اعلان

واشنطن تتحرك عسكريًا لدعم السعودية بعد هجوم "أرامكو" وتعزز قواتها داخل المملكة.. ما جدوى هذه الخطوة بعد فشل الدفاعات الأمريكية في إسقاط الصواريخ الإيرانية؟

وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على نشر المزيد من القوات الأمريكية والأسلحة الدفاعية في السعودية، في استجابة عسكرية صامتة للهجوم الذي ضرب الأسبوع الماضي منشآت النفط بالمملكة، في خطوة تثير تساؤلات بشأن جدواها بعد فشل أنظمة الدفاع الصاروخية أمريكية الصنع "باترويت" في التصدي للصواريخ، التي تقول المملكة إنها أرسلت من الشمال حيث إيران وليس من الجنوب حيث الحوثيين.

وفي مؤتمر صحفي، في وقت متأخر من يوم أمس الجمعة، عقب اجتماع البيت الأبيض مع ترامب، أكد وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر" أن عمليات النشر كانت دفاعية بطبيعتها، وجاءت استجابة لطلبات من السعودية والإمارات العربية المتحدة للمساعدة في حماية "البنية التحتية الحيوية" من مزيد من الهجمات من قبل إيران.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على موقعها الإلكتروني، فإن كلمة "نشر قوات"، إلى جانب الإعلان عن فرض عقوبات اقتصادية جديدة، تشير إلى أنه على الرغم من رد "ترامب" الأولي "المحسوب" على الهجمات- وحث بعض المستشارين- فإنه لا يخطط لانتقام عسكري.

من جانبه، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال "جوزيف دانفورد جونيور"، إن "الانتشار المعتدل"، الذي لا يتجاوز مئات الجنود، سيكون إضافة إلى أي قوات أو معدات تطلب الولايات المتحدة من الحلفاء المساهمة بها.

وأضاف "دانفورد" أن الجيش الأمريكي سيحدد التكوين الدقيق للقوات الجديدة، وهي المرة الثانية في الأشهر الأخيرة التي تعزز فيها الولايات المتحدة قواتها في المنطقة ردًا على الأعمال الإيرانية.

ووفقاً لـ"واشنطن بوست"، فإن هجوم 14 سبتمبر بطائرات بلا طيار وصواريخ كروز على منشأتين نفطيتين سعوديتين يبدو أنه كان يتحايل على الدفاعات السعودية، بما فيها ست كتائب من أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية "باتريوت".

وقال "إسبر" إنه كان من الواضح أن الأسلحة المستخدمة في الهجوم "كانت من صنع إيراني ولم يتم إطلاقها من اليمن"، كما أكد المتمردون الحوثيون الذين تدعمهم إيران هناك في البداية. مضيفاً أن "كل المؤشرات تدل على أن إيران كانت مسؤولة".

اقرأ أيضاً: "الدفاع الأمريكية": الهجوم على "أرامكو" السعودية أمر دولي ولن نتهاون فيه

إيران تنفي مسؤوليتها

وردا على سؤال حول ما إذا كان قد تم التفكير في عمل هجومي، أجاب "إسبر" قائلاً: "هذه هي الخطوة الأولى التي نتخذها". من جانبهم، قال المسؤولون العسكريون الأمريكيون، الذين يشعرون بالقلق من احتمال تصاعد الموقف، إنهم يسعون إلى ضمان فعالية المسار الدبلوماسي أو على الأقل اقتران أي أعمال عسكرية بالدبلوماسية.

في وقت سابق اليوم، اعترف ترامب بأنه تلقى نصيحة متضاربة بشأن ما يجب القيام به.

وقال في البيت الأبيض: "الذهاب إلى إيران سيكون قرارًا سهلاً للغاية"، مضيفا أن "معظم الناس اعتقدوا أنني سأذهب عسكريًا خلال ثانيتين" بعد الهجوم. وقال: "هناك الكثير من الوقت".

وتابع ترامب: "أعتقد أنني أظهر ضبطًا كبيرًا، الكثير من الناس يحترمونه، بعضهم لا يحترمونه. يقول بعض الناس، "أوه، يجب أن تتدخل على الفور"، ولكن يشعر البعض الآخر بسعادة غامرة تجاه ما أقوم به".

اقرأ أيضاً: تعليق روسيا على اعتراف أمريكا بفشل أنظمة "باتريوت" في السعودية

وبحسب تقرير الـ"واشنطن بوست"، فإن الإدارة الأمريكية تأمل في استخدام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل للحصول على الدعم لزيادة الضغط العالمي على إيران في أعقاب الهجمات، خاصة من قبل الحلفاء الأوروبيين الذين ناشدوا ترامب حتى الآن عدم تقويض جهودهم لإنقاذ صفقة إيران النووية لعام 2015، التي انسحبت منها الولايات المتحدة العام الماضي.

وذكر التقرير أن حليف واحد على الأقل من الولايات المتحدة بدا مرتاحًا لضبط النفس الواضح لدى ترامب؛ وأشاد رئيس الوزراء الأسترالي "سكوت موريسون"، الذي وقف إلى جانب الرئيس الأمريكي خلال مؤتمرهم الصحفي المشترك، خلال زيارته الأخيرة لأمريكا، بردود ترامب "المحسوبة والمقاسة للغاية".

اقرأ أيضاً: بومبيو يوضح علاقة العقوبات الجديدة ضد إيران وحادث أرامكو

جاءت تصريحاتهم بعد أن أعلنت إدارة ترامب عن جولة جديدة من العقوبات ضد إيران، تستهدف البنك المركزي وصندوق الثروة السيادية. وقال وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوشين: "لقد قطعنا الآن كل مصادر التمويل لإيران".

ووفقاً لتقرير "واشنطن بوست"، فإنه على الرغم من أن العقوبات المفروضة على صندوق الثروة جديدة- وربما أيضا تجميد عشرات المليارات من الدولارات في الأصول الوطنية الإيرانية المحتفظ بها أو المستثمرة في الخارج - فإن البنك المركزي الأمريكي يكرر إلى حد كبير الإجراءات الحالية. ففي كلتا الحالتين، يمنعون الكيانات والأفراد الأمريكيين والأجانب الذين يستخدمون المؤسسات المالية الأمريكية من الدخول في معاملات مع المؤسسات الإيرانية.

وفي بيان منفصل، أدان وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو "العدوان" الإيراني وقال إن "مهاجمة الدول الأخرى وتعطيل الاقتصاد العالمي له ثمن". لكن "بومبيو"، الذي زار السعودية والإمارات هذا الأسبوع، أشار إلى أن الرد، في الوقت الراهن على الأقل، لن يشمل استخدام القوة المسلحة.

اقرأ أيضاً: تفاصيل مساعي السعودية لاحتواء الأضرار جراء هجوم أرامكو

ولكنه رأى أنه "يجب مساءلة النظام في طهران من خلال العزلة الدبلوماسية والضغط الاقتصادي، ستستمر حملتنا التي تمارس أقصى قدر من الضغط في رفع التكاليف على الجمهورية الإيرانية حتى تتخلى عن سياساتها المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط وحول العالم".

وفي طهران، حذر أكبر مساعد عسكري للزعيم الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، من أن أي عدوان أمريكي على إيران "سيُرمى المنطقة بالاضطراب"، حسبما ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء.

من جانبه، قال اللواء يحيى رحيم صفوي، إن "الجمهورية الإيرانية قد تحولت إلى قوة كبرى لا تقهر في غرب آسيا، وإذا كان الأمريكيون يخططون لأي مؤامرات، فإن إيران لن تتركهم دون إجابة".

بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي أكد لشبكة CNN الخميس الماضي، أن أي هجوم أمريكي يعني "حرب شاملة"، قال على موقع تويتر: "إيران ليست لديها رغبة في الحرب، لكننا سندافع دائمًا عن شعبنا وعن أمتنا. واستمرارًا في موضوع أثاره منذ أشهر، اتهم "ظريف" "فريق B" من صقور الإدارة الأمريكية، إلى جانب إسرائيل والسعودية "بأنهم يرغبون في قتال إيران حتى آخر أمريكي".

ويرى "ظريف" منذ فترة طويلة أن "جون بولتون"، مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، الذي طُرد من منصبه الأسبوع الماضي، هو الرئيس لما يسمى بـ "الفريق بي". ومدافعًا عن تغيير النظام في إيران، اشتبك "بولتون" مع ترامب عندما بدأ الرئيس الأمريكي في التفكير في تخفيف محتمل للعقوبات كحافز للإيرانيين للتفاوض معه.

اقرأ أيضاً: ترامب يرسل قوات أمريكية إلى المنطقة بعد هجمات أرامكو

وبعد الهجوم على السعودية، اختفت أي فكرة لتخفيف العقوبات، فضلاً عن لقاء ترامب المحتمل مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في الأمم المتحدة.

وكانت صواريخ كروز وطائرات بدون طيار هاجمت منشآت شركة "أرامكو" السعودية المملوكة للدولة في مدينتي "بقيق" و"الخريص"، مما تسبب في أضرار جسيمة. وانخرط المتمردون الحوثيون، الذين أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم على "أرامكو"، في حرب دامت أربع سنوات مع التحالف العربي بقيادة السعوديين، وأطلقوا في السابق آلاف الصواريخ وطائرات بدون طيار وقذائف المدفعية على السعودية.

لكن السعوديين والأمريكيين ألقوا اللوم على إيران، مشيرين إلى أن تطور العملية وتصنيع الأسلحة ووصول الصواريخ كان من الشمال.

وحث العديد من مستشاري ترامب وأقربائه على الانتقام العسكري السريع. فيما شدد آخرون على عدم رغبة ترامب في المشاركة في حرب أخرى في الشرق الأوسط، خاصة في الفترة التي تسبق انتخابات الرئاسة الأمريكية العام المقبل، وحقيقة أن الصواريخ أصابت المملكة العربية السعودية، وليس الولايات المتحدة.

وفي أحد الدلائل على أن الاضطرابات الأخيرة مع إيران قد تبرز اتجاهاً جديداً لتسوية سلمية للأزمة اليمنية، اقترح الحوثيون أمس الجمعة وقف الهجمات بالمدفعية والصواريخ على السعودية إذا استجاب التحالف العربي بالمثل.

ففي رسالة إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، قال المتحدث باسم الحوثي محمد عبد السلام، إنه بموجب الاقتراح الجديد، ستوقف الجماعة الهجمات على السعودية إذا توقفت المملكة عن الغارات الجوية و "كل النشاط العسكري"، ويشمل الاقتراح فتح المطار في العاصمة صنعاء، والسماح بحرية حركة السفن، وبدأ تبادل الأسرى، فضلاً عن "فتح الطريق أمام حل سياسي كامل".

ووفقا لـ"واشنطن بوست"، فإنه من غير الواضح لماذا يختار الحوثيون، الذين تعمقت علاقاتهم مع إيران خلال الحرب حيث قدمت طهران لهم مساعدة عسكرية، تقديم مثل هذا العرض الآن، لكنه قد يشير إلى وجود قلق بين قادة المتمردين من أن المواجهة الأمريكية الإيرانية يمكن أن تتحول ضد مصالحهم.

من جانبها، تعتقد الحكومة السعودية أن الاقتراح يشير إلى وجود رغبة من جانب الحركة المتمردة في إبعاد نفسها عن إيران، وفقًا لمسؤول سعودي بارز، تحدث مثل غيره شريطة عدم الكشف عن هويته. وقال المسؤول إن قادة المتمردين أبلغوا سرا أن "لا علاقة لهم" بهجوم 14 سبتمبر، على الرغم من إعلانهم في البداية بالمسؤولية. فيما أنكر "عبد السلام" هذا التأكيد.

وبالمثل، يقول المسؤولون الدبلوماسيون الذين لديهم معرفة باليمن، إن الحوثيين في الأشهر الأخيرة عبروا مرارًا عن استعدادهم للتراجع عن هجماتهم على السعودية وتقليص العلاقات مع طهران، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها زودتهم بأسلحة متطورة.

لكن الدبلوماسيين يعترفون أيضًا بأن الحركة الحوثية منقسمة وأن بعض الفصائل تؤيد وجود علاقة أكثر تشددًا مع طهران. ويُنظر إلى إعلان المسؤولية عن الهجوم الأخير على أنه دليل على قوة تلك الفصائل.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً