اعلان

أيامنا الحلوة.. فَن البَوْح!

محمود خليل
محمود خليل

أزالت مواقع التواصل الإجتماعى عبر الإنترنت الكثير من الحواجز، وأصبح من السهل على أى إنسان أن يُعبر عن رأيه وميوله و إنتماءاته مهما كانت شاذة أو غريبة، وزادت جرأة البشَر على التعبير بقوة دَفْع مصدرها الكُثرة والأغلبية ! إذ بات من المؤكد أنك ستجد من بين المليارات من مُرتادى تلك المواقع المئات وربما الألوف ممن يُشاطرونك الرأى والمذهب مهما كان غرابة وشذوذ ذلك الرأى وذلك المذهب!

أصبح البَوْح سهلاً ومُتاحاً مهما كانت جرأته أو غرابته أو ثورته على الأعراف والأديان، وإذا سلَّمنا وقبلنا بحق الإنسان فى البَوْح فإن الشئ الذى يصعب فهمه وقبوله هو إعتبار البَوْح فناً لمُجرد أنه بَوْح! وقد إزدحمت مواقع التواصل بكتابات رجال ونساء باحوا بما شعروا به فى لحظة الكتابة دون مُراعاه لخصوصية أو أخلاق أو دين! ويجد هؤلاء دائماً من يَعتبر ما كتبوه فناً يستحق الإشادة والتقدير و تنهال عليهم عبارات الثناء والإستزادة!

لكن السؤال كيف يُمكن إعتبار ما يُقال فى وصف شهوة حيوانية من رَجُل فناً! وكيف ننظر لأنثى مُتمردة تخلت عن حيائها الفِطرى على أنها فنانة! ومنذ متى صار وصف الغيرة و الحقد و اليأس فناً!؟ وهل تستحق مثل تلك الوقاحة أن تُجمَع فى كتاب أو مقال أو عمل فنى؟ هل يستحق مؤلفها ومُخرجها للنور أى تكريم؟ إن ما أعرفه وأؤمن بهإن الأصل فى الفن هو إبراز الجمال وتصويره سواءاً بالكلمة أوالصورة أوالصوت، وأن الفن قرين الجمال والرقى والسمو ولا شئ أخر.

وسيدور الجدال التاريخى بين عُشاق الفن الراقى الجميل الذى يرقى بالمُشاهد أو السامع وينقله لدنيا خيالية جميلة أفضل من الواقع الصعب المُر وبين عُشاق تصوير الواقع تحت بند المواجهة مع الحقيقة وإتخاذ الواقع كمُلهِم للفنان وليس العكس، وهو جدال محمود ومفهوم وقد ظل ذلك الجدال قائماً منذ بدأت الفنون وإعتدنا عليه.

وقد راح ضحية ذلك الجدال العشرات من الفنانين الذين فقدوا شعبيتهم وإعتبرهم الجمهور خارجين ومارقين فقد لخروجهم عن المألوف وإسرافهم فى التعبير باللقطة أوالكلمة أوالصوت! لكن الحق أن ما نراه اليوم قد تخطى تلك الحدود، وما هؤلاء الخارجين من قُدامى المُبدعين إلا ملائكة إذا قارنناهم بفنانى البَوْح.

للأسف لم يعد اللفظ الخادش اليوم شطحة مؤلف أو رؤية مُخرج بل أصبح جزء من بوح أحدهم بمشاعره، ولم تعد مكنونات الصدر من حُب ورغبة وإشتياق والتى تفنن المخرجين والرسامين والموسيقين فى التعبير عنها كلُ بطريقته وأسلوبه رمزاً بل صارت تُقال بكل وقاحة وجرأة تحت بند البَوْح!

والغريب أن الناس تتعامل مع البَوْح وكأنه شئ جديد لم يكن موجوداً من قبل ويُصدقون تلك الكذبة! لكن الحق أن المشاعر الجامحة والرغبات المحمومة موجودة منذ بدء الخليقة وقد كانت جَداتنا الفاضلات مثلاًنساء مَثلهُن مثل سائر نساء اليوم البائحات يحلَمْن ويُحببْن ويرغَبْن ويشتَقْن ويطلبن الإهتمام لكن الفرق الوحيد أنهن (كان عندهن دم)!

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً