانتحار وقتل النفس خروجًا من البلاء أو هروبًا من المشاكل.

وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن الإسلام أمر بالحفاظ على النفس، وجعل هذا من الضروريات الخمس التي يجب رعايتها، وهي: الدِّين والنَّفس والنَّسل والمال والعقل، وأضاف المركز في بحث له بعنوان: «التنفير من جريمة الانتحار»، أن المقدِم على هذه الجريمة ظالم لنفسه، مهما حاول أن يلقي باللائمة على الظروف المعيشية والحياتية فهذا ليس مبررا للانتحار، ولا بالعذر المقبول، وقتل النفس من أكبر الكبائر فهي إزهاق للروح التي حبنا الله إياها، وعدم صبر على اختبار الله: "الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" واستعجال ما قُدر، ولذلك توعد الله سبحانه وتعالى المنتحر بالعقاب الأليم، قال تعالى "وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا".

وأضاف مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا».

قال الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، جامعة الأزهر: إن حالات الانتحار لا يمكن وصفها بالظاهرة؛ لأن الظاهرة هي التي تتفشي في المجتمع ويكثر حدوثها، وهذا أمر غير صحيح، مؤكدًا أن إقدام الشباب والفتيات على الانتحار يرجع إلى قلة الوازع الدين، والإهمال في تربية الجانب الروحي والإيماني لدى الفرد.

وأضاف العواري في تصريحات خاصة لـ «أهل مصر»، أن المسئولية في قضية الإنتحار مشتركة؛ فالمنزل عليه دور في غرس القيم والأخلاق والعقيدة الصحيحة، والمدرسة عليها دور آخر في تربية النشء على معرفة الحلال والحرام وأن النفع والضر كله بيد الله، والمسجد والكنيسة عليهما دور في ترقية الجانب الإيماني للفرد، وإيضاح أن الروح ليست ملكًا له، وإنما هي ملك لله عز وجل ، مشيرًا إلى أن الله تعالى نهى عن قتل النفس ولا بد من احترام حدود الله «تلك حدود الله فلا تعتدوها»؛ ولذلك فإن من يتعدى حدود الله فهو آثم، ومن يقتل نفسه سواء أكان بإحتساء السم أو حقن قاتله أو إلقاء النفس من مكان شاهق أو الضرب بحديدة أو ما شابه ذلك كله حرام ولا يجوز شرعًا.

أرخص طرق الانتحار: «حبة الغلة».. القاتل الصامت في الغربية

يحرص الأهالي بمختلف محافظات مصر على الاحتفاظ بـ«حبة الغلة» داخل منازلهم لحفظ حبوب القمح والأرز، إلا أن هذه الحبة أصبحت خلال الأشهر الأخيرة طريق الشباب والفتيات إلى الموت؛ حيث يستخدمونها للتخلص من حياتهم عن طريق الانتحار، خاصة وأنها تعرف بـ«القاتل الصامت»، الذى لا يترك على ضحيته أى أثر ظاهر، ولا يكتشف سوى بالتشريح.

وتقول منيره محمد، ربة منزل من قرية ديرب هاشم بالغربية: «اعتادنا استخدام حبة الغلة، منذ زمن بعيد فى حفظ حبوب القمح والأرز، وكنا نشتريها من الصيدلية بـ50 قرشًا، حتى زاد سعرها الآن وأصبح 4 جنيهات، وكانت أمى دائما تحذرنا من تناولها، وتمنع وجودها أمام الأطفال، حتى عندما كنا نستخدم الحبوب المحفوظة كانت تحرص على غسلها بالماء الجارى أكثر من مرة».

وتضيف منيرة: «منذ 10 أعوام، وفى أحد أيام الصيف عقب انتهاء موسم الأرز، تشاجرت أختي نبيلة، مع والدي بسبب مشكلة مادية، وفوجئنا بها فاقدة للوعى فى غرفتها، فحاولنا افاقتها أكثر من مرة دون جدوى، وكان الغريب هو خروج أبخرة صفراء من فمها وأنفها، فحملها والدى إلى الوحدة الصحية القريبة من منزلنا؛ لكنها لفظت أنفاسها في غضون دقائق، ونحن فى حاله ذهول لا ندرى ما حدث، فشقيقتى كانت محبه لكل شئ وأكثر ما كانت تعشقه هو حياتها، ألا أنها لجاءت للتخلص منها، بطريقه لم تخطر على بالنا جميعاً، فسلاح الجريمة متداول فى منزلنا بكل مكان وسهل الحصول عليه، وبعد مرور تلك المدة الزمنية الطويلة تعرضت لتلك المشكلة مع طفلي "آدم" والذى تناول الحبة ظنًا منه أنها "كرملة"، وتم أنقاذه قبل ابتلاعها، حيث تفتت فى فمه وتم نقله للمستشفى».

وأوضح الدكتور محمد الششتاوي، مدير طؤارى مستشفيات الغربية، أن أقسام الطؤارى بمستشفيات الغربية تستقبل يوميًا أكثر من 3 حالات مصابين بتسمم حبوب الغلة على مستوى مراكز المحافظة الثمانية، من بينهم أطفال وشباب، وجميعهم تناولوا تلك الحبة إما عن طريق الخطأ، أو كوسيلة للتخلص من الحياة، موضحًا أن من الأعراض المصاحبة لتناولها، الهبوط الحاد في الدورة الدموية والتنفسية، فضلاً عن الوفاة، وأغلب الحالات يخرج من فمها رغاوي الغاز القاتل، وبعض الدخان الأصفر، وأحيانًا تتسبب فى زرقة الشفتين، وبعض أجزاء من الجسد، ولكن معظم الحالات لا يوجد عليها أي آثار خارجية تظهر وجود انتحار، ولكن يتم معرفتها عن طريق التشريح.

وأضاف الدكتور أشرف مشهور، الأستاذ بقسم السموم جامعة طنطا، أن حبوب الغلة أو «الألمونيوم فوسفيد» تتميز برخص ثمنها، وانعدام أعراض التسمم على متناولها، ولذلك يطلق عليها «القاتل الصامت» أو «أرخص طرق الموت»؛ فعلى الرغم من سمية تلك الحبة إلا أنها متداولة فى الأسواق المصرية دون رقيب، وبإمكان أى طفل شراؤها، كما تدخل تلك المادة فى أكثر من 16 منتج، تحت أسماء مختلفة، لكن الاسم الدارج بالقرى والأرياف «حبة الغلة»، والتى تمنع الحشرات الزاحفة والقوارض من مهاجمة محصول القمح والأرز، وتحفظ الحبوب وتمنع تسوسها.

وأشار مشهور، إلى أن «حبة الغلة» تستخدم لمكافحة القوارض والثعالب؛ فالغاز الذي يخرج منها مميت للحيوانات والحشرات، أما بالنسبة للبشر فكثرة التعرض للغاز الذي يصدر من هذا المبيد يصيب الإنسان بالعديد من السرطانات، من أهمها سرطان الرئة والكبد، ومن الممكن أيضًا أن يسبب صدمة لعضلة القلب، وهناك العديد من الأسماء التجارية لهذه الحبة منها: «يكوفيوم 100%»، وهو غاز تبخير، ومسجل تحت رقم 1463، و«مبيد فوسفيد زنك النصر»، ومسجل تحت رقم 102، و«مبيد راتول» ومسجل تحت رقم 1456.

إجبار الفتيات على الزواج والخوف من نتيجة الثانوية العامة.. أبرز الأسباب

سجلت مدينة بني عبيد، التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية، أعلى نسب الانتحار على مستوى المحافظة، حيث اعتادت الفتيات - وبالأخص صغيرات السن - على التخلص من حياتهن عن طريق تناول «حبة الغلة»، بسبب خلافات أسرية، يأتي على رأسها محاولة الأسرة إجبار الفتاة على الزواج.

واستقبلت مستشفى دكرنس العام، فتاة تدعى «م. م. ع»، تبلغ من العمر 22 عاما، تعاني من حالة قيء مستمر، وبعد توقيع الكشف الطبي عليها تبين أنها مصابة بحالة تسمم حادة، نتيجة تناولها قرص «حبة الغلة» السام، والذي تسبب فى تسمم جهازها الهضمي بالكامل مما أدى إلى وفاتها.

وبحسب أحد أقارب الفتاة؛ فإن الأسباب التي جعلت تلك الفتاة تُقدم على التخلص من حياتها تمثلت في ضغوطات نفسية مورست عليها من أسرتها، نتيجة وقوعها في حب أحد الشباب الذي كان يرغب في الزواج منها؛ إلا أن أسرتها رفضت، وحاولت إجبارها على الزواج من شخص آخر، وحين رفضت أعل والدها خطبتها دون أخذ رأيها فقررت التخلص من حياتها.

كما تأتي الضغوطات النفسية التي تمارسها الأسرة تجاه أبنائهم الدارسين في الثاوية العامة، أحد أهم الأسباب التي تدفع الشباب للانتحار، ففي امتحانات الثانوية العامة الماضية، أقدم « خ. م. ع»، طالب بالصف الثالث الثانوى من قرية ميت فارس، على الانتحار للهروب من الضغوط النفسية التى يعاني منها خلال فترة الامتحانات، حيث وصل إلى مستشفى دكرنس، وهو مصاب بحالة قيء مستمر، ولفظ أنفاسه بعد دقائق معدودة نتيجة تسمم جهازه الهضنى.

وشار مصدر طبي، إلى أن سبب وفاة الطالب هو تناوله «حبة الغلة» السامة، واعترفت أسرته فى المحضر الذي حرر بقسم شرطة دكرنس، أن الطالب كان يعانى من ضغوط نفسية سيئة خلال الفترة الأخيرة، بسبب امتحانات الثانوية العامة، وإحساسه أنه لن يتفوق.

ومن جانبه، أكد الدكتور سعد مكى، وكيل وازرة الصحة بالدقهلية، أن الحد من حالات الانتحار أمر صعب، والمسؤولية تعود إلى الأسرة، إذ يجب على أولياء الأمور متابعة سلوك ابنائهم وتخفيف أي ضغوطات عليهم، موضحًا أن مديرية الصحة بالدقهلية لم تقف على نسبة المنتحرين حتى الآن؛ لأنها قليلة جدًا، ولكن معظم من يُقدمون على هذا الفعل من الشباب وصغار السن نتيجة ضغوطات نفسية تمارس ضدهم من أسرهم.

رسائل المنتحرين في البحيرة: «لسنا بخير.. وكل ما نريده العيش بدون ألم»

شهدت محافظة البحيرة، منذ بداية العام الجاري 2019 وحتى الآن إقدام 600 حالة من مختلف الفئات العمرية على الانتحار، عن طريق تناول «حبة الغلة» السامة، وذلك وفقًا للاحصائيات الصادرة من مديرية الصحة بالمحافظة، والغريب في الأمر أن أكثر الحالات حرصوا على ترك رسالة قبل التخلص من حياتهم، كتبوا فيها: «أنا لست بخير، ولكن أنا لا أريد الموت، بل أريد أن أعيش بدون ألم».

وفي إحدى القرى التابعة لمركز كوم حمادة، أقدمت «خ. م. أ»، طالبة بالصف الثالث الإعدادى، على الإنتحار من خلال تناولها «حبة الغلة»، تعبيرًا عن رفضها إجبارها على خطبتها، ويؤكد «أحمد. ن. ب»، أحد أقارب الضحية، أن «القصة بدأت عندما رفض والدها خطبتها من ابن الجيران الذي كانت تحبه ويحبها، بحجة أنه شاب في مقتبل الحياة ولا يملك تكاليف الزواج، إضافة إلى أن الضحية صغيرة على الزواج، و بعد فترة ذاع خبر خطبة هذا الشاب لزميلتها، فتوسلت والدها للموافقة عليه قبل أن يرتبط رسميًا بصديقتها، وحين ظل الأب متمسكًا بالرفض هددت بأنها ستقدم على الإنتحار، وظن الجميع أن الأمر لا يتعدى كونه تهديدًا لن ينفذ».

وأضاف أحمد: «في صباح يوم إعلان خطبة الشاب على صديقتها، خرجت الضحية من المنزل متجهة إلى مركز الدروس الخصوصية بجانب منزلها، وفوجيء الجميع بخبر انتحارها أمام مركز الدروس الخصوصية، بعد أن تناولت حبة الغلة، ولفظت أنفاسها الأخيرة وهي في أحضان صديقتها التي ارتبطت بالشاب الذي كانت تحبه».

وفي إحدى القرى التابعة لمركز دمنهور، أقدمت صديقتين على الانتحار معًا، بعد تناولهما «حبة الغلة»، اعتراضًا على إجبارهم من قبل أسرهم على قطع علاقة الصداقة التي تربطهما، بسبب حدوث مشاجرة بين العائلتين بسبب خلافات على ماسورة صرف صحي، حيث قرروا تناول حبوب حفظ الغلال لتهديد الأهل بالتراجع عن قرارهم وعدم تفرقتهما، لكنهن لفظن أنفاسهن الأخيرة قبل تراجع الأهل عن هذا القرار.

وقالت «س. ع. ح»، جارة الضحايا: «منذ ما يقرب من عام حدثت مشاجرة بين عائلتين في القرية بسبب الخلافات على ماسورة الصرف الصحي، وقرروا مقاطعة بعضهما، واتخذوا العديد من القرارات من ضمنها إلغاء أي صداقة أو نسب بين العائلتين؛ فكانت الفتاتين "ض. ص. ع"، و" أ. ن. ص" الطالبتين في الصف الأول الثانوي، تجمعهما صداقة منذ الصغر، حتى أطلق عليهم أهل القرية "التوأم" بسبب تعلقهما ببعض، وعند حدوث الخلاف بين العائلتين وما تبعه من قرارات، تناولتا حبوب حفظ الغلال، وتوفيت إحداهما قبل نقلها إلى المستشفى، بينما لفظت الثانية أنفاسها عقب وصولها للمستشفى».

وأكدت مسئولة مراكز السموم بمحافظة البحيرة، أن المحافظة تحتوي على مركزي للسموم، أحدهما بمركز ايتاي البارود والآخر في كفر الدوار، وكلاهما يعملان على تلقي الحالات الطارئة المصابة بالتسمم علي مستوي المحافظة، مشيرةً إلى أن معدل استقبال حالات التسمم بمراكز السموم فى محافظة البحيرة في زيادة ملحوظة هذا العام مقارنة بالعام الماضي، ومعظم الحالات التي تصل المراكز تتناول حبوب حفظ الغلال، حيث تصل نسبتها إلى 80% من الحالات، مؤكدة أن السبب وراء انتشار الانتحار عن طريق تناول حبة الغلة يتمثل فى سهولة الحصول عليها وانتشارها بين أفراد المجتمع سواء الأطفال أو الشباب أو كبار السن، بالإضافة إلى رخص ثمن تلك الحبوب، إضافة إلى رغبة الضحايا فى تقليد قصص من سبقهم من الضحايا الذين أقدموا على الانتحار من خلال وسائل التواصل الاجتماعى «فيس بوك».

وأضاف مدير إدارة الطوارئ بمديرية الصحة بالبحيرة، أنه نظرًا لارتفاع نسبة الانتحار، تم إنشاء مركزي لعلاج حالات السموم أحدهما داخل مستشفى كفر الدوار العام والثانى بمستشفى إيتاى البارود ويتم تحويل حالات التسمم والانتحار إليهما من جميع مراكز المحافظة، موضحًا أن إنشاء مركزي السموم تسبب فى انخفاض نسبة ضحايا حبة الغلة من 100% إلى 25% حيث كان تأخر وصول الحالات لمراكز السموم بالاسكندرية وطنطا السبب الرئيسى فى ارتفاع نسبة الوفيات التي انخفضت نسبيًا هذا العام عن العام الماضي، كما أنه تم توقيع بروتوكول تعاون طبي بين مديرية الصحة ومركز السموم بالإسكندرية ووزارة الصحة، يتم بمقتضاه تدريب الأطباء والعاملين بمراكز السموم على كيفية التعامل مع الحالات المصابة بتناول حبة الغلة.

وأوضح رئيس قسم السموم بمستشفى كفر الدوار العام، أن مركز السموم يستقبل يوميًا أكثر من 60 حالة مصابة بتسمم فسفورى إثر تناولهم أقراص حفظ الغلال، من بينهم أطفال ومراهقين وشباب ونساء وكبار السن، محذرًا أهالى الضحايا من تناول المصاب بالتسمم أي نوع من السوائل والاكتفاء بعمل غسيل معدة بالزيت وخاصة زيت البرافين، لأن المادة الفسفورية الموجودة بالقرص «فوسفيد الألومنيوم» تتفاعل مع الماء والحموضة داخل المعدة، وتزيد نسبة التسمم، أما الزيت فيساعد على وقف التفاعل وإنقاذ المصاب من الموت، مطالبا بضرورة وضع ضوابط تداول أقراص حفظ الغلال بالأسواق، مؤكدا على خطورتها على الشباب.

حفاظًا على أرواح الشباب.. المنيا تعلن الحرب على "حبة الغلة"

ارتفعت معدلات انتشار الاضطرابات النفسية والاكتئاب في محافظة المنيا؛ لتحتل المرتبة الأولى كأكثر محافظة يعاني أبنائها من المشكلات النفسية، وذلك طبقا لنتائج المسح القومى للصحة النفسية والتى تستهدف قياس معدل انتشار الاضطرابات النفسية بالجمهورية.

وسجلت المنيا، منذ يناير 2019 وحتى الآن، قرابة الـ20 حالة انتحار، جميعهم لفظوا أنفاسهم الأخيرة، وتفاوتت أعمارهم بين الشباب والطلبة والمتزوجين، وكذلك موظفي الحكومة، وتخلصوا من حياتهم عن طريق تناول مواد سامة مثل: «تكسوفين»، و«قرص حفظ الغلة»، و«سم الفئران»، فيما أقدم آخرين على إنهاء حياته شنقًا.

وفي إحدى قرى مركز ملوى جنوب المنيا، تخلص شاب من حياته عن طريق تناول مادة التكسوفين السامة، بسبب عدم قدرته المادية على تكاليف الزواج، الأمر ذاته لجأ إليه «استورجي» بمدينة ملوى، حيث تناول عدد كبير من الأقراص المجهولة التى أودت بحياته فى الحال، بعد أن رفضت إبنة عمه الزواج منه، كما أنهت طالبة حياتها عن طريق تناول قرص الغلة عقب وقوع مشاجرة عنيفة مع أسرتها بسبب الإعتراض على تقسيم مواد الثانوية العامة بمركز ملوى جنوب المنيا، فيما انتحر مدير بنك بإحدى قرى مركز ملوى بشنق نفسه مستخدما «كوفية» خاصة به لينتحر لأسباب مجهولة.

وتصدر قرص «حبة الغلة»، قائمة الطرق التي لجا إليها المنتحرين في محافظة المنيا، لسرعة مفعوله، ونظرًا لكونه متاحًا ومتوفر بشكل كبير فى محال بيع الأدوية الزراعية ويتم بيعه دون رقابة، فيما تراجع معدل الإنتحار بتناول سم الفئران على غرار ما كان يحدث في السنوات السابقة.

ويقول الدكتور أبو الخير مصطفى، وكيل مديرية الزراعة بمحافظة المنيا: إنه لا توجد رقابة على محال بيع الأدوية الزراعية والتى يتداول بها أقراص حفظ الغلال حيث يقوم بشرائها كافة المزارعين لحفظ القمح، مؤكدًا أن أقراص الغلة لا توزع للمزارعين من خلال الجمعيات الزراعية مثلما يتردد، لكن المزارعين يحرصون على شرائها من محال بيع التقاوى والأدوية الزراعية لحفظ الحبوب فى المنازل.

وأضاف وكيل وزارة الزراعة بالمنيا، في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، إنه سيتم تشكيل لجنة من الرقابة على المبيدات لشن حملات بمراكز المحافظة التسع لمنع بيع قرص حفظ الغلال بمحال التقاوى والأدوية الزراعية، وسحب الأقراص من جميع المحال حتى لا يتم استخدامها مرة أخرى كوسيلة انتحار، لافتًا إلى أنه سيتم توفير بدائل أخرى يستخدمها للمزارعين بديلا عن أقراص الموت.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً