اعلان

السب والقذف من خلال وسائل تقنية المعلومات

محمود حيدر
محمود حيدر

تشهد الحياة اليومية تطورا فى مجال تقنية المعلومات ومع تعدد روادها، الأمر الذي جعلها بيئة خصبة لارتكاب أساليب جديدة فى تنفيذ بعض الجرائم الإلكترونية عبر وسائل الاتصال الحديثة ومنها الإنترنت والبريد الإلكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى، وأن هذة الجرائم نتيجة الاستخدام السيئ فى استخدام وسائل الاتصال التكنولوجى، ومن ضمن هذه الجرائم السب والقذف والتشهير والاحتيال.

أصدرت التشريعات خلال السنوات الماضية بعض القوانين للحد من الجرائم التى تحدث من خلال وسائل الاتصال الحديث ومنها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 وقانون حماية البيانات الشخصية المصري رقم 151 لسنة 2020، كما أن الدستور المصرى حصن حرمة الحياة الخاصة والحرية الشخصية، ومع تطور الحياة والتقدم التكنولوجي في كافة مجالات الحياة أصبحت احتياجات الناس متزايدة ومفتوحة على كافة الاصعدة مما أدى إلى ظهور مشاكل اجتماعية حديثة، الأمر الذي أدى إلى ظهور جرائم جديدة لم تعرف في السابق وقد انشرت بظهور الشبكة المعلوماتية وأبرز هذه الجرائم السب والقذف من خلال هذه الشبكة مما جعل الدول تصدر تشريعات جديدة لمكافحة هذه الجريمة الإلكترونية.

كما نصت المادة 76 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن تنظيم الاتصالات على أنه “مع عدم الإخلال بالحق فى التعويض المناسب، يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن 500 جنية ولا تجاوز 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: 1-استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء اتصالات، 2- تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الإتصالات.

أن الجرائم المعلوماتية تهدف إلى سرقة معلومات واستخدامها من أجل التسبب بأذى نفسي ومادي جسيم للضحية، أو إفشاء أسرار أمنية هامة تخص مؤسسات هامة بالدولة أو بيانات وحسابات خاصة بالبنوك والأشخاص، تتشابه الجريمة الإلكترونية مع الجريمة العادية في عناصرها من حيث وجود الجاني والضحية وفعل الجريمة، ولكن تختلف عن الجريمة العادية باختلاف البيئات والوسائل المستخدمة، فالجريمة الإلكترونية يمكن أن تتم دون وجود الشخص مرتكب الجريمة في مكان الحدث، كما أن الوسيلة المستخدمة هي التكنولوجيا الحديثة ووسائل الاتصال الحديثة والشبكات المعلوماتية.

أن قانون العقوبات المصرى الذى أوضح جريمة القذف في المادة 302 "يعد قاذفا كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أمورا لو كانت قاذفة لأوجبت عقاب من أسندت اليه بالعقوبات المقررة لذلك قانونا أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه"، يتحدد القذف كفعل إسناد وينصب هذا الفعل على واقعة يشترط فيها شرطان أن تكون محددة، وأن يكون من شأنها عقاب من أسندت إليه أو احتقاره ويتعين أن يكون هذا الإسناد علنيا وهذه العناصر يقوم بها الركن المادى للقذف ويتطلب القذف بالإضافة لذلك ركنا معنويا يتخذ صورة القصد الجنائى، أما جريمة السب نصت المادة 306 من قانون العقوبات على أن السب لا يشتمل على إسناد واقعة معينة بل تتضمن بأى وجه من الوجوه خدشا للشرف أو الاعتبار يعاقب عليه فى الأحوال المبينة بالمادة 171 من ذات القانون، فالسب هو خدش شرف شخص واعتباره عمدا دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة إليه، ويقوم السب العلنى على ركنين مادى هو خدش الشرف والاعتبار بأى وجه من الوجوه دون أن يشتمل ذلك على إسناد واقعة معينة وركن معنوى يتخذ دائما صورة القصد الجنائى، وبالنسبة للركن المادى يقوم على عنصرين نشاط من شأنه خدش الشرف أو الاعتبار بأى وجه من الوجوه وصفة هذا النشاط الذى يتعين أن يكون علنيا وثمة عنصر سلبى فى هذا الركن يميز بينه وبين الركن المادى للقذف هو ألا يتضمن نشاط المتهم إسناد واقعة محددة إلى المجنى عليه، أما الركن المعنوى يتمثل في أن السب فى جميع حالاته جريمة عمدية ومن ثم يتخذ ركنه المعنوى صورة القصد الجنائى.

عرفت منظمة التعاون الاقتصادي للتنمية" O C D E " الجريمة الالكترونية بأنها كل فعل أو امتناع من شأنه الاعتداء على الأموال المادية أو المعنوية يكون ناتجاً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن تدخل التقنية المعلوماتية ".

بالنظر إلى أن جرائم تقنية المعلومات هى بحسب الأصل جرائم تقنية، فإن جرائم تقنية المعلومات من الجانب الفني عبارة عن "نشاط إجرامي تستخدم فيه تقنية الحاسب الآلي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كوسيلة أو هدف لتنفيذ الفعل الإجرامي".

أن المشرع المصري استخدم مصطلح تقنية المعلومات من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وجرى على تعريفها بأن "تقنية المعلومات : أي وسيلة أو مجموعة وسائل مترابطة أو غير مترابطة تستخدم لتخزين، واسترجاع، وترتيب، وتنظيم، ومعالجة، وتطوير، وتبادل المعلومات أو البيانات، ويشمل ذلك كل ما يرتبط بالوسيلة أو الوسائل المستخدمة سلكياً أو لاسلكياً".

ويعد صدور القانون 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة الجريمة الإلكترونية وبخاصة المادة (25) الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الالكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.

يعد الحق في حرمة الحياة الخاصة أحد أنواع الحقوق الشخصية، ويحدد هذا الحق للفرد الكيفية التي يعيش فيها كما يروق له، وذلك مع أقل قدر ممكن من تدخل الغير في حياته، إذ يملك الفرد الحق في الحفاظ على سرية الحياة الخاصة به، وعدم جعلها عرضة ألن تلوكها ألسنة الناس، أو ان يكون موضوعا للنشر، فالإنسان له الحق أن يترك وشأنه يعيش حياة هادئة بعيدة عن العلنية والنشر.

وتعد الحقوق الشخصية من خصائص الشخصية الإنسانية التي تثبت للشخص باعتباره إنسانا أو تلك التي يكون موضوعها العناصر المكونة للشخصية الإنسانية وبما ان الحق في الحياة الخاصة هو أحد هذه الحقوق فإن جميع الأشخاص يتمتعون به دونما تمييز بينهم لأنه حق يتصل بشخصية الفرد وكيانه الإنساني فالحق في حرمة الحياة الخاصة هو كل ما يتعلق بذاتية الشخص ويؤول إليه وتعني حرية الفرد في عدم إفشاء معلوماته الشخصية والاحتفاظ بكل ما يتعلق بحياته الخاصة، ونطاقها يمتد على كل ما يتعلق بحياته العائلية والمهنية والصحية والغرامية، ودخله، ومعتقداته الدينية والسياسية والفكرية، ومراسلاته ومحادثاته وجميع المظاهر غير العلنية في الحياة العملية للفرد.

أن حياة الإنسان هي جزء هام من حياته بشكل عام فالأسرار العائلية يحتاج الشخص إلى إحاطتها بالكتمان وإبقائها بعيدة عن معرفة الناس، ولا يجوز أن تكون مجال كل انتهاك للنشر واذا تم ذلك فإنه اعتداء لحرمة الحياة الخاصة بالاعتداء على حياة الإنسان العائلية، ويمتد الحق في حرمة الحياة العائلية الى ما بعد وفاة الإنسان.

ويشمل الحق في حرمة الحياة العائلية الأسرار التي تمس الشخص وشرف وسمعة العائلة والعالقات السرية والاجتماعية، وهي أسرار ذات أهمية كبيرة للإنسان داخل مجتمعه أن” استقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في مفاهيم الدول المتحضرة، دعا إلى توكيده، ومن ثم وجد صداه في عديد المواثيق الدولية من بينها الفقرة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والفقرة الأولي من المادة 15 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة 7 من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان كما تردد في العديد من الدساتير.

أن المشرع المصري يتعامل مع أمر استخدام التكنولوجيا المتطورة لتوجيه السباب، على أنه “جرائم متعددة”، هي جريمة سب، وأخرى جريمة قذف، وكذلك جريمة إساءة استخدام التكنولوجيا، وأيضا جريمة تعمد الإساءة عن طريق النشر، فبعد إثبات من خلال التوجة الى مباحث الإنترنت لتحرير محضر وهي الجهة الوحيدة المختصة بهذا الأمر و يجب توافر عدد من الشروط لتقديم بلاغ من هذا النوع، هي ضرورة وجود “سكرين شوت” أو نسخة من صفحة المتهم مرتكب هذه الجريمة من قبل المجني عليه، وبعد ذلك يتم تحرير محضر في “مباحث الإنترنت”، وأهم أركان جريمة السب والقذف، هو ركن العلانية، وهذا يتحقق عن طريق النشر، وأيضا ركن تعمد إهانة المجني عليه.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بعد تأكد غياب مرموش.. رمضان صبحي البديل أمام بوركينا فاسو وغينيا بيساو (خاص)