اعلان

العادة المفقودة في عصر الإنترنت.. كيف رسخ أجدادنا لمبدأ الاستعارة من الجيران؟

الإستعارة من الجيران
الإستعارة من الجيران
كتب : سيد محمد

نفتقد اليوم لكثير من العادات القديمة، كالإعارة والاستعارة بين الجيران، واختار الناس حاليًا العمل بالمثل القائل: "صباح الخير يا جارى، أنت فى حالك وأنا فى حالى"، بدلًا من التواصل مع أشخاص آخرين وتنمية العلاقات مع المحيطين بنا من خلال الاتصال الحقيقى، وهوما نتكلم عنه، وليس التواصل من خلال الرسائل النصية، والبريد الإلكتروني، ولا الرسائل الصوتية، والتى تمنحنا طريقة لتقديم أنفسنا والتعلم من الآخرين.

كيف يمكننا أن نكون أشخاصًا أفضل؟، فعلى الرغم من أن التواصل اليوم أصبح أسهل من أى وقت مضى، والحصول علي كل ما نحتاج إليه دون اللجوء إلى الاستعارة من الجيران، وتوضح السطور القادمة فوائد وجمال عادة الاستعارة من الجيران.

تقول مهى قمر الدين، باحثة من لبنان والأستاذة في شئون التربية والتعليم، إن بولونيوس مستشار الملك هاملت فى مسرحية "هاملت" قال لوليم شكسبير: "لا تستخدمين ولا تدين لأنك ستخسر نفسك وتخسر صديقك"، وبغض النظر عما إذا ما كان بولونيوس منافقًا كبيرًا، ومن بين الأشخاص الأكثر فسادًا فى الدنمارك، تبدو نصيحته هذه صحيحة فى كثير من الأحيان، لكنها لا تنطبق على كل جوانب الحياة لا سيما علي تعامل الحيران، فيما بينهم، لأن عادة الاستعارة بين الجيران تمثل ظاهرة مهمة من ظواهر التفاعل الأنسانى في تاريخ البشرية، وتتبع أهميتها من كونها وسيلة مهمة لبناء الصداقات وتحفيز التواصل بين البشر وتعزيز روح الجماعة، كما أنه ظهر أنها من الدعائم الأساسية لاقتصاد المشاركة الذى بدأ الحديث عنه فى الآونة الأخيرة.

وأكدت قمر الدين، أن الاقتراض من الجيران ممارسة شائعة في الماضي، وكانت تلك الممارسة جزءًا من شبكة العلاقات القائمة بين الناس، وبين من كانوا يعيشون بالقرب منهم، حيث لا شئ في البيت كان يخص سكانه وحدهم، بل كان للجيران نصيب فيه، وإن كان قدرًا أوسطلًا أوسلمًا أوحبل غسيل، أوحتى أنه كان يمكن للجيران أن تكون لهم حصة في الملابس أيضًا، إذ كانت النسوة فى الحارات يعرن ويستعرن ثيابًا، لا سيما إذا كانت إحداهن مدعوة إلى عرس وليس في مقدورها أن تفصل وتخبط ثوباً فكانت تلجأ إلى إحدى جارتها لنستعير منها ثوباً يصلح للمناسبة.

وأضافت مهى قمر الدين الباحثة اللبنانية، أن الاستعارة من الجيران كانت أساسها في البلاد العربية، وأن النبى صلى الله عليه وسلم، أوصى على الجار، وقد تكون الاستعارة قبل الثورة الصناعية التى أسست لنشوء وسائل النقل السريعة، وساعدت في انتشار متاجر البقالة، لم يكن الحصول على جميع لوازم المطبخ أمرًا سهلاً، إذ إلى وقت قريب كان العديد من الثقافات، خاصة الثقافات الريفية، لا تزال تعتمد على الأسواق الأسبوعية والباعة المتجولين وإنتاج سلعه الخاصة، لذلك كان لابد أن يحصل نقص معين في مؤونة البيوت، وكان من العادى أن ترسل الأم ولدها ليدق باب الجيران في طلب القليل من السكر أوالزيت أوالبن أوغيره.

وأوضحت قمر الدين أن من الأمور التي كانت تستدعى قرع باب الجيران، أنه لم يكن لدى العديد من المنازل أفران للطهى، أوأنها كانت لا تمتلك سوى مواقد صغيرة لم تكن تكفى لصنع الخبز وطهى أطباق متعددة فى الوقت عينه، فكان لابد ممن يمتلك فرنًا أن يترك مجالًا لطبق إضافى يعود إلى أحد جيرانه.

WhatsApp
Telegram